قصة الفتى الذي أنقذته الأفكار

اقرأ في هذا المقال


قصة الفتى الذي أنقذته الأفكار أو (The Boy who was Saved by Thoughts) هي حكاية فلكلورية أمريكية أصلية تم جمعها من كندا، للمؤلف سايروس ماكميلان، نشرها (S B. Gundy, Toronto) جون لين ذا بودلي هيد.

الشخصيات:

  • الصبي.
  • الأم.
  • النسر.
  • العجوز.

قصة الفتى الذي أنقذته الأفكار:

عاشت امرأة أرملة فقيرة بالقرب من البحر في شرق كندا، كان زوجها قد غرق وهو يصطاد السمك في يوم عاصف بعيدًا عن الساحل، وأصبح طفلها الصغير الآن وسيلتها الوحيدة لدعمها، لم يكن لديه إخوة أو أخوات، وكان هو ووالدته دائمًا أصدقاء جيدين لأنّهم عاشوا وحدهم.

وعلى الرّغم من أنّه كان صغيرًا جدًا، إلا أنّه كان قوياً للغاية، وكان بإمكانه صيد الأسماك مثل رجل محترف، وكل يوم كان يحضر طعامًا إلى المنزل لوالدته، ولم يكونوا أبدًا في حاجة لمن يمنحهم الطعام، وحدث ذات يوم أنّ النسر العظيم الذي جعل الرياح في هذه الأجزاء غاضبًا جدًا لأنّه لم يتم إعطاؤه ما يكفي من الطعام.

ذهب يصرخ في الأرض بحثًا عن الطعام، لكن لم يجد طعامًا، وقال: إذا لم يعطوني طعامًا، فسأحرص على عدم حصولهم على طعام لأنفسهم، وعندما أصابه بالجوع الشديد، سألتهم كل الأطفال الصغار في الأرض، لأنّ صغاري يجب أن يكون لديهم التغذية أيضًا، فقام برمي المياه مع ريح جناحيه العظيمين بغضب، وثني الأشجار وقلع الذرة، ولأيام عديدة قام بعمل هائج على الأرض حتى بقي الناس في الداخل، وكانوا خائفين من الخروج، بحثاً عن الطعام.

وفي النهاية أصبح الولد ووالدته جائعين للغاية ولم يعد لديهم طعاماً، فقال الولد: يجب أن أذهب وأجد طعامًا، لأنّه لم يبق في المنزل إلّا الفتات، لا يمكننا الانتظار أكثر، وقال لأمّه: أعرف أين يسكن صغير السمان في بيته من القصب على ضفة النهر بالقرب من البحر، سأذهب وأقتله، وسيطعمنا لحمه أيامًا كثيرة، ولكن لم تكن والدته تريده أن يقوم بهذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر، لأنّ النسر العظيم كان لا يزال في الأرض.

لكنّه قال لها:يجب أن تفكري بي دائمًا عندما أرحل، وسأفكر فيك، وبينما نحتفظ ببعضنا البعض في ذاكرتنا، لن أتضرر، لذلك أخذ سكين الصيد الطويلة الخاصة به، وانطلق إلى منزل القندس في منزله من القصب على ضفة النهر بالقرب من البحر، ووصل إلى المكان دون وقوع حادث، وهناك وجد القندس نائمًا.

سرعان ما قتله وعلقه على كتفه وعاد إلى منزل والدته، وقال لنفسه: لدي هنا حمولة جيدة من اللحوم، وسيكون لدينا الآن عشاء جيد من لحم القندس المشوي، ولكن بينما كان يحمل حمولته على ظهره، رآه النسر العظيم من بعيد وانقضّ عليه دون سابق إنذار، و قبل أن يتمكن من الضرب بسكينه، أمسكه النسر من كتفيه وحلّق به بعيدًا.

كان ممسكًا به في قبضة قوية والقندس لا يزال على ظهره، حاول الصبي أن يغرق سكينه في صدر النسر، لكنّ الريش كان سميكًا وقاسًيا، ولم يكن قويًا بما يكفي لدفع السكين من خلالها، لم يكن بإمكانه فعل أي شيء سوى الاستفادة القصوى من محنته المؤسفة، قال في نفسه: بالتأكيد أستطيع أن أفكر في سبيل للهروب، وستكون أفكار أمي معي لمساعدتي.

وسرعان ما وصل النسر إلى منزله حيث تم بناؤه على جرف مرتفع يطل على البحر، على ارتفاع مئات الأقدام فوق الشاطئ حيث لم يستطع حتى صوت الأمواج المتدفقة من بعيد الوصول إليه، كان هناك العديد من الطيور الصغيرة في العش، وكلهم يطالبون بالطعام، رمى النسر العظيم الصبي إلى جانب العش وطلب منه البقاء هناك.

ثمّ قال: سوف آكل القندس أولاً، وبعد أن نأكل كل شيء علينا أن نتناول وجبة دسمة جيدة، ثمّ قطع القندس إلى أشلاء وأطعم جزءًا منه لأطفاله والتهم الباقي، ولبضعة أيام، استلقى الصبي في ذعر في العش محاولًا التفكير في طريقة للهروب.

طارت الطيور عالياً فوق رأسه، وبعيدًا في المحيط كان يرى سفنًا عظيمة تمر، لكن لم تأت له أية مساعدة، واعتقد أنّ الموت سيأتي قريبًا، وجلست والدته في المنزل في انتظار عودته، ولكن مر يومًا بعد يوم ولم يأت بعد، لقد اعتقدت أنّه بالتأكيد في خطر كبير، أو ربما كان قد مات بالفعل، وأصابها الرعب والخوف وكانت حزينة للغاية.

وذات يوم، وبينما كانت تبكي، وتفكر في ولدها الضائع، جائت امرأة عجوز وسألتها: لماذا تبكي؟ فقالت المرأة الباكية: ابني غاب منذ أيام كثيرة، أعلم أنّه قد أصابه مكروه، وذهب رجال قبيلتي بحثًا عنه منذ أيام، لكنّي أخشى أنّه لن يعود حيّاً أبداً، فقالت المرأة العجوز: القليل من الخير يمكن أن يفعله رجال قبيلتك! يجب أن تساعديه بأفكارك، لأنّ الأفكار أهم من الأفعال أحياناً.

ثمّ قالت:سأساعدك، لأننّي أُعطيت قوة عظيمة من قبل شعب التلال، لذلك استخدمت المرأة أفكارها ورغباتها لإعادة ولدها، في تلك الليلة لاحظ الصبي أن القندس قد أُكل تماماً ولم يبق لقمة، وكان يعلم أنّه ما لم ينقذ نفسه دفعة واحدة فإنّه سيموت غدًا بالتأكيد، وكان يعلم أن النسر العظيم سينقض عليه ويقتله بضربة من منقاره ومخالبه القوية.

ولكن عندما نام الصبي رأى أمّه في منامه، فقالت له: غدًا عندما يذهب النسر العظيم من العش، قم بتثبيت السكين الخاص بك، ووجهه للأعلى ضد الصخرة، وعندما يأتي لقتلك، سيضرب صدره السكين، وسيُثقب حتى الموت، أنت لست قوياً بما يكفي لقطع ريشه بسكينك، لكنّه قوي بما يكفي لتدمير نفسه.

وفي صباح اليوم التالي عندما خرج النسر العظيم، فعل الصبي كما أخبرته رؤيا الليل، واستعد بسكين صيده الحاد، وأشار بها إلى أعلى في اتجاه الصخرة وظل جالسًا منتظرًا، ثمّ سمع صغار النسور تصدر ضجة كبيرة وتبكي بصوت عال على الإفطار، كان يعلم أنّ ساعته قد حانت، وسرعان ما سمع النسر العظيم صرخات صغاره، وعاد مسرعًا إلى العش لقتل الصبي.

حلّق حوله بصرخات مدوية ثمّ انقضّ عليه بقوة كبيرة، على أمل قتله بمنقاره ومخالبه، لكن بدلاً من ذلك، ضرب السكين الذي استعد لأعلى على الصخرة، واخترقت السكين صدره وبصراخ شديد تدحرج ميتًا في العش، ثمّ قتل الصبي النسور الصغيرة، وعرف أنّه الآن في أمان.

لكنّه لم يكن يعرف كيف ينزل من عش النسر، لأنّه كان يبرز مثل رف بعيدًا عن الشاطئ، وخلفه كان جدارًا من الصخور لا يستطيع التسلق حوله، ولم تكن لديه وسيلة لصنع سلم، ولم تكن صرخاته تُسمع على الشاطئ بسبب هدير الأمواج المستمر، وكان يعتقد أنّه سيموت جوعًا بالتأكيد، وفي تلك الليلة وضع نفسه لينام، ثمّ يقرر ماذا يفعل في الصباح.

ولكن في الليل رأى والدته مرّة أخرى وهو نائم، فقالت له : أنت فتى أحمق، لماذا لا تستخدم الأفكار التي أرسلها لك؟  لماذا لا تدخل جلد النسر وتزحف داخل الجلد، إذا كانت الأجنحة العريضة قادرة على حمل النسر في الهواء، فيمكنهم أيضًا حملك، انزل من الجرف وستهبط بأمان على الشاطئ، وفي اليوم التالي فعل الصبي كما أخبرته رؤيا الليل.

قام بالدخول لجلد النسر العظيم بعناية، ثمّ زحف داخل الجلد ودفع ذراعيه عبر الجلد فوق الأجنحة مباشرة، بحيث تمسك ذراعيه الممتدة الأجنحة بشكل مستقيم تحتها، ثم استعد للهبوط، ولكن عندما نظر من فوق الجر، كان خائفاً جداً، لأنّ المنظر أصابه بالدوار لشدة ارتفاعه، وعلى الشاطئ، بدا الرجال مثل الذباب، وكانوا بعيدين للغاية.

لكنّه تذكر الوعد الذي قطعه لوالدته في سباته، فاندفع بنفسه من الجرف ونزل بسرعة، وسمحت له أجنحة النسر العظيم بالسقوط بلطف في الهواء وهبط بأمان دون أن يصاب بأذى على الشاطئ، ثمّ زحف من جلده وانطلق إلى منزله، كانت رحلة طويلة، فقد حمله النسر العظيم بعيدًا، لكنّه وصل إلى منزله في المساء بسلام، واستقبلته والدته بفرح عظيم.

بدأ الولد يتفاخر بمغامرته، وأخبر أمّه كيف أنّه قتل النسر العظيم وكيف نزل سالماً من الجرف، ثمّ تحدث عن نفسه بفخر كبير وعن قوته وحنكته، لكنّ المرأة العجوز من أرض الصغار حيث جنيّات التلال والتي كانت لا تزال حاضرة مع والدته، قالت: أوه، أيّها الفتى الشقي، لا تفكر في نفسك كثيرًا، قوتك لا شيء، ودهاؤك هو لا شيء.

ثمّ قالت العجوز: لم تكن هذه الأشياء هي التي أنقذك، لكنّها كانت قوة أفكارنا، هذه وحدها تدوم وتنجح عندما يفشل كل شيء آخر، لقد علمتك عدم جدوى كل الأشياء المادية والتي في النهاية ليست سوى رماد أو مثل الغبار، أفكارنا وحدها يمكن أن تساعدنا في النهاية، لأنّها وحدها هي الأبدية، واستمع الصبي وتساءل عمّا قالته المرأة العجوز من أرض الأطفال الصغار، لكنّه لم يعد يتفاخر بقوته.


شارك المقالة: