في الكثير من الأحيان يتم إدخال الكثير من القصص في قصة واحدة من قِبل الكاتب، إذ يقوم بالإلمام بالحياة التي عاشها البطل في الماضي وما يعيشه بالحاضر، بالإضافة إلى التخيلات التي تسري في خياله ونظرته حول المستقبل، ولكن يبقى ذلك الأمر متعلق بمدى قدرة الكاتب في سرد الأحداث والانتقاء النقاط الصحيحة من أجل الانتقال إلى المرحلة التالية، وهذا الأمر قد تجلى في قصتنا لهذا اليوم، إذ أبدع الكاتب في الانتقال بين ثلاث مراحل زمنية وأعطى كل مرحلة حقها، وفي النهاية أوضح الأمر الذي أراد توصيله للقارئ.
قصة النافورة
تناولت القصة في مضمونها الحديث حول اثنان من المواضيع الرئيسية واللذان كانت كافة الأحداث تصب في النهاية حولهما، وهما الموت والحياة، وقد قام الكاتب بتسطير ذلك الأمر من خلال التنقل بين ثلاثة أزمنة مختلفة تماماً عن بعضها البعض وهي الماضي والحاضر والمستقبل، وقد كانت الأحداث والوقائع تدور في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أنه في يوم من الأيام كانت هناك سيدة تدعى ليليا، وقد كانت تلك السيدة تعيش مع زوجها حياة تغمرها السعادة، ولم يكن في يوم من الأيام قد حدث بينهما أي عراك أو شجار.
فقد كان كل منهما يكن للآخر محبة كبيرة، ومستعد أن يقوم بالتضحية بنفسه من أجل شريك حياته، وفي يوم من الأيام أصيبت ليليا بدوار وصداع رهيب في رأسها، والذي تسبب في لحظة من اللحظات بالإغماء عليها وفقدانها للوعي، وهنا على الفور قام زوجها بنقلها إلى المستشفى وبعد أن تم إجراء العديد من الفحوصات لها تبين من نتائج الفحوصات أنها مصابة بأحد أنواع الأمراض الخطيرة وهو مرض السرطان، وما هو معروف عن هذا المرض هو أنه كل من أصيب به كان في انتظار الموت المحتوم، فإلى يومنا هذا لم يتم التوصل إلى علاج مؤكد حوله.
ومنذ أن أخبرها الأطباء بهذا الخبر وقد نزل عليها كالصاعقة، ومنذ تلك اللحظة وأخذت تفكر طوال الوقت أنها في انتظار الموت حالها كحال غيرها ممن أصيبوا به من قبل، وحينما علم زوجها بذلك جنّ عقله، فقد كان يكن لها محبة كبيرة وعظيمة، ومن هنا بدأ يفكر في أي طريقة أو وسيلة يقوم بإنقاذها بها من ذلك المرض اللعين والذي كان يأخذ بيد كل من يصاب به، وفي تلك الفترة بدأ يستطرد بذكرياته كافة محطات الحياة التي عاشها مع زوجته، وكيف أن حياتهم كانت يطغو عليها السعادة والراحة والطمأنينة، وقد أوضح الزوج أنه لا يذكر في يوم من الأيام أنه قد أزعل زوجته أو سمح لأي شخص أن يجعلها حزينة.
ومن هذا المنطلق فقد قرر زوجها والذي كان يدعى السيد ألكساندر أن يسعى جاهداً من أجل يتوصل إلى أي شيء يحاول به التخفيف عن زوجته، حيث أن زوجها ألكساندر كان معروف عنه أنه من أشهر الشخصيات التي تعمل في مجال البحث العلمي، ويمتلك فريق كامل ومنذ ذلك الوقت وقد أوعز إلى فريقة العلمي أن يباشر في إجراء التجارب والأبحاث وقد انضم إليهم بعد أن تقدم بطلب استدعاء لمجموعة من أشهر وأهم المستشارين المشهورين على مستوى العالم؛ وذلك من أجل مساعدتهم من أجل التوصل إلى علاج مناسب لشفاء الزوجة الغالية على قلبه، مما جعله في وضع وسعي دائم طوال الوقت.
أما بالنسبة للسيد ليليا فقد كانت تستطرد لذاكرتها العديد من اللحظات الرومانسية التي عاشتها مع زوجها، وبعد تفكير عميق منها تطرقت إلى موضوع كيفية الحب العظيم بين الأزواج، ولكن في كل فكرة تطرأ على تفكيرها كان يتخللها النظرة إلى الموت، والذي كان ينتصب أمامها في كل لحظة، وعلى الدوام كانت تشعر أن الموت يراقبها وينتظرها جراء هذا المرض اللعين، وقد كانت تلك النظرة تختلف بين الحين والآخر حينما تقوم بمقارنة ما حدث لها ولحياتها بحياة الناس من حولها.
وفي لحظة من اللحظات بعد أن خاضت السيدة ليليا في تفكير عميق في تلك الحالة المؤلمة التي آلت إليها توصلت في النهاية إلى أن رغبتها أصبحت شديدة في أن تقوم بتأليف كتاب حول الأفكار التي تدور في ذهنها، فقد رغبت في أن تقوم بجمع كافة الأفكار التي تدور في فكر سيدة كانت تعيش حياة سعيدة وفي يوم من الأيام انقلبت حياتها رأساً على عقب، وأول ما بدأت بسرد الأحداث في هذا الكتاب انتقلت بالقارئ إلى زمن مختلف تماماً عن هذا الزمن الذي تعيش به، وهو عصر القرون الوسطى كما أنها كذلك اختارت دولة أخرى عن الولايات المتحدة وهي دولة إسبانيا.
وقد أشارت في بداية الأحداث لقصتها هو أنه كانت هناك امرأة من قديم الزمان تواجه هجومًا شرسًا وحربًا ضروس من قِبل أعداد هائلة من الأعداء، وقد كانت تلك المرأة في حربها تلك قد استخدمت كافة السبل والوسائل من أجل التنديد بالأعداء والتخلص منهم وتستمر في المحافظة على عرشها وحمايته من أي متطرف وتبقى هي الوحيدة التي تحكم البلاد، فقد رغبت تلك المرأة بأن لا يرسى في هذه البلاد سوى قواعدها فقط.
وفي تلك الأثناء أرادت السيدة ليليا أن تتوقف قليلاً للحديث حول هؤلاء الأعداء، إذ أشارت إلى أنهم على الرغم من أن كانوا تابعين إلى مجموعة من الحكام الطغاة، إلا أنهم كانت لديهم حس وطني وحب عظيم لوطنهم، وحب كبير وعميق لحكامهم، وهنا أخذت بالحديث قليلاً عن بعض القيم الكبرى مثل الانتماء والتضحية وحب الوطن، وقد أوضحت أنه كان هناك من هؤلاء الأعداء قد اختاروا التضحية بأنفسهم من أجل تحقيق غايات وأهداف وطموحات حكامهم، ولكن المرأة الحاكمة أرادت ردع هؤلاء الفاسدين وزجهم بعيداً عن بلادها، وقد كانت من خلال تلك الأحداث تصف نفسها في مجابهتها للمرض الخبيث.
ومن هنا انتقلت السيدة ليليا للحديث حول أحد الجنود المقاتلين والمحاربين الشجعان، وقد كان ذلك المقاتل قد وقع في يوم من الأيام في قبضة مجموعة من سكان إحدى الحضارات والتي تشتهر باسم حضارة المايا القديمة، وما هو معروف عن أصحاب تلك الحضارة أنهم لديهم إيمان قوي في تصديق الخرافات والأساطير وغيرها من الأمور التي تصنف في هذا الجانب، وأكثر ما كان معتقداتهم تتعلق بالحياة الأبدية وأصل الإنسان واستمرارية وجوده، ومن هنا انتقلت السيدة ليليا للحديث حول موضوع الخرافات والأساطير البعيدة ومدى تأثيرها على معتقدات الإنسان وتفكيره وقد أخذت بمقارنتها مع العقل المتفتح في العصر الحالي.
وفي نهاية كتاب السيدة ليليا قامت بربط الأفكار الرئيسية مع كل من أمر الحياة والموت من خلال مجموعة من الرموز التعبيرية التي قامت برسمها على الصفحات الأخيرة منه مثل شجرة الحياة الأبدية التي يؤمن بها البعض، ويعتقدون أنها تمنح الإنسان الخلود الدائم.