قصة الأشهر

اقرأ في هذا المقال


قصة الأشهر أو (The Months) هي حكاية فولكلورية إيطالية، تمّ نشرها ضمن مجموعة (Il Pentamerone) لأول مرة في نابولي بواسطة (Giambattista Basile) الذي يُعتقد أنه جمعها بشكل رئيسي في جزيرة كريت والبندقية، للمؤلف، جيامباتيستا باسيلي.

الشخصيات:

  • ليز.
  • سيان.
  • شهر مارس.

قصة الأشهر:

ذات مرة كان هناك شقيقتان أحداهن تُدعى سيان، حيث كانت غنية جداً، والأخرى ليز التي بالكاد كان لديها ما يكفي من المال للعيش عليه، ولكنّ الاخت الغنية كانت سيئة جداً لدرجة أنّها لم تشفق يوماً على حال أختها ولم تدعمها أو تقدم لها المال، حتّى قررت الأخت الفقيرة ليز مغادرة بلدها في حالة يأس، وانطلقت للتجول في العالم، وسافرت بعيداً.

حتّى وصلت إلى نزل في إحدى الأمسيات الرطبة والباردة حيث وجدت اثني عشر شابًا جالسين حول نار، وعندما رأوا ليز المسكينة تعاني من شدة البرد، وكانت ملابسها بالية ولا تحميها من البرد القارس، لذلك دعوها إلى الجلوس بجوار النار، فقبلت ليز الدعوة، لأنّها كانت في أمس الحاجة إليها، وبدأت في تدفئة نفسها، وبينما كانت تدفئ نفسها، قال لها أحد الشباب الذي كان وجهه يجعلها تموت من الخوف: ما رأيك في هذا الطقس؟

أجابت ليز: أعتقد أنّ كل شهور السنة يؤدون واجبهم، لكننا نحن الذين لا نعرف ما هي واجباتنا، نرغب في منح قوانين للسماء، ونرغب في الحصول على أشياء بطريقتنا الخاصة، فنحن لا نصطاد بعمق كافٍ إلى القاع، لمعرفة ما إذا كان ما يدور في خيالنا جيدًا أم شريرًا، مفيدًا أم مؤلمًا، في الشتاء عندما تمطر، نريد الشمس، وفي شهر أغسطس تفرغ السحب نفسها.

ولو عكسنا الفصول، في هذه الحالة ستقلب الفصول رأساً على عقب، وتضيع البذور المزروعة، وتُتلف المحاصيل، وتختفي أجساد الرجال، وستتحول الطبيعة إلى تناقضات كبيرة، لذلك دعونا نترك السماء لوحدها طبعاً، لأنّها جعلت الشجرة تخفف بخشبها شدة الشتاء، وبأوراقها حرارة الصيف، أجاب الشاب: أنت تتحدثين بكلام جميل!

لكن لا يمكنك إنكار أنّ شهر مارس هذا الذي نحن فيه الآن غير مؤهل لإرسال كل هذا الصقيع والمطر والثلج والبرد والرياح والعاصفة، وهذه الضباب والعواصف، ومشاكل أخرى تجعل الحياة عبئًا، أجابت ليزا: أنت لاتتحدث سوى عن سوء هذا الشهر الفقير، لكن لا تتحدث عن الفوائد التي تعود علينا، لأنّه من خلال تقديم الربيع، فإنّه يبدأ في إنتاج الأشياء.

وهو وحده يثبت سعادة الوقت الحاضر، كان الشاب مسرورًا جدًا بما قالته ليز، لأنّه لم يكن في الحقيقة سوى شهر مارس نفسه الذي وصل إلى هذا النزل مع إخوته الأحد عشر، ولمكافأة ليز على الكلام الذي قالته بحيث لم تجد شيئًا سيئًا لتقوله عن شهر حزين جدًا لدرجة أنّ الرعاة لا يحبون ذكره، فأعطاها صندوقاً صغيرًا جميلًا، ثمّ قال: خذي هذا، وإذا أردت شيئًا، اطلبيه فقط، وعندما تفتحي هذا الصندوق سترينه أمامك.

شكرت ليزا الشاب مع عبارات كثيرة من الاحترام، ووضعت الصندوق الصغير تحت رأسها كوسادة، وذهبت للنوم، وعندما حلّ الصباح، تركت ليز الشباب وانطلقت في طريقها، وعندما قطعت خمسين خطوة من النزل، فتحت الصندوق، وقالت: آه، يا صديقي، أتمنى لو كان لدي عربة مبطنة بقطعة قماش، وبداخلها القليل من النار، لأسافر وأنا دافئة ومرتاحة، وأتنقل فوق الثلج!

ولم تكد تنطق بالكلمات حتى ظهرت العربة، مع رجال يحملونها، ورفعوها ووضعوها فيها، وعندها قالت لهم أن يحملوها إلى المنزل، ثمّ فتحت ليز الصندوق الصغير وقالت: أتمنى شيئًا لأكله، وعلى الفور ظهرت وفرة من أفضل الأطعمة أمامها، وفي إحدى الأمسيات، بعد أن وصلت إلى غابة لم تدخلها أشعة الشمس، فتحت ليز الصندوق الصغير وقالت: أود أن أستريح ليلاً في هذه البقعة الجميلة حيث يوجد النهر الذي جعل الانسجام على الحجارة مصاحبًا لأغنية النسمات الباردة.

وعلى الفور ظهرت خيمة قماشية، وأريكة من القطن، ومغطاة بلوح من القماش و ملاءات خفيفة كالريش، ثمّ طلبت شيئًا لتأكله، وامتد الأكل أمامها، وعندما أكلت ما يكفي، استلقت للنوم، وفي الصباح الباكر فتحت ليز صندوقها الصغير وقالت: أتمنى أن يكون لدي فستان جميل، لأنني سأرى أختي اليوم، وظهر على الفور ثوب يشبه ثوب الأميرات من أغنى القماش الرائع، فارتدته، وسرعان ما وصلت إلى منزل شقيقتها.

وعندما رأت سيان وصول شقيقتها بكل هذه الروعة، تمنّت أن تعرف الحظ الجيد الذي حلّ بها، ثمّ أخبرتها ليز عن الشباب الذين التقت بهم في النزل، وعن الهدية التي قدموها لها، عندها نفذ صبر سيان وسرعان ما قررت الذهاب لرؤية الشباب في النزل حيث وجدت نفس الشباب، وتحدثت معهم، وعندما سألها الشاب نفس السؤال الذي سأله لأختها، ما هو رأيها في شهر مارس.

قالت سيان، أنّه أكثر شهر بائس! وهو عدو الرعاة الذي يجلب المرض في أجسادنا، وفي هذا الشهر الذي نعلن فيه الخراب، و عندما تريد أن تسمي الرجل مغرورًا، تقول: ما الذي يهم مارس؟ شهر باختصار شديد الكراهية بحيث سيكون أفضل ثروة للعالم، وأعظم نعمة على الأرض، وأعظم مكسب للبشر، لو تمّ استبعاده من جميع الاشهر، وعندما سمع مارس بنفسه بهذا الافتراء، قمع غضبه حتّى الصباح.

وكان عازمًا بعد ذلك على مكافأة سيان على افترائها، وعندما أرادت سيان المغادرة، أعطاها سوطًا جيدًا قائلاً لها: كلما أردت شيئًا، قولي فقط: أيها السوط، أعطني مائة! وستجدن لآلئ معلقة في عجلة، شكرت سيان الشباب، وذهبت في عجلة من أمرها، وعندما وصلت المنزل، دخلت إلى غرفة سريّة بقصد إخفاء الكنز الذي كانت تتوقع أن تتسلمه من السوط.

ثم قالت: يا سوط، أعطني مائة! وأعطاها السوط أكثر من مائة جلدة، ممّا جعلها تسقط على رجليها ووجهها حتّى أنّ ليز وهي تسمع صرخاتها، جاءت مسرعة إلى المكان، وعندما رأت أنّ السوط، مثل الحصان الجامح يضرب أختها، فتحت الصندوق الصغير وأوقفته، ثمّ سألت سيان عمّا حدث لها، وعند سماعه قصتها، أخبرتها أنّه ليس هناك من تلومه إلا نفسها، لأنّها تسببت في سوء حظها، وأمرتها مرة أخرى بحفظ لسانها والذي كان المفتاح الذي فتح لها مخزن المصائب.

وأخبرتها أنّها لو تحدثت جيدًا مع الشباب، فربما كان لديها نفس الحظ الجيد، خاصة أنّ التحدث جيدًا عن أي شخص هو سلعة لا تكلف شيئًا، وعادة ما تجلب ربحًا غير متوقع، ثمّ طلبت ليز منها ألا تسعى إلى ثروة أكثر ممّا أعطته لهما السماء، وهو الصندوق، وعندما سمعت سيان هذه الكلمات، طلبت العفو من أختها عن قسوة الماضي، بينما قامت أختها الطيبة ليز باقتسام كنزهما من الصندوق العجيب معاً، ومنذ ذلك الوقت تحدثت سيان جيدًا عن كل شيء، مهما كان سيئًا.


شارك المقالة: