قصة أسطورة الجنة الأرضية شداد بن عاد

اقرأ في هذا المقال


قصة أسطورة الجنة الأرضية شداد، ابن عاد أو( The Legend of the Terrestrial Paradise of Sheddád, the Son of ‘A’d) هي حكاية من الحكايات الشعبية الشرقية للمؤلف تشارلز جون تيبيتس، تم نشرها عام 1889.

الشخصيات:

  • عبد الله بن أبو كلبة.
  • معاوية ابن أبي سفيان.
  • كعب الأحبار.

قصة أسطورة الجنة الأرضية شداد بن عاد:

كان عبد الله ابن أبو كلبة كان قد خرج بحثًا عن جمل هرب منه، وبينما كان يسير في صحراءاليمن ودائرة سبأ، صادف أن وصل إلى مدينة شاسعة، كانت المدينة محاطة بتحصينات هائلة، حول دائرتها كانت أجنحة ترتفع عالياً في السماء، فلما اقترب منها تخيل أنّه لا بد أن يكون بداخلها سكان يستفسر منهم عن ناقتة، وبناءً عليه تقدم، ولكن عند وصوله وجد أنها مقفره، لا أحد يسكنها وهي خاليه من صوت البشر .
فقال: نزلت عن بعيري، وقيّدت قدميه، وبعد ذلك دخلت المدينة للتأكد، وعند الاقتراب من التحصينات وجدت أنّ لديهم بوابتين هائلتين من حيث الحجم والارتفاع، لم يسبق لهما مثيل في أي مكان آخر في العالم، مرصعتان بمجموعة متنوعة من الجواهر والياقوت، الأبيض والأحمر والأصفر، وعندما رأيت هذا، أصابتني الدهشة الشديدة وأذهلني المنظر.
دخلت التحصينات في حالة من الرعب ورأيتها على نفس النطاق الكبير للمدينة، وتشتمل على أجنحة مرتفعة كل واحدة منها تحتوي على غرف عالية، وكلها مبنية من الذهب وفضة ومزيّنة بالياقوت واللآلئ والمجوهرات ذات الألوان المختلفة، كانت أبواب هذه الأجنحة قابلة للطي مثل تلك الموجودة في التحصينات على ظهر الجمال، وكانت الأرضيات مغطاة بلآلئ كبيرة، وكرات مثل البندق، مكونة من المسك والعنبر والزعفران.
ولمّا جئت إلى وسط المدينة لم أر فيها مخلوقا من بني آدم، وكدت أموت من الرعب، ثم نظرت إلى أسفل من قمم الغرف والأجنحة العالية، ورأيت أنهارًا تجري تحتها، وفي شوارع المدينة الكبيرة كانت أشجار مثمرة وأشجار نخيل طويلة، وكان بناء المدينة بالطوب البديل من الذهب والفضة، لذلك قلت في داخلي، لا شك أن هذه هي الجنة الموعودة في العالم الآتي.
حملت الجواهر التي كانت كالحصى، والمسك الذي كان مثل ترابها بقدر ما استطعت، وعدت إلى منطقتي حيث أطلعت الناس على الحدث، ووصل الخبر إلى معاوية ابن أبو سفيان الذي كان الخليفة آنذاك في الحجاز، فكتب إلى ملازمه في صنعاء اليمن قائلاً: استدع هذا الرجل واستفسر منه عن حقيقة الأمر! وكان يقصد عن المغامرة وما حل بي، وعندما سألني وأبلغته بما رأيته، ثم أرسلني إلى معاوية، وقلت له ما رأيته، لكنّه كذبني.
لذلك أظهرت له بعضًا من تلك اللآلئ وكرات صغيرة من العنبر والمسك والزعفران، كان الزعفران قد احتفظ إلى حد ما برائحته الحلوة، لكن اللآلئ أصبحت صفراء وتغير لونها، ولما رأى معاوية هذا تعجب، فأرسل وأدخل أمامه كعب الأحبار، فقال له: يا كعب الأحبار، لقد دعوتك رغبةً في معرفة الحق، وآمل أن تتمكن من إثباته لي، فسأل كعب الأحبار: وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال معاوية: هل لك علم بوجود مدينة مبنية من الذهب والفضة، أعمدتها من الياقوت، وحصنها من اللؤلؤ، وبها كرات مثل البندق، فقال: نعم يا أمير المؤمنين! إنها إرم زت العماد، التي لم يتم بناء مثلها في مناطق الأرض، وبناها شداد ابن الملك الأكبر.
قال معاوية: اخبرنا ببعض الأشياء من تاريخها، فأجاب كعب الأحبار: كان لعاد الأكبر ولدان، شديد وشداد، ولمّا مات والدهما، حكم شديد ملكاً على البلاد من بعده، وقد سيطروا على جميع حكام الأرض ولم يكن أحد من ملوك الأرض لا يخضع لهما، ومات شديد بن عاد فحكم أخوه شداد وحده على الأرض من بعده حيث كان مولعا بقراءة الكتب القديمة، ولما قرأ عن وصف الدنيا والجنة بأجنحتها وغرفها العالية وأشجارها وثمارها، أغراه قلبه ليبني مثلها على الأرض على هذا النحو الذي سبق ذكره.
وكان تحت سلطته مائة ألف ملك، تحت كل منهم مائة ألف من الزعماء البواسل، وتحت كل منهم مائة ألف جندي، فدعاهم جميعًا أمامه، وقال لهم: أجد في الكتب القديمة والتاريخ وصف الجنة الموجودة في العالم الآخر، وأرغب في أن أجعل مثلها على الأرض، فأذهبوا إلى أروع وأرحب منطقة خالية في الأرض، وابنوا لي فيها مدينة من ذهب وفضة، وانشروا فيها كالحصى والياقوت واللآلئ، ودعامات الأسقف المقببة.
وعلى الأجنحة قاموا بتشييد غرف شاهقة، وتحتها يجب أن تزرعوا في الشوارع الفرعية وشوارع الطرق، أنواعًا مختلفة من الأشجار تحمل أنواعًا مختلفة من الفاكهة الناضجة، والأنهار يجب أن تجري تحتها في قنوات من الذهب والفضة، أجابوا جميعًا: كيف نحقق ما وصفته لنا، وكيف نوفر الياقوت واللؤلؤ الذي ذكرته؟ فقال: أما تعلمون أنّ ملوك العالم مطيعون لي وتحت سلطتي، ولا أحد فيها يعصي أمري؟ أجابوا: نعم، نحن نعرف ذلك، قال: انطلقوا إذاً إلى مناجم الياقوت وإلى الأماكن التي يوجد فيها اللؤلؤ والذهب والفضة، وأخرجوا محتوياتها من الأرض، ولا تدخروا مجهودًا، واحذروا العصيان!
ثم كتب رسالة إلى كل من الملوك في مناطق الأرض، يأمرهم بجمع جميع الأشياء التي يمتلكها رعاياهم من الكنوز والذهب والفضة، وإصلاح المناجم التي وجدت فيها هذه الأشياء، واستخراج الأحجار الكريمة التي كانت تحتويها حتى من قيعان البحار حيث جمعوا الأشياء التي طلبها في غضون عشرين سنة.
وبعد ذلك أرسل علماء الهندسة والحكماء والعمال والصنّاع من جميع البلدان والمناطق، وتفرقوا في الصحاري والمساحات والنواحي حتى وصلوا إلى صحراء كان فيها سهل شاسع، خالية من التلال والجبال وفيها ينابيع متدفقة والأنهار تجري، فقالوا: هذا هو المكان الذي أمرنا الملك أن نبحث عنه، ودعانا لنجده.
ثم انخرطوا في بناء المدينة حسب توجيهات الملك شداد ملك الأرض كلها في طولها وعرضها، وعملوا من خلاله على مجاري الأنهار وأرسوا الأساسات وفق المدى المقرر، ثمّ أرسل ملوك مختلف مناطق الأرض إلى هناك الجواهر والحجارة واللآلئ الكبيرة والصغيرة والعقيق والذهب الخالص على الجمال فوق الصحاري والقنوات، وأرسلوا معهم سفنًا كبيرة عبر البحار.
وكمية من الكنوز والمجوهرات مثل التي لا يمكن وصفها أو حسابها أو تعريفها، تم إحضارها إلى العمال الذين عملوا في بناء هذه المدينة ثلاثمائة عام، ولما فرغوا من البناء جائوا الى الملك واطلعوه على إكتمال جنته التي طلبها، فقال لهم: انطلقوا واجعلوا حولها تحصينات منيعة على ارتفاع كبير، وشيدوا حولها دائرة من التحصينات بألف جناح، تحتها ألف عمود حتى يكون في كل جناح وزير، فمضوا في الحال وعملوا على هذا في عشرين سنة أخرى.
وبعد ذلك قدموا أنفسهم أمام شداد وأبلغوه بتحقيق رغبته، لذلك أمر وزراءه الذين بلغ عددهم ألفًا، وكبار ضباطه ، وكذلك عدد من جنوده وغيرهم ممن سمح لهم، بالتحضير للمغادرة، والاستعداد للترحيل إلى إرم ذات العماد، في حضور ملك العالم شداد بن عاد، كما أمر من اختاره من نسائه وحريمه أن يتجهزوا، وأمضوا عشرين سنة في تجهيز أنفسهم.
ثم انطلق شداد بقواته فرحاً بتحقيق رغبته، حتى بقيت بينه وبين إرم ذات العماد مسيرة يوم واحد، حيث أنزل الله عليه وعلى الكفار الذين رافقوه رياح شديدة من سماء قوته دمرتهم جميعا بقوة صوتها، ولم يصل شداد ولا أحد من معه إلى المدينة، أو حتى رأوها، ومسح الله آثار الطريق المؤدي إليها، لكن المدينة بقيت كما كانت في مكانها حتى ساعة اليوم.
بعد هذه الرواية التي رواها كعب الأحبار، تسائل معاوية، فقال له: هل يستطيع أحد أن يصل إلى تلك المدينة؟ رجل مثل هذا الرجل الجالس هنا أمامنا وأشر بيديه على عبدالله بن ابي كلبه، لم يجب كعب على هذا، وأكمل حديثة وقال: أحد رجال حمير في اليمن قال أنّه عندما دمرت الصرخه شداد ومن معه، حكم ابنه شداد الأصغر من بعده، فقد تركه والده شداد الأكبر خلفًا لمملكته في أرض حضرموت وسبأ عند رحيله مع القوات التي رافقته إلى إرم ذات العماد.
وبمجرد أن وصلته أنباء وفاة والده، وهو في طريقه قبل وصوله إلى مدينة إرم، أصدر أوامره بنقل جثة والده من تلك الصحراء إلى حضرموت، وحفر قبراً لوالده في كهف، ولما فعلوا ذلك وضع جسده فيها على أريكة من ذهب وغطى الجثة بسبعين ثوبًا منسوجًا بالذهب ومزينًا بحلي ثمينة.
ثمّ وضع على رأسه لوحاً من ذهب كتب عليه الكلمات التالية: انتبه، يا من خدعك طول العمر! أنا شداد، ابن عاد ، سيد حصن قوي، سيد القوة والعظمة، والبسالة المفرطة، أطاعني سكان الأرض خوفاً من شدتي وتهديدي، وحكمت الشرق والغرب تحت سيطرتي القوية، وخطيب الدين الحق دعانا إلى الطريق الصحيح، ولكنّنا قاومناه وقلنا ألّا ملاذ منه؟ وداهمتنا رياح عالية من منطقة في الأفق البعيد، لذلك سقطنا كالذرة في وسط سهل عند الحصاد، والآن تحت الأرض، ننتظر يوم التهديد.
وقال الاثلابي: حدث أن دخل رجلان إلى هذا الكهف ووجدا في نهايته العلوية بعض الدرجات، وبعد أن نزلوا منها وجدوا تنقيبًا طوله مائة ذراع وعرضه أربعون وارتفاعه مئة ذراع، وفي وسط هذا التنقيب كان هناك كنبة من الذهب، كان عليها رجل ضخم الحجم، كامل الطول والعرض مغطى بالزخارف وأثواب منسوجة بالذهب والفضة، وعلى رأسه لوح من ذهب وعليه كتابة، وأخذوا ذلك اللوح وحملوا من المكان قدر استطاعتهم من سبائك الذهب والفضة وأشياء أخرى.


شارك المقالة: