الخوف هو طريق الفشل بكل شيء؛ فلا يستطيع المرء أن يستمتع بحياته أو أن يفعل أي شيء بمرافقة شعور الخوف، لذلك يجب على الشخص تحدّي هذا الشعور السيء، هذا ما حدث مع الماعز الشجاع الذي كان دائماً ينصح صديقه الفيل بترك الخوف ليستطيع العيش بسلام، ولكنّه لم يصدّق كلامه إلّا عندما رآه كيف استطاع أن يتحدّى حيوانات الغابة المفترسة بالحيلة والذكاء.
قصة الماعز الشجاع
في إحدى الغابات تعيش الحيوانات بسلام، وكان هنالك صداقة قويّة وغريبة تربط بين الفيل والماعز، كان الفيل يعاني من مشكة خوفه الدائم من الأشياء؛ حيث كان لا يعرف كيف يتعامل مع المصاعب التي يمرّ بها في حياته، بالإضافة لخوفه من كل شيء، ولكن الماعز صديقه كان دائماً يقوم بتشجيع صديقه الفيل على تجاوز هذه المصاعب والتغلّب على كلّ مخاوفه.
من أكثر مخاوف الفيل هو خوفه من حيوان النمر بالتحديد؛ حيث كان دائماً يتخيّل بأن النمر المفترس دائماً يلاحقه ويريد افتراسه، ولكن الماعز صديقه كان يطمأنه بأن لا يخاف وأنّه بجانبه، ولكن دون أي جدوى؛ فمخاوف الفيل لا زالت مستمرّة، وفي يوم من الأيام شعر الماعز والفيل بالعطش الشديد؛ فقرّرا أن يذهبا إلى بحيرة قريبة لشرب الماء، وكان الفيل يمشي طوال الطريق بخوف شديد ويتلفّت من حوله، وعند وصولهم للبحيرة بدأ الماعز يشرب من ماء البحيرة، بينما كان الفيل يراقب من حوله ويتخيّل هجوم النمر بأي لحظة.
وبالفعل بينما كان الفيل يتلفّت إذ كان النمر قادم من بعيد، عندما شاهد الفيل النمر وهو قادم من بعيد شعر بالذعر ونوى الفرار، ولكن الماعز بدأ بطمأنته وقال له: لن ينفعنا الفرار يا صديقي؛ فالنمر حيوان سريع وإن نحن ركضنا فسوف يستطيع الإمساك بنا، انتظر وابقى مكانك وأنا سوف أتصرّف بهذا الأمر لا تقلق، ولكن الفيل كان واقفاً في مكانه يرتجف من شدّة الخوف.
وعندما اقترب النمر أكثر من البحيرة قفز الماعز فوق ظهر الفيل، ونظر للنمر بكل جرأة وقال له: هيا فلنذهب إليه، لم يكن أمام الفيل أي خيار سوى تنفيذ كلام الماعز؛ فبدأ يمشي باتجّاه النمر ويتظاهر بأنّه شجاع ولا يخاف، وعندما مشى باتجاه النمر أكثر نظر لهما النمر نظرة سخرية واستهزاء وقال لهما: وهل تظنّون أنّكم تخيفون حيوان مثلي، هل ستهاجمونني حقّاً؟ في ذلك الوقت شعر الفيل بأنّه لا يستطيع الوقوف أكثر؛ فالنمر لم يظهر أي تأثّر به وبصديقه.
نظر الماعز لهذا النمر بكل جرأة وقال له: ألا تعلم أيّها النمر أنّني قاتل النمور، لقد قمت بقتل تسعة وتسعين نمر من قبل، وأنت الآن سوف تكون العدد مئة، وهذا هو حلمي بالحياة أن أقتل مئة نمر، وأنت سوف تساعدني بتحقيقه الآن، عندما سمع النمر كلام هذا الماعز بدأ يفكّر بكلامه، وشعر بقليل من الخوف وصار يتراجع إلى الوراء شيئاً فشيئاً، ثم نظر للماعز وقال له: هل حقّاً أنّك قمت بقتل مئة نمر! في ذلك الوقت صمت الماعز ولم يرد على كلام النمر.
بعد مدّة قليلة على صمت الماعز بدأ ينطق بكلمات غير مفهومة، تشابكت الظنون وقتها برأس النمر وشعر بالخوف واختار أن يفرّ هارباً وهرب، في ذلك الوقت لم يصدّق الفيل ما رأى وشعر بدهشة كبيرة ونظر للماعز وقال له: كيف استطعت فعل ذلك، لقد خاف النمر وهرب بالفعل! ردّ عليه صديقه الماعز وقال: لا تظنّ أن ذلك كان بالأمر السهل، لقد أمضيت وقتاً طويلاً بالتدرّب على هذا الأمر.
أكمل الماعز كلامه قائلاً: لقد عشت في هذه الغابة ووسط الطبيعة لوقت طويل، والطبيعة من حولي هي من ساعدتني أن أفعل ذلك، وهي بالفعل أمكنتني من قتل تسعة وتسعين نمر، تفاجأ الفيل من كلام الماعز وقال له: هل تعني أنّك قمت بقتلهم؟ قال الماعز للفيل: كلّا يا صديقي أنا أقصد إخافتهم بهذا الشكل؛ فأنا عندما أخبر أي نمر بذلك فسيصبح غير قادر على مهاجمتي وأنا أكون قد قتلت غروره وحطّمت قوّته بذلك.
عندما كان النمر يركض خائفاً قابله الثعلب وقال له: ما الذي يخيفك أيها النمر؟ روى له النمر ما حدث معه فقال له الثعلب: لقد قام الماعز بخداعك هل تصدّق أن الماعز يستطيع قتل النمور! قال له النمر: هيا رافقني وستتأكّد بعينيك، مشى الثعلب مع النمر وعندما وجدوا الماعز والفيل، قفز الماعز فوق ظهر الفيل مرّةً أخرى، وقال: أحسنت أيّها الثعلب لقد جئتني بالنمر لأقتله، وأنا سوف أدعك تأكله بعد قتله.
نظر النمر الخائف للثعلب وظنّ أنّه قد غدر به بالاتفّاق مع الماعز، ثم بدأ بمهاجمته وقتله بواسطة أنيابه الحادّة وفرّ هارباً من الماعز، وبذلك تكون الماعز قد تخلّصت من شر النمر والثعلب للأبد، نظر لها الفيل مندهشاً وقال: أنا لن أعد خائفاً بعد اليوم يا صديقي، نظر له الماعز وقال: من يريد العيش بالغابة فيجب عليه ان ينسى خوفه.