قصة الصبي في أرض الظلال

اقرأ في هذا المقال



قصة الصبي في أرض الظلال أو (The Boy in the Land of Shadows) هي حكاية فولكلورية أمريكية أصلية تم جمعها من كندا، للمؤلف سايروس ماكميلان، نشرت عام 1922، عن طريق الناشر: (S. B. Gundy Toronto) جون لين ذا بودلي هيد.

الشخصيات:

  • الصبي.
  • الفتاة.
  • العجوز.
  • الهيكل العظمي.

قصة الصبي في أرض الظلال:

كان يعيش طفلان يتيمان، صبي وفتاة بمفردهما بالقرب من الجبال، وكان والديهما قد ماتوا منذ فترة طويلة وترك الأطفال لرعاية أنفسهم دون أي عون لهم على الأرض، كان الصبي يصطاد طوال اليوم ويقدم الكثير من الطعام، وكانت الفتاة ترتب المنزل وتقوم بالطهي، كان لديهم حب عميق لبعضهم البعض وعندما كبروا تعاهدوا بعدم ترك بعضهم البعض أبدًا، والبقاء دائمًا معًا.
ولكن في إحدى السنوات كان الجو باردًا جدًا في أوائل الربيع، وظل الثلج يتساقط على السهول وكان الجليد يتحرك ببطء من الأنهار وكانت الرياح الباردة تهب دائمًا والأبخرة الرمادية تحوم فوق كل الأرض، ولم يكن هناك سوى القليل من الطعام، لأن الحيوانات كانت مختبئة في أوكارها الشتوية الدافئة وكان الأوز البري والبط لا يزالان في أقصى الجنوب.
وفي هذه الفترة القاسية من سوء الأحوال الجوية، مرضت الفتاة الصغيرة وماتت، وعمل شقيقها بجد لتزويدها بالطعام المغذي وجمع كل الجذور الطبية التي كان يعتقد أنها يمكن أن تجلب لها الراحة، لكن كل ذلك كان بلا هدف، وعلى الرغم من كل جهوده، ذات مساء في الشفق، ماتت أخته وتركته وشأنه على الأرض.
حزن قلب الصبي بسبب وفاة أخته، وعندما جاء أواخر الربيع ودفأت الأيام وعاد الطعام وفيرًا، قال: لابد أنّها في مكان ما في الغرب، لأنّهم يقولون إن شعبنا لا يموت حقًا، سأذهب وأبحث عنها، وربما أجدها وأعيدها، لذلك في صباح أحد الأيام، انطلق في مهمة غريبة، وسافر عدة أيام غربًا نحو النهر العظيم، ونام ليلًا تحت النجوم، والتقى بالعديد من الغرباء، لكنّه لم يخبرهم بالغرض من أسفاره، وصل أخيرًا إلى شاطئ النهر العظيم، وجلس ينظر نحو غروب الشمس متسائلاً عما سيفعله بعد ذلك.
في المساء جاء رجل عجوز، وسأله: ما الذي تفعله هنا؟ قال الصبي: أنا أبحث عن أختي، منذ بعض الوقت مرضت وتوفيت وأنا وحيد بدونها، وأريد أن أجدها وأعيدها، فقال الرجل: منذ بعض الوقت، مرت الفتاة التي تبحث عنها بهذا الطريق، إذا كنت ترغب في العثور عليها فعليك القيام برحلة محفوفة بالمخاطر.
أجاب الصبي أنّه سوف يخاطر بكل سرور بالعثور على أخته، فقال الرجل العجوز: سأساعدك، لقد ذهبت أختك إلى أرض الظلال بعيدًا في بلاد الصمت التي تقع هناك في جزيرة الظلال، للوصول إلى الجزيرة، يجب أن تبحر بعيدًا في الغرب، لكني أحذرك من أنها رحلة محفوفة بالمخاطر، لأنّ العبور يكون دائمًا قاسيًا وسيتعرض قاربك للعواصف، لكنك ستكافأ جيدًا على مشاكلك، لأنّه في تلك الأرض لا يوجد أحد جائع أو متعب، لا موت ولا حزن، لا دموع، ولا أحد يشيخ.
ثم أعطى الرجل العجوز للصبي غليونًا كبيرًا وبعض التبغ وقال: هذا سيساعدك في حاجتك، وأحضر له زورق صغير ، لقد كان زورقًا رائعًا، أجمل ما رآه الصبي على الإطلاق، تم أعطاه حجر أبيض واحد وكان يتلألأ في الشفق الأحمر مثل الجوهرة المصقولة، فقال الرجل العجوز: هذا الزورق سيصمد أمام كل العواصف، لكن انظر إلى أنّك تتعامل مع الأمر بعناية، وعندما تعود، يجب أن تتركه في الخليج حيث وجدته.
