من يقدّم الخير فلا بدّ أن يعود له في يوم من الأيام، هذا ما حدث مع الأمير الطيب المحبوب كنان، الذي فعل الخير مع الحيوانات، وكان يقصد السفر إلى بلاد أخرى، وبسبب الخير الذي قدّمه، ساعدته هذه الحيوانات بالوصول إلى الأميرة الجميلة واستطاع الوصول لها وتزوّجها.
قصة الأمير الطيب
في إحدى الممالك القديمة يسكن أمير اسمه كنان، كان هذا الأمير شخص محبوب من قبل الجميع، وفي يوم من الأيام قرّر الأمير كنان أن يسافر لبلد آخر لسبب ما، فانطلق في سفره مع جنوده، ولكن بينما كان الأمير كنان في طريقه للسفر إذ حدث معه شيء ممّا اضطرّه للابتعاد عن جنوده، فأصبح يسير منفصلاً لوحده مع حصانه.
فجأةً شعر الأمير كنان بالجوع الشديد، ولكن للأسف لم يكن يمتلك الكثير من الطعام، وعندما فكّر أن يخرج قطعة من الخبز وجد عليها نملة؛ فأعادها ومن ثم أخرج قطعة أخرى فوجد عليها نمل أيضاً، وعندما أخرج قطعة ثالثة وجد عليها نمل أكثر؛ فعلم وقتها أن النمل قد انتشر في طعامه، وبدلاً من أن يقوم الأمير بطرد النمل من طعامه، لم يغضب بل ابتسم وقال للنمل: أهلاً بك أيّها النمل الجائع، كل من طعامي كما تريد.
تفاجئ الأمير كنان وقتها أن إحدى النمل قد نطقت وردّت عليه وقالت: يا لك من أمير كريم وطيّب النفس، أخبرنا ماذا سنفعل حتّى نردّ لك هذا المعروف، قال الأمير كنان للنملة: وهل تستطيعين التحدّث أيّتها النملة! قالت له النملة: نعم أنا أفهم كلامك وأنا ملكة النمل، وأريد أن أردّ لك هذا الكرم، قال لها الأمير: أنا لا ينقصني شيء، قالت النملة: ينقصك شيء واحد وهو القدر.
لم يفهم الأمير كنان مقصد تلك النملة وقال لها: عن أي قدر تتحدّثين؟ قالت له النملة: أنا أقصد قدرك؛ فيقال بأنّ هنالك أميرة جميلة في البلاد المجاورة اسمها الأميرة ليان، وأنّ الأسطورة تحكي أنّ هذه الأميرة ستتزوّج من رجل كريم، وحاولت ملكة النمل أن توحي للأمير كنان أنّه عندما يعثر على هذه الأميرة، فسوف يكون بحاجتها.
أخبرت ملكة النمل الأمير في حين أرادها أن يعثر على أي نملة، وهي بدورها ستقود باستدعاء ملكة النمل لتحضر لديه، سار الأمير حتى وجد نمراً في طريقه، كان هذا النمر يأنّ من ألمه بسبب دخول شوكة في قدمه، ساعده الأمير الطيّب كنان وأخرجها، شكره النمر وقال له: يقال بأنّ هنالك أميرة جميلة ستتزوّج من رجل طيب، عليك أن تمشي وتقابل الرجل العجوز، واحكي له عن مقابلتك لملكة النمل وللنمر وهو بدوره سيدلّك على الطريق.
تفاجئ الأمير كنان من النمر كيف استطاع أن يتحدّث، وأكمل طريقه فوق حصانه حتّى قابل العجوز الذي كان يجلس تحت شجرة، وعندما اقترب منه الأمير وأخبره بما حدث معه، أعطاه العجوز بساطاً سحريّاً، بالإضافة لإناء سحري كي يشرب منه عندما يشعر بالعطش، أخذ الأمير هذا البساط وطار به نحو قصر الأميرة ليان كما أخبره العجوز.
وبينما كان الأمير كنان فوق هذا البساط إذ قابل رجلاً يجلس تحت شجرة ويشعر بالعطش؛ فأعطاه الأمير كنان الطيب العطوف إناءه السحري كي يشرب منه، شكر الرجل هذا الأمير وسأله عن وجهته؛ فأخبره الأمير أنّه متجّه للأميرة ليان.
أخبر الرجل الأمير عن سرّ هذه الأميرة وقال: من يريد أن يصل لهذه الأميرة يجب عليه تنفيذ ثلاث مهام؛ فوالدها الملك لا يستقبل الغرباء، وهناك كثير من الشبّان الذين يتقدّمون لخطبتها، حتّى إنّ الملك لم يضع في قصره أي إضاءة، لأنّ ابنته الأميرة هي من تضيء القصر بجمالها.
سأل الأمير كنان هذا الرجل عن المهمّات فقال له: إنّ المهمّة الأولى هي استخراج زيت الخردل خلال يوم واحد، بالإضافة إلى محاربة اثنين من العفاريت، والمهمّة الثالثة هي قرع الطبول في أعلى قمّة الجبل، أمّا عن المهمّة الأولى فكّر الأمير كنان بملكة النمل، وقام باستدعاء جيش النمل ليساعده في هذه المهمّة.
استطاع النمل استخراج الزيت في يوم واحد، وعندما ذهب الأمير لمحاربة العفريتين دخل الحلبة وفكّر في صديقه النمر، وبدأ بقتالهم بمساعدة النمر، استطاع أن يهزمهم بكل سهولة، وعندما حان دور المهمّة الأخيرة ركب الأمير كنان بساطه السحري وانطلق نحو قمّة الجبل وبدأ بقرع الطبول. في ذلك الوقت أعلن الملك عن زواج ابنته الأميرة ليان من الأمير كنان الطيّب الكريم.