من أكثر الأشياء التي تضيف للقصص الروعة والجمال هي التشويق والخيال والغموض، سنحكي في قصة اليوم عن غموض زوج الأميرة جوليا، التي كانت تحب العزف والشعر؛ حيث كان زوجها لا يحب سماع الموسيقى التي تعزفها، على الرغم من أن الجميع كان يثني على عزفها وشعرها، ولكنّها استطاعت بنهاية الأمر معرفة السر وراء ذلك.
قصة الأميرة والعود
في إحدى الممالك القديمة تعيش الأميرة جوليا مع أبيها الملك وأمّها الملكة، كانت جوليا أميرة مشاكسة وتقوم بافتعال الكثير من المشاكل؛ وعلى الرغم من ذلك فكانت مدلّلة لدى والدها، وفي عيد ميلادها الثالث عشر قام والدها بعمل حفلة عيد ميلاد كبيرة لها، واستدعى ابنته وقدّم لها صندوقاً خشبيّاً وقال لها: يا صغيرتي الجميلة أنتِ تزينين حياتي للمرّة الثالثة عشر وأنا أهديكِ هذا الصندوق الخشبي.
احتضنت الأميرة جوليا والدها وسألته عن سبب بكائه فقال: إنّ هذه اللحظة يا ابنتي تعني لي الكثير، وأنا أريد أن أهديكِ أثمن ما تملكه هذه العائلة، عندما قامت الأميرة جوليا بفتح الصندوق استغربت؛ حيث وجدت بداخله آلة موسيقية وهي العود، سألت والدها عنه فقال لها إنّ هذا العود كان لجدّه وهو كان يملأ الأماكن بأنغام الموسيقى الرائعة.
قالت الأميرة جوليا لوالدها: ولكن يا أبي أنا لا أتقن العزف على هذه الآلة الموسيقية، قال لها والدها: لا تقلقي يا ابنتي فتلك الآلة توارثها الأجيال جيلاً من بعد جيل، ومع الوقت سوف تتعلّمين العزف، بدأت الأميرة جوليا تتدرّب على العزف على العود شيئاً فشيئاً، حتّى أصبحت مع الوقت تتقن العزف جيّداً، وصارت تنتج من خلال عزفها ألحاناً رائعة، بالإضافة إلى أنّها أصبحت تتقن الشعر كذلك وكانت تعزف وتحكي الشعر أيضاً.
صار لقب الأميرة جوليا هو (الأميرة الشاعرة)، وكانت تملأ المكان بالألحان الرائعة والشعر الجميل كما كان جدّها، وكانت تقيم الكثير من الاحتفالات، وكانت من أكثر ما تحب فعله هو العزف لوالدها وأصدقائها خاصّةً في القلعة، ولكن في يوم من الأيام الأميرة جوليا والدها الملك وهو يمشي برفقة رجل ذو لحية طويلة، سألت الأميرة والدها عن هذا الرجل فقال لها: إنّه الساحر شانكي وهو كان من الأعداء لجيشنا، وأنا أريد توقيع معاهدة سلام معه وننهي هذا الصراع بيننا.
بعد مدّة من الوقت طلب والد الأميرة منها الزواج من ابن الساحر شانكي؛ فكانت مجبرة على فعل ذلك وليست سعيدة بهذا الزواج الذي تم لإنهاء الصراع ومن أجل التحالف والسلام، وعندما أقيمت مراسم الاحتفال بدا وكأنّه احتفال صامت فلا يوجد به أي رقص أو موسيقى؛ فقالت الأميرة جوليت: لماذا لا أسمع أي غناء في حفلتي؟ سوف أعزف الآن على العود الذي أهداني إيّاه والدي.
أمسكت الأميرة جوليا العود وبدأت بالعزف، غضب الساحر شانكي من الأميرة جوليا وقال لها: ألا تعلمين بأنّ ابني يكره سماع الموسيقى، يجب عليكِ الالتزام بالقوانين، ذهبت الأميرة جوليا مع زوجها إلى القلعة، وعندما دخلا القلعة قال لها زوجها: أريد أن أعرّفك على الكائن الخرافي في القلعة إنّه ماكس المتكلّم، سلّمت الأميرة جوليا عليه وقال لها ماكس: لقد سمعت بأنّكِ عازفة جيّدة، هلّا عزفتِ لي شيئاً؟ فقالت له الأميرة جوليا: لا يمكنني العزف لأن العزف في القلعة لا يمكن.
وفي اليوم التالي غادر زوج الأميرة جوليا القلعة؛ فجاء ماكس وطلب من الأميرة جوليا أن تعزف فقالت له: لا يمكنني فعل ذلك فزوجي لا يحب سماع الموسيقى، قال لها ماكس: لا تقلقي فزوجك لن يسمعنا هو الآن سيذهب إلى المكتبة لشراء الكتب وسينشغل بقراءتها، بدأت الأميرة جوليا بالعزف وكان ماكس مستمتع بسماع العزف كثيراً.
مع مرور الوقت نشأت صداقة قويّة بين ماكس والأميرة جوليا لشدّة حبّه لعزفها، ولكن كانت تعزف في الحديقة فقط، وفي يوم من الأيام بينما كانت الأميرة جوليا تعزف مع صديقها ماكس في الحديقة إذ دخل زوجها فجأة، وعندما سمع الموسيقى بدأ يصرخ ويقول: ألم أخبركِ بأنّني لا أحب الموسيقى، وأخذ العود وقام بكسره.
تفاجأت الأميرة جوليا وأصبح لديها الإصرار لمعرفة السبب وراء ذلك، فقال لها زوجها الأمير: أنا أحبّك كثيراً يا جوليا ولا أريدكِ أن تموتين كما ماتت والدتي؟ لقد كانت أمّي الملكة شاعرة تحب العزف والشعر مثلكِ تماماً، وكان هو مصدر قوّتها، لكنّها مرضت كثيراً ودخلت عليها يوماً فكانت تعزف وتغنّي، ورأيتها تموت وهي كذلك؛ لهذا السبب أنا أكره سماع الموسيقى التي تذكّرني بالموت.
في ذلك الوقت علمت الأميرة جوليا السبب الحقيقي وراء ذلك، وعلمت بحب زوجها الشديد لها، ونشأ بينهما حب كبير على الرغم من عدم اقتناعها من الزواج منه في بداية الأمر، ولشدة حب زوجها الأمير لها وعدها بإحضار عود جديد لها لتعزف عليه لوالدها وأصدقائها بدلاً من الذي قام بكسره.