بعد ذلك بوقت قصير، انطلق الصبي في رحلته، كان القمر كاملا والليل بارد بالنجوم، ثمّ أبحر إلى الغرب عبر بحر هائج وغاضب، لكنه لم يكن في خطر، لأن زورقه كان يسير بسهولة على الماء، رأى من حوله في ضوء القمر العديد من الزوارق الأخرى تسير في نفس الاتجاه وكلها بيضاء ومشرقة مثل زورقه، لكن لا يبدو أن هناك من يوجههم، وعلى الرغم من أنّه نظر إليهم طويلًا ، إلا أنّه لا يمكن لأيّ شخص أن يلاحظه.
تساءل عمّا إذا كانت القوارب تنجرف وهي خالية، لأنه عندما دعاهم لم يكن هناك جواب، و في بعض الأحيان، يضطرب الزورق في البحر الهائج وترتفع الأمواج فوقه ولا يُرى مرة أخرى، وغالبًا ما يعتقد الصبي أنّه سمع صرخة حزينة، ولعدة أيام أبحر إلى الغرب، وطوال الوقت كانت الزوارق الأخرى ليست بعيدة، وطوال الوقت كان بعضها يسقط من تحت الأنظار تحت المياه المتدفقة، لكنّه لم ير أي شخص فيها.
أخيرًا، بعد رحلة طويلة، هدأ البحر وأصبح الهواء دافئًا، ولم يكن هناك أثر للعاصفة، لأن الأمواج كانت هادئة والسماء صافية كالبلور، ورأى أنّه كان بالقرب من جزيرة الظلال التي تحدث عنها الرجل العجوز، فقد أصبح الآن واضحًا أمام رؤيته حيث ارتفعت فوق المحيط ، تعلوها عشب أخضر وأشجار، وشاطئ ناصع البياض، وسرعان ما وصل إلى الشاطئ وربط زورقه، وعندما استدار بعيدًا، وجد هيكلًا عظميًا ممددًا على الرمال، توقف لينظر إليه، وبينما فعل ذلك، جلس الهيكل العظمي وقال في مفاجأة كبيرة: لا يجب أن تكون هنا، لماذا أتيت؟
فقال الولد: أبحث عن أختي، في أوائل الربيع مرضت وماتت، وأنا ذاهب إلى أرض الظلال في بلد الصمت بحثًا عنها قال الهيكل العظمي: يجب أن تذهب بعيدًا إلى الداخل، ومن الصعب أن تجد الطريق، طلب الصبي منه التوجيه فقال الهيكل العظمي: دعني أدخن وسوف أساعدك، فأعطاه الصبي الغليون والتبغ الذي تلقاه من الرجل العجوز، وضحك عندما رأى رفيقه الغريب وهو بين أسنانه.
دخن الهيكل العظمي لبعض الوقت ، وفي النهاية، مع تصاعد الدخان من غليونه، تغير إلى سرب من الطيور البيضاء الصغيرة التي كانت تطير مثل الحمام، نظر الصبي في دهشة، وقال الهيكل العظمي: هذه الطيور سترشدك. اتبعهم، ثم أعاد الأنبوب وامتد مرة أخرى على الرمال، ولم يستطع الصبي إيقاظه من نومه.
تبع الصبي الطيور البيضاء الصغيرة كما قيل له، ثمّ سافر عبر أرض ذات جمال رائع حيث تتفتح الأزهار وتغرد الطيور التي لا تعد ولا تحصى، ولم يلتق أي شخص في الطريق، كان المكان مهجوراً باستثناء الطيور والزهور، مر في بلاد الصمت، وجاء إلى أرض غامضة حيث لم يسكن أحد، لكن على الرغم من أنه لم ير أحداً، إلا أنّه سمع العديد من الأصوات ولم يستطع معرفة من أين أتوا، يبدو أنهم في كل مكان حوله، وفي النهاية توقفت الطيور عند مدخل حديقة كبيرة وحلقت حول رأسه في دائرة، لم يذهبوا أبعد من ذلك ونزلوا على شجرة قريبة جميعهم باستثناء واحدة، تطفو على كتف الصبي، عرف الصبي أن هنا أخيرًا كانت أرض الظلال.
عندما دخل الحديقة سمع مرّة أخرى العديد من الأصوات المنخفضة، لكنّه لم ير أحدا،و لم ير سوى العديد من ظلال الناس على العشب، لكنّه لم يستطع أن يرى ما جاء من الظلال، تسائل كثيرا عن هذا المنظر الغريب وغير العادي، لأنه في وطنه في ذلك الوقت لم يكن لأشعة الشمس أي ظلال، استمع مرة أخرى للأصوات وعرف الآن أنّ الظلال كانت تتحدث، كان يتجول لبعض الوقت ويتعجب بشدة في جمال المكان الغريب، أخيرًا سمع صوتًا عرف أنّه صوت أخته، كانت ناعمة وحلوة كما عرفها عندما كانا معًا على الأرض، ولم تتغير منذ أن تركته.
ذهب إلى الظل الذي جاء منه الصوت، وألقى بنفسه على العشب بجانبه، وقال: لقد بحثت عنك منذ فترة طويلة يا أختي، لقد جئت لأخذك إلى المنزل، دعيني أراك كما كنت عندما سكننا معًا، لكن أخته قالت: لقد عملت بحكمة لتحتفظ بي في ذاكرتك، وتبحث عني، لكن هنا لا نستطيع أن نظهر لأهل الأرض إلا كالظلال، لا أستطيع العودة معك ، فقد
فات الأوان الآن، من طعام هذه الارض اكلت، ولو كنت قد أتيت قبل أن آكل، فربما كنت ستأخذني بعيدًا، من يعرف؟
لكن قلبي وصوتي لم يتغير، وما زلت أتذكر أعزائي، وبحب غير متغير ما زلت أشاهد منزلي القديم، وعلى الرّغم من أنّني لا أستطيع الذهاب إليك، يمكنك أن تأتي إلي يومًا ما، أولاً، يجب أن تنهي عملك على الأرض، عُد إلى منزلك في الأرض، سوف تصبح قائدًا عظيمًا بين شعبك، احكم بحكمة وعدالة، وقدم طعامك مجانًا للفقراء من الهنود الذين ليس لديهم الكثير مما لديك، وعندما تنتهي من عملك على الأرض، ستأتي إلي في أرض الظلال هذه خارج بلد الصمت، وسنكون معًا مرّة أخرى ولن يتركنا شبابنا وقوتنا وجمالنا أبدًا.
وتسائل الصبي بشدة وفي حزن عميق: دعيني أبقى معك الآن، لكن أخته قالت: لا يمكن ذلك، ثم قالت: سأعطيك ظلًا ، يجب أن تبقيه معك كروح وأثناء وجوده معك لا يمكن أن يصيبك أي ضرر، لأنه سيكون موجودًا فقط في النور، وحيثما يوجد النور لا يمكن أن يكون هناك شر، ولكن عندما يختفي عليك أن تكون على أهبة الاستعداد من فعل الشر ، لأنّه حينئذ يكون هناك ظلمة، وقد يقودك إلى الظلام.
لذلك أخذ الصبي الظل، وقال وداعا لمدة موسم وانطلق في رحلته إلى الوطن، أعادته الطيور البيضاء الصغيرة التي كانت تنتظره على الأشجار إلى الشاطئ، كان زورقه لا يزال هناك، لكن الرجل الهيكل العظمي ذهب ولم يكن هناك أثر له يمكن العثور عليه على الرمال، وسكتت جزيرة الظلال عن ترانيم الطيور وتموج الجداول الصغيرة، وانطلق الصبي في زورقه وأبحر باتجاه الشرق، وبينما كان يندفع من الشاطئ تركته الطيور البيضاء الصغيرة واختفى في الهواء.
كان البحر الآن هادئًا ولم تكن هناك عاصفة، كما حدث في رحلته الخارجية، و سرعان ما وصل إلى الشاطئ على الجانب الآخر، ترك زورقه في الخليج كما أخبره الرجل العجوز، وفي غضون أيام قليلة وصل إلى منزله ، وهو لا يزال يحمل الظل من بلد الصمت.
لقد عمل بجد لسنوات عديدة لكنه لم يفعل أي شر، وفي النهاية أصبح رئيسًا عظيمًا وفعل الكثير من الخير لشعبه، لقد حكم بعدالة وصلاح كما أمرته أخته.، ثم في أحد الأيام، عندما كان كبيرًا في السن وانتهى عمله، اختفى وعرف شعبه أنّه ذهب للانضمام إلى أخته في أرض الظلال في بلد الصمت بعيدًا في مكان ما في الغرب، لكنه ترك ورائه الظل الذي أعطته أخته،وبينما يوجد نور، لا يزال للهنود ظلهم ولا يمكن أن يلحق بهم أي ضرر، لأنه حيثما يوجد نور لا يمكن أن يكون هناك شر.


شارك المقالة: