تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية للكاتب العالمي هانس كريستيان أندرسن، وقد تطرق من خلالها إلى تناول قصة حدثت مع جندي بينما كان عائد من الجبهة.
قصة القداحة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الجنود الذي كان عائد من الجبهة، وأثناء طريق عودته التقى بعجوز ساحرة، وحين نظرت العجوز إلى حالة المهلكة من العمل، وهذا ما جعلها ترغب في مكافئته وإعطائه مبلغ من المال، وهنا أشارت للجندي إلى شجرة كبيرة كانت بالقرب منهم، وقالت له: عليك أن تتسلق إلى أعلى الشجرة هناك جوف سوف تدخل به وأنا بدوري سوف أقوم بربط حبل حول خصرك؛ وذلك من أجل أن أقوم بسحبك حينما تنادي عليّ.
وهنا سألها الجندي: وما الذي سوف أفعله داخل الشجرة؟ فردت العجوز: حينما تصل إلى أسفل الشجرة، سوف تجد ممر عريض مضاء ثم بعد ذلك سوف ترى أمامك ثلاثة أبواب باستطاعتك فتحها، إذ أن المفاتيح موجودة في أقفالها في البداية سوف تدخل أول غرفة وفي وسطها سوف تجد صندوق خشبي، يجلس فوقه كلب له عينان كبيرتان، أزح الكلب وافتح الصندوق وخذ ما شئت من الأموال، ولكن في تلك الغرفة النقود مصنوعة من النحاس، وفي حال كنت ترغب في الحصول على نقود الفضة توجه للغرفة الثانية، وفي حال رغبت بالحصول على النقود من المصنوعة من الذهب الخالص فعليك بالغرفة الثالثة.
وفي تلك الأثناء سأل الجندي العجوز حول المقابل الذي سوف يقدمه لها، وهنا ردت العجوز وقالت: أن تقوم بجلب قداحة عبارة عن آلة معدنية أثرية قديمة كانت جدتي نسيتها في يوم من في قاع الشجرة، وافق الجندي على طلب العجوز، وبالفعل قام بفعل تماماً مثل ما طلبت منه العجوز، وأول ما وصل للغرفة الأولى وفتح بحلق الكلب به، ولكن لم يهتم الجندي لذلك وقام بإزاحته وملأ جيوبه بالقطع النحاسية، ثم توجه للغرفة الثانية، وحينما شاهد النقود الفضية رمى القطع النحاسية وملأ جيوبه بالقطع الفضية، وبعدها توجه للغرفة الثالثة وحين فتح الصندوق وشاهد كمية الذهب المكدس، فقام برمي كامل القطع الفضية وملأ جيوبه وحقيبة الظهر من القطع الذهبية.
ثم بعد ذلك صاح للعجوز وقامت بسحبه، وأول ما وصل لها سألته العجوز: هل أحضرت الآلة المعدنية معك؟ فاندهش وقال الجندي: في الحقيقة لقد نسيت أمرها ومن هنا رجع مرة أخرى وجلب الآلة، حينها سألها: ما الذي سوف تفعلينه بتلك الآلة؟ فأجابته العجوز: ليس من شأنك، وفي تلك الأثناء لما لاحظ الجندي مدى تعلق العجوز بالآلة أصر أن تبقى معه، وقد حاول تهديدها بالسيف الذي يحمله مقابل أن تصرح له عن غرضها من تلك الآلة، إلا أنها أصرت على التزام الصمت وعدم البوح بشيء، ولكن ما حدث أن الجندي نفذ تهديده وقطع رأس العجوز وأردف بها أرضاً، وأخذ سترتها ووضع بها جميع ما لديه من نقود ذهبية.
وتوجه بعد ذلك على الفور إلى أجمل مدينة، ومن هناك حجز في أفخم الفنادق وبعد أن قضى أجمل ليلة في حياته نهض في الصباح وتوجه للسوق وقام بشراء أفخم أنواع الملابس، وبعد أن بدأ يرتدي تلك الملابس أصبح يبدو وكأنه من طبقة النبلاء، وبعد الحديث مع بعض الأشخاص في ذلك الفندق سمع أن هناك فتاة جميلة جداً وهي ابنة حاكم المدينة.
وهنا سأل الجندي: في أين مكان يمكن رؤية تلك الفتاة، فأجابه أحدهم أنه من غير الممكن رؤيتها فهي تقيم في قصر والدها الحاكم وهو ذو جدران وأبراج شاهقة وليس هناك من يجرؤ على الدخول إلى هناك، وفي أحد الأيام تنبأت لها سيدة عجوز أنها سوف تتزوج من مجرد جندي عادي، إلا أن ذلك الأمر لم يستسغه الحاكم.
حين سمع الجندي ذلك أصر على مقابلة تلك الفتاة الحسناء، وكان يردد في نفسه أنه أصبح شاب ثري وحسن المظهر ولديه الكثير من العلاقات المهمة في المدينة، إذ أثبت وجودة وحضوره بعد مرور فترة وجيزة على إقامته في المدينة، إذ رأوا فيه أهل المدينة رجل طيب وكريم وأنه لا بد أنه من عائلة نبيلة، إلا أنه جراء الإسراف العالي دون وجود دخل بالمقابل كان ما قضى على الجندي وأصبح لم يتبقى لديه من النقود حتى لشراء مصباح حتى يضيء به تلك الغرفة التي قام بشرائها قبل أن تنفذ نقوده، وعند تفكيره بالحل تذكر الشمعة الصغيرة والآلة المعدنية التي أخذها من جوف الشجرة.
وفي تلك الأثناء قام بتناول الآلة والشمعة الصغيرة، ولكن ما أثار دهشة الجندي أنه حينما قام بقدحها وإذ بالكلب أصبح واقف أمامه، وقال له الكلب: أطلب ما تشاء يا سيدي ولك كل ما تطلبه، حينها أمره الجندي بإحضار كيس من النقود، وبالفعل لحظات وقد كان الكيس بين يدي الجندي، وهنا عرف الجندي بسر الآلة، فعند القدح بها لمرة واحدة تحضر النقود النحاسية، وعند القدحتين تحضر النقود الفضية، وعند الثلاث قدحات تحضر النقود الذهبية، وهنا سرعان ما همّ الجندي بالحصول على غرفة أنيقة المظهر.
وفي لحظة من اللحظات كانت رغبة الجندي في رؤية الأميرة كبيرة، وبينما كان يفكر في طريقة لرؤيتها فكر أن يطلب ذلك الأمر من الآلة السحرية، وبالفعل ما أن طلب ذلك حتى جاء بها الكلب محملاً إليها على ظهره، حيث أنها كانت نائمة في ذلك الوقت، وقد بدت في غاية الجمال والحسن، وبعد ذلك عاد الكلب بالأميرة قبل أن يتم اكتشاف أمر عدم تواجدها في القصر.
وفي صباح اليوم التالي وبينما كانت الأميرة جالسة مع والدها الحاكم قالت: إنها شاهدت في منامها حلم غريب وقد كان في ذلك الحلم كلب وجندي، وهنا قالت والدتها الملكة: أي خيال تملكين يا أميرتي، وفي ذلك الوقت قام الحاكم بتعيين إحدى الوصيفات من أجل أن تحرس سرير الأميرة، ليرى إن كان ذلك بالفعل حلم أم ماذا؟
وبعد مرور فترة من الوقت ليست بطويلة اشتاق الجندي بشكل عميق لرؤية الأميرة، ولهذا لبى الكلب طلبه وجاء بالأميرة، وقد حاولت الحارسة اللحاق به، إلا أنه اختفى في أحد المنازل، وحينما نقشت الحارسة إشارة على باب ذلك وعادت إلى القصر، وبعد ما يقارب على الساعة بعد أن عاد الكلب بالأميرة لاحظ وجود علامة على باب منزل الجندي، حينها قام بنقش ذات العلامة على كامل المنازل في المدينة، وفي الصباح الباكر أخبرت الحارسة الحاكم بالأمر، وحين خرج ليرى ذلك المنزل وجد أن العلامة ذاتها موجود على كامل المنازل في المدينة.
كانت الملكة على قدر عالي من الذكاء والدهاء، وفي تلك الأثناء وجدت أنه ينبغي عليها التدخل في الأمر، وحينها قامت بتناول قطعة من القماش وربطها بالأميرة ووضع كمية من الحنطة بداخلها وثقبها من الأسفل، وذلك حتى تتساقط حبات الحنطة طيلة الطريق التي تمر بها الأميرة.
وبالفعل نجحت خطة الملكة وفي الصباح تم إلقاء القبض على الجندي وزج به في السجن، وقد حكم عليه بالإعدام في اليوم التالي، وبدأ يرتعش الجندي من الحال التي أصبح بها، وما زاد من رعبه هو أنه نسي الآلة في غرفته، وفي الصباح الباكر وبينما كان العديد من الجنود يتجهزون ويعدون من أجل إقامة حكم الإعدام نهض الجندي ونظر من شباك غرفة السجن، وإذ به يرى شاب كان مسرعاً على ظهر حصانه
وفي تلك اللحظة بدا له أن الشاب فقير وسرعان ما قام الجندي بندائه وطلب منه أن يحضر له الآلة المعدنية مقابل أن يعطيه أربع فلسات، فرح الشاب بذلك وهم مسرعاً لجلب الآلة قبل تنفيذ حكم الإعدام، وما لبث دقائق حتى أصبحت الآلة السحرية بين يدي الجندي. وفي اللحظة التي تم نقل الجندي لتنفيذ حكم الإعدام به، وقاموا حاشية الحاكم بربط الحبل حول عنقه قال أمام الحشود: في العادة ما يتم السماح للمحكوم عليه بالإعدام أن تحقق له أمنية بسيطة يتمناها، وهو يتمنى أن يتناول السجائر للمرة الأخيرة.
وافق الحاكم على طلبه، حينها قام الجندي بقدح القداحة ثلاث مرات على التوالي، وهنا حضروا الكلاب الثلاثة أمام الجندي، وحينها طلب منهم مساعدة في عدم تنفيذ حكم الإعدام به، وبالفعل هجموا الكلاب على الجميع ومن بينهم الملك والملكة، وحينما شاهدوا الجموع ما حدث طلبوا منه أن يصبح ملكهم، وفي النهاية هذا ما حدث إذ أصبح ملك عليهم وتزوج من الأميرة وعاشوا حياة سعيدة.