قصة الرحلات السبع لسندباد البحار - الرحلة الثانية

اقرأ في هذا المقال



الرحلات السبع لسندباد البحار، الرحلة الثانية أو ( The Seven Voyages of Sindbad the Sailor, Second Voyage) هي حكاية من الحكايات الشعبية من ترفيه الليالي العربية، تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، عام 1918.

الشخصيات:

  • سندباد.
  • التجار.

قصة الرحلات السبع لسندباد البحار، الرحلة الثانية:

قال السندباد محدثًا ضيوفه: كنت قد عقدت العزم عند عودتي من رحلتي الأولى على قضاء بقية أيامي بهدوء في بغداد، لكن سرعان ما سئمت من هذه الحياة الخاملة وتقت مرة أخرى لأجد نفسي على البحر، لذلك اشتريت مثل هذه البضائع التي كانت مناسبة للأماكن التي كنت أنوي زيارتها، وشرعت للمرة الثانية في سفينة جيدة مع تجار آخرين كنت أعرف أنّهم رجال شرفاء.
انتقلنا من جزيرة إلى أخرى، وكثيرًا ما نجري صفقات ممتازة، حتى وصلنا ذات يوم إلى بقعة رغم أنّها مغطاة بأشجار الفاكهة وتكثر فيها ينابيع المياه الممتازة، إلا أنه يبدو أنها لا توجد بها منازل ولا أشخاصًا، ثمّ بينما كان رفاقي يتجولون هنا وهناك يجمعون الزهور والفاكهة جلست في مكان مظلل، وبعد أن استمتعت بشدة بالمؤن التي أحضرتها معي، غلبني النوم، وغفوت بسبب همهمة جدول صافٍ تدفقت منه المياه.
لا أعرف كم من الوقت نمت، لكن عندما فتحت عيني وبدأت أقف على قدمي، شعرت برعب أنّني كنت وحدي وأن السفينة قد اختفت حيث هرعت ذهاباً وإياباً كواحد مشتت الذهن، وأطلقت صرخات اليأس، وعندما رأيت من الشاطئ السفينة تحت شراع كامل تختفي في الأفق، تمنيت بمرارة أنني كنت راضياً عن البقاء في المنزل بأمان. لكن بما أنّ التمنيات لا تفيدني، فقد تحللت بالشجاعة وبحثت حولي عن وسيلة للهروب.
عندما تسلقت شجرة طويلة وجهت نظراتي القلقة نحو البحر، لكن لم أجد شيئًا يبعث على الأمل هناك، اتجهت نحو الأرض، وكان فضولي متحمسًا بجسم أبيض ضخم مبهر بعيدًا لدرجة أنني لم أستطع معرفة ما قد يكون، نزلت من الشجرة على عجل جمعت ما تبقى من مؤنتي وانطلقت بأسرع ما يمكن أن أذهب نحوه، وعندما اقتربت من الكرة بدا لي أنّها كرة بيضاء ذات حجم وطول هائلين، وعندما تمكنت من لمسها، وجدت أنّها ناعمة بشكل رائع.
نظرًا لأنّه كان من المستحيل تسلقه، لأنه لم يكن مثبتًا، فقد تجولت حوله بحثًا عن بعض الفتحات، لكن لم يكن هناك أي شيء، لكنّني أحصيت أنّه كان على الأقل يبلغ خمسين خطوة، بحلول هذا الوقت، كانت الشمس قريبة من الغروب، ولكن فجأة شعرت بوجود الظلمة وجاء شيء مثل سحابة سوداء ضخمة بسرعة فوقي، ورأيت بدهشة أنّه كان طائرًا بحجم غير عادي كان يحوم بالقرب مني.
ثم تذكرت أنني كثيرًا ما سمعت البحارة يتحدثون عن طائر رائع يُدعى روك، وخطر لي أنّ الجسم الأبيض الذي حيرني كثيرًا هو بيضته، من المؤكد أن الطائر استقر عليه ببطء وغطاها بجناحيه لإبقائها دافئًة، وانكمشت بجانب البيضة في مثل هذا الوضع بحيث كانت إحدى أقدام الطائر التي كانت بحجم جذع شجرة، فقط أمامي، ثمّ خلعت عمامتي وربطتها بالكتان بأمان على أمل أن يحملني الروك، عندما بدأ الرحلة في صباح اليوم التالي، بعيدًا عنها من الجزيرة المقفرة.
وكان هذا بالضبط ما حدث، بمجرد أن طلع الفجر صعد الطائر في الهواء وهو يحملني صعودًا للأعلى حتى لم أعد أستطيع رؤية الأرض، ثم فجأة نزلت بسرعة لدرجة أنني كدت أفقد وعيي،عندما أدركت أن الروك قد استقر وأنّني مرة أخرى على أرضية صلبة، قمت بفك عمامتي على عجل من قدمها وحررت نفسي، ولكن ولم يحن الوقت بعد، لأنّ الطائر كانينقض على ثعبان ضخم، وقتله بضربات قليلة من منقاره القوي، وا ستولى عليه ثمّ ارتفع في الهواء مرّة أخرى وسرعان ما اختفى عن نظري.
عندما نظرت حولي بدأت أشك فيما إذا كنت قد ربحت أي شيء من خلال ترك الجزيرة المقفرة حيث كان الوادي الذي وجدت نفسي فيه عميقًا وضيقًا، وتحيط به الجبال الشاهقة التي تلامس السحب، وكان شديد الانحدار وصخريًا لدرجة أنّه لا توجد طريقة لتسلق جوانبه.
بينما كنت أتجول، باحثًا بقلق عن بعض وسائل الهروب من هذا الفخ، لاحظت أنّ الأرض كانت مليئة بالماس، بعضها بحجم مذهل، لقد منحني هذا المنظر متعة كبيرة، لكن سرعان ما تلاشت فرحتي عندما رأيت أيضًا عددًا من الثعابين الرهيبة الطويلة جدًا والكبيرة جدًا بحيث يمكن لأصغرها ابتلاع فيل بسهولة، لحسن الحظ بالنسبة لي بدا أنّهم يختبئون في كهوف الصخور في النهار، ولم يخرجوا إلّا في الليل ربما بسبب عدوهم الروك.
طوال اليوم كنت أتجول صعودًا وهبوطًا في الوادي، وعندما حل الغسق تسللت إلى كهف صغير، وبعد أن أغلقت مدخله بحجر، أكلت جزءًا من مخزوني الصغير للطعام واستلقيت للنوم لكن طوال الليل كانت الأفاعي تزحف جيئة وذهابا، تصفر بشكل مروع، حتى لم أستطيع أن أغلق عيني بالكاد بسبب الرعب.
كنت ممتنًا عندما ظهر ضوء الصباح، وعندما حل الصمت الذي تراجعت فيه الثعابين إلى أوكارها، خرجت مرتجفًا من كهفي وتجولت صعودًا وهبوطًا في الوادي مرة أخرى، وكنت أرفس الماس بازدراء من طريقي، لأنّني شعرت أنّها كانت أشياء تافهه لرجل في وضعي ثمّ وجدت في طريقي قطعة ضخمة من اللحم الطازج ، وعندما حدقت بها، كانت عدة قطع أخرى تتدحرج فوق المنحدرات في أماكن مختلفة.
لطالما اعتقدت أن القصص التي رواها البحارة عن وادي الماس الشهير، والطريقة الماكرة التي ابتكرها بعض التجار للحصول على الأحجار الكريمة، كانت مجرد حكايات مسافرين تم اختراعها لإرضاء المستمعين، لكنني الآن أدركت أنّها كانت صحيحة بالتأكيد حيث جاء هؤلاء التجار إلى الوادي في الوقت الذي كانت فيه النسور، التي تبقي أعينها في الصخور، قد فقست صغارها.
ثم ألقى التجار قطعًا كبيرة من اللحم في الوادي، كان هؤلاء الذين سقطوا بقوة كبيرة على الماس، كان من المؤكد أنّهم سيأخذون بعض الأحجار الكريمة معهم، عندما انقضت النسور على اللحم وحملته إلى أعشاشهم لإطعام حاضناتهم الجائعة، ثم يقوم التجار الذين يخيفون الطيور الأم بالصراخ والصيحات، بتأمين كنوزهم، ولكنّني حتى هذه اللحظة كنت أنظر إلى الوادي على أنّه قبري، لأنّني لم أر أي إمكانية للخروج منه حيّاً، لكنّني الآن تشجعت وبدأت في ابتكار وسيلة للهروب.
بدأت بالتقاط أكبر قطع الماس التي استطعت العثور عليها وتخزينها بعناية في المحفظة الجلدية التي كانت تحتوي على مؤونتي ثمّ ربطته بأمان في حزامي، ثم اخترت قطعة اللحم التي بدت أكثر ملائمة لهدفي، وربطتها بقوة بظهري بمساعدة عمامتي، فعلت هذا وانتظرت مجيء النسور، وسرعان ما سمعت خفقان أجنحتهم القوية فوقي، وشعرت بالرضا لأنّ أحدهم يمسك بقطعة اللحم الخاصة بي، وأنا معها وينهض ببطء نحو عشه الذي أسقطني فيه الآن.
لحسن الحظ بالنسبة لي، كان التجار حاضرين، وأقاموا صيحاتهم المعتادة واندفعوا إلى العش لإخافة النسر، ثمّ كانت دهشتهم كبيرة عندما اكتشفوني، وكذلك خيبة أملهم، لشعورهم أن أحدهم قام بالسرقة منهم أرباحهم المعتادة، فوجهت نفسي إلى الشخص الذي بدا أكثر لطفًا، وقلت: أنا متأكد، إذا كنت تعرف كل ما عانيت منه، فستظهر المزيد من اللطف تجاهي، أمّا بالنسبة للماس، لدي ما يكفي هنا لك.
أحتشد الآخرون حولي، وهم يتعجبون من مغامراتي ويعجبون بالطريقة التي هربت به من الوادي، وعندما قادوني إلى معسكرهم وفحصوا ماسي أكدوا لي أنّه في كل السنوات التي حملوها لم يروا في تجارتهم أي أحجار يمكن مقارنتها بهذا الحجم والجمال.
وجدت أنّ كل تاجر اختار عشًا معينًا، واستغل فرصته فيما قد يجد فيه، لذلك عرضت على الشخص الذي يملك العش الذي جئت إليه أن يأخذ قدر ما يشاء من كنزي، لكنه اكتفى بحجر واحد، وهذا ليس الأكبر بأي حال من الأحوال مؤكداً لي أنّه بهذه الأحجار صنعت الثروة، ولم يعد بحاجة إلى أن يكدح ويعمل، ثمّ مكثت مع التجار عدّة أيام، وبعد ذلك أثناء سفرهم إلى ديارهم رافقتهم بكل سرور.
كان طريقنا يمر عبر الجبال العالية المليئة بالثعابين المخيفة، لكن حظينا بالحظ في الهروب منها ووصلنا أخيرًا إلى شاطئ البحر، ومن هناك أبحرنا إلى جزيرة روهات حيث تنمو أشجار الكافور إلى الحجم الذي يمكن لمئة رجل أن يحتموا تحت إحداها بسهولة، حيث يتدفق من شق مرتفع في الشجرة إلى وعاء معلق هناك لاستلامه، وسرعان ما يتصلب في المادة التي تسمّى الكافور، لكن الشجرة نفسها تذبل وتموت عندما يتم قطفها.

في نفس الجزيرة رأينا وحيد القرن، وهو حيوان أصغر من الفيل وأكبر من الجاموس، له قرن واحد طوله ذراع ، وهو صلب، و كان يقاتل وحيد القرن مع الفيل، ويضربه بقرنه على رأسه، لكنّه يصاب بالعمى بدماء عدوه، ويسقط عاجزًا على الأرض، ثم يأتي الروك ويمسك بهما بمخالبة ويأخذه لإطعام صغاره، هذا المشهد يذهلك بلا شك.
وقد مررت على العديد من الأشياء الرائعة الأخرى التي رأيناها في هذه الجزيرة، و قبل مغادرتنا، استبدلت أحد أحجار الماس الخاصة بي مقابل الكثير من البضائع الجيدة التي استفدت منها كثيرًا في طريق عودتنا إلى الوطن. أخيرًا وصلنا حيث سارعت إلى بغداد، حيث كان أول عمل لي هو منح مبالغ كبيرة من المال للفقراء، وبعد ذلك استقريت لأستمتع بهدوء بالثروات التي اكتسبتها بالكد والألم.
بعد أن روى مغامرات رحلته الثانية، أهدى سندباد مرّة أخرى مائة ترتر للحما هندباد، ودعاه إلى المجيء مرة أخرى في اليوم التالي والاستماع إلى مدى نجاحه في رحلته الثالثة، غادر الضيوف الآخرون أيضًا إلى منازلهم، لكنّهم عادوا جميعًا في نفس الساعة في اليوم التالي، بما في ذلك الحمّال الذي بدأت حياته السابقة من العمل الشاق والفقر تبدو له بالفعل وكأنّها حلم سيء.


شارك المقالة: