قصة الأخوات السماوية أو (The Celestial Sisters) هي حكاية فولكلورية أمريكية أصلية، للمؤلف، كورنيليوس ماثيوز، نشرت عام 1869، للناشر (Allen Brothers).
الشخصيات:
- واوبي.
- ابنة النجم.
- الأخوان الإحدى عشر.
قصة الأخوات السماوية:
عاش شخص رجل واوبي، أو الصقر الأبيض كما كانوا يلقبونه في جزء بعيد من الغابة، حيث تكثر الحيوانات وكل يوم كان يعود من المطاردة مع غنيمة كبيرة، لأنّه كان من أكثر الصيادين المهرة والمحظوظين من قبيلته، كانت نارُ الشَّبابِ تنبع مِنْ عَيْنِيه، لم يكن هناك غابة صعبة قاتمة للغاية بالنسبة له لاختراقها، ولم يكن هناك مسار يرسمه طائر أو حيوان من أي نوع لا يستطيع اتباعه بسهولة.
في أحد الأيام كان قد تجاوز كل النقاط التي زارها من قبل، سافر عبر غابة مكشوفة، مما مكنه من رؤية مسافة كبيرة، وفجأة رأى مطولاً ضوءاً يخترق أوراق الأشجار البعيدة، مما جعله يتأكد من أنّه كان على حدود مرج، كان سهلًا واسعًا مغطى بالعشب الأخضر الطويل، ومزين بأزهار بألف صبغة جميلة، وبعد أن سار لبعض الوقت دون توقف متأملاً في الريف، ومستمتعتاً بالنسيم العبق، جاء فجأة إلى حلقة بين العشب والزهور، وكأنها صنعت بخطى تتحرك بخفة حولها.
لكنه كان غريبًا جدًا لدرجة جعلت الصقر الأبيض يتوقف ويحدّق طويلًا وبشكل ثابت على الأرض، لم يكن هناك مسار يؤدي إلى هذه الدائرة الغريبة، ولم يكن هناك حتى ورقة محطمة ولا غصن مكسور، ولا أقل أثر لخطوة تقترب، كان يعتقد أنه سيخفي نفسه وينتظر ليكتشف إذا استطاع، ما تعنيه هذه الدائرة الغريبة.
ثمّ سمع الأصوات الخافتة للموسيقى في الهواء، نظر إلى الأعلى في الاتجاه التي أتت منه، وعندما تلاشت المشاهد السحرية، رأى شيئًا صغيرًا مثل سحابة صيفية صغيرة تقترب من الأرض تطفو من فوق، في البداية كانت صغيرة جدًا، وبدا كما لو كان من الممكن أن تتطاير بفعل النسيم الأول الذي جاء، لكنّها كبرت بسرعة عندما كان يحدّق بها، وكانت الموسيقى في كل لحظة أكثر وضوحًا ولطفًا في أذنه.
ولما اقتربت من الأرض ظهرت كسلة، وامتلأت باثنتي عشرة أخت من أجمل الأشكال بجمالها الساحر، وبمجرد أن لمست السلة الأرض قفزن، وبدأنّ على الفور يرقصن بطريقة مبهجة حول الحلقة السحرية، وضربن كرة لامعة على الأرض، وأصدرنّ ألحانًا ساحرة، وكان الصقر الأبيض ينظر لهن وهنّ يرقصن، وحدّق في أشكالهن وحركاتهن الرشيقة، لقد أعجب بهن جميعًا، لكنّه كان سعيدًا جدًا بأصغرهن.
كان يتوق إلى أن يكون إلى جانبها، ويحتضنها ويدعوها إلى جانبه، ولأنّه كان غير قادر على البقاء لفترة أطول معجبًا صامتًا، اندفع إلى الأمام وسعى للاستيلاء على الفتاة الثانية عشر التي سحرته، لكن الأخوات بسرور الطيور في اللحظة التي رأين فيها شكل الرجل، قفزن عائدات إلى السلة، وانطلقن إلى السماء، وحزنًا على سوء حظه، حدق واوبي بشوق إلى سلة الجنّيات وهي تصعد وتحمل الأخوات الجميلات من امامه.
قال حزيناً: لقد رحلن، ولن أراهنّ بعد الآن، ثمّ عاد إلى بيته، لكنّه لم يجد راحة في ذهنه، وبقي في الخارج ينظر إلى السماء التي كانت قد اخذت من بصره الكائن الوحيد الذي كان يحبه، كان مؤلمًا بالنسبة له الآن، وفي اليوم التالي، وبنفس الساعة، عاد الصقر الأبيض إلى البراري، وجلس بنفس المكان بالقرب من الحلقة من أجل خداع الأخوات، اتخذ شكل حيوان الأبوسوم، وجلس بين العشب كما لو كان هناك يجتر.
لم ينتظر طويلًا عندما رأى السلة الملبدة بالغيوم تنزل، وسمع نفس الموسيقى الجميلة وهي تتساقط كما كان من قبل، زحف ببطء نحو الحلقة، لكن في اللحظة التي رأته فيها الأخوات ذهلن واندفعن إلى سلّتهن ارتفعت مسافة قصيرة عندما تحدثت إحدى الأخوات الأكبر سناً، وقالت: ربما، سيظهر لنا كيف يلعب البشر الخداع، أجابت الأصغر: لا هيّا بسرعة، دعونا نصعد، وارتفعن بعيدًا عن الأنظار.
أمّا واوبي مشى بحزن عائداً إلى منزله، ولكن بدا الليل طويلاً جداً بالنسبة له، وامتلأت روحه كلها بفكر الأخت الجميلة، وفي وقت مبكر في اليوم التالي، عاد إلى البقعة المسكونة على أمل وخوف، وتنهّد كأنّ روحه ستترك جسده في كربها، لقد فكر في الخطة التي يجب أن يتبعها لضمان النجاح، لقد فشل بالفعل مرتين، والفشل للمرة الثالثة سيكون قاتلاً.
بالقرب منه وجد جذعًا قديمًا، مغطى كثيرًا بالطحالب حيث تم استخدامه كمسكن لعدد من الفئران الذين توقفوا على الجانب الآخر من البراري، كان واوبي سعيدًا جدًا بأشكالها الصغيرة المنظمة لدرجة أنه اعتقد أنه سيكون أيضًا فأرًا، خاصةً أنه لم يكن من الصعب النظر إليه بأي حال من الأحوال، وبناءً على ذلك، بعد أن أحضر الجذع أولاً ووضعه بالقرب من الحلقة، واختبأ داخل الجذع، واختلس النظر للجنّيات.
وأبقى عينيه الصغيرتين الحادتين مشغولتين نحو السماء، ولم يمض وقت طويل قبل أن تنزل الأخوات، في ساعتهنّ المعتادة، واستأنفن الرقص، وصرخت الأخت الصغرى: لكن انظرن، هذا الجذع لم يكن موجودًا من قبل، وهربت خائفة نحو السلة، ابتسمت شقيقاتها فقط، وتجمّعن حول جذع الشجرة القديم، وضربنه على سبيل الدعابة.
عندها ركضت الفئران وبينهم واوبي، لقد قتلنهم جميعًا ولاحقتهم الأخت الصغرى كما رفعت عصا فضية كانت تمسكها بيدها لوضع حد لهروبهم، وفجأة ظهر واوبي، وأمسك الجنية الصغيرة وشبكها بين ذراعيه، بينما قفزت الأحد عشر الاخريات إلى سلتهن، وارتفعن إلى السماء، بذل واوبي كل مهاراته لإرضاء عروسه وكسب عواطفها، ومسح الدموع من عينيها. وروى مغامراته في المطاردة لها.
وظل بجانبها باعتزاز، وشق طريقًا لها لكي تمشي بينما كان يقودها برفق نحو منزله، وشعر بقلبه يتوهج من الفرح عندما دخلته، ومنذ تلك اللحظة كان من أسعد الرجال، مرّ الشتاء والصيف بسرعة، ومع اقتراب الربيع بعواصفه المعتدلة وأزهاره المتعددة الألوان، زادت سعادتهم بوجود صبي جميل في كوخهم، واستمتعوا بالبركة الأرضية التي كانوا عليها،كانت زوجة واوبي ابنة أحد النجوم.
وعندما بدأت تعتاد مشاهد الأرض امام بصرها، تنّهدت لتعيد زيارة والدها. لكنّها اضطرت لإخفاء هذه المشاعر عن زوجها، تذكرت السحر الذي سيحملها، وبينما كان زوجها منشغلاً في المطاردة، استغلّت الفرصة لبناء سلة كانت تخفيها، وفي غضون ذلك، جمعت النوادر من الأرض كما اعتقدت أنها سترضي والدها، بالإضافة إلى أكثر أنواع الطعام اللذيذة، وفي أحد الأيام عندما غاب واوبي، وكان كل شيء جاهزاً، خرجت إلى البقعة الساحرة، وأخذت معها ابنها الصغير.
عندما دخلوا السّلة بدأت أغنيتها السحرية، وارتفعت السلة كانت الأغنية حزينة، وإيقاعها وضيعًا وحزينًا، ولمّا كانت الرياح تهب بعيدًا، لفتت أذن زوجها لقد كان صوتًا يعرفه جيدًا، وركض على الفور إلى البراري على الرغم من أنه كان يتنفس بسرعة، إلا أنه لم يستطع الوصول إلى الحلقة قبل أن تصعد زوجته وطفله بعيدًا عن متناوله، ورفع صوته بصوت عالٍ ليناديها، لكنّها لم تسمع، واختفت في النهاية في السماء، ثمّ ثنى رأسه على الأرض، وكان بائساً.
خلال شتاء طويل وصيف طويل ندم واوبي على خسارته، لكنّه لم يجد الراحة، لقد جاءت الروح الجميلة وذهبت، ولن يراها بعد الآن! حزن على فقدان زوجته حزنًا كبيراً، ولكن حزنه على ابنه ما زال أكثر، لأنّ الصبي كان يتمتع بجمال الأم وقوة الأب، في هذه الأثناء كانت زوجته قد وصلت إلى منزلها في النجوم، وفي رحلتها السعيدة لمنزل والدها كادت أن تنسى أنها تركت زوجها على الأرض، لكن ابنها وهو يكبر كان يشبه أكثر فأكثر والده.
وكان كل يوم يشعر بالقلق والتوق لزيارة مكان ولادته، قال جده لابنته ذات يوم: اذهبي يا طفلتي وانزلي بابنك إلى أبيه واطلبي منه أن يأتي ويعيش معنا، لكن قولي له أن يجلب معه عيّنة من كل نوع من الطيور والحيوانات التي يقتلها في المطاردة، فأخذت الصبي ونزلت، سمع واوبي الذي كان دائمًا بالقرب من البقعة المسحورة، صوتها وهي تنزل من السماء، كان قلبه ينبض بفارغ الصبر وهو يرى شكلها وشكل ابنه، وسرعان ما تشبثوا بين ذراعيه.
سمع رسالة النجم، وبدأ في الصيد بأكبر قدر من النشاط حتى يتمكن من جمع الكثير بكل قوة، قضى ليالٍ كاملة وأيامًا في البحث عن كل حيوان وطيور فضولي وجميل، لقد احتفظ فقط بقدم أو جناح أو ذيل لكل منهما، عندما كان كل شيء جاهزًا، زار واوبي مرة أخرى كل بقعة مفضلة لديه مثل قمة التل حيث اعتاد رؤية شروق الشمس، والبحر حيث كان يمارس الرياضة عندما كان صبيًا.
وأخيرًا، وصل إلى الدائرة السحرية، حدّق حولها بعيون دامعة، وأخذ يد زوجته وطفله ودخلوا السلة وتم اصطحابهم إلى بلد بعيد جدًا عن هروب الطيور، أو قوة العين الفانية لاختراقها، تجلى الفرح الكبير عند وصولهم إلى السهول المرصعة بالنجوم، دعا رئيس النجم كل شعبه إلى وليمة، وعندما اجتمعوا أعلن بصوت عالٍ أن كل واحد يمكن أن يختار من الهدايا الأرضية التي كان يحبها أكثر، ونشأ ارتباك غريب للغاية على الفور حيث قفز الجميع إلى الأمام.
اختار البعض قدمًا، والبعض الآخر جناحًا، والبعض الآخر ذيلًا، والبعض الآخر مخلبًا، أولئك الذين اختاروا ذيولاً أو مخالب تحولوا إلى حيوانات وهربوا، و اتخذ الآخرون شكل طيور وطاروا بعيدًا، واختار واوبي ريشة الصقر الأبيض. وفعلت زوجته وابنه مثله، وأصبح كل منهما صقرًا أبيض، ثمّ نزل مع الطيور الأخرى إلى الأرض.