قصة الصبي الذي وجد الخوف أخيرًا

اقرأ في هذا المقال



قصة الصبي الذي وجد الخوف أخيرًا (THE BOY WHO FOUND FEAR AT LAST) بواسطة أوليف فيري بوك، ذا باي لانج، ادرجت في كتاب (Olive Fairy Book)ادرجها أندرو لاتغ( The by LANG )

الشخصيات:

  • الصبي الشجاع.
  • أفراد العصابة.
  • الفتيات الثلاث.

قصة الصبي الذي وجد الخوف أخيرًا:

ذات مرّة عاشت هناك امرأة لديها ابن واحد أحبته بشدة، تم بناء الكوخ الصغير الذي يقيمون فيه على مشارف الغابة وبما أنّه لم يكن لديهم جيران، فقد كان المكان منعزلاً للغاية، وظل الصبي في المنزل مع والدته برفقتها ولا يغادرها، كانا يجلسان معًا في أحد أمسيات الشتاء عندما اندلعت عاصفة فجأة، وفتحت الرياح الباب.
بدأت المرأة ترتجف، ونظرت من فوق كتفها كما لو أنها توقعت أن ترى شيئًا فظيعًا خلفها، قالت لابنها على عجل: اذهب وأغلق الباب، أشعر بالخوف، قال الصبي: خائفة ؟ لماذا الشعور بالخوف؟ أجابت الأم: حسنًا، فقط خائفة، الخوف من شيء ما، بالكاد تعرف ماذا يمسك بك.
أجاب الصبي: لابد أنّه من الغريب أن تشعري هكذا، سأسافر في العالم وأبحث عن الخوف حتى أجده، وفي صباح اليوم التالي، قبل أن تنهض والدته من الفراش ترك الغابة خلفه، وبعد المشي لعدة ساعات وصل إلى الجبل الذي بدأ يتسلقه بالقرب من القمّة، وفي بقعة برية وصخرية واجه مجموعة من اللصوص الشرسين، جالسين حول النار.
الفتى الذي كان باردًا ومتعبًا فرح برؤية النيران الساطعة، فتقدم إليهم وقال: السلام عليكم أيها السادة، وتلوى بين الرجال حتى كادت قدميه أن تلمس النار فتوقف اللصوص عن الشرب ونظروا إليه بفضول، وأخيراً تحدث القبطان وقال: لن تجرؤ أي قافلة من المسلحين على القدوم إلى هنا، حتى الطيور نفسها تتجنب معسكرنا، ومن أنت لتغامر وتأتي هنا بهذه الجرأة؟
فأجاب الفتى: أوه، لقد تركت منزل أمي بحثًا عن الخوف، ربما يمكنك أن تريني ذلك؟ أجاب القبطان: الخوف أينما كنا، فقال الصبي: لكن أين ؟ وكان ينظر حوله، أنا لا أرى شيئا، أجاب السارق: خذ هذا القدر وبعض الدقيق والزبدة والسكر إلى باحة الكنيسة الموجودة هناك، واخبز لنا كعكة لتناول العشاء، فقفز الصبي الذي كان دافئًا جدًا في هذا الوقت، مبتهجًا وألقى القدر على ذراعه، وركض إلى أسفل التل.
عندما وصل إلى باحة الكنيسة، جمع بعض العصي وأشعل النار، ثم ملأ القدر بالماء من تيار ماء صغير قريب، وخلط الدقيق والزبدة والسكر معًا، ثمّ وضع الكعكة للطبخ، ولم يمض وقت طويل قبل أن يصبح هشًا وبنيًا، ثم رفعه الصبي عن القدر ووضعه على حجر، وهو يطفئ النار، في تلك اللحظة امتدت يد من قبر، فقال صوت: هل هذه الكعكة لي؟
أجاب الصبي بضحك: هل تعتقد أنني سأعطي الموتى طعام الأحياء؟ وأمسك يده بملعقته والتقط الكعكة، وصعد إلى جانب الجبل وهو يصفر بمرح، سأل اللصوص عندما رفع الكعكة للقبطان: حسنًا، هل وجدت الخوف؟ أجاب الصبي: لا؛ هل كان هناك؟ لم أر شيئًا سوى يد أتت من قبر، وكانت ملكًا لشخص أراد كعكتتي، لكنّني فقط قمت بضرب أصابعي بملعقتي، وقلت إنّها ليست له، ثم اختفت اليد.
ثمّ قال الصبي: أوه، ما أجمل النار! وقد ألقى بنفسه على ركبتيه أمامها، فلم يلاحظ نظرات المفاجأة التي ألقاها اللصوص على بعضهم البعض، قال أحدهم مطولاً: هناك فرصة أخرى لك، على الجانب الآخر من الجبل توجد بركة عميقة، اذهب إلى ذلك، وربما تواجه الخوف في الطريق.
أجاب الصبي: أتمنى ذلك بالفعل، وانطلق في الحال، وسرعان ما رأى مياه البركة تلمع في ضوء القمر، وبينما كان يقترب رأى أرجوحة طويلة تقف فوقها مباشرة، وفي الأرجوحة كان طفل جالسًا يبكي بمرارة، فكر الصبي: هذا مكان غريب للتأرجح، لكنّي أتسائل ما الذي يبكي عليه، وكان مسرعًا نحو الطفل فركضت فتاة وتحدثت إليه.
صرخت قائلة: أريد أن أرفع أخي الصغير من الأرجوحة، لكنها مرتفعة جدًا فوقي بحيث لا يمكنني الوصول إليها، إذا اقتربت من حافة المسبح ودعني أصعد على كتفك، أعتقد أنني أستطيع الوصول إليه، أجاب الصبي: عن طيب خاطر، وفي لحظة صعدت الفتاة إلى كتفيه.
ولكن بدلاً من رفع الطفل من الأرجوحة كما كان من الممكن أن تفعل بسهولة، ضغطت بقدميها بقوة على كل جانب من عنق الشاب بحيث كان يشعر أنه في دقيقة أخرى سيختنق، أو يسقط في الماء تحته، لذلك، جمع كل قوته وقفز قفزة عظيمة، وألقى الفتاة إلى الوراء وهي تلامس الأرض، سقط سوار من ذراعها، والتقطه الشاب.
قال لنفسه، واستدار للبحث عن الطفل، ورأى أنه قد اختفى من الأرجوحة، حمل السوار وأحتفظ به أيضًا كتذكار لكل الأشياء الغريبة التي حدثت له منذ أن غادر المنزل، فوجد نفسه في أولى خطوط الفجر حين كانت في السماء، والسوار على ذراعه حيث كان الشاب في بلدة صغيرة تقع في السهل على الجانب الآخر من الجبل، وبينما كان جائعًا وعطشًا، دخل شارعها الرئيسي، فأوقفه غول.
سأل الغول: من أين لك هذا السوار؟ إنها تخصني، أجاب الصبي: لا، إنه ملكي، قال الغول: ليس لك، أعطني إياه في الحال، وإلا سيكون الأمر أسوأ بالنسبة لك! قال الصبي: دعونا نمثل أمام قاض ونخبره بقصصنا، إذا قرر لصالحك فستحصل عليه، وإذا قرر انه لي، سأحتفظ به!
وافق الغول على ذلك، وذهب الاثنان معًا حيث كان القاضي يقيم العدل، استمع باهتمام شديد لما سيقوله كل منهم، ثم أعلن حكمه، لم يثبت أي من المطالبين حقه في السوار، لذلك يجب أن يظل في حوزة القاضي حتى يحضر صاحبه الحقيقي، عندما سمعوا هذا، نظر الغول والصبي إلى بعضهما البعض وكانا حائرين أين يذهبا ليجدا صاحب السوار.
في النهاية انحنوا أمام القاضي وتركوا قاعة الحضور، تجول الشاب ثم وجد نفسه على شاطئ البحر وعلى بعد مسافة قصيرة كانت هناك سفينة اصطدمت بصخرة مخفية، وسرعان ما غرقت وبينما كان الطاقم على سطح السفينة متجمعين، ووجوههم شاحبة وهم يصرخون: أوه، مساعدة! احضر المساعدة ! نحن نغرق!
ثم خلع الصبي ملابسه وسبح إلى السفينة حيث تم مد الكثير من الأيدي لجذبه على متنها، صرخ الطاقم مرة أخرى: الموت قريب جدا ونحن خائفون! رد الصبي: أعطني حبلًا، فأخذه وجعله آمنًا حول جسده من أحد طرفيه ، ثم قفز في البحر ونزل حتى لامست قدميه أخيرًا القاع، وقف ونظر حوله.
وهناك، كانت عذراء البحر ذات الوجه الشرير تسحب بقوة سلسلة كانت قد ربطتها بالسفينة بحديد ، وكانت تسحبها شيئًا فشيئًا تحت الأمواج، فاستولى الفتى على ذراعيها بكلتا يديه، وأجبرها على إسقاط السلسلة وظلت السفينة فوقها ثابتة، وتمكن البحارة برفق من إبعادها عن الصخرة.
ثم أخذ سكينًا صدئًا من كومة من الأعشابالبحرية عند قدميه، وقطع الحبل حول خصره وربط عذراء البحر بإحكام بحجر حتى لا تتسبب في المزيد من الأذى، وودعها وسبح مرة أخرى إلى الشاطئ حيث كانت ملابسه ما زالت ملقاة.
ارتدى الشاب ملابسه بسرعة واستمر في السير حتى وصل إلى حديقة مظللة جميلة مليئة بالورود، فرأى ثلاث حمامات تغرق في الجدول حيث كنّ يتناثرنّ بفرح، ثم يغصنّ في قاع بركة عميقة،وتحولنّ إلى فتيات جميلات، يحملن بينهن مائدة من الصدف، ووضعنّ أكواب للشرب، وملأت إحدى العذارى كوبًا من كأس بلوري، وكانت ترفعه إلى فمها ، عندما أوقفتها أختها.

سألتها أختها: لصحة من تشربين؟ أجابت الفتاة: إلى الشاب الذي أعد الكعكة، وضغط على يدي بالملعقة عندما مدتها خارج الأرض، ولم يشعر بالخوف أبدًا كما كان الرجال الآخرون! وأجابت الثانية: إلى الشاب الذي صعدت على أكتافه عند حافة البركة، والذي ألقى بي لدرجة أنني استلقيت على الأرض فاقدًا للوعي لساعات.
وقالت الفتاة الثالثة: في البحر استوليت على سفينة وهززتها وسحبتها، ولكن جاء فتى وحرر السفينة وقيدني في صخرة، أشرب من أجل صحته، ورفعنّ الثلاثة أكوابهنّ وشربنّ بصمت، وعندما وضعنّ أكوابهنّ، ظهر الشاب أمامهن، وقال: ها أنا الشاب الذي شربتن لصحته، والآن أعطني السوار الذي يطابق رباطًا مرصعًا بالجواهر سقط ضمانًا من ذراع أحدكن.
لقد حاول غول أن يأخذها مني، لكنني لم أسمح له بالحصول عليها وسحبني أمام القاضي الذي احتفظ بسوارتي حتى أريه صاحب السوار،وقد كنت أتجول هنا وهناك بحثًا عن ذلك، وهكذا وجدت نفسي في مثل هذه الأماكن الغريبة، قالت الفتيات: تعال معنا ، ثم اقتادوه عبر ممر إلى قاعة، فُتحت منها العديد من الغرف، المكدسة بالذهب والمجوهرات، أخذت الأخت الكبرى سوارًا، كان تمامًا مثل ذلك الذي كان في حوزة القاضي، وربطته بذراع الشاب.
فقالت له: اذهب فورًا وأظهر هذا للقاضي، وسيعطيك رفيقه، أجاب الشاب: لن أنساك أبدًا، لكن قد يمر وقت طويل قبل أن نلتقي مرة أخرى، لأنني لن أرتاح أبدًا حتى أجد الخوف، ثم ذهب في طريقه وفاز بالسوار من القاضي. بعد ذلك، انطلق مرّة أخرى في سعيه للبحث عن الخوف.
سار الشاب مرارًا وتكرارًا، لكن الخوف لم يعبر طريقه أبدًا، وذات يوم دخل بلدة كبيرة حيث كانت جميع الشوارع والميادين مليئة بالناس، ولم يتمكن من المرور بينها، فسأل رجل كان يقف بجانبه: لماذا اجتمعت كل هذه الحشود معا؟ فكان الرد: مات حاكم هذه البلاد، ولأنّه لم يكن له أطفال فمن الضروري اختيار خليفة له، لذلك يُطلق كل صباح أحد الحمام المقدس من البرج الموجود هناك، وكل من يجلس عليه الطائر فهذا الرجل هو ملكنا.
في غضون دقائق قليلة سيطير الحمام، ننتظر ونرى ما سيحدث، حيث فُتح باب وظهرت حمامة جميلة تتلألأ باللون الوردي والرمادي، فجائت مسرعة في الهواء، ثم طارت حتى استقرت مطولا على رأس الصبي، ثم صرخ الجميع: الملك ! الملك ! لكن فجأة تخيل الفتى نفسه جالسًا على العرش، وكيف سيقضي حياته يحاول ولم ينجح أبدًا، في جعل الفقراء أغنياء والبائسون سعداء، والأشرار أخيار، و لا يفعل أبدًا أي شيء يود فعله، ولا يستطيع حتى الزواج من الفتاة التي أحبها.
صرخ مخبأ وجهه بين يديه: لا ! لا ! لكن الحشود التي سمعته ظنت أنّه تغلب عليه العظمة، فقالوا: حسنًا، للتأكد تمامًا، دعنا نطيّر المزيد من الحمام، لكن كل حمامة كانت تستقر فوق رأسه، وكانت الصيحات أعلى من أي وقت مضى: الملك ! الملك ! وكلما سمع الشاب، مرّت به قشعريرة باردة لم يكن يعرف معنى ذلك.
همس بصوت بدا وكأنّه يصل إلى أذنيه وحده: هذا هو الخوف الذي طالما سعيت إليه منذ فترة طويلة، وحنى الشاب رأسه حيث برزت الرؤية مرة أخرى أمام عينيه، وقبل مصيره واستعد لتمضية حياته بخوف إلى جانبه.


شارك المقالة: