تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول رجل غاب لفترة طويلة عن قريته، وبعد أن عاد إليها وجد بها أن الأطفال محرومون من التعليم بسبب الظروف المادية، ولذلك قرر أن يفني عمره في جمع المال من أجل النهوض بأبناء قريته.
الشخصيات
- البطل سائق التكسي باي فانج لي
- الزملاء في العمل
- ابنة سائق التكسي
قصة البطل باي فانج لي
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في جمهورية الصين، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك أحد الرجال ويدعى باي فانج، وقد كان ذلك الرجل هو ما يعمل كسائق تكسي تعود ملكيتها إلى أحد المكاتب في العاصمة الصينية، ويتضمن عمله بأنه يقوم بنقل كافة العاملين والموظفين القادمين في شتى أقطار الجمهورية بالقطار وإيصالهم إلى أماكن عملهم، وفي نهاية كل شهر كان يقوم بتحويل مبلغ مالي إلى أبنائه وزوجته من أجل تغطيه احتياجاتهم ومتطلبات المدارس.
وجنى ذلك السائق مبلغ مالي لا بأس به من خلال عمله طوال فترة طويلة من العمل على تلك السيارة، وفي يوم من الأيام قرر أن يقوم بتسليم عمله إلى أحد الأشخاص والعودة إلى تلك المدينة مسقط رأسه، فقد وصل إلى عمر كبير في السن وأرهقه العمل والجهد وهو يمضي طوال النهار تحت أشعة الشمس الساطعة، ورغب في أن يقضي بقيه عمره إلى جانب أبنائه وزوجته، كما أنه لم يكن يرى مسقط رأسه منذ زمن طويل، وقد كانت تلك الأحداث في نهاية السبعينات من القرن التاسع عشر، وبالفعل قام السيد باي بتسليم السيارة إلى زميله وقام بتوديع زملائه في العمل وركب في القطار وتوجه نحو موطنه الأصلي، والذي كان يقع في أحد الأقاليم الصينية.
وطوال رحلة السيد باي في القطار وهو يفكر كيف أصبحت قريته بعد ابتعاده عنها كل تلك الفترة الطويلة، وأول ما وصل السيد باي إلى قريته تفاجأ بما رأته عيناه، إذ أنه شاهد الأطفال يعملون بكد وجد في الحقول والمزارع في المدينة عوضاً عن الذهاب إلى المدرسة وتلقي التعليم، وهنا بينما كان يسير باتجاه المنزل أخذ يسأل نفسه عن السبب في عدم ذهاب الأطفال إلى المدرسة والامتثال أمام العمل في المزارع والحقول، وأول ما وصل إلى منزله أخذ بسؤال زوجته حول حال الأطفال في مدينته، وفي تلك اللحظة أجابته زوجته أن أهالي المنطقة ليس لديهم القدر الكافي من المال من أجل تعليم أبنائهم وإرسالهم إلى المدارس.
وأول ما سمعت السيد باي بهذا الكلام نزل على مسامعه كالصاعقة، إذ أنها كانت مخيبة جدًا لآماله التي كان يحلم أن يراها في مدينته، فقد توقع أن تكون على قدر عالي من التقدم والازدهار، وفي تلك الأثناء قرر أن يقوم بالتبرع بكافة الأموال التي مضى عمره في جمعها والتي كانت تقدر بحوالي خمسة وعشرون ألف ين لمجموعة من المدارس الموجودة في بلدته، وبالفعل كان ذلك ما حصل توجه نحو إدارة كل مدرسة وقام بدفع قسم من المال لها، كما طالب الإدارة بأن تقوم باستدعاء الأطفال من منازلهم وإلزامهم بالتعليم.
وفي نهاية جولاته على المدارس نفذ كامل الأموال التي يمتلكها، وفي ذلك الوقت قرر العودة إلى العاصمة والقيام باستئناف عمله والالتحاق في وظيفته السابقة كسائق تكسي، ومنذ أول يوم في عمله قرر أن يقوم بتجميع مردود عمله وإرساله أول بأول إلى تلك المدارس في بلدته؛ وذلك من أجل المساهمة في النهوض بالتعليم وتقديم الدعم لأطفال قريته ويتمكنوا من استكمال التعليم.
