ميلا والمرآة السحرية:
كان هنالك فتاة جميلة وثرية اسمها بارونا، وكانت هذه الفتاة تمتلك مالاً ما يزيد عن حاجتها؛ حيث كان كل من يراها يندهش من أين حصلت على كل ذلك المال، فكان يحيط ببعض تفاصيل حياتها بعض الغموض، ولكن لم يكن أحد يستطيع السؤال عن ذلك الثراء، وكان أغلب الناس لا يهتمون لمعرفة ذلك، وكان لدى هذه السيدة خادمة تعمل لديها اسمها ميلا.
هذه الخادمة من طبقة محلية، وكانت جميلة بعض الشيء ومجتهدة في العمل، كان لدى ميلا بعض الأمنيات وهي أن تمتلك منزلاً كبيراً وأن تحظى بزوج ثري وتعيش براحة وسعادة، الأمر الذي يبدو لها أمراً خطيراً، في يوم من الأيام واثناء عمل ميلا كانت تسير بجانب غرفة بارونا؛ فوجدتها تجلس أمام مرآة دوّارة بيضاوية الشكل وبيضاء، وكان يبدو الحزن على وجه البارونة لوجود حبة حمراء على طرف أنفها.
قالت بارونا وهي تنظر للمرآة: آه أتمنى أن تزول هذه الحبة الحمراء، وفجأةً اختفت الحبة الحمراء من وجهها، ثم قالت: كم أنا جائعة أتمنى لو لدي شطيرة نقانق، وسرعان ما ظهرت فطيرة نقانق على الطاولة أمامها، عندما رأت ميلا ذلك قالت في نفسها: يا لها من مرآة سحرية تحقّق كل الأحلام تماماً كما في الحكايات الخيالية.
وذهبت للمطبخ وأخبرت الطباخ الذي يعمل لدى بارونا بذلك، وكان اسمه هانز وكان يحب هذه الخادمة فقال لها: لا أعتقد أن كلامكِ منطقياً، فضربت ميلا برجلها على الأرض وقالت: إنها الحقيقة وأنا رأيت ذلك بعيني، وأخبرته بما رأت ولكن هانز كان يشك في صدق مقولتها، وكان يسألها الكثير من الأسئلة.
بعد ثلاثة أيام كانت بارونا تريد شراء قفازات جديدة، قامت ميلا باستغلال هذا الأمر وتسللّت إلى غرفة بارونا، وجلست أمام المرآة لتختبرها فبدأت وقالت: أتمنى لو أن لدي قطعة حلوى؛ فظهر أمامها صحن حلوى صغير، وبعد ذلك أخذت ميلا بقول العديد من الأمنيات وكانت هذه المرآة تعطي ميلا كل ما تتمنّى.
وفي نفس اليوم ذهبت ميلا لتقديم الشاي لبارونا فقالت لها بارونا: لقد خطرت ببالي فكرة يا ميلا، لم لا تنتقلين إلى غرفة جديدة وستكون مريحة لكِ، فرحت ميلا لأنها كانت هذه إحدى أمنياتها أمام المرآة، وبذلك أصبحت ميلا تذهب للمرآة كل يوم وأصبحت أمنياتها باهظة الثمن فمرّة تطلب أن يطول شعرها ومرة تطلب أن يزيد أجرها وأن تصبح أجمل فتاة، وأصبح الطباخ هانز يحبها أكثر.
بعد ذلك تمنّت ميلا أن يكون لديها منزل مستقل، فأعطتها بارونا منزل ريفي لتسكن به، وكانت بارونا تتفاجأ بما تعطي لهذه الخادمة وتقول لها: أنا لا أعلم لماذا أفعل ذلك، زادت أمنيات ميلا فأصبحت تتمنى أن تكون ملكة، وفي اليوم التالي استيقظت ميلا على صوت طرق بابها في الساعة الخامسة فجراً وكان الطارق اللورد شمبرلاند وخلفه أعضاء المجلس الملكي.
تفاجأت ميلا بأن اللورد أراد إخبارها بأن الكاتب التاريخي عندما بحث في الأرشيف الملكي فتبين أنها هي الملكة وأخبرها بأنه يريد مرافقتها للقصر، فسافرت للقصر وقابلت بارونا الملكة وانحنت لها ورحبّت بها كثيراً، فتفاجأت بارونا بأن الملكة ميلا توبخها على معاملتها القديمة لها، ولكن بارونا خافت وهي تعلم أن الملكة لها الحق أن تقطع رأسها فطلبت منها الاعتذار وقالت لها: أنا أعطيتكِ غرفة جديدة ولم أسيء معاملتكِ فهلا تسامحينني.
قالت ميلا لبارونا: سأعفو عنكِ شرط أن تعملين خادمة لي والمرآة لي، فقبلت بارونا لأنها لا تملك من أمرها شيئاً، فقالت لها ميلا بازدراء: سأجد لكِ غرفة في أحد الأبراج، في اليوم التالي أرادت ميلا أن تذهب في جولة لترى شعبها ويتعرفون على ملكتهم الجديدة.
أرادت ميلا ركوب العربة وأن تحيي شعبها بنفسها فقال لها اللورد: هذا ليس لائق يا سيدتي، قالت له: أنا ملكتهم وسوف يحبونني ويحيونني، فقال لها: نحن الآن في وقت عصيب ربما لن يحبكِ هذا الشعب فقالت له: ولما لا يحبونني أنا ملكتهم الجميلة، ولكن ميلا تفاجأت بما أن ما حصل كان عكس توقعاتها.
فكان الحشد منزعجاً بقدومها فسألت اللورد: ما خطب الناس لم لا يحبونني ألست ملكتهم الجميلة؟ فأمر اللورد بالعودة، وفي اليوم التالي جاء هانز ليقدم نفسه في غرفة العرش فسألته ميلا عن حاله وقال: أنا لست بخير بعدما أخذت بارونا مكاني في العمل وأنا جئت لكِ لكي أبحث عن عمل، فردت ميلا: أنا سوف أساعدك يا هانز فطالما كنت معجبة بك، تفاجأ هانز بكلامها.
أخبرت ميلا هانز بما حدث معها وأن الشعب لم يرحب بها عند ذهابها لهم، فقال لها: يا سيدتي إن الشعب لا يعبّر عن عدم حبة لشخصكِ أنتِ بل بسبب الأوقات العصيبة والضرائب التي تفرضها عليهم الملكة وهي تعيش في قصر كبير وهم يعيشون في فقر، فقالت ميلا في نفسها: هانز يحبني فعلاً؛ فهذا ما كان يشغل بالها.
ذهبت ميلا للمرآة وقالت: أنا أفرطت في أمنياتي وكنت طمّاعة فأنا لا أريد أن أكون الملكة أريد أن أعود الخادمة البسيطة، فردت عليها المرآة: أنا لا أستطيع تغيير الماضي أنا أنا أستطيع تغيير المستقبل فقط عليكِ أن تقبلين بالنتائج، فقالت ميلا مذعورة: إذاً ماذا أفعل؟ ردت المرآة: أنا لا أعطي النصائح أنا أحقق الأمنيات فقط ولكن لو كنت مكانكِ كنت سأعيش في بساطة دون إسراف وكنت لأحّرر بارونا من عملها كخادمة.
فكّرت ميلا في أنّها لو شاركت شعبها في العيش بنفس مستواهم فسوف يحبونها، فقالت للمرآة: أنا أريد أن أتمنى أمنية أخيرة هل يمكن لي ذلك؟ ردت المرآة: لكِ ذلك وما هي؟ قالت ميلا: أتمنى لو أني تمنيت لهانز شيئاً عندما علمت بأنكِ تحققين الامنيات، ضحكت المرآة وقالت: هذه أمنية تستطيعين أنتِ تحقيقها يا ميلا وصمتت المرآة بعد ذلك.
وكان أول ما فعلته ميلا هو البحث عن هانز لكي تطلب الزواج منه، فرد هانز: لا، انصدمت ميلا من رده، ضحك هانز وقال لها: أنا أمازحكِ يا سيدتي فأنا أريد الزواج منكِ، ثم قرعت ميلا الجرس لتطلب الخادمة فحضرت بارونا وقالت لها: أنا لست راضية عن عملك يا بارونا أريدك أن تجهزي أمتعتكِ وتعودين لمنزلك، فقالت لها بارونا: ولكن أتمنى أن نبقى أصدقاء، فأقامت ميلا الولائم لشعبها وأعلنت زواجها من هانز وأحبّها شعبها واجمع أنها أفضل ملكة، وعاش الجميع بسعادة وأمان.