قصة الأمير أحمد والجنية باريبانو، (The story of Prince Ahmed and the fairy Paribanou) قصة قصيرة أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنية الزرقاء 1889.
الشخصيات:
- الأمير أحمد.
- الأمير علي.
- باريبانو.
- الأميرة نورونيهار.
قصة الأمير أحمد والجنية باريبانو (الجزء الثاني):
تقدم البائع وقال: أولاً يا سيدي وقدم الأنبوب العاجي للأمير، لاحظ أن هذا الأنبوب مزود بزجاج من كلا الطرفين واعتبر أنه من خلال النظر في إحداها ترى أي شيء ترغب في رؤيته، قال الأمير: أنا مستعد لتقديم جميع التعويضات التي يمكن تخيلها عن الفضيحة التي ألقيتها عليك إذا كنت ستظهر حقيقة ما تقوله، وأخذ الأمير منظار العاج في يده وقال له: أرني والدي السلطان، وتم على الفور رؤية السلطان في صحة جيدة جالسًا على عرشه في وسط مجلسه، بعد ذلك حيث لم يكن هناك شيء عزيز عليه في العالم، بعد السلطان غير الأميرة نورونيهار، فقد تمنى أن يراها، ورآها وهي تضحك مع خادماتها.
لم يجد الأمير علي أثمن وأندر من زجاج المنظور الذي بين يديه وقال في نفسه: هذا هو أثمن شيء في العالم، وكان يعتقد أنه إذا أهمل شراءه فلن يلقى مرة أخرى شيء بمثل هذه الندرة لذلك اصطحب معه البائع إلى الخان حيث أقام، وأحصى له النقود وتسلم الزجاج المنظور.
شعر الأمير علي بسعادة غامرة بصفقته، وأقنع نفسه أنه بما أن إخوته لن يتمكنوا من مقابلة أي شيء نادر للغاية ومثير للإعجاب مثله، فإن الأميرة نورونيهار ستكون تعويضًا عن تعبه ومتاعبه، أنه لم يفكر في شيء سوى زيارة بلاط بلاد فارس الخفي، ورؤية كل ما هو مثير للفضول في مدينة شيراز وما حولها، حتى تعود القافلة التي عاد بها إلى جزر الهند، وبمجرد أن أصبحت القافلة جاهزة للانطلاق انضم إليهم الأمير ووصل سعيدًا دون أي حادث أو مشكلة.
في تلك الأثناء كان الأمير أحمد الذي سلك طريق سمرقند، في اليوم التالي بعد وصوله ذهب هناك، كما فعل إخوته إلى بيزستين حيث لم يمش طويلاً ولكنه سمع بائعًا ينادي، وكان في يده تفاحة صناعية وينادي ببيعها مقابل خمسة وثلاثين كيسًا من المال، فقال له الأمير أحمد: دعني أرى تلك التفاحة وأخبرني ما هي فضائلها وخصائصها غير العادية حتى يتم تقديرها بمبلغ مرتفع.
قال البائع: سيدي، إذا نظرت إلى الجزء الخارجي من هذه التفاحة فإنها لا قيمة لها، ولكن إذا نظرت في خصائصها وفضائلها وفائدتها للبشرية، ستقول أنه لا ثمن يمكن أن يقدرها وإن من يمتلكها فهو سيد كنز عظيم، باختصار إنها تشفي جميع المرضى من أكثر الأمراض المميتة، وإذا كان المريض يحتضر فسوف يتعافى على الفور وتعيده إلى حالته الصحية الكاملة، ويتم ذلك بأسهل طريقة في العالم وهي شم رائحة التفاحة من قبل المريض.
أجاب الأمير أحمد: إذا صدقتك، فإن مزايا هذه التفاحة رائعة ولا تقدر بثمن، ولكن ما هو الأساس الذي أملكه على كل ما تخبرني به لأقتنع بحقيقة هذا الأمر؟ فأجابه البائع: يا سيدي، الأمر معلوم من قبل مدينة سمرقند كلها، واسأل كل هؤلاء التجار الذين تراهم هنا واسمع ما يقولون، ستجد العديد منهم سيخبرك أنهم لم يكونوا على قيد الحياة هذا اليوم لو لم يستخدموا هذا العلاج الممتاز.
ولكي تفهم ماهيتها بشكل أفضل، يجب أن أخبرك أنها ثمرة دراسة وتجارب فيلسوف مشهور لهذه المدينة الذي كرس نفسه طوال حياته لدراسة ومعرفة فضائل النباتات والمعادن، وحصل أخيرًا على هذا التكوين الذي أجرى من خلاله علاجات مفاجئة في هذه المدينة لن تُنسى أبدًا، لكنه توفي بنفسه فجأة قبل أن يتمكن من تطبيق علاجه، وترك زوجته والعديد من الأطفال الصغار وراءه في ظروف صعبة التي قررت بيعها لدعم أسرتها وإعالة أطفالها.
وبينما كان التاجر يتحدث مع الأمير أحمد بفضائل التفاحة الاصطناعية جاء حولها كثير من الأشخاص وأكدوا ما قاله وقال واحد من بين الباقين إن صديقه يعاني من مرض خطير ويئس منه، وكانت تلك فرصة مواتية لتظهر للأمير أحمد التجربة، فطلب الأمير إجراء التجربة في الحال، فقال البائع: تعال يا سيدي لنذهب ونجري التجربة، وستكون لك التفاحة، وعندما نجحت التجربة، دفع الأمير ثمن التفاحة وتسلمها، ثمّ عاد في القافلة الأولى التي ينبغي أن تعود إلى جزر الهند، ووصل بسلامه إلى النزل حيث انتظره الأميران الحسين وعلي.
عندما التقى الأمراء أظهروا لبعضهم البعض كنوزهم، ورأوا على الفور من خلال المنظار الزجاجي أن الأميرة كانت تحتضر، ثم جلسوا على البساط وتمنوا أنهم يكونوا معها وكانوا هناك بعد لحظة، ذهب الأمير أحمد بسرعة إلى غرفة الأميرة نورونيهار وذهب إلى جانب السرير، ووضع التفاحة تحت أنفها، بعد لحظات فتحت الأميرة عينيها وقلبت رأسها من جانب إلى آخر ناظرة إلى الأشخاص الذين وقفوا حولها، ثم نهضت في السرير وطلبت أن ترتدي ملابسها كما لو أنها استيقظت من نوم عميق.
ثمّ عبرت على الفور عن سعادتها برؤية الامرء الثلاثة وشكرتهم جميعًا، والأمير أحمد على وجه الخصوص، وبينما كانت الأميرة ترتدي ملابسها ذهب الأمراء ليلقوا بأنفسهم على قدمي أبيهم، ويعربون عن شوقهم له، ولكن عندما جاؤوا وجدوا أنه قد تم إبلاغه بوصولهم من قبل رئيس الحرس الذي أبلغه بوسيلة شُفيت الأميرة تمامًا، استقبلهم السلطان واحتضنهم بفرح كبير بسبب عودتهم و استعادة الأميرة ابنة أخيه التي أحبها كما لو كانت ابنته والتي عجز الأطباء عن مساعدتها.
بعد انتهاء الاحتفالات بوصولهم قدّم الأمراء الأشياء النادرة لكل منهم: الأمير حسين نسيجه الذي حرص على عدم تركه وراءه في غرفة الأميرة، الأمير علي له منظور زجاجي عاجي، والأمير أحمد تفاحته الاصطناعية،، وبعد أن امتدح السلطان كل منهم، توسلوا إليه ليعلن مصيرهم ويعلن لأي منهم أنه سيعطي الأميرة نورونيهار زوجة حسب وعده.
بعد أن سمع سلطان جزر الهند دون أن يقاطعهم ظل صامتًا لبعض الوقت، كما لو كان يفكر على أي إجابة يجب أن يقدمها، ثمّ أخيرًا كسر حاجز الصمت وقال لهم: سأصرح لواحد منكم يا أولاد بسرور كبير إذا كان بإمكاني أن أفعل ذلك بعدالة ولكن ضعوا في اعتباركم ما إذا كان بإمكاني القيام بذلك أم لا، الأمير أحمد الأميرة ابنة أخي ملتزمة برد الجميل بتفاحتك الاصطناعية من أجل علاجها، لكن يجب أن أسألك ما إذا كان بإمكانك أن تساعدها لولا منظار الأمير علي الذي كان سببًا في معرفة الخطر الذي كانت عليه، وإذا لم يكن نسيج الأمير حسين قد أتى بك قريبًا إلى القصر.
أما الأمير علي يجب عليك أيضًا أن تقر بأن معرفتك بمرض الأميرة لن تكون ذات فائدة بدون التفاح الاصطناعي والنسيج، وأخيرًا الأمير حسين ستكون الأميرة جاحدة جدًا إذا لم تُظهر اعترافها بخدمة نسيجك والتي كانت وسيلة ضرورية جدًا لعلاجها، لكن ضع في اعتبارك أنه كان من الممكن أن يكون ذا فائدة قليلة إذا لم تكن على دراية بمرض الأميرة من زجاج الأمير علي ولم يكن الأمير أحمد قد استخدم تفاحته الاصطناعية لذلك النسيج، أو المنظار العاجي، أو التفاحة الاصطناعية هناك مساواة كاملة لأفضالهم، لذلك لا يمكنني منح الأميرة لأي واحد منكم، والفائدة الوحيدة التي جنتها الأميرة من رحلاتكم هي استعادة صحتها.
وأضاف السلطان: إذا كان كل هذا صحيحًا، فأنت ترى أنه لا بد لي من اللجوء إلى وسائل أخرى لتحديد الاختيار الذي يجب أن أقوم به بينكم، وذلك، نظرًا لوجود وقت كافٍ سأفعل ذلك اليوم، اذهبوا واحضروا لكل واحد منكم قوسًا وسهمًا وأخرجوا مع خيولكم إلى أرض القصر و سآتي إليك قريبًا، وأصرح بأنني سأعطي الأميرة نورونهار للذي يطلق السهم على مسافة أبعد، لم يكن للأمراء الثلاثة ما يقولونه ضد قرار السلطان وخرجوا من القصر، وأحضروا لأنفسهم قوسًا وسهمًا، وذهبوا إلى السهل المعين تبعه اجتماع كبير من الناس.
لم يجعلهم السلطان ينتظرونه طويلاً وبمجرد وصوله أخذ الأمير الحسين باعتباره الأكبر قوسه وسهمه وأطلق النار أولاً، ثمّ أطلق الأمير علي النار بعد ذلك وتجاوزه كثيرًا والأمير أحمد أخيرًا، لكن ما حدث لم يستطع أحد رؤية أين سقط سهمه، وعلى الرغم من كل البحث لم يكن موجودًا بعيدًا أو قريبًا وعلى الرغم من أنه كان يعتقد أنه أطلق النار من مسافة أبعد، وأنه بالتالي يستحق الأميرة نورونيهار، كان من الضروري مع ذلك العثور على سهمه لجعل الأمر أكثر وضوحًا وتأكيدًا، وبغض النظر عن احتجاجه حكم السلطان لصالح الأمير علي وأصدر أوامره بالتحضير لحفل الزفاف الذي تم الاحتفال به بعد أيام قليلة بروعة كبيرة.
الأمير حسين لم يحظر الحفل لأن حزنه كان عنيفًا ولا يُحتمل لدرجة أنه غادرالقصر، وتنازل عن حق خلافة العرش ، وتحول إلى ناسك والأمير أحمد أيضًا لم يحضر حفل زفاف الأمير علي والأميرة نورنيهار أكثر من شقيقه حسين لكنه لم يتخلى عن العالم كما فعل، ولكن بما أنه لم يستطع تخيل ما حدث لسهمه فقد قرر البحث عنه حتى لا يكون لديه أي شيء يوبخ نفسه به وبهذه النية ذهب إلى المكان الذي وقع فيه سهم الأمراء حسين وعلي، ومضى قدمًا من هناك، ونظر بعناية إلى كلا الجانبين منه وذهب بعيدًا لدرجة أنه بدأ أخيرًا يعتقد أن عمله كان كله في عبثا. استمر في المضي قدمًا حتى صل إلى بعض الصخور الوعرة شديدة الانحدار وكانت موجودة في أرض قاحلة على بعد حوالي أربع فراسخ من المكان الذي انطلق فيه.
يتبع في الجزء الثالث..