اقرأ في هذا المقال
ظهر فن القصة الفلسفية في الأندلس في بدايته الأولى في فترة الطوائف في الأندلس، وكثرت القصص الفلسفية التأملية في العصر الذهبي، وكان يلجأ إليها الكتاب كوسيلة يُعبّرون فيها عن فكرهم وفلسفتهم، وتميزت الأندلس بخصوصية الفلسفة الأندلسية، وتميزت في هذا المجال مثيلتها في المشرق العربي.
القصة الفلسفية في الأندلس
كثر توجه الكتاب إلى استخدام القصص التأملية الفلسفية في الأندلس، وكان وسيلة تعبر عن ما يجول في خاطرهم من أفكار وآراء، وتعد من القصص الفلسفية في هذا العصر ظاهرة مميزة وفريدة في الفكر العربي، فهي تُعرض للمتلقي مذهب الكاتب الفلسفي بأسلوب قصة فلسفية شيقة، وتعتبر من القصص في العصر الأندلسي نسقًا فلسفيًا متكاملًا، ومذهب فكري تام.
أشهر فلاسفة العصر الأندلسي
ابن طفيل: هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد بن طفيل، والذي عرف بابن طفيل، ولد ابن طفيل في واد آش، ولم يعرف الشيوخ الذي تلقى ابن طفيل العلم على يديهم، ولكن عرف أن مدينة قرطبة وإشبيلية هي التي كان يكثر فيها مراكز تلقي العلم، وقد قيل أنه تلقى علمه على يد ابن باجة، لكن ابن طفيل أنكر ذلك ونفى أنه تلقى علمه من خلال ابن باجة، ولكنه تأثر به من الجهة الفلسفية تأثرًا واضحًا.
وقد تلقى ابن طفيل الدروس الدينية والفقه، وعرف عنه أنه كان يعمل كقاضي في عصره، وعرف عنه أنه تلقى العلوم العقلية وكذلك الطب، وعرف عنه ممارسة الطب في مدينة غرناطة، وكما عرف عنه أنه كان يعمل كاتبًا لعامل غرناطة، وكذلك عمل كاتبًا لحاكم ولاية طنجة، وعرف أنه كان طبيبًا للخليفة أبو يعقوب يوسف.
ومن مؤلفاته التي اشتهرت في العصر الأندلسي، وما يزال لها صدى حتى عصرنا هذا، ومن أهمها: كتاب أسرار الحكمة المشرقية، ورسائل في النفس، وكان له كتب في الطب، وله نظريات في الفلك وقيل عنها أن يصح أن تأخذ محل نظريات بطليموس، ولن ننسى قصته الفلسفية التي ما زال لها أثر واضح في نفوس المتلقين إلى عصرنا هذا قصته الشهيرة حي بن يقظان.
ابن باجة: وقد كان ابن باجة المؤسس للفكر الفلسفي في العصر الأندلسي، تركزت اهتمامات ابن باجة الفلسفية على مؤلفات أرسطو، ومؤلفات الفارابي في علم المنطق، وكذلك اهتمامه بمؤلفات أبقراط، جالينوس في الطب، وكان يتميز ابن باجة في شروحاته على النزوع القوي إلى النقد، وهذا الأمر اكسب شروحه قيمة وأهمية كبيرة.
ملخص قصة ابن طفيل حي بن يقظان
يذكر ابن طفيل في قصة حي بن يقظان أن الجوع ألمَّ بالطفل واشتد، فدفعه ذلك إلى البكاء مستغيثًا ويعالج الحركة، وفي أثناء ذلك سمعت كل هذا ظبية كانت قد فقدت وليدها، وعندما سمعت الصوت ظنته وليدها وجرت تتبع الصوت الصادر حتى وصلت إلى التابوت الذي وضع فيه الطفل، وأخذت تتفحص التابوت بأظلافها، والصغير يئن في داخله، حتى طار غطاء التابوت فوجدت الظبية الصغير في داخله فأخذته لعله يعوضها عن صغيرها الذي فقدته، وارضعته من حليبها واعتنت به.
يتحدث ابن طفيل بدقةٍ متناهيةٍ كيف تعلم هذا الصغير من الظبية، وما حوله من حيوانات الجزيرة، وساعده ما تعلمه منهم على كشف الحقائق واكتساب المعارف والمهارات، وكيف أصبح يقلد جميع الأصوات التي يسمعها.
بعد ذلك يتحدث عن حال حي بن يقظان بعد موت الظبية، ولقد علاه الهم وأخذ ينظر إلى جثتها وهو في حيرة من أمره، وهداه تفكيره إلى أن يشق صدرها ليعرف ما حل بها، فاكتشف أن شيئًا ما قد فارق جسد الظبية وبه يكون أساس الحياة، وبعدها اهتدى إلى طريقة دفن فيها جسد الظبية بعد أن تعفن، وبعدها أصبح يعتمد على نفسه وساعده على ذلك الحقائق والمعارف التي اكتسبها، وساعده على ذلك اكتشاف النار وكيف يستفيد منها واكتشف بعض أنواع الطعام.
الخصائص الفنية لفن القصة الفلسفية
1- التأثير الواضح بمضامين القرآن الكريم.
2- الاهتمام الشديد بدقة الوصف والعناية بطريقة السرد.
3- الاعتماد على التأمل والتفكر في المخلوقات في الكون.
4- الاعتناء بعلم الكلام بشكل كبير.
5- تأثر برواد الفلسفة في الإسلام، وفلاسفة اليونان مثل أرسطو.
وفي النهاية نستنتج أن فن القصة الفلسفية في الأندلس في بدايته في عصر الطوائف وكان يلجأ إليها الكتاب كوسيلة يعبرون فيها عن فلسفتهم، وظهر فيها العديد من الفلاسفة أمثال ابن طفيل وابن باجة.