قصة الصيّاد أو (The Story of the Fisherman) هي حكاية خرافية من سلسلة الحكايات الشعبية من كتاب ترفيه الليالي العربية، تمّ اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، نشرت عام 1918، للناشر (Longmans، Green and Co)
الشخصيّات:
- الجنّي.
- الصيّاد.
قصة الصيّاد:
كان هناك ذات مرة صياد كبير في السن وفقير جدًا لدرجة أنه بالكاد كان قادرًا على إعالة زوجته وأطفاله الثلاثة، كان يذهب كل يوم للصيد في وقت مبكر جدًا، وفي كل يوم كان يضع قاعدة لنفسه بألا يرمي شباكه أكثر من أربع مرات، بدأ في صباح أحد الأيام على ضوء القمر وجاء إلى شاطئ البحر، خلع ملابسه وألقى شباكه، وبينما كان يسحبها نحو الضفة شعر بثقل كبير، واعتقد أنّه قد اصطاد سمكة كبيرة، وشعر بسعادة بالغة.
ولكن بعد ذلك بوقت قصير، عندما رأى أنه بدلاً من السمكة كان لديه فقط جثة حمار في شباكه، فشعر بخيبة أمل كبيرة، كان منزعجًا من وجود مثل هذا الصيد السيء، وعندما أصلح شباكه التي مزّقتها جثة الحمار في عدة أماكن، ألقى بها مرة أخرى، ومرة أخرى شعر بثقل كبير بحيث اعتقد أنها مليئة بالسمك، لكنّه لم يجد سوى سلة كبيرة مليئة بالقمامة، وكان منزعجاً كثيرًا.
صرخ قائلاً: أيّها الحظ السيء، أنا صياد فقير وبالكاد يستطيع إعالة أسرته، ثمّ ألقى القمامة بعيدًا، وبعد أن غسل شباكه من الأوساخ، ألقى بها للمرة الثالثة، لكنّه لم يحصل سوى الحجارة والقذائف والطين، كان على وشك اليأس، ثمّ ألقى بشباكه للمرة الرابعة. وعندما اعتقد أنّ لديه سمكة قام بجذبها مع قدر كبير من المتاعب. ومع ذلك، لم يكن هناك سمكة، لكنّه وجد إناءً أصفر يبدو بحكم وزنه مليئًا بشيء ما.
ولاحظ أنّه تمّ تثبيته وإغلاقه بالرصاص، مع ختم فوق غطاءه، كان مسروراً، وقال: سأبيعها للمؤسس، وبالمال الذي سأحصل عليه سأشتري كمية من القمح، ثمّ فحص الجرة من كل جانب، وهزّها ليرى ما إذا كانت ستهتز، لكنّه لم يسمع شيئًا، وبالتالي بناءً على انطباع الختم والغطاء، اعتقد أنّه لا بد من وجود شيء ثمين في الداخل.
لمعرفة ذلك، أخذ سكينه وبقليل من المتاعب فتحه، قلبها رأسًا على عقب، لكن لم يخرج شيء فاجأه ذلك كثيرًا، ثمّ وضعه أمامه وبينما كان ينظر إليه باهتمام، خرج دخان كثيف ممّا اضطره إلى التراجع بخطى أو اثنتين، فتصاعد هذا الدخان إلى الغيوم، وامتد فوق البحر والشاطئ، فشكّل ضبابًا كثيفًا، أثار دهشة الصّياد كثيرًا، وعندما خرج كل الدخان من الجرة، تجمع معًا وأصبح كتلة كثيفة ظهر فيها جنّي.
كان ضعف حجم أكبر عملاق، وعندما رأى مثل هذا الوحش الرهيب ، كان الصياد يود أن يهرب، لكنّه ارتجف من الخوف لدرجة أنّه لم يستطع التحرك، صاح الوحش: يا ملك الجن العظيم، لن أعصيك مرة أخرى! وبعد هذه الكلمات تحلى الصياد بالشجاعة، وقال بجرأة: ما هذا الذي تقوله أيّها الجنّي العظيم؟ أخبرني بتاريخك وكيف وُجدت في هذا الصندوق، فقال الجنّي بعدما نظر إلى الصياد بغطرسة: تحدث معي بحكمة أكثر، قبل أن أقتلك.
فقال الصيّاد: للأسف لماذا تقتلني؟ لقد حررتك للتو، هل نسيت ذلك بالفعل؟ أجاب الجنّي: لا، لكن هذا لن يمنعني من قتلك، وسأمنحك فقط أمنية واحدة، وهي اختيار طريقة موتك، فسأل الصيّاد: ولكن ماذا فعلت لك؟ قال الجنّي: لا أستطيع أن أعاملك بأي طريقة أخرى، وإذا كنت تعرف السبب، فاستمع إلى قصتي، لقد تمردت على ملك الجن، ولمعاقبتي حبسني في إناء من النحاس هذا، ووضع ختمه على غطاء من الرصاص، وهو سحر كافي لمنع خروجي.
ثمّ ألقى بالصندوق في البحر، وخلال الفترة الأولى من أسري، تعهدّت بأنّه إذا حرّرني أحد قبل مرور مائة عام، فسأجعله غنيًا حتى بعد وفاته، ولكن هذا القرن مضى، ولم يحررني أحد، وفي القرن الثاني من الزمان تعهدت بأن أعطي كل كنوز العالم لمنقذيّ، لكنّه لم يأتِ، وفي القرن الثالث، وعدت أن أجعله ملكًا، وأن أكون دائمًا بالقرب منه، وأمنحه ثلاث أمنيات كل يوم .
لكنّ ذلك القرن مضى كما فعل الاثنان الآخران، وظللت في نفس المحنة، أخيرًا لقد شعرت بالغضب لأننّي كنت أسيرًا لفترة طويلة، وأقسمت أنّه إذا أطلق أي شخص سراحي فسوف أقتله في الحال، وسأسمح له فقط باختيار الطريقة التي يجب أن يموت بها، لذا كما ترى فقد حررتني اليوم، لذلك اختر الطريقة التي ستموت بها.
كان الصياد غير سعيد للغاية، وقال للجنّي: يا لي من رجل سيئ الحظ لقد حررتك! أناشدك أن تنقذ حياتي، قال الجنّي: لقد أخبرتك أنّه مستحيل، اختر بسرعة، أنت تضيع الوقت، ثمّ بدأ الصّياد في ابتكار قطعة أرض، قال: بما أنّني يجب أن أموت، قبل أن أختار طريقة موتي، أريد التأكد من أنّك كنت حقًا في ذلك الصندوق؟
أجاب الجنّي: نعم، كنت كذلك، قال الصياد: أنا حقا لا أصدق ذلك، لا يمكن أن يحتوي هذا الصندوق حتى على إحدى قدميك، وكيف يمكن لجسدك كله أن يدخل فيه؟ لا أستطيع أن أصدق ذلك ما لم أراك تفعل الشيء نفسه أمامي، ثمّ بدأ الجنّي في تغيير نفسه إلى دخان والذي كما كان من قبل، ينتشر فوق البحر والشاطئ والذي بعد ذلك، يتجمع معًا.
وبدأ في العودة إلى الصندوق ببطء وبشكل متساوٍ حتى لم يتبق شيء بالخارج، ثم جاء صوت من الصندوق قال للصياد: حسنًا أيّها الصياد غير المؤمن، ها أنا في الصندوق، هل تصدقني الآن؟ وبدلاً من الرد، أخذ الصياد غطاء الرصاص وأغلقه بسرعة على الصندوق، وصرخ قائلاً: الآن، أيّها الجنّي، اسألني واختار بأي طريقة ستموت! ثمّ قال: سوف اذهب على الشاطئ لتحذير الصيادين الذين يأتون لإلقاء شباكهم هنا من صيد مثل هذا الجنّي الشرير الذي يتعهد بقتل الرجل الذي يحرره.
بعد سماع هذه الكلمات فعل الجنّي كل ما بوسعه للخروج، لكنّه لم يستطع، بسبب سحر الغطاء، ثمّ حاول الخروج بمكر وقال: إذا نزعت الغطاء، فسأعطيك الكثير من المال، أجاب الصياد: لا، إذا وثقت بنفسي لك، أخشى أن تعاملني كما تعامل الملك اليوناني مع الطبيب دوبان، اسمع وسأخبرك بقصته، ثمّ روى قصة الطبيب له.