أثر بشكل كبير على نفسية السيد باي وانعكس على حياته اليومية، إذ أنه استغنى عن أكثر الأشياء التي كانت من الأمور الضرورية له مثل الملابس والأحذية، وبدأ في اللجوء إلى ارتداء الملابس الرثة والقديمة والأحذية التي قد استغنى عنها أناس آخرون، وقد ضيق على نفسه حتى بطعامه، إذ كان يقوم بقبول الأطعمة والأشربة التي كانت تتبقى من وراء الآخرين، وفي يوم من الأيام كان هناك مجموعة من زملائه في العمل قد لاحظوا ذلك التغيير الملحوظ الذي حصل مع سائق التكسي، وحينما سألوه ذات يوم عن سبب ذلك التغيير المفاجئ والذي حدث له بعد أن عاد من قريته، أخبرهم عن تلك الحالة التي يعيش بها أطفال قريته، ومن هنا أعجبوا جميعاً بما يقوم به وهموا بمساعدته، وقد كان ذلك من خلال قيام كل واحد منهم بين الحين والآخر بوضع مبلغ مادي يزيد معه من عمله.
وفي فترة من الفترات قرروا أبناءه في القرية أن يقدموا إلى المدينة ويطمأنوا على والدهم، إذ أصبحوا يلاحظون مدى تقليل المصروفات التي اصبح يبعثها والدهم لهم، فقد كان هناك فرق ملحوظ بين المبلغ الذي كان يرسله في السابق والمبلغ الذي يرسله في الوقت الحالي، وأول ما وصلوا أبناءه إلى المدينة ورأوا والدهم على هذا الحال يقوم بتناول بقايا الطعام من خلف الناس سألوا عن سبب ما يقوم به، فأجابهم بأن ما يفعله بهذا الطعام هو أن ذلك الطعام في الأصل من نتاج العمل الشاق الذي يقوم به الفلاحون، إذ يقوم الناس بشرائها ورميها ثم يقوم هو بتناولها مرة أخرى، وأنه قيامه بذلك يوفر الكثير من الأموال من أجل أطفال قريته.
وفي ذلك الوقت قام بتوجيه سؤال لأبنائه ألا وهو: أليس ذلك شيء مثالي من أجل التقليل النفايات في العالم، ومن هنا قرروا أبناءه الإقامة معه في المدينة، بينما هو استمر في عمله بكل جد وإصرار وكان يقضي العديد من الساعات في الانتظار اليومي إلى جانب محطات القطار من أجل القيام بتوصيل العاملين إلى أماكن عملهم، وفي الكثير من الأحيان كانت تصل ساعات عمله إلى حوالي عشرون ساعة، وينام فقط أربع ساعات، وفي إحدى المرات أشارت واحدة من بناته أنه يخرج للعمل من ساعات الفجر ولا يعود إلا بعد منتصف الليل وكان ما يكسبه في اليوم الواحد حوالي من عشرون إلى ثلاثون ين، وحين العودة إلى منزله يقوم بالاحتفاظ بما حصل عليه من النقود في مكان أمن، وظل على هذا الحال يجمع المال للصغار.
وفي النهاية جاء ذلك اليوم الذي استوطنه التعب والإرهاق ولم يعد يقوى على العمل وجني الأموال، وحينها قام برحلته الأخيرة لواحدة من المدارس الإعدادية في قريته وأول ما وصل إلى هناك قام بإخبار المدرسين والطلاب أنه لم يعد قادر على العمل وقد بلغ مجموع ما تبرع بيه حوالي خمسون ألف ين ساعد من خلالهم الطلاب في استكمال مرحلتهم الدراسية ولم يكن يطمح في أي شيء في المقابل بل كان يوصي الطلاب جيدًا على الدراسة والمثابرة جيدًا، من أجل التمكن من الحصول على وظائف جيدة وتقديم المساعدة لبلدهم.
ومن المدهش أنه تم اكتشاف أنه كان يقوم بعمل آخر في ذات الوقت وهو كان بعض الناس يطلبون منه مراقبة سيارتهم لحين عودتهم لأنه كان دائم التواجد بالمحطة واستطاع الحصول على خمسمئة ين إضافي من هذا العمل، وكان يتبرع بها لصالح الطلاب كذلك، وبعد عدة سنوات توفي بعد أن دخل في غيبوبة وتم تشخيص حالته المرضية أنه مصاب بمرض سرطان الرئة وأثناء دفنه تواجد كل أطفال القرية يبكون عليه عند القبر.
العبرة من القصة هو أنه الإنسان المحب لوطنه ويرغب في النهوض به، يفني حياته ويفعل كل ما بوسعه من أجل تحقيق ذلك.