فلسفة ميل لمبدأ الضرر والأضرار الاقتصادية

اقرأ في هذا المقال


“ومع ذلك فإنّ شكل الارتباط الذي إذا استمرت البشرية في التحسن يجب أن يتوقع في النهاية أن يهيمن، ليس هو ما يمكن أن يوجد بين الرأسمالي كرئيس، والعاملين الذين ليس لديهم صوت في الإدارة ولكن الجمعية من العمال أنفسهم على أساس المساواة، ويمتلكون جماعياً رأس المال الذي يباشرون به عملياتهم، ويعملون تحت إدارة مدراء منتخبين وقابل للإزالة بأنفسهم”.

جون ستيوارت ميل – مبادئ الاقتصاد السياسي: وفصول عن الاشتراكية

استثناء التجارة الحرة من فلسفة ميل لمبدأ الضرر:

في رفضه للاكتفاء القوي يدعي ميل أنّ الإجراءات التي تسبب خسائر في منافسة عادلة لا ينبغي تنظيمها، وتقع هذه القضية ضمن استثناء التجارة الحرة والذي يحد من نطاق مبدأ الحرية، ولسوء الحظ فإنّ ميل ليس واضحًا تمامًا بشأن أساس استثناء التجارة الحرة، وبعد كل شيء يمكن أن تكون الخسائر ضارة حتى في المنافسة العادلة.

فإذا كان لدي عمل ناجح لبيع الأدوات ثم انتقلت إلى المنطقة التي يبيع فيها شخص ما الأدوات بخصم كبير وقام هذا الشخص بأخرجي من العمل وأجبرني على الإفلاس، فإنني أتكبد خسارة كبيرة مما يجعلني أسوأ حالًا مما كنت سأكون عليه.

إذا قبل ميل الاكتفاء الضعيف وليس القوي فقد يدعي أنّه على الرغم من وجود سبب لتنظيم المنافسة الاقتصادية الضارة فإنّ تكاليف التدخل في الأسواق الحرة كبيرة جدًا، ومع ذلك لا يبدو أنّ هذا هو الرد المفضل لدى ميل، ويبدو أنّ موقفه الرسمي هو أنّ مبدأ الضرر لا ينبغي تطبيقه على مثل هذه الأضرار الاقتصادية.

من الصعب معرفة سبب احتضان ميل لهذا النوع من استثناءات التجارة الحرة، وإنّ الرد المختلف والأفضل لن يوقف تطبيق مبدأ الضرر في مثل هذه الحالات بل يدعي أنّ مثل هذه الخسائر لا ينبغي أن تُفهم على أنّها أضرار بالمعنى المناسب.

حجة ميل باستثناء الأضرار الاقتصادية من مبدأ الضرر:

قد يقدم ميل أيًا من الحجتين المتصلين بعدم التعامل مع مثل هذه الخسائر على أنّها أضرار:

  • أولاً: قد يتذرع بمبدأ فولنتي (volenti) ويصر على أنّ مبدأ الضرر لا يستهدف إلّا الأضرار غير المتوافقة، ويمكنه بعد ذلك أن يجادل بأنّه في اقتصاد السوق الذي يضمن شروط تعاون عادلة، فإنّ الخسائر الاقتصادية من النوع الموصوف تكون مخاطرة بحرية وبالتوافق بالمعنى المناسب.
  • ثانيًا: يمكن لميل أن يدعي أنّ الخسائر التنافسية ليست أضرارًا لأنّها لا تحرم الفاعلين الاقتصاديين من شيء لهم حق فيه، ويُرى أنّ ميل يقول إنّ الضرر ينطوي على الإضرار بمصلحة يحق للفرد فيها، بحيث يمكن للفرد أن يهزم فرد آخر في منافسة عادلة على وظيفة، لكن لا يبدو أنّ للفرد المهزوم الحق في الوظيفة، وبدلاً من ذلك فإنّ المهزوم ما لديه هو حق في فرصة عادلة للمنافسة على الوظيفة.

هل الضرر ضروري لتبرير التنظيم؟

على الرغم من أنّ بعض تصريحات ميل تشير إلى أنّ التسبب في الضرر هو شرط ضروري لتقييد الحرية فإنّ الفحص الدقيق يشير إلى أنّ ميل يوافق على قيود مختلفة على الحرية الفردية يبدو أنّها مصممة لإفادة الآخرين بدلاً من منع الضرر.

يوجد نوعين رئيسيين من الاستثناءات الواضحة لأطروحة الضرورة وهما:

  1. واجبات واجبة التنفيذ للآخرين الذين يفيدونهم مثل واجب الإدلاء بالشهادة في المحكمة وواجبات السامري الصالح.
  2. واجبات قابلة للتنفيذ للمساهمة في نصيب الفرد من توفير أنواع مختلفة من السلع العامة، بما في ذلك الدفاع المشترك والبنية التحتية المجتمعية والتعليم الإلزامي ودعم الدولة للفنون.

ويمثل هذان النوعان من الاستثناءات إلى قضايا مختلفة إلى حد ما، وفي مناقشة الواجبات القابلة للتنفيذ لتقديم الأدلة أو المساعدة السامرية، يزعم ميل أنّ عدم منح الفوائد يشكل ضررًا، ولكن ليس صحيحًا بشكل عام أنّ الفشل في توفير المنافع يُعتبر دائمًا ضررًا، وفي كثير من الحالات يبدو أنّه لا.

فلسفة ميل بمعيار خط الأساس:

ويوضح ميل أنّه يتم تقييم الأضرار بالنسبة إلى بعض خط الأساس، ولكن إنّه سؤال مثير للاهتمام حول كيفية تعيين خط الأساس؟ ولكن لا يمكن تحديد خط الأساس بالقيود المفروضة على الحرية نفسها، حيث من شأنه أن يحول جميع حالات الفشل في الاستفادة إلى أضرار، ويجب أن يكون لخط الأساس بعض المبررات المستقلة.

خذ بعين الاعتبار مثال ميل لقوانين السامري الصالح، فالمثال الكلاسيكي لنوع الواجب السامري الذي يفضله ميل هو مطلب إنقاذ طفل يغرق عندما يمكنني القيام بذلك بتكلفة قليلة أو مخاطرة على نفسي، وليس من الواضح أنّ فشلي في الإنقاذ يضر بالطفل، وهل جعلت الطفل أسوأ حالًا مما كان سيكون عليه لولا ذلك؟ حسنًا بالنسبة إلى أي خط أساس؟

بالطبع لقد جعلته أسوأ حالًا بالنسبة إلى الوضع الأساسي الذي تكون فيه السامرية الطيبة إلزامية، ولكن لماذا تختار هذا الأساس؟ لم أجعله أسوأ حالًا بالنسبة للوضع الذي كان من الممكن أن يكون فيه لو لم أكن هناك، ومن خلال الفرضية كان سيغرق في غيابي.

إذا كان الأمر كذلك فليس من الواضح أنني أؤذي الشخص الذي فشلت في إنقاذه، وهذا لا يعني إنكار أنّ فشلي في الإنقاذ خطأ وربما أنّ القانون يجب أن يفرض المساعدة في مثل هذه الحالات، ولكنه يثير تساؤلات حول ما إذا كان يمكننا تبرير قوانين السامري الصالح من خلال الاحتكام إلى مبدأ الضرر.

لاحظ أنّه حتى لو لم يؤذيه فشلي في إنقاذ الطفل فإنّه مع ذلك يتضرر من الغرق، وبعد كل شيء كان سيكون أفضل حالًا لو لم يسقط في البركة وغرق، ويشير هذا إلى طريقة ممكنة لميل لمواءمة قوانين السامري الصالح مع مبدأ الضرر، وحتى إذا كانت القيود المفروضة على حرية (أ) والتي تتطلب منه الاستفادة من (ب) لا يمكن تبريرها على أساس منع (أ) من إلحاق الضرر بـ (ب)، إلّا أنّه قد يتم تبريرها على أساس منع إلحاق الضرر بـ (ب) وهذا يلفت انتباهنا إلى غموض كبير في الضرر المبدأ.


شارك المقالة: