قصة الفنون السوداء أو (Black Arts) هي حكاية فولكلورية صينية مقسمة إلى عدة فئات، حررها الدكتور فيلهلم، نشرت عام 1921، للناشر شركة فريدريك ستوكس.
الشخصيّات:
- الزوجة.
- الزوج.
- والدي الزوج.
قصة الفنون السوداء:
كان الأشخاص المتوحشين الذين يسكنون في الجنوب الغربي هم أسياد العديد من الفنون السوداء، غالبًا ما يستدرجون الرجال من المملكة الوسطى إلى بلدهم من خلال وعدهم بالزواج من بناتهم، لكنّ وعودهم لا يمكن الوثوق بها، وذات مرة كان هناك ابن عائلة فقيرة، وافق على العمل لمدة ثلاث سنوات لواحد من الرجال المتوحشين من أجل أن يصبح زوج ابنته.
وفي نهاية ذلك الوقت، تمّ الاحتفال بالزفاف وتمّ منح الزوجين منزلاً صغيرًا، ولكن ما إن دخلاها حتى حذرت الزوجة زوجها بشدة، لأنّ والديها لم يحبانه، وسيسعيان إلى إلحاق الأذى به، وفقًا للعرف دخلت المنزل أولاً بمصباح مضاء، لكن عندما تبعها العريس كانت قد اختفت، وهكذا كانت تسير الأمور يوماً بعد يوم حيث كانت تتواجد هناك أثناء النهار، لكن عندما يحل المساء كانت تختفي.
وفي أحد الأيام، بعد فترة ليست طويلة من زواجهما، قالت له زوجته: صباح الغد تحتفل أمي بعيد ميلادها، وعليك أن تذهب لتهنئتها، وسوف يقدمون لك الشاي والطعام، أمّا الشاي قم بشربه، لكن تأكد من عدم لمس أي طعام، وضع هذا الكلام بمخيلتك ولا تنساه، فذهبت الزوجة والزوج في اليوم التالي إلى منزل والدتها وقدموا التهاني.
بدا والداها في غاية السعادة، وقدما لهما الشاي والحلويات، ثمّ شرب الصهر الشاي، لكنّه لم يأكل شيئًا، على الرغم من أنّ والدا زوجته بكلماتهم اللطيفة وإيماءات ودية، ظلّوا يحثونه على تناول الطعام، وأخيرًا، لم يعرف صهرهم ماذا يفعل، واعتقد أنّه من المؤكد أنّه لن يستطيع التهرب أكثر، وعندما رأى ثعابين وسرطان البحر الطازج على الطبق أمامه، أكل القليل منها.
وعندما نظرت زوجته بنظرة عابرة ورأت ما فعل، قدّم لها بعض الأعذار وأخذ إذنها لتناول المزيد،لكنّ والدة زوجته قالت: هذا عيد ميلادي. عليك ببساطة أن تتذوق طعام عيد ميلادي! وبهذه الطريقة وضعت أمامه طبقًا كبيرًا مليئًا بالمعكرونة التي تشبه خيوط الفضة، مختلطة باللحم الدسم، ومتبلة بالفطر المعطر، وطوال الوقت الذي كان يعيش فيه في البلد، لم يكن الشاب قد رأى مثل هذا الطبق من قبل.
كانت رائحته اللطيفة تغري أنفه، ولم يستطع مقاومة رفع عصي التقطيع، وعندما نظرت زوجته إليه، لكنّه تظاهر بأنّه لا يراها، سعلت بشكل ملحوظ كإشارة للفت انتباهه، لكنّه تصرف وكأنّه لم يسمع. وداست أخيرًا على قدمه تحت الطاولة، ثمّ استعاد السيطرة على نفسه، لم يأكل بعد نصف الطعام، ثمّ قال: أشبعت جوعي، ثمّ أخذ إذناً وخرج مع زوجته.
قالت زوجته بعد خروجهما: هذه مسألة خطيرة، لن تستمع إلى كلماتي، والآن عليك بالتأكيد أن تموت! لكنّه مع ذلك لم يصدقها، حتى شعر فجأة بآلام رهيبة سرعان ما أصبحت لا تطاق، حتى سقط على الأرض فاقدًا للوعي، علّقته زوجته على الفور من قدميه من عارضة السقف، ووضعت تحت جسده قدرًا من الفحم المتوهج، ووعاءً كبيرًا من الماء، كانت قد سكبت فيه زيت السمسم أمام النار تحت فمه.
وعندما سخّنته النار تمامًا، فتح فمه فجأة، وعندها خرج منه كتلة زاحفة من الديدان السامة والضفادع الصغيرة التي سقطت جميعها في جرّة الماء، ثم قامت زوجته بفك رباطه وحملته إلى الفراش، وأعطته شراباً ممزوجًا برائحة الزهور ليشربه، ثمّ تعافى وقالت زوجته: ما أكلته معتقدًا أنها ثعابين وسرطان البحر لم يكن سوى الضفادع والضفادع الصغيرة، وكان طعام عيد الميلاد عبارة عن ديدان ومئويات سامة، لكن يجب أن تستمر في توخي الحذر.
ثمّ قالت: يعلم والداي أنّك لم تمت، وسوف يفكران في خطط شريرة أخرى، وبعد أيام قليلة، قال له والد زوجته: هناك شجرة كبيرة تنمو على الهاوية تعلو الكهف، فيها عش طائر الفينيكس، ما زلت صغيرًا وقادرًا على التسلق، لذا اذهب إلى هناك بسرعة واجلب لي البيض! فذهب صهره إلى المنزل وأخبر زوجته التي قالت له: خذ أعمدة طويلة من الخيزران واربطها معًا واربط سيفًا منحنيًا في الأعلى.
وخذ أرغفة الخبز التسعة هذه وبيض الدجاجات هذه، هناك سبعة أضعاف منها، احملها معك في سلة، وعندما تصل إلى المكان سترى عشًا كبيرًا في الفروع، يجب عليك أن لا تتسلق الشجرة بل تقطعها بالسيف المنحني، ثمّ ارمي العصي بعيدًا، واهرب من أجل الحياة العزيزة، وإذا ظهر وحش وتتبعك، ارميه بأرغفة الخبز ثلاثة أرغفة في كل مرة، وأخيراً ألقِ البيض على الأرض وعد للمنزل بأسرع ما يمكن.
بهذه الطريقة يمكنك الهروب من الخطر الذي يهددك، لاحظ الرجل كل ما قالته بالضبط وذهب، ومن المؤكد أنّه رأى عش الطائر، كان كبيرًا مثل جناح دائري، ثمّ ربط سيفه المنحني بالعمودين، وقطع الشجرة بكل قوته، ووضع عصاه على الأرض ولم ينظر حوله أبدًا بل ركض من أجل الحياة العزيزة، وفجأة سمع هدير عاصفة رعدية تتصاعد فوقه. عندما نظر لأعلى رأى تنينًا عظيمًا، كن له اجنحة طويلة وعرضه نحو عشرة أقدام.
كانت تلمع عيناه مثل مصباحين وكان يبصق نارًا ولهباً من فمه، لقد بسط جهازي استشعار وكان يستشعر الأرض، ثمّ قام الرجل برمي الأرغفة بسرعة في الهواء، أمسكهم التنين واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يلتهمهم، ولكن ما أن قطع الرجل بضع خطوات حتى جاء التنين مرة أخرى طائرًا وراءه، ثمّ ألقى عليه المزيد من الأرغفة، وعندما انتهى الخبز، قلب سلته حتى تدحرج البيض على الأرض.
لم يكن التنين قد أشبع جوعه وفتح فكيه الجشعين على مصراعيه، وعندما رأى البيض فجأة، نزل من الهواء وبما أنّ البيض تناثر حوله، فقد استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يمتصهم جميعًا، وفي غضون ذلك نجح الرجل في الهروب إلى منزله، وعندما دخل الباب ورأى زوجته، قال لها وسط تنهدات: لقد قمت بكل ما يمكنني فعله للهروب، وأنا محظوظ لأنني لست في بطن التنين! إذا استمر هذا النوع من الأشياء لفترة أطول فسوف أموت!
وبهذه الكلمات جثا على ركبتيه وتوسّل إلى زوجته في شفقة لإنقاذ حياته، وقالت له: اين هو منزلك؟ فأجاب الزوج: بيتي على بعد حوالي مائة ميل من هنا، في المملكة الوسطى وما زالت أمي العجوز تعيش، الشيء الوحيد الذي يقلقني هو أننا فقراء للغاية، قالت زوجته: سأهرب معك، ونجد أمك، ولا تكن نادماً على فقرك، وبهذا جمعت كل ما في منزلها المحتجز من اللؤلؤ والأحجار الكريمة، ووضعته في كيس وربطه زوجها حول خصره.
ثمّ أعطته مظلة أيضًا، وفي منتصف الليل تسلقوا الجدار بمساعدة سلم، وسرقوا انفسهم بعيدًا، قالت له زوجته أيضًا: خذ المظلة على ظهرك واركض بأسرع ما يمكن! لا تفتحها ولا تنظر حولك! سأتبعك في الخفاء، لذا استدار شمالاً وركض بكل قوته وعزمه، كان يركض لمدة يوم وليلة، وقد قطع ما يقرب من مائة ميل وتجاوز حدود بلد الناس المتوحشين، وعندما تعبت ساقيه وأصبح جائعًا.
كان أمامه قرية جبلية، ثمّ توقف عند بوابة القرية للراحة وسحب بعض الطعام من جيبه وبدأ في تناول الطعام، ونظر حوله دون أن يتمكن من رؤية زوجته، قال لنفسه: ربما خدعتني بعد كل شيء، ولم تأت معي! وبعد أن انتهى من الأكل، تناول ماءً من النبع، وجرّ نفسه بشكل مؤلم، وعندما كانت حرارة النهار في ذروتها، بدأت أمطار جبلية عنيفة تتساقط فجأة.
وفي عجلة من أمره نسي ما قالته له زوجته وفتح مظلته، فوقعت امرأته على الارض، وبّخته قائلة: مرة أخرى لم تسمع نصيحتي، الآن تمّ الضرر! وطلبت منه بسرعة أن يذهب إلى القرية، وهناك لشراء ديك أبيض وسبعة أكواب شاي سوداء، ونصف من القماش الأحمر، ثمّ قالت له وهو يغادر: لا تدخر القطع الفضية في جيبك! ذهب إلى القرية واهتم بكل شيء، وعاد بسرعة.
مزّقت المرأة القماش وصنعت منه معطفًا ولبسته، وسرعان ما ساروا بضعة أميال قبل أن يروا سحابة حمراء ترتفع في الجنوب مثل طائر، قالت المرأة: هذه أمي، وفي لحظة كانت السحابة فوق رؤوسهم، ثمّ أخذت المرأة أكواب الشاي السوداء وألقت بها، ألقت سبعة في المرة الأولى وسبعة مرة أخرى، ثمّ سمعوا الأم في السحابة تبكي وتوّبخ، وعندها اختفت السحابة.
استمروا لمدة أربع ساعات، ثمّ سمعوا صوتًا مثل ضجيج العواصف، ورأوا سحابة سوداء مثل الحبر والتي كانت تندفع في مواجهة الريح قالت المرأة: للأسف، هذا هو والدي! هذه مسألة حياة أو موت، لأنّه لن يتركنا! بسبب حبي لك، سأضّطر الآن إلى عصيان أقدس القوانين! وبهذه الكلمات استولت بسرعة على الديك الأبيض، وفصلت رأسه عن جسده، وألقت رأسه في الهواء.
وفي الحال تلاشت السحابة السوداء، وسقط جسد والدها حيث كان الرأس مقطوع عن الجذع على حافة الطريق، ثمّ بكت المرأة بمرارة، وبعد ذلك دفنوا الجثة، ثمّ ذهبوا معًا إلى منزل زوجها حيث وجدوا والدته العجوز لا تزال تعيش، ثمّ قاموا بتفكيك كيس اللؤلؤ والمجوهرات، واشتروا قطعة أرض جيدة، وبنوا منزلًا جيدًا وأصبحوا أعضاء أثرياء ومحترمين في المجتمع.