الشخص الكاذب هو شخص مذموم ولا يحبّه النّاس، أمّا الشخص الصادق فهو محبوب من الجميع، سنحكي في قصة اليوم عن ذبابة كانت تتحايل على حيوانات الغابة؛ وذلك لقدرتها على تمثيل صوت الأسد، استمرّت في إخافة الحيوانات لفترة طويلة، ولكن جاءت السلحفاة وكشفت أمر تلك الذبابة، ممّا جعلها تشعر بالندم والخيبة.
قصة الذبابة المحتالة
في إحدى الغابات البعيدة تعيش ذبابة لديها مهارة غريبة وفريدة من نوعها، تلك المهارة هي عبارة قدرتها على إصدار الأصوات التي لا تشبه صوتها مثل صوت الأسد مثلاً، كانت تلك المهارة غريبة من نوعها ولا يمتلك مثلها الذباب الآخر، وكانت تلك الذبابة قد اكتشفت هذا الشيء منذ صغرها.
عندما كبرت تلك الذبابة صارت تطير إلى غابات بعيدة كثيرة، وصارت تتباهى وتفتخر بتلك المهارة؛ حيث كانت دائماً تختبئ بين الأشجار وتبدأ بإصدار الأصوات التي تشبه صوت الأسد، وكانت تتسلّى وتستمتع بإخافتها بقيّة الحيوانات بذلك الصوت المزيّف، حيث كانت الحيوانات تظنّ أن هذا الصوت هو صوت أسد حقيقي وتخاف منه وتبدأ تركض إلى هنا وهناك.
في كل يوم تستيقظ تلك الذبابة وتفكّر إلى أي غابة تريد أن تذهب، ولكنّها في كل مرّة تستخدم الطريقة ذاتها؛ فتسافر إلى غابة بعيدة وتختبئ خلف أوراق الشجر وتبدأ بإصدار صوت يشبه صوت زئير الأسد، استمرّت تلك الذبابة في السفر إلى غابة معيّنة، وكانت تفعل الشيء ذاته، وفي كلّ مرّة تستمع الحيوانات إلى صوت زئير الأسد الخفي تبدأ بالركض والهرب، ولكنّها عندما تعود تبدأ تبحث عن مصدر الصوت فلا تجد أي أسد في الغابة، ولم يلاحظ أي أحد منهم الذبابة الصغيرة التي تطير بين الأشجار.
وفي كلّ مرّة تبدأ بتمثيل صوت زئير الأسد، وتستمرّ بعمل الحيل والاستهزاء بالحيوانات في الغابة وتقول: أنا ملك الغابة، أنا هو الأسد ملك الغابة وليس هنالك حيوان أقوى مني، من يجرؤ على مواجهتي من يجرؤ على أن يتحدّاني، أنا أستطيع أن أقتلكم بمخالبي القوية بضربة واحدة فقط، وستكون فريستي هي وجبتي الشهيّة.
تكمل الذبابة قولها وتوجهّه للحيوانات الخائفة: ما بكم؟ هل تشعرون بالخوف، هذا أمر طبيعي فمن لا يخاف من الأسد القوي ملك الغابة، استسلمت الحيوانات جميعها لهذا الأمر، وصارت تتقبّل بأنّ هذا الصوت صاحبه الأسد الخفي، وهو ملك الغابة، وبدأت تتعامل مع الأمر وكأنّ ملك غابتهم هو الأسد الخفي الذي لا يسمع منه إلّا صوته؛ فكانت تلك الذبابة كلّما شعرت بالملل تفكّر بالذهاب لتلك الغابة البعيدة والبدء بتمثيل صوت الأسد وتبدأ بطلب كلّ شيء.
كانت الحيوانات تنفّذ كل طلبات الأسد الخفي هذا، فأي شيء يطلبه يحضر لديه على الفور باعتباره ملك الغابة، كانت الذبابة تحصل على الكثير من السعادة بقضائها تلك الأوقات في الغابة على أنّها ملك الغابة الخفي، وفي يوم من الأيّام سمعت الذبابة من حديث الحيوانات بأنّ هنالك سلحفاة قادمة للغابة، وكانت الحيوانات تتحدّث عن تلك السلحفاة بأنّها ليست عاديّة؛ حيث اشتركت هذه السلحفاة بالكثير من عروض السيرك مع البشر ومع الكثير من أنواع الحيوانات المختلفة، وهي تتصّف ببعض الجنون أيضاً.
عندما سمعت الذبابة بوصول تلك السلحفاة إلى الغابة، وبأنّها سلحفاة غريبة وتأكل البسكويت؛ قرّرت الذبابة أن تمارس عليها بعض حيلها المستمرّة ، وأن لا تفوّت تلك الفرصة بالاستهزاء بتلك السلحفاة، وصلت السلحفاة وبدأت الذبابة بإصدار صوت زئير الأسد، وكانت تنتظر ردّة فعل السلحفاة المضحكة، ولكنّها تفاجأت بأنّ السلحفاة لا زالت واقفة وتضحك وتقول بصوت عالي: يا إلهي ما هذا الأمر المضحك، أسد شبح، أنا لم أسمع بحياتي عن أسد شبح ليس له جسد، لقد رأيت في خياتي أشياء غريبة مثل الحمار الأصلع أو ثعلب يعرج، ولكنّني لم أسمع بأسد شبح.
تفاجأت جميع الحيوانات من تلك السلحفاة غريبة الأطوار، وقالوا في أنفسهم : لا بدّ أن تلك السلحفاة لن تنجو من قبضة الأسد الشرس هذا، ولا بدّ بأنّها ستنال جزائها، فكانت كل الحيوانات ترتجف من خوفها بانتظار ما يحدث ما عدا تلك السلحفاة، استمرّت الذبابة في التحايل على أنّها تقوم بتهديد السلحفاة بأنّها ستنال منها، ولكن الأمر بدا بأن هذا الأسد الخفي لا يملك إلّا التهديد فقط.
بعد قليل انضم لتلك السلحفاة أحد الطيور، وصار يضحك من تهديدات الأسد الصامتة تلك، وبدأت تنضم إليهم الحيوانات الأخرى شيئاً فشيئاً، وصاروا يسخرون من هذا الأسد الخفي أو الأسد الشبح الذي لا يملك إلّا الزئير والتهديدات، وبذلك لم يكن من أمر تلك الذبابة إلّا أن تسافر بعيداً دون عودة، فقد انكشفت حيلها التي تمارسها؛ فحبل الكذب قصير ولا بد للخداع أن ينكشف أمره في النهاية.