قصة أورسون – الحريق أو (The Conflagration, Ourson) هي حكاية فرنسيه خيالية، من كتاب أورسون، يحتوي هذا الكتاب على ثلاثة عشر حكاية شعبية فرنسية طويلة، كل قصة لها عدة فصول، للمؤلف (Comtesse de Ségur) للناشر (Penn Publishing Company).
الشخصيّات:
- أورسون.
- أجنيلا.
- باسيروس.
- فيوليت
قصة أورسون – الحريق:
بعد ساعة من نوم الجميع في المزرعة، أثارت رائحة النار والدخان قلق فيوليت، واستيقظت أجنيلا في نفس اللحظة، قالت فيوليت: أمي ألا تشمّين شيئًا؟ قالت أجنيلا: المنزل مشتعل، انظروا ما هو الضوء حولنا، قفزوا من أسرّتهم وركضوا إلى الردهة، كانت النيران قد استولت على الغرف المجاورة، وصاحت باسيروس: سيدتي! النيران كلها في المنزل، الأبواب والنوافذ مغلقة بإحكام، ومن المستحيل فتحها.
صاحت أجنيلا: ابني! ابني أنّه ينام في الأسطبل، وركضن إلى الأبواب لفتحها له، وكل جهودهن لفتحها كانت غير مجدية، فقالت فيوليت: أوه! حلمي الرهيب! عزيزي أورسون، وداعاً إلى الأبد، وعندما استيقظ أورسون على ألسنة اللهب والدخان، كان دافعه الأول هو الجري إلى الجزء الأمامي من المنزل ولكن على الرغم من قوته غير العادية لم يستطع فتحه، وكان من الواضح أنّه تم إغلاقه بسرعة من قبل الجنيّة فيوريوس.
قفز أورسون على سلم ومر عبر اللهب إلى مخزن الحبوب من خلال نافذة مفتوحة، ثمّ نزل إلى الغرفة حيث كانت والدته وفيوليت تبكيان، خوفاً من الموت، فأمسك بهما بين ذراعيه وصرخ إلى باسيروس لتتبعه، وركض على طول مخزن الحبوب ونزل السلم مع والدته وفيوليت وتبعتهم باسيروس، وفي اللحظة التي وصلوا فيها إلى الأرض بأمان، أصبح السلم ومخزن الحبوب فريسة للنيران.
نجا الجميع من الحريق، وقالت فيوليت: لقد علمت جيدًا أنّك لن تسمح لنا بأن نحترق أحياء، هل يوجد أحد في خطر عندما تكون موجودًا؟ أليست هذه هي المرة الثالثة التي تنقذ فيها حياتي أيضاً؟ نظرت أجنيلا إليها وقالت: عزيزتي فيوليت، أورسون سعيد في حنانك الذي تكافئينه به تمامًا على كل ما يفعله من أجلك، أشعر بالاطمئنان إلى أنّك ستكونين سعيدة بالتضحية بنفسك من أجله لو كانت لديك الفرصة.
وقبل أن تتكلم فيوليت، قال أورسون: أمي، لا تقولي لفيوليت أي شيء عن التضحية بنفسها من أجلي، أنت تعلمين أنّ هذه الفكرة تجعلني بائساً، وبدلاً من الرد على أورسون، وضعت أجنيلا يدها على جبينها وصرخت بقلق: النعش، باسيروس، هل أحضرتي النعش؟ قالت باسيروس: لقد نسيت ذلك يا سيدتي، عبّر وجه أجنيلا عن هذا الأسف والقلق، لدرجة أنّ أورسون سألها عن هذا النعش الذي بدا أنه يزعجها كثيرًا.
فقالت أجنيلا: كان النعش هدية من الجنيّة دروليت، أخبرتني أنّ سعادة فيوليت كانت موجودة فيه، وكان في خزانة الملابس بجانب سريري، للأسف كيف نسيت ذلك؟ فقفز أورسون نحو المنزل المحترق، وعلى الرّغم من توسلات أجنيلا وفيوليت وباسيروس، دخل في ألسنة اللهب لإحضار النعش، وبقين جميعهن يراقبن بعيون مرهقة عند الفتحة التي دخل من خلالها أورسون بينما كانت فيوليت بلا حراك، وتخفي وجهها بيديها.
مرّت ساعات ولم يظهر أورسون، وزاد طقطقة الخشب المشتعل وميض النيران، وكان السقف المغطى بالنيران قد سقط ودُفن أورسون تحت الأنقاض، وصمت الموت جاء بعد هذه الكارثة المروعة، وخفّت ألسنة اللهب، ثمّ تلاشت، ولم يظهر أورسون بعد، سقطت فيوليت في أحضان أجنيلا وبكت لفترة طويلة في صمت، تأملت باسيروس في حطام الدخان وبكت أيضاً، وقالت أخيرًا: دعونا نغادر هذا المكان ونبحث عن ملجأ لهذه الليلة.
لم تقدم أجنيلا وفيوليت أي رد، قالت فيوليت: ما هو المأوى الذي أريده؟ ما هو المساء بالنسبة لي أو الصباح؟ لا توجد أيام جميلة بالنسبة لي بعد الآن! لن تشرق الشمس إلّا لتضيء يأسي! فقالت فيوليت: ولكن إذا بقينا هنا نبكي فسنموت من الجوع يا فيوليت، وعلى الرغم من الحزن المرير، يجب أن نفكر في ضرورات الحياة.
قالت فيوليت: لن أغادر هذا المكان الذي رأيت فيه عزيزي أورسون للمرة الأخيرة حيث مات، ضحية محبته لنا، هزت باسيروس كتفيها حيث تذكرت أن الإسطبل لم يتم حرقه، فركضت هناك بكل سرعة، وحلبت البقرة، وشربت كوبًا من الحليب، وحاولت عبثًا أن تجعل فيوليت وأجنيلا أن يفعلان الشيء نفسه، وقفت اجنيلا وقالت لفيوليت: حزنك عادل يا ابنتي.
لم يسبق أن رأيت قلباً أكثر نبلاً أو كرمًا من قلب أورسون، وأحبك أكثر ممّا أحب نفسه، ولتجنب حزنك فقد ضحى بسعادته وحياته، وروت أجنيلا الآن لفيوليت، أنّها كانت تستطيع أن تنقذه من تشوهه بقبولها التضحية بنفسها وتبادل جلدها مع أورسون، ولكن توسلات أورسون المستمرة لأمّه بأنّه لا ينبغي أبدًا إبلاغ فيوليت بإمكانية حدوث مثل هذه التضحية، منعها من إخبارها بذلك.
لقد ملأت مشاعر الحب والحنان والندم قلب فيوليت بعد هذه الكلمات، وبكت بمرارة أكثر من أي وقت مضى، وتابعت أجنيلا: والآن يا ابنتي، لا يزال هناك واجب واحد يجب القيام به، وهو دفن ابني، يجب أن نزيل هذه الأنقاض ونزيل الرماد، وعندما نعثر على بقايا أبني الحبيب، ثمّ تنهدت، ولم تستطع قول المزيد، وسارت النساء الثلاثة ببطء نحو الجدران المحترقة لبيت المزرعة.
وبشجاعة أزلن بقايا الرماد، لقد عملن بجد مدة يومين من اكتمال هذا العمل، لم تظهر آثار أورسون المسكين، ومع ذلك فقد أزلن الركام قطعة قطعة، وكل ما غطى الموقع، وعند إزالة آخر الألواح نصف المحترقة، رأت فيوليت فتحة، وسرعان ما وسّعتها، وكانت فتحة بئر، فخفق قلبها بعنف وألهمه أمل غامض، وسمعت صوتاً خافتاً يقول: فيوليت! عزيزتي فيوليت! أنا هنا، لقد نجوت.
لم تستطع فيوليت الرد إلا بصرخة مخنوقة، وفقدت وعيها وسقطت في البئر بأمان عند قدمي أورسون، وسرعان ما عادت فيوليت إلى وعيها، وكانت سعادتهم أكبر من أن يُصدقوا، وصرخت باسيروس بصوت عالٍ لتنادي أجنيلا التي كانت تبحث في مكان آخر، وقالت: أخبار مباركة! أراهم سيدتي، تعالي بسرعة، إنّهم هنا، إنّهم بخير ولا يحتاجون إلى أي شيء!
كانت أجنيلا ترتعش من الانفعال بينما ركضت باسيروس بحثًا عن سلم، وبينما كانت تحول العثور عل سلم هي وأجنيلا، أخبر أورسون فيوليت بما مرّ به، وقال: مررت دون أن أصاب بأذى من النيران، وذهبت لأجد خزانة ملابس والدتي، وخنقني الدخان فجأة، ثمّ شعرت بنفسي مرفوعاً من شعري وألقيت في قاع هذا البئر الذي تم وضع سجادة ناعمة في الأسفل، وكان هناك ضوء كافٍ حولي، ووجدت الكثير من المؤن بجانبي، انظري إليها هناك.
ثمّ قال أورسون: لقد جاءت الجنيّة الطيبة دولريت، وأخبرتني أنّه في غضون أيام قليلة، هناك شيء يريد أن يكمل سعادتي، وسأجده هنا، وقالت: سنلتقي مرة أخرى يا أورسون ولكن لقائنا سيكون مؤلماً، تذكر ما قلته لك، استوعبت فيوليت من جانبها لماذا ستكون عودة الجنيّة التالية مؤلمة له، فمنذ أن كشفت لها أجنيلا بثقة طبيعة التضحية التي يمكن أن تفرضها على نفسها من أجل إنقاذ أورسون، فقد عقدت العزم على تحقيقها.