يُعتبر الكاتب والمؤلف كاميلو أندريس بيريز وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أهم وأبرز الأدباء الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، حيث درس في الأكاديمية الأمريكية للفنون المسرحية وهذا ما جعله يتميز عن غيره في الإبداع في الأعمال الأدبية، وقد ترجمت الغالبية العظمى من أعماله الأدبية إلى العديد من اللغات العالمية وأكثر ما ترجمت إلى اللغة الإسبانية، ومن أكثر القصص التي اشتهر بها هي قصة الدم والماء.
قصة الدم والماء
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الأشخاص الذي يوصف الحالة التي وصل إليها أخيه وقد كان في ذلك الوقت هذا الأخ يوصف الحالة وهو مليء بالحزن والأسى، وأول ما بدأ به القصة هو قول الحكماء: أنّ الدم أكثر سمكًا من الماء، فعلى الرغم من أنه قد تم انتهاك ذلك القانون في تلك القصة.
إذ بدأت المشكلة خلال قراءته لمجموعة كبيرة من الكُتب للفيلسوف فريدريك نيتشه وجان بول سارتر وإلى بعض الفلاسفة الأوروبيين الذين كان لديهم أساليب نادرة وغريبة جدًا عن الألقاب البسيطة، فبمجرد أن قام بثني الصفحة شعر بنقطة من الدم تسقط من أنفه، ثم توالت النقاط الواحدة تلو الأخرى، مما جعله يجري سريعاً نحو الحمام، وبينما كان يغتسل ويمسح الدماء بورق التواليت والمرحاض، اغمي عليه وسقط على الأرض فاقدًا وعيه.
وبينما كانت والدتي في تلك اللحظة قد أنهت مهام البيت ومشاغله دخلت للحمام، وإذ به مستلقى على الأرض صعقت والدتي من المشهد الذي تراه أمامها، وفي تلك اللحظة كان ما زال يتنفس هنا اطمئن قلب والدتي بأنه ما زال على قيد الحياة، وسرعان ما نهضت به وحملته بين أحضانها وضعته على الأريكة الكبيرة الموجودة في غرفة المعيشة، وحاولت في ذلك الوقت اللجوء إلى استخدام كل العلاجات التي كانت تستخدمها الجدة في مثل حالات الاغماء، إذ في البداية وضعت المرهم على جبينه، وأدخلت الكافور بين أنفه، كما عملت على وكزه في خصره، لكن كل ذلك لم يجدي نفعاً، فالنزيف لم يتوقف على الاطلاق.
وفي تلك الأثناء بدأت والدتي تشعر باليأس والإحباط، إذ أن كل المحاولات التي قامت بها باءت بالفشل، وهنا سرعان ما استدعت والدي الذي كان في ذلك الوقت خارج المنزل، فسرعان ما حضر إلى المنزل وبرفقته مجموعة من الجيران الذين يعيشون بالقرب من المزرعة التي نقطن بها، وعلى الفور قاموا بإعداد كمية من المشروبات، كما قاموا معظمهم بأداء الصلوات والتضرعات من أجل أن يستعيد أخي وعيه، وحينما رأت والدتي أنه لم يستجيب قد لكل ذلك قالت: لماذا لا نسير به إلى المستشفى؟، وهنا كانت والدتي متناسية أمر قصة الإضراب المسلح التي تقام على المدينة من جميع جوانبها، حيث أن المدينة كانت محاصرة من كافة أطرافها من قِبل رجال حرب العصابات.
وفي تلك الأثناء بدأ والدي يضجر من تلك الحالة وعدم قدرته على فعل شيء، وبدأ يتذمر ويلعن هذه المدينة وينعيها بأنها مدينة لعينة ومفقودة في أرجاء العالم، وكان يتمنى لو أنه باعها حينما تم العرض عليها بيعها مقابل ثلاثة ملايين من حصة النفط، وقال في نفسه: بقيت رافضاً حتى جاء اليوم الذي بقيت فيه داخل المزرعة وأصبحت مُعلق ومُهمَل، وقد كان يردد ذلك الكلام حينما كان حبس نفسه داخل الغرفة إلى اليوم التالي.
وفي صباح اليوم التالي جاء إلى بيتنا مجموعة من الجيران الذين كانوا على مسافة أبعد، وفي تلك اللحظة كانوا يحملون المسابح في أيديهم، قاموا بالصلاة جميعهم بجانب أخي المريض، والذي كانت في تلك اللحظة يحتضر حيث بدا لونه شاحب جدًا، ولكن دون فائدة، وقد مرت ساعات قليلة وفي آخر لحظة له طبع القبلة الأخيرة على وجه والدتي.
وهنا توفي أخي وذهبت بعض السيدات الكبيرات في السن لتعزية والدتي التي كانت تبكي على الذكريات التي تركها ابنها على جبينها، كانت الدموع تنهمر من العيون دون توقف، وهنا دخل موكب الميت ودار في المنزل، ثم سرعان ما غادر المنزل بعد منتصف الليل، إنه فضل أن يكون بقرب الله، من الأفضل التفكير في أنه بالفعل أراد أن يكون بقرب الله، لم يكن موته مجرد حدث وانقضى بالنسبة للجميع، بل إن العائلة بأكملها غادرت المزرعة وذهبوا للعيش في مدينة أخرى من أجل تجنب حدوث حالة وفاة أخرى لشخص آخر في العائلة.