في بعض الأحيان من الأفضل أن تبقى بعض الأمور غامضة وغير معروفة؛ لأنّها لو كانت تم كشفها فسوف تسوء الأمور، هذا ما حدث مع الدكتور وصديقته الأنانية الحمامة بوبي، فعلى الرغم من أنّها أساءت التعامل مع صديقها اللطيف، ظلّ يعتني بها، بينما هي تركته وأخبرته أنّها لا تريد اللعب معه، ولولا حاجتها للطعام لم تكن لتعود إليه.
قصة الدكتور والحمامة الجائعة
كان هنالك دكتور اسمه مارك، وهو رجل مهذّب وكريم الأخلاق، ويتصّف بلطفه في التعامل مع الجميع، من أكثر ما كان يحبّه الدكتور مارك هو الطيور خاصّةً الحمام، وفي يوم من الأيّام قرّر الدكتور مارك أن يشتري حمامة ويعتني بها ويأخذها معه إلى كل مكان.
وبالفعل ذهب الدكتور مارك وقام بشراء حمامة جميلة الشكل لونها رمادي ولديها عينين خضراوين، ولها كذلك أقدام صغيرة لونها تميل إلى الأحمر، وأطلق عليها مارك اسم الحمامة بوبي، صارت تلك الحمامة كصديقة مقرّبة للدكتور مارك، يأخذها معه إلى كل مكان، ويطعمها كل يوم ويعتني بها، بالإضافة إلى أنّه يلعب معها ويقضي أوقاتاً رائعة.
وفي يوم من الأيام بينما كان الدكتور مارك يلعب معها، توقّفت عن اللعب فجأةً وصرخت بوجهه وقالت له: أنا لا أحبك ولا أريد أن ألعب معك مرّةً أخرى! كانت الحمامة غاضبة من أمر ما، وذهبت إلى غرفتها الخاصّة وقرّرت أن لا تخرج منها، كان الدكتور مارك يشعر بالقلق على الحمامة بوبي؛ فهي لا زالت صغيرة ولن تستطيع أن تعتني بنفسها أو تجد الطعام والشراب.
وممّا زاد من خوف الدكتور مارك هو أنّه كان قد اعتاد على أن يطعمها بنفسه، وفي اليوم التالي فكّر مارك أن يقوم بصنع طعام لذيذ ويدعوها لتأكل؛ علّها تشعر بالجوع وتأتي، ولكنّه عندما نادى على الحمامة بوبي قال لها: هيا تعالي يا حمامتي الصغيرة، لقد أعددت لكِ مائدة شهيّة، هيا لنأكل معاً، ولكن الحمامة رفضت أن تخرج وقالت له: لا أريد أن آكل اتركني وشأني.
ظلّت الحمامة بوبي في غرفتها ولا تريد الخروج أو التحدّث مع أي أحد، وفي اليوم التالي شعرت الحمامة بوبي بالجوع الشديد، وهي كانت تعلم أن مارك يضع الطعام في الثلّاجة، ولكنّها رفضت أن تحضر لنفسها الطعام؛ خوفاً أن يجدها الدكتور مارك أو أن يتحدّث معها.
عادت بوبي إلى غرفتها وظلّت تلعب لوحدها، ولكنّها شعرت بالملل لوحدها، بالإضافة إلى أنّها صارت تتضوّر من شدّة الجوع، ولم تكن تعلم ماذا ستفعل، في نهاية الأمر قرّرت الحمامة بوبي أن تذهب لصديقها الدكتور مارك وتعتذر منه، وتطلب أن تأكل وتلعب معه كما كانت من قبل.
تفاجأت الحمامة بوبي عندما قامت بفتح الباب لتخرج بأنّ هنالك طعام ينتظرها خلف الباب، عندما شاهدت بوبي الأكل فرحت كثيراً؛ والسبب في ذلك أنّها ليس عليها الآن الاعتذار من الدكتور مارك، على الرغم من حرص الدكتور مارك على إطعامها والقلق عليها، إلّا أنّها كانت ترغب بعدم الحديث معه.
تناولت بوبي طعامها وهي سعيدة، وقرّرت أن تعود وتلعب بالغرفة لوحدها، وكان يقول في نفسه: يا ترى من أين جاء الطعام الذي وجدته خلف الباب، لا بدّ أن الساحرة هي من فعلت ذلك ووضعته لي، حسناً سأرقص وألعب اليوم، وغداً سأجدها وقد أرسلت لي طعام آخر.
في صباح اليوم التالي عندما خرجت بوبي من الغرفة لتأخذ الطعام، تفاجأت من عدم وجود الطعام خلف الباب، في ذلك الوقت لم يكن أمام الحمامة بوبي إلا الذهاب والاعتذار من الدكتور مارك، خرجت الحمامة وذهبت للدكتور لتعتذر منه، فوجدته بالمطبخ وهو يقوم بتحضير الطعام لها.
دخلت الحمامة بوبي وقالت: أنا جئت لكي أعتذر منك يا صديقي مارك؛ لأنّني صرخت بوجهك، ردّ عليها مارك وقال: أنا أقوم بتحضير الطعام لي ولكِ، هل ترغبين بتناوله معي يا صديقتي؟ فرحت الحمامة كثيراً بذلك، وتناولت الطعام مع صديقها مارك، وبعد الطعام صارت تلعب معه كما كانت في السابق، ولكن الغريب في الأمر أن الدكتور مارك لم يكن يعلم بأنّ الحمامة فعلت ذلك بدافع الجوع، ولم يعلم بأنها قد أكلت الطعام الذي وضعه لها يوم أمس، وأمّا بوبي لم تكن تعلم بأن الدكتور مارك هو من وضع لها الطعام، وظنّت أن الساحرة هي من فعلت ذلك.