قصة الملك وزوجة خادمه

اقرأ في هذا المقال


تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول أحد الملوك الذي أعجب بزوجة خادمة، وحينما حاول أن يفرق بينها وبين زوجها الخادم فشل في ذلك.

الشخصيات

  • الملك
  • الخادم
  • زوجة الخادم
  • شقيق زوجة الخادم
  • القاضي

قصة الملك وزوجة خادمه

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في زمن العصور القديمة، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك ملك يشعر بالضجر والملل، فقرر أن يصعد إلى أعلى القصر ليرفّه عن نفسه قليلاً ومنها يرى هيئة مدينته من أعلى، وبالفعل توجه نحو سطح القصر برفقه مجموعة من خدمه وحاشيته، وبينما كان ينظر إلى المدينة من أعلى رأى هناك سيده تقف على سطح منزلها، وقد كانت تلك السيدة تتميز بجمال فائق تجعل كل من ينظر إليها ينبهر به، وأخذ الملك يقول في نفسه لم أرى في حياتي أجمل من تلك السيدة، وهنا على الفور التف نحو واحد من خدمه وسأله من تكون تلك السيدة، ليرد عليه الخادم بأنها من تكون زوجة لواحد من العاملين لدى الملك من الحاشية.

وهنا فكر الملك في أي طريقة يتمكن بها من الحصول على تلك السيدة، فأول ما شاهدها وقع في حبها وأصبح يملكه الشغف في الزواج منها، فنزل الملك من أعلى قصره وأول ما قام به هو أنه قام باستدعاء الخادم زوج السيدة، وحينما حضر إليه قال له: أيها الخادم خذ هذا الكتاب واذهب به إلى أحد البلدان وقد سماها الملك له، وأتني بالجواب عليه، فتناول الخادم الكتاب بيده وامتثل لأوامر الملك، في البداية توجه إلى منزله في انتظار الصباح حتى يتوجه إلى ذلك المكان، وحينما وصل إلى منزله قام بوضع الكتاب تحت وسادته وجهز احتياجات السفر وخلد إلى النوم، ومع بزوغ فجر اليوم التالي ودع عائلته وصار طالبًا حاجة الملك.

ولكن في الحقيقية لم يكن الخادم يعلم الحقيقة وما يخبئه ويدبره له الملك، وأول ما علم الملك أن الخادم سار في طريقه على الفور توجه نحو منزل خادمه وقرع باب المنزل قرعًا خفيفًا، وحينها سألت الزوجة وقالت: من الطارق؟ فأجابها الملك وقال: إنني الملك سيد زوجك، ففتحت له الزوجة باب المنزل وعزمت عليه بالدخول واستقبلته بالترحيب، وأول ما جلس توجهت له الزوجة بحديثها وقالت: إنني أرى سيدنا اليوم في زيارتنا لعل هناك شيئاً؟

وهنا أجابها الحاكم وقال: أريد أن أتفقد أحوال منزل خادمي، فردت عليه الزوجة بقولها: ما سبب هذه الزيارة وما أظن أن بها خيرًا، وهنا صمت الحاكم للحظات ومن ثم رد عليها بقوله: أنا الحاكم سيد زوجك يبدو أنك لم تعرفيني، فأجابته زوجته الخادم بكلام لم يسبق له أن سمعه وقالت: لقد عرفتك يا سيدي وأعلم تماماً أنك الحاكم وسيد زوجي، ولكن سبقت الأوائل في زوجهم سوف أترك مائكم من غير ورد وذلك لكثرة الوراد فيه.

فإذا سقط الذباب على طعام رفعت يدي عنه بعزة نفسي، ولو كانت نفسي تشتهيه، كما أن الأسود تتجنب موارد الماء حينما يشاهدن الكلاب قد ولغن فيه، كما أنه ويبتعد الكريم عن خسيس البطن ولا يرضى مجابهة السفيه، وصمتت للحظات وأردفت حديثها قائلة: يا أيها الحاكم كيف لك أن تأتي مكان شرب أحد حاشيتك يشرب منه، وقد كان ذلك الكلام قد نزل على مسامع الحاكم وكأنه جبل ثقيل، وهنا خجل الحاكم من كلامها وتركها وخرج من المنزل، ومن شدة خجل الحاكم ولعثمته بالخروج نسي حذاءه في منزل الخادم، وأما ما حدث مع الخادم فإنه بعد أن سار لمسافة في الطريق تفقد الكتاب فلم يجده، وإذ بد يتذكر بأنه نسيه تحت وسادته، وهنا على الفور عاد إلى منزله في الحال فتوافق وصلوه مع خروج الملك فدخل للدار وإذ به يرى حذاء الحاكم.

وفي تلك الأثناء أدرك أن الحاكم في الحقيقة لم يرسله إلى ذلك المكان البعيد، إلا حتى يبتعد به عن المنزل، وفي تلك اللحظات ولم ينطق بأي شيء، وكل ما قام به هو أنه أخذ الكتاب وسار من أجل قضاء حاجة الحاكم وبعد أن انتهى من تلك المهمة وعاد إلى قصر الحاكم كافأه على قيامه بالمهمة على أكمل وجه وقدم له مبلغ مادي جزيل.

ولكن حينها لم يتوجه الخادم إلى منزله، بل توجه نحو السوق، وهناك قام بشراء كافة الأمور التي تحتاجها الزوجة من ملابس وحلي من أفخم وأفضل الأنواع مما يليق بها؛ وذلك حتى يقدمه لها كهدية ثم بعد ذلك ذهب إلى منزله وأول ما طرق الباب وفتحت له زوجته الباب واستقبلته بالتحية جلس ليرتاح قليلاً ومن ثم أخبرها أن الحاكم قد قدم له جراء قيامه بالمهمة التي أوكلها له مبلغ مالي جيد، وذهب به إلى السوق واشترى لها أجمل الثياب والحلي الذهبية.

وأردف حديثه قائلاً: إنني أريدك أن ترتدي تلك الثياب والحلي وتظهريها لأهلك، فردت عليه زوجته وقالت: حبًا وكرمًا يا زوجي العزيز، ثم قامت على الفور من مكانها وارتدت الملابس والحلي وتوجهت مباشرة إلى بيت والدها، وحينما رأتها عائلتها على هذا الحال ففرحت بها كثيراً وبقيت مقيمة في منزل والدها لمدة تقارب على شهر، وما كان غريب في الأمر أن يزوجها لم يذهب لرؤيتها والسؤال عنها طوال تلك المدة على الاطلاق، وذات يوم ذهب إليه أحد أشقائها وأول ما التقى به قال له: إما أن تخبرنا عن سبب غضبك من شقيقتي أو أن نتحاكم لدى الحاكم، فرد عليه الخادم وقال: إن شئتم الحكم فافعلوا ما شئتم، فلم أترك لها علي حقًا، وفي اليوم التالي طلبوه إلى الحكم لدى الحاكم فجاء هناك.

وأول ما وصلوا إلى القصر كان القاضي جالساً يتبادل الحديث مع الحاكم، وحينما بدأ شقيقها بالحديث قال: أنا شقيق الزوجة إن أعطيت هذا الخادم حديقة ورود مزهرة سليمة الحيطان وبها بئر من الماء وبها أشجار مثمرة، وهو ما قام به أنه دمر أزهارها وقطف ثمرها وهدم حيطانها وأحدث خراب في البئر، وهنا التفت القاضي إلى الخادم وقال له: ما تقول في ذلك أيها الخادم؟، فرد عليه الخادم وقال: سيدي القاضي استلمت هذه الحديقة وسلمتها إليه أحسن مما كانت عليه، فتوجه القاضي بحديثه إلى شقيق الزوجة وقال: هل بالفعل سلم إليك الحديقة كما كانت، فأجابه الشقيق: نعم ولكن أريد معرفة السبب الذي دفع به إلى إعادة تلك الحديقة بعد مرور كل ذلك الوقت، وهنا توجه القاضي بسؤاله إلى الخادم وقال: ما قولك في ذلك أيها الخادم؟.

فأجاب الخادم وقال: والله ما رددت الحديقة كراهية فيها، وإنما جئت يوم من الأيام فوجدت فيه أثر للأسد، وفي لحظة من اللحظات خفت أن يغتالني، ولذلك حرمت دخول الحديقة إكرامًا للأسد، وفي تلك اللحظة استوى الحاكم بجلسته ورد على الخادم بقوله: أيها الخادم أرجع إلى حديقتك مطمئن أمن، فلله إن الأسد دخل الحديقة ولم يأثر فيه أثرًا ولا حتى التمس منه ثمرة ولا ورق ولا أي شيء آخر، لم يلبث فيه غير لحظة وخرج من غير بأس، ما رأيت في حياتي مثل حديقتك.

العبرة من هذه القصة هي أن الخير في الإنسان يبقى مزروعاً فيه مدى الحياة مهما دخل في مواقف وظروف.

المصدر: كتاب الأساطير اليونانية والرومانية - أمين سلامة - 1988م


شارك المقالة: