قصة أمانة بائع

اقرأ في هذا المقال


تدور أحداث هذه القصة في دولة الهند، حيث أنه تناول الأديب في مضمونها الحديث حول قضية مهمة ألا وهي الأمانة، إذ أنه في حال الإنسان يصون الأمانة ويتحلى بها، فإنها تعود عليه بالخير والفضل، وفي حال تركها الإنسان وسار باتجاه الخداع والمكر، فإنه لن يكسب من ذلك سوى الخسران.

قصة أمانة بائع

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في إحدى المدن القديمة المتواجدة في دولة الهند، وفي تلك المدينة كان هناك اثنان من الباعة الذين يتخصصون في التجارة بالعديد من أنواع المجوهرات التي كانت تتم صناعتها بشكل يدوي، البائع الأول منهم يدعى سام والبائع الثاني يدعى توم، وفي أحد الأيام قرر كلا التاجران الذهاب إلى إحدى المدن القريبة والمجاورة من مدينتهم؛ وذلك من أجل القيام ببيع مجموعة من الصيغة المصنوعة من معدن الذهب.

وأول ما وصلا إلى تلك المدينة اتفقا على أن يقوم كل واحد منهما بالذهاب باتجاه طرف من المدينة حتى يتمكن من بيع كافة المجوهرات التي بحوزته، وحينما ينتهيان من بيع المجوهرات هناك يمكنهما بعد ذلك يتبادلا الأماكن فيما بينهما وأن ينتقل كل واحد منهما في طرف معاكس للطرف الذي كان به في الأول.

وفي تلك الأثناء وفي إحدى شوارع تلك المدينة الصغيرة شاهدت إحدى الفتيات الصغار بائع المجوهرات الأول يمر من الحي الذي يوجد به منزلهم، وحين وصل إلى أمام منزلهم رغبت الفتاة في القيام بشراء إحدى قطع المجوهرات أو من الأحجار الكريمة منه، وهنا سرعان ما ذهبت إلى جدتها وطلبت منها بعض النقود من أجل القيام بشراء سوار من الذهب، ولكن حين سمعت الجدة طلبها قالت لها: ولكن يا صغيرتي الجميلة ليس لدينا مال كافي في الأصل من أجل شراء الطعام الجيد، فكيف يمكننا إذن الحصول على المال الذي يثمن لشراء سوار مصنوع من معدن الذهب؟ فما يعرف عن هذا المعدن أنه من المعادن الثمينة والنفيسة.

وحينما سمعت الفتاة بذلك الحديث من جدتها اعتراها الحزن وأصيبت بخيبة الأمل كبيرة، ولكن كل تلك الأمور التي شعرت بها لم يلغي رغبتها في شراء السوار، حيث كانت الإرادة والعزيمة بداخلها قوية إلى حد كبير، ثم بعد ذلك توجهت إلى مطبخ المنزل وأحضرت منه لوحة ذات لون أسود قاتم كانت موجودة معه منذ زمن قديم، وبعدها توجهت إلى طرف المنزل الذي تقيم به جدتها وتوجهت إلى جدتها قائلة: كيف لك أنك تقولين أنه ليس لدينا المال، ولكننا نمتلك تلك اللوحة الجميلة، كما أنه بإمكاننا استبدال تلك اللوحة بسوار من ذهب.

وحين رأت مدى الرغبة الكامنة داخل الفتاة الصغيرة في حبها للحصول على سوار ذهب، استجابت لرغبة حفيدتها وقالت لها: حسنًا سوف نحاول مع بائع المجوهرات في استبدال اللوحة، وبالفعل خرجت الجدة إلى خارج المنزل ونادت إلى البائع وعزمت عليه بالدخول إلى المنزل، وحين دخل البائع عرضت عليه الجدة اللوحة القديمة مقابل أن يعطيها سوار من الذهب، كان البائع هو من يدعى سام، وكان حينما دخل إلى داخل المنزل وشاهد أوضاعهم والحال التي يعيشونها ومن خلال النظر حوله هنا وهناك في المنزل أدرك بأنهم يعيشون في حالة فقر شديد، وهنا حاول استغلال الموقف وتعامل معهم بكل استخفاف.

وفي لحظة من اللحظات عرضت عليه الجدة اللوحة، وأخبرته بأنها تريد بدلاً عنها سوار من الذهب؛ وذلك لأنها لا تملك المال من أجل شراء السوار، ولكنه لم يعطي أي اهتمام لحديثهم أو لتلك اللوحة وكان على وشك أن يهم بمغادرة المنزل، ولكن في لحظة من اللحظات توقف لبرهة من الوقت ووقع بصره على اللوحة، حيث أنه حينها أدرك أن تلك اللوحة مصنوعة من مادة الذهب الخالص وتساوي الكثير من الأموال.

ولكن على الرغم من ذلك لم يولي سام أي اهتمام؛ وذلك من أجل أن لا تطمع الجدة به وترغب في طلب الكثير من الأموال ثمن اللوحة، ورد على الجدة بأنه بحاجة إلى بعض الوقت من أجل التفكير في الموضوع، وفي وقت لاحق سوف يعود إليهما، وهنا أناط الجدة بمعلومة أن تلك اللوحة في الحقيقة لا تستحق الثمن الذي توازيه أسواره الذهب.

حينها كان يخطط من أجل شراء تلك اللوحة الثمينة بثمن بخيس وزهيد، وقد غادر وهو يخطط من أجل الرجوع فيما بعد وأخذ اللوحة، وفي ذلك الوقت كان البائع الثاني توم قد انتهى من بيع كمية المجوهرات التي بحوزته في الطرف الخاص به، لذلك ذهب إلى الطرف الأخر من المدينة، وقد انتهى به الطريق إلى ذات منزل الجدة والفتاة، وأول ما رأته الفتاة سرعان ما نادت على جدتها وأخبرتها عنه، وحين التقت به الجدة طلبت منه الدخول وعرضت عليه اللوحة مقابل سوار واحد من الذهب، فأجابها البائع بكل تأكيد وقد كان تاجر متواضع ولطيف، وحين تم فحص اللوحة بشكل دقيق، عرف أنها ذات قيمة عالية جدًا، فهي مصنوعة من معدن الذهب الخالص وتساوي الكثير من المال.

وحين أدرك توم ذلك سرعان ما قدم اعتذاره إلى الجدة والطفلة، وقال لها يا سيدتي: كل ما أملكه من السلع والمال لا يساوي أي قيمة أمام هذه اللوحة فهي لوحة باهظة الثمن، وحين سمعت الجدة بذلك أصيب بالصدمة والدهشة، فهي لم تكن تعلم أي شيء عن قيمتها الحقيقية، كما انبهرت الجدة من أمانة التاجر توم، والذي كان على عكس البائع السابق.

وفي تلك الأثناء قال لها التاجر سوف أقدم لك كل الذهب والأموال التي أملكها معي مقابل تلك اللوحة، ولكن فقط كل ما أريده هو بعض المال من أجل العودة لمدينتي بتلك اللوحة، وهنا قبلت الجدة عرضه وتركت له حرية أخذ جزءًا من المال كي يلحق بأحد المراكب ويعود لمدينته بتلك اللوحة القيمة التي فاز بها وقدمت له ونالها جراء أمانته.

أما التاجر الثاني سام فقد عاد في آخر النهار من أجل أن يعرض بعض القطع النقدية القليلة على الجدة؛ وذلك مقابل أن يحصل على اللوحة القديمة عديمة الفائدة من وجهة نظره، وحينما وصل إلى منزل الجدة وجدها في قمة الغضب والانفعال من حديثه، وأخذت توبخه على كذبه وغشه وخداعة في البيع والشراء، وأخبرته أنها علمت الحقيقة من بائع أخر صادق وكان مخلص معها في القول، وقد قدم لها الكثير من الذهب والمال مقابل اللوحة القيمة التي كانت تقتنيها.

وفي النهاية أصيب التاجر سام بصدمه كبيرة، وقد اعتراه الشعور بالندم والحسرة على طابع الطمع الذي كان يسيطر عليه، والذي بسببه أضاع منه اللوحة، وأخيراً قامت بطرده من المنزل وحذرته من المجيء للبيع أمام منزلها مرة أخرى، فخرج سام مطرقًا حزينًا وقد أدرك أن طمعه وكذبه هما سبب خسارته الكبيرة، وأنه لم يكن عليه فعل ذلك من أجل أن يحصل على المال فالصدق هو في الحقيقة المنجاة والرزق بيد الله.


شارك المقالة: