قصة الخاتم البرونزي

اقرأ في هذا المقال


الخاتم البرونزي هو القصة الأولى في كتاب الجنية الزرقاء لأندرو لانغ. وفقًا لمقدمة لانغ ، تمت ترجمة هذه النسخة من هذه الحكاية الخيالية من الشرق الأوسط أو آسيا الوسطى وتكييفها من تقاليد (Populaires de l’Asie Mineure)

الشخصيات:

  • ابن البستاني.
  • ابن الوزير.
  • الأميرة.
  • الملك.

قصة الخاتم البرونزي:

ذات مرة في بلد ما عاش ملكًا كان قصره محاطًا بحديقة واسعة، ولكن على الرغم من تعدد البستانيين وكانت التربة جيدة، إلّا أنّ هذه الحديقة لم تنتج أزهار ولا فواكه ولا حتى حشائش أو أشجار مظللة، وكان الملك قد أصابه اليأس من ذلك ، فقال له شيخ حكيم: البستانيين لا يفهمون عملهم، ولكن ماذا تتوقع من الرجال الذين كان آباؤهم إسكافيون ونجارين؟ كيف كان عليهم أن يتعلموا زراعة حديقتك؟
صاح الملك: أنت على حق تماما، وتابع الرجل العجوز: لذلك عليك أن ترسل إلى بستاني كان والده وجده بستانيًا قبله، وقريباً جداً ستمتلئ حديقتك بالعشب الأخضر والأزهار، وستستمتع بثمارها اللذيذة، فأرسل الملك رسلاً إلى كل بلدة وقرية ونقلة صغيرة في سيطرته للبحث عن بستاني كان أجداده بستانيين أيضا، وبعد أربعين يوماً وجد واحد.
فقالوا له: تعال معنا وكن بستاني للملك، قال البستاني: كيف أذهب إلى الملك بهذه الحالة؟ فأجابوا: هذا ليس له مهمًا، إليك ملابس جديدة لك ولعائلتك، وعندما قال لهم: لكنني مدين بالمال لعدّة أشخاص، قالوا: سندفع ديونك جميعها، فاقتنع البستاني ومضى مع الرسل وأخذ معه زوجته وابنه.
وكان الملك مسرورًا لأنّه وجد بستانيًا حقيقيًا، فقد عهد إليه برعاية حديقته، ولم يجد الرجل صعوبة في جعل الحديقة الملكية تنتج الزهور والفاكهة، وفي نهاية العام لم تكن الحديقة مثل نفس المكان، وألقى الملك الهدايا على خادمه الجديد.
كان لدي البستاني ابن، وكان شابًا وسيمًا للغاية ويتميز بالأخلاق الجيدة، وكان يحمل كل يوم أفضل ثمار الحديقة إلى الملك، وجميع الأزهار الجميلة كذلك، كان للملك ابنة وكانت هذه الأميرة كانت جميلة بشكل رائع وكانت تبلغ من العمر ستة عشر عامًا فقط، وبدأ الملك يعتقد أن الوقت قد حان لتزويجها.
وفي أحد الأيام قال الملك لأبنته: طفلتي العزيزة، أنت في سن يسمح لك بالزواج، لذلك أفكر تزويجك لابن رئيس وزرائي، فردت الأميرة: أبي، لن أتزوج من ابن الوزير، وعندما سأل الملك عن السبب، أجابت الأميرة: لأنّني أحب ابن البستاني.
عند سماع هذا غضب الملك في البداية، وقرر أن هذا الزوج لا يستحق ابنته، لكن الأميرة الشابة أصرت على قرارها بالزواج من ابن البستاني، ثم استشار الملك وزرائه الذين قالوا: للتخلص من البستاني يجب أن ترسل ابن البستاني وابن الوزيرإلى بلد بعيد جدا، والشخص الذي يعود أولاً يتزوج ابنتك.
اتبع الملك هذه النصيحة، وقدم لابن الوزير حصانًا رائعًا ومحفظة مليئة بالقطع الذهبية، بينما لم يكن لدى ابن البستاني سوى حصان عرجاء قديم ومحفظة مليئة بالنحاس، وكان الجميع يعتقد أنه لن يأتي أبدًا من رحلته، وقبل يوم من بدئهما الرحلة التقت الأميرة بحبيبها وقالت له: كن شجاعًا، وتذكر دائمًا أنني أحبك، خذ هذه المحفظة المليئة بالمجوهرات واستفد منها، وعد سريعًا واطلب يدي.
غادرالشابان البلدة معًا، لكن ابن الوزير انطلق مسرعاً بالفرس على حصانه الجيد، ووصل إلى ينبوع كانت بجانبه امرأة عجوزتجلس على حجر، فقالت: يوم سعيد لك أيها المسافر الشاب، لكن نجل الوزير لم يرد، وعندما أخبرته أنّها جائعة وقد مكثت هنا ثلاثة أيام ولم تأكل شيئًا، صاح الشاب: دعيني وحدي أيتها الساحرة العجوز، لا يمكنني أن أفعل شيئًا من أجلك، ثم ذهب في طريقه.
في نفس المساء، ركب ابن البستاني إلى الينبوع على حصانه الرمادي الأعرج، والتقى نفس العجوز حيث سلمت عليه فرد عليها التحية بأدب، وعندما أخبرته أنها جائعة،أعطاها حقيبة الطعام وطلب منها الركوب على حصانه، فركبت خلفه، ثمّ وصلوا إلى المدينة الرئيسية في مملكة قوية حيث أقام نجل الوزير في نزل كبير، ونزل نجل البستاني والمرأة العجوز في النزل للمتسولين.
في اليوم التالي، سمع ابن البستاني ضجيجًا شديدًا في الطريق حيث مر حرس الملك وهم ينفخون جميع أنواع الآلات ويصرخون: الملك كبير في السن وعاجز، وسيعطي مكافأة عظيمة لمن يعالجه ويعيد له قوة شبابه، فقالت المتسولة العجوز للشاب: هذا ما يجب عليك فعله للحصول على المكافأة التي وعد بها الملك، اخرج من المدينة عند البوابة الجنوبية، وستجد هناك ثلاثة كلاب صغيرة بألوان مختلفة، الأول أبيض، والثاني أسود، والثالث أحمر.
عليك أن تقتلهم ثم تحرقهم كل على حدة، وتجمع الرماد، ثمّ ضع رماد كل كلب في كيس من لونه، ثم اذهب أمام باب القصر وأصرخ: لقد جاء طبيب مشهور، من جانينا في ألبانيا وهو حده يستطيع أن يشفي الملك ويعيد له قوة شبابه، ولكن سيقول أطباء الملك، هذا محتال وليس رجلاً متعلمًا، وسيضعون جميع أنواع الصعوبات، لكنّك ستتغلب عليها جميعًا في النهاية، وستقدم نفسك أمام الملك المريض.
ثمّ اجمع الكثير من الخشب الذي يمكن أن تحمله ثلاثة بغال، وإناء كبير، ويجب أن تغلق على نفسك في غرفة مع السلطان، وعندما يغلي الإناء يجب أن ترميه فيه، وهناك اتركه حتى ينفصل لحمه تمامًا عن عظامه ثم رتب العظام في أماكنها الصحيحة، وارمي عليها رماد الأكياس الثلاثة، وسيعود الملك إلى شبابه، وسيكون كما كان عندما كان في العشرين من عمره.
بعد هذا اطلب الخاتم البرونزي الذي لديه القدرة على منحك كل ما تريده، اذهب يا بني ولا تنسى أي من تعليماتي، اتبع الشاب اتجاهات العجوز المتسولة، ثم ركض إلى القصر وصرخ بنفس العبارات التي أخبرته بها العجوز، فضحك أطباء الملك في البداية، لكن السلطان أمر بدخول الغريب، ثمّ أحضروا الإناء وأحمال الخشب، وسرعان ما بدأ الشاب بتنفيذ عمله، وفي منتصف النهار، رتب ابن البستاني العظام في أماكنها، وبالكاد نثر الرماد عليها حتى انتعش الملك العجوز، فوجد نفسه مّرة أخرى شابًا.
فقال الملك: كيف لي أن أكافئك يا فاعل خير؟هل ستأخذ نصف كنوزي؟ قال ابن البستاني: لا، فقال الملك: يد ابنتي؟ أجاب الشاب بالرفض، ثمّ قال: لا، أعطني الخاتم البرونزي فقط الذي يمكنه أن يمنحني على الفور أي شيء أتمناه، قال الملك: لقد كان هذا الخاتم الرائع مخزنًا كبيرًا لي، ومع ذلك، سيكون لديك، وأعطاه إياه.
عاد ابن البستاني لوداع المرأة العجوز، ثم قال للخاتم البرونزي: جهِّز سفينة رائعة يمكنني أن أكمل فيها رحلتي. ليكن الهيكل من الذهب الخالص، والصواري من الفضة، ودع الطاقم يتكون من اثني عشر شابًا ذوي مظهر نبيل ويرتدون زي الملوك، أما البضائع، فليكن الماس والياقوت والزمرد.
وعلى الفور ظهرت على البحر سفينة تشبه الوصف الذي قدمه ابن البستاني، وصعد على متنها واستمر في رحلته، ثمّ وصل الآن إلى بلدة عظيمة وأقام في قصر رائع، وبعد عدة أيام التقى بمنافسه، نجل الوزير، الذي أنفق كل أمواله وتحول إلى وظيفة لحمل الغبار والقمامة، قال له ابن البستاني: ما اسمك، ما هي عائلتك، ومن أي بلد أتيت؟ فأجاب: أنا ابن رئيس وزراء أمّة عظيمة.
فقال البستاني: على الرغم من أنني لا أعرف أي شيء عنك، فأنا على استعداد لمساعدتك، سأعطيك سفينة لتعيدك إلى بلدك على شرط واحد، اتبعني إلى قصري، فوافق ابن الوزيرثمّ تبع ابن الوزير البستاني الذي لم يتعرف عليه، وعندما وصلوا إلى القصر، أعطى ابن البستاني إشارة لعبيده، الذين خلعوا ملابس الشاب، ثمّ أمر الخاتم أن يعطي ابن الوزير سفينة تعيده إلى وطنه.
كما أمر الخاتم بتجيهز سفينة يجب أن تكون أخشابها نصف فاسدة مطلية باللون الأسود، ولتكن الأشرعة قماش قديم، ويجب أن يكون الطاقم أحدهم قد فقد ساقه، والآخر ذراع، والثالث أحدب، وآخر أعرج أو أعمى، ثمّ صعد ابن الوزير إلى هذه السفينة القديمة، وبفضل الرياح العاتية، وصل مطولاً إلى بلده، وعلى الرغم من الحالة المزرية التي عاد فيها استقبلوه بفرح.
قال للملك: أنا أول من يعود، والآن وفي بوعدك، وأعطيني الأميرة، لذلك بدأوا على الفور في التحضير لاحتفالات الزفاف،أما بالنسبة للأميرة المسكينة، فقد كانت حزينة وغاضبة بما يكفي حيال ذلك، وفي صباح اليوم التالي، عند الفجر، جاءت سفينة رائعة ورست أمام المدينة حيث تصادف أن يكون الملك في تلك اللحظة عند نافذة القصر.
فصرخ: ما هذه السفينة الغريبة، التي صواري فضية، وأشرعة حريرية ، ومن هم الشباب مثل الأمراء الذين يديرونها؟ و في الحال دعا قبطان السفينة للحضور الى القصر، وسرعان ما جاء أمير شاب وسيم ساحر، يرتدي حريرًا غنيًا ومزينًا باللآلئ والماس.
قال الملك: أيها الشاب، أهلاً وسهلاً بكم، أسدي لي معروفاً وكن ضيفي طالما بقيتم في المدينه، فشكر القبطان الملك وقبل عرضه، ثمّ طلب الملك منهم حضور زفاف ابنته، وبعد فترة وجيزة جاءت الأميرة وخطيبتها، فصرخ القائد الشاب:هل ستتزوج هذه الأميرة الساحرة برجل كهذا؟

فقال الملك: لكنه ابن رئيس وزرائي! فأخبره الشاب أنّه أحد عبيده وأنه التقى به في بلدة بعيدة كان ينظف فيها الغبار والقمامة من المنازل، وقد أشفق عليه وجعله أحد خدمه، ثمّ اثبت كلامه بوصف السفينة التي عاد بها الشاب لمدينته، عندها اعترف نجل الوزير بأن القصة صحيحة فقام الملك بطرده.
ثمّ قال الكابتن الشاب: والآن يا مولاي، ألا تعرفني؟ قالت الأميرة: أنا أعرفك، أنت ابن البستاني الذي لطالما أحببته، وأتمنى أن أتزوج منه، فشعرالملك بالسعادة، وبدأت بالفعل احتفالات الزواج، وفي ذلك اليوم تزوج ابن البستاني من الأميرة الجميلة.


شارك المقالة: