يمتلك بعض الأشخاص صفات وهي ما تميزهم عن غيرهم، هذا ما حدث مع الأمير ذو القدم الذهبية، الذي كان يمتاز بقدمين صغيرتين تختلف عن أقدام بلدته الكبيرة، وكان هذا الشيء سبب في تعرّفه على أميرة جميلة في البلدة المجاورة والزواج بها.
قصة القدم الذهبية
كان هنالك في الزمن القديم بلاد جميلة جدّاً، وكانت تلك البلاد مليئة بالأشجار والأزهار، وتمتاز بطقس جميل ورائع، وحتّى سكّانها كانوا أناس طيبّي القلب، وكانوا سكّان تلك البلدة يميّزهم شيء غريب وهو أنّهم بأقدام كبيرة، فمن يدخل تلك البلاد من الصعب أن يجد بها أي شخص لديه قدم صغيرة.
كان حاكمها يلقّب بصاحب القدم الحديدية، والسبب في ذلك أنّه لديه قدم كبيرة من حديد، ولهذا الحاكم زوجة جميلة الوجه، ولديها أيضاً قدم جميلة؛ إذ أنّ حجم قدمها يفوق حجم أقدام النساء الأخريات، وهذا يعتبر معيار الجمال في ذلك الوقت، يعمل سكّان البلاد في الحدائق المتواجدة حول منازلهم، وكانوا يعتبرون أن تبادل الأزهار كنوع من التحية.
يجتمع سكّان البلاد في السوق فقط، ولا يقتربون أيداً من الغابات المحيطة بهم؛ علماً بأنّ تلك الغابات سكناً للسحرة والمشعوذين، ولم يسكن في تلك الغابات سوى صياد مسنّ طيب القلب واسمه العم صالح، للملك والملكة أربعة من الفتيات الجميلات، ولكن الملك كان يرغب بأن يرزق بمولود ذكر، وكان دائم القلق بشأن هذا الأمر، خاصّةً أن صحة الملكة كانت ليست على ما يرام.
ظلّ الملك كذلك حتّى جاءه خبر في إحدى الأيام بأنّ زوجته قد حملت، فرح الملك وأهل البلدة كلّهم بهذا الخبر، ولكن الفرحة لم تتمّ؛ عندما وضعت الملكة مولودتها الأميرة الخامسة، لأن الملك كان ينتظر أن تلد له ولد، غضب الملك ونوى أن لا يدخل على زوجته الملكة ولا يراها، عندما سمع العم صالح بذلك غضب كثيراً، وقال له: لا يجوز لك يا سيدي أن تعترض على حكمة الله، يجب عليك أن تدخل وتطيّب خاطر زوجتك الملكة، ولكن الملك كان مصرّاً على الذهاب في رحلة صيد مع العم صالح.
ذهب الملك مع العم صالح، وتفاجئ الجميع كيف للملك أن يسافر إلى مكان سكن السحرة والجن، وحزنت زوجته مذلك حتّى أنّها تعبت وصارت تشعر بالمرض لشدّة حزنها؛ فقد طال سفر زوجها الملك، وبينما كان الملك والعم صالح يسيران في الغابة، إذ طلب الملك أن يستريح، فذهبا سويّةً تحت ظلّ إحدى الأشجار ذات الفروع الطويلة.
حلم الملك حلماً غريباً، فقد جاءه شخص وأخبره بأن يعود للقصر وأن يطيّب خاطر زوجته؛ فقرّر الملك أن يعيد لزوجته الابتسامة وأن يرضى بقضاء الله، وبعد مدّة من الزمن حملت زوجته وأخبره الحكماء أن زوجته تحمل في أحشائها مولود ذكر، فرح الملك بذلك وفرح أهل البلاد، وجهّز الملك كل أنواع الزينة احتفالاُ بقدوم ولي العهد.
عندما وضعت الملكة المولود تفاجأ الجميع أن لدى هذا المولود قدمين صغيرتين، وهو يختلف بذلك عن الآخرين، عندما رأى الملك ابنه كذلك، قرّر أن يجعله يعيش خارج القصر لأنّه يختلف عن عيره، فذهب ليعيش مع الصياد المسن العم صالح، وتعلّم مهنة الصيد، وكان يجري ويقفز سعيداً، ولكن أطفال البلاد كانوا يسخرون منه ويسمّونه صاحب القدم الذهبية.
شعر الأمير الصغير بالحزن لذلك، وفي يوم من الأيّام بينما كان الأمير يتجوّل في إحدى الغابات إذ سمع صوت بكاء عصفور صغير، اقترب الأمير من العصفور وسأله عن سبب بكائه، فردّ عليه العصفور قائلاً: إن في البلدة المجاورة أميرة جميلة، ولكنّ هناك ساحرة شرّيرة قامت بتحويل أقدامها إلى أقدام كبيرة، وهي حزينة وأنا أبكي لأجلها.
تفاجأ الأمير ممّا سمع، وطلب من العصفور أن يأخذه إليها، وصل الأمير لتلك الأميرة وسمع قصّتها، قالت له الأمير: أمرك غريب إن ما يسعدك يبكيني، عاد الأمير إلى شيخ الصيادين العم صالح وأخبره بما رأى، قال له العم صالح: يا بني إن في آخر الغابة بئر يسمّى بئر السحرة، عندما تذهب إليها الأميرة وتضع قدميها فستعود كما كانت.
قرّر الأمير الصغير اصطحاب الأميرة إلى هناك، على الرغم من تحذير العم صالح له بأن الطريق مليئة بالأخطار، ولكن لشدّة شجاعة هذا الأمير الصغير الطيب، استطاع الوصول إلى هذا البئر، وساعد الأميرة لكي تعود قدميها كما كانت، فرحت الأميرة لذلك وشكرت الأمير ذو الأقدام الصغيرة، وبعد مدّة من الوقت تزوّج الأمير بتلك الأميرة، وعاش في تلك البلاد المجاورة بعيداً عن والديه وبلده، وأنجب أولاد وبنات، وظلّ يزور بلاده هو وزوجته بين الحين والآخر.