قصة الماسات الثلاثة

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول شاب كان يعيش حياة فقر دفعت به إلى الكثير من السلوكيات السيئة، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أصبح به ثرياً وغير طريقه بالكامل.

الشخصيات

  • الجدة
  • الشاب اللص
  • الحاكم
  • المستشار

قصة الماسات الثلاثة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في الزمن القديم في مملكة بريطانيا العظمى، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك شاب يعيش مع جدته، وهذا الشاب مهمته في الحياة هي السرقة، وفي يوم ما قالت له الجدة: يا حفيدي، ألا تغير طريقك؟ إنني سوف أموت وأنا امرأة غير سعيدة، فأنت تسلك طرق كلها غير شرعية، ولا تعرف الطريق الصحيح على الاطلاق، وهنا رد عليها الحفيد وقال: كيف يمكنني يا جدتي أن أغير طرقي؟ أنني أتناول الكحول لكي أنسى فقرنا، بينما ألعب الورق على مبدأ المراهنة حتى أراهن على أن أحظى ببعض المتعة في حياتي، وأتوجه للسرقة من أجل أن نحصل على الطعام وأكذب من أجل تخليص نفسي من سرقاتي. فقالت الجدة: حسنًا، ولكن عليك على الأقل أن تغير إحدى تلك السيئات، فكر الشاب للحظات في كلام الجدة وقال: حسنًا، سوف أتوقف عن الكذب إذا أصررت، فمن الآن وصاعدًا سوف أقول الحقيقة فقط.

وفي تلك المدينة التي يسكنها الجدة وحفيدها كان يقيم حاكم يدعى راجح، وكان ذلك الحاكم على الرغم من أنه رجل ثري وقوي، إلا أنه لم يكن سعيدًا في حياته، إذ شعر أن مستشاره كان يخفي عنه حقائق كثيرة، وفي يوم من الأيام أصر أن يقوم بالتنكر والتخفي ومعرفة حقيقة الحياة التي يعيشها، وبالفعل في ليلة من الليالي المظلمة خرج متخفي في زي متسول خرق، وهناك في الشارع في ذلك المساء التقى اللص الشاب، فسأله الحاكم: إلى أين تذهب؟ وهنا قال الشاب: أنا ذاهب إلى …، وعلى الفور صمت، ولكن بعد ذلك تذكر كلام جدته بأن لا يخرج من فمه سوى الحقيقة، وأكمل حديثه بقوله: أنا ذاهب إلى قصر الحاكم، فسأله المتسول: لماذا، فأجابه الشاب: سوف أسرق ما يمكنني الحصول عليه.

وهنا ضحك الحاكم المتسول وقال: اتبعني إذاً، وفي تلك الأثناء قاد اللص الشاب في الشوارع حتى وصلوا إلى طرف ذلك القصر الرائع، وهناك قال الحاكم المتسول للشاب: انتظر حتى يغير الحراس مهامهم ويذهبون إلى غرفة العرش، وهناك تحت العرش سوف تجد صندوقًا وداخل الصندوق سوف تحصل على كنز.

وبالفعل انتظر الشاب حتى ذهب الحراس وتسلل إلى داخل القصر، وقد كان لصاً خبيراً، إذ سرعان ما وجد طريقه إلى غرفة العرش، وهناك وجد تحت العرش صندوقاً مصنوع من الفضة، وحينما فتح الصندوق الفضي وجد بداخله ثلاث ماسات كبيرة متلألئة، وعلى الفور وضع تلك الماسات الثلاثة في جيبه، ولكن بعد لحظة تريث قليلاً وسأل نفسه: ثلاث ماسات، مع هؤلاء سوف أكون غنياً بما يفوق تصوراتي، فهل أحتاج حقًا إلى الثلاثة؟ وعندها أجاب نفسه بقوله: لا، أنا فقط بحاجة إلى اثنين.

ولذلك ترك ماسة واحدة في ذلك الصندوق وتسلل متجاوزًا الحراس وخرج من القصر، وهناك كان ينتظره في الظلام الحاكم المتسول، وأول ما وصل إليه الشاب سأله: هل سرقت ما كنت تبحث عنه؟ فأجاب الشاب نعم، لقد سرقت ماستين، فسأله المتسول: لماذا سرقت ماستين؟ فأجاب الشاب هذا يكفيني، وأنت لقد ساعدتني، ولذلك أنت تستحق واحدة من كلتا الماستين، وعلى الفور قدم ماسة واحدة لذلك الذي يبدو متسولًا وذهب في طريقه.

ولكن المتسول لم يتركه، إذ سار خلفه وتبعه إلى أن وصل إلى كوخ ذلك الشاب المسكين والذي كان يتقاسمه مع جدته العجوز، حينها عاد الراجح إلى قصره وخلع تلك الخرق وفي صباح اليوم التالي اتصل بمستشاره، واستدعاه إلى القصر وأول ما وصل المستشار قال الحاكم: كانت هناك سرقة في القصر في ليلة البارحة، انظر وشاهد ما تم سرقته!

وسرعان ما توجه المستشار إلى غرفة العرش وقام بإخراج الصندوق وحينما فتحه ووجد ماسة واحدة، وهنا قال المستشار: إنه لأمر غريب تمت سرقة الكنز، ولكن ليس كله، وفي تلك اللحظة نظر المستشار من حوله وتأكد من أنه لا أحد يراه، وقام بوضع الماسة الثالثة في جيبه، وقال: لا أحد سوف يعرف ذلك، وسرعان ما توجه إلى الحاكم وقال: أوه، يا سيدي انظر الكنز قد سرق والصندوق فارغ، وهنا قال الراجح مندهشاً: الصندوق فارغ! ثم أرسل حراساً إلى منزل اللص الشاب.

وعلى الفور تم جلب اللص الشاب إلى القصر، وكانت هناك سقالة واقفة وكان حبل المشنقة معلقًا، وسأل المستشار اللص: لماذا سرقت كنز الراجح الماسات الثلاثة؟ فرد اللص الشاب بكل صراحة وقال: لقد سرقت، ولكن ليس ثلاث ماسات، فقد تركت واحدة ورائي، لقد سرقت اثنين فقط، فقال المستشار: أي سارق سوف يسرق ماستين فقط، عندما يكون هناك ثلاثة؟ هيا أرني إياهم، فمد اللص الشاب يده إلى جيبه وأخرج ماسة واحدة فقط، فسأله المستشار: وأين الماسة الثانية إن كنت تقول الحقيقة، فأجاب اللص الشاب: الأخرى قدمتها إلى المتسول الذي ساعدني.

فنهر به المستشار وقال: إنك كاذب، وأي لص سوف يشارك ما سرق؟ وفي تلك اللحظة تقدم للأمام الراجح بثيابه الرائعة، وقال: لقد صدقت، إنني كنت المتسول الذي أرتدي الخرق، وبالفعل قدم لي ماسة واحدة، ولكن أين هي الماسة الثالثة؟ دعونا نرى وأمر الحراس بتفتيش المستشار على الفور.

وعلى الرغم من مقاومة المستشار ورفضه لذلك، إلا أنه تم العثور على الماسة الثالثة في جيوبه، وهنا تحدث الراجح لكل من اجتمعوا أمام القصر ليشهدوا الإعدام، وسألهم: ماذا أفعل بهذا المستشار الذي خدعني، هذا الرجل الذي وثقت به؟ وهنا نظر الناس مندهشين وتمتموا فيما بينهم ورددوا: لماذا يجب أن يُشنق، وليس اللص الشاب! وفي تلك الأثناء قام الحاكم وقاد المستشار إلى السقالة ولف الحبل حول عنقه وقال له: استعد للموت، وهنا تساءلت الحشود: وماذا عن هذا اللص الشاب الذي قال الحقيقة؟ وصاحوا بأعلى صوتهم وقالوا: اجعله مستشارك الجديد، فأجابهم الحاكم: وهو كذلك.

وفي النهاية أصبح اللص الشاب مستشار للحاكم، لكن هذه ليست نهاية القصة، إذ قام الحاكم بالحديث إلى اللص وقال: انظر إلى ذلك الرجل على منصة الإعدام، فهو أخطأ، وأنت إذا أخطأت سوف يكون مصيره حتماً مثله تماماً، وهنا قال له الشاب: الآن أنا مستشارك وسوف تتغير حياتي، إذ أنني لن أحتاج بعد الآن للكحول حتى أنسى فقري، ولن أقوم بالسرقة بسبب فقيري، لم أعد بحاجة للعب الورقة من أجل المراهنة على حظي، من الآن فصاعداً سوف يكون عملي نصيحة لمصلحة الأرض، كما أنني سوف أقول الحقيقة فقط، والحقيقة لهذا اليوم هي أن هذا المستشار يستحق فرصة ثانية تمامًا كما أتيحت لي فرصة ثانية، أخذ منه ثروته ومكانته ودعه يعيش رجلاً فقيراً، ربما سوف يتعلم طريق العالم الصحيح.

العبرة من القصة هي أن الإنسان يتعلم الكثير من التجارب التي يخوضها، ولكن من الأجدر به أن يتعلم السير في الطريق السوي والسليم.


شارك المقالة: