قصة الوحل الصغير أو (Little Muck )هي قصة خرافية كتبها (Wilhelm Hauff) ويلهام هوف، نُشرت عام 1826 ضمن مجموعة من الحكايات الخيالية وتحكي قصة شخص غريب يُدعى (Little Muck).
الشخصيات:
- الفتى مولي.
- والد مولي.
- الوحل الصغير.
قصة الوحل الصغير :
يروي الفتى مولي قصته مع الوحل الصغير حيث قال: في نيسية المدينة الأم الحبيبة، عاش رجلاً أطلق عليه الناس اسم، الوحل الصغير، على الرّغم من أنّني كنت صغيرًا جدًا في ذلك الوقت، إلا أنني أتذكره جيدًا، حتى ذلك الحين، وعندما عرفته، كان لديه شخصية فريدة، وكان صغيرًا وذكيًا، كان يحمل رأسًا أكبر وأثخن من أنّ الآخرين.
كان يعيش بمفرده في منزل كبير، وحتى يطبخ لنفسه، علاوة على ذلك، لم يكن معروفًا في المدينة ما إذا كان حيًا أم ميتًا، لأنّه كان يخرج مرة واحدة كل أربعة أسابيع حوالي ساعة الظهيرة، كانت تخرج أبخرة قوية من منزله، وغالبًا ما كان يُرى في المساء وهو يمشي ذهابًا وإيابًا على سطحه، رغم أنّه من الشارع بدا وكأن رأسه وحده هو الذي كان يركض هناك.
كنت أنا ورفاقي أشرار، يضايقون ويسخرون من الجميع، وكانت هذه فرصة بالنسبة لنا عندما يخرج الوحل الصغير في اليوم المحدد حيث كنا نجتمع أمام منزله، وننتظر خروجه، وعندما يُفتح الباب، وفي البداية يطل برأسه الهائل والعمامة الأكبر حجمًا، ثم يتبع ذلك جسدًا آخر مغطى بعبائة صغيرة وسروال عريض، وحزام عريض معلق فيه خنجر طويل.
عندما كان يخرج في هذا المظهر، عندها يرن الهواء مع صرخات الفرح لدينا، ثم نرمي قبعاتنا عالياً ونرقص حوله كالمجانين، ومع ذلك، كان الوحل الصغير يحيينا بانحنائة جادة، ويمشي بخطوات طويلة في الشارع، ويتجول بين الحين والآخر بقدميه، لأنّه كان يرتدي نعالًا كبيرة وواسعة، كنا نحن الأولاد نركض خلفه، ونردد باستمرار: الوحل الصغير! الوحل الصغير!
وبهذه الطريقة كنّا نواصل مضايقته في كثير من الأحيان، ولأشعر بالخزي، يجب أن أعترف بأنني شاركت في الجزء الأكثر شرًا فيها، لأنني كثيرًا ما كنت ألتقطه من عبائته، وبمجرد أن يدوس من الخلف على نعاله الكبيرة، كان يسقط، كان هذا، في البداية مصدر تسلية أعظم بالنسبة لي، لكن ضحكاتي سرعان ما توقفت عندما رأيت الوحل الصغير يصعد إلى منزل والدي حيث دخل مباشرة، وبقي هناك بعض الوقت.
أخفيت نفسي بالقرب من الباب، ورأيت الوحل الصغير يخرج مرة أخرى برفقة والدي الذي صافحه باحترام، وغادر ، كان عقلي مضطربًا وبقيت بعض الوقت في مخبئي، لكن الجوع الذي كنت أخشى منه أكثر من الضربات، دفعني إلى الداخل وشعرت بالخجل، ودخلت أمام والدي.
قال لي والدي بنبرة جادة: لقد أسأت كما سمعت إلى الوحل الطيب، سأخبرك بتاريخ هذا الوحل، وبعد ذلك أنا متأكد من أنك لن تسخر منه بعد الآن، لكن أولاً، ستحصل على خمسة وعشرين جلدة عقاباً لك، وكان حريصًا على العد بصدق. عندئذ أخذ ساق أنبوب طويل، وضربني بشدة أكثر من أي وقت مضى، ثمّ أمرني بالحضور وأخبرني القصة التالية عن الوحل الصغير.
وقال: عاش والد الوحل الصغير، الملقب بشكل صحيح مكروه هنا في نيسية، رجل محترم، لكنّه فقير، ولقد كان يخجل من شخصية ابنه المشوهه، ولم يستطع تحملها، لذلك تركه يكبر في جهل كامل وحرمه من التعليم، وعندما كان الطفل الصغير لا يزال في عامه السابع عشر، كان طفلًا مرحًا، ولكن ظل والده وهو رجل خطير يوبخه باستمرار، لذلك نشأ وهو لا يزال غبيًا وطفوليًا.
وفي احد الأيام تعرض الرجل العجوز ذات يوم لحادث سقوط سيء، مما أدى إلى موته وترك الوحل الصغير ورائه، فقيرًا وجاهلًا، وكانت الديون التي يدين لها بها والده المتوفى هي أكثر مما يستطيع دفعه، مما دفع الدائنين لإخراجه الوحل الفقير من المنزل، ولم يطلب منهم الوحل الصغير سوى ثوب والده الذي منحوه إياه عن طيب خاطر، كان والده رجلاً ضخمًا وبدينًا، ولم تكن هذه الملابس مناسبة له.
ومع ذلك، سرعان ما فكر الوحل بوسيلة لأرتدائها حيث قطع الزيادة في طول الثوب، ثم لبسه، ومع ذلك، يبدو أنه نسي أنه يجب عليه أيضًا أن يأخذ من عرضها، ومن هنا جاء اللباس الغريب الذي يرتديه في الوقت الحاضر، العمامة الضخمة، الحزام العريض، المعطف الأزرق، كل هذه الأشياء التي ورثها عن أبيه ولبسها منذ ذلك الحين، وخنجر أبيه الدمشقي الطويل، تعلق أيضًا بحزامه، وأمسك بعصا صغيرة كانت لوالده أيضاً.
كان الوحل الصغير يتجول طوال اليوم، لأنّه شرع في البحث عن عمل، حيث إذا رأى على الأرض قطعة من الخزف تتألق في ضوء الشمس فقد كان يحرص على التقاطها، معتقدًا أنه يمكنه تحويلها إلى ماسة، وكان إذا رأى من بعيد قبة مسجد تتلألأ كالنار، أو البحر يتلألأ كمرآة، يسرع مقتنعًا تمامًا أنّه وصل إلى أرض الجنيات، لكن وسرعان ما سئم التعب، وأقنعه الجوع أنّه لا يزال في أرض البشر.
ثمّ قرر السفر من أجل العثور على عمل لمدة يومين، وفي صباح اليوم الثالث ، وجد مدينة كبيرة أضاء الهلال البرّاق قممها، وفي دهشة وقف ساكنًا، يفكر في المدينة والريف المحيط بها، جمع كل قوته وسار نحو المدينة، إلا أنّه لم يتمكن من الوصول إليها حتى منتصف النهار، لأن أطرافه الصغيرة لم تتمكن من مساعدته، وكان مجبرًا على الجلوس للراحة في ظل شجرة نخيل.
لقد تجول بالفعل في بضعة شوارع، لكن لم يفتح له أي باب في أي مكان، ولم يدعه أحد في أي مكان، كما توقع أن يناديه أحد ويقول: أيها الوحل الصغير ، تعال وتناول الطعام والشراب، وأرح قدميك الصغيرة، كان ينظر بحزن شديد إلى منزل فخم كبير،عندما فُتحت نافذة، وصاحت امرأة عجوز وقالت: تعال إلى هنا! العصيدة ساخنة، فُتح الباب ورأى العديد من الكلاب والقطط تدخل، ووقف للحظة في شك فيما إذا كان ينبغي عليه قبول الدعوة، لكنه أخيرًا تشجّع ودخل القصر.
وجد زوجان من القطط اللطيفة، وقرر أن يتبعهم، لأنهم ربما يعرفون الطريق إلى المطبخ أفضل منه، وعندما صعد الدرج، التقى بنفس المرأة العجوز التي نظرت من النافذة، وسألته عما يريده، أجاب الوحل الصغير: لقد دعوتني إلى عصيدتك، ولأنني كنت جائعًا جدًا فقد جئت أيضًا، ضحكت السيدة العجوز قائلة: من أين أتيت أيها الرجل الغريب؟ تعرف المدينة بأكملها أنني لا أطبخ لأحد سوى قطتي العزيزة، وبين حين وآخر، كما ترى أدعو رفاقها من الحي.
أخبرها الوحل الصغير عن مدى صعوبة الحياة معه منذ وفاة والده، وناشدها للسماح له بالعشاء في ذلك اليوم مع قططها، ثمّ سمحت له بأن يصبح ضيفها، وأعطته الكثير من الأكل والشرب، فلما انتهى نظرت إليه لبعض الوقت، ثم قالت: ابق معي في خدمتي، لن يكون لديك الكثير لتفعله، وسيتم الاعتناء بك جيدًا.
وافق الوحل الصغير، وأصبح بذلك خادمًا للعجوز، وكانت واجباته خفيفة ولكنها فردية، كان لدى العجوز ذكران وأربع قطط إناث، كل صباح كان عليه أن يمشط شعرهم ويدهنهم بمرهم باهظ الثمن، وعندما تخرج العجوز، كان عليه أن يوليهم كل انتباهه، وفي الليل كان عليه أن يضعها على وسائد حريرية ويلفها بأغطية مخملية، علاوة على ذلك، كان هناك عدد قليل من الكلاب الصغيرة في المنزل كان عليه الأعتناء بها.
سارت الأمور بشكل جيد لفترة طويلة مع الوحل الصغير، كان لديه ما يكفي ليأكل، ولكن القليل ليفعله، وبدت المرأة العجوز راضية عنه تمامًا، لكن القطط بدأت تتصرف بشكل سيء بمرور الوقت، ففي اللحظة التي تخرج فيها العجوز كانت تقفز حول الغرف وتكسر الأواني الفخارية الرائعة التي كانت في طريقهم، وعندما كانت تسمع سيدتها وهي تقترب من الدرج، كانت تزحف إلى وسائدها، وكأن شيئًا لم يحدث.
كانت العجوز تنسب كل شيء إلى الوحل، مع أنّه أكّد على برائته قدر استطاعته، ولكن العجوزصدقت قططها التي بدت رزينة للغاية على خادمها، شعر الوحل الصغير بالأسف الشديد لأنّه هنا أيضًا أصيب بخيبة أمل في العثور على عمل، وقرر ترك خدمة العجوز، ولكن قبل مغادرته، دخل غرفة ممنوعة في منزل العجوز ووجد عن طريق الخطأ مزهرية باهظة الثمن كسرها دون أن يقصد، وعندما رأى قطعها المكسورة تتلألأ كأنّها ياقوت أخذ قطعتين من هذه الغرفة وقرر الفرار لأنّه لم يحصل على أجره وكثيراً ما كان يعاقب دون سبب.
وعندما شعر بالتعب في طريقه وهو يهرب نام تحت شجره حيث ظهر له في الحلم كلباً أخبره أن لهذين القطعتين قوى سحرية مع زوج النعال الذي يرتديه حيث سيمكنه من المشي أسرع من أي شخص آخر، و أيضًا الطيران إلى أي مكان يريده، وأنا العصا التي ورثها عن والده ستظهر له العصا كنوزا مدفونة.
وبعدما استيقظ، وقرر الذهاب لقصر الملك ليريه قوة نعاله وعصاه السحريه، وبعد لقائه به أعجب الملك بنعال الوحل السحرية، ومن ثم عرض عليه منصب الساعي عنده، مما جعل الخدم الآخرين يغارون منه، وبمساعدة عصا المشي السحرية، اكتشف الوحل كنزًا منسيًا في حديقة القصر ذات يوم، وقام باستخراجه وتوزيع كل الذهب الذي وجده على أشخاص آخرين في القصر، ومع ذلك، وجهت إليه تهمة السرقة وأودع السجن.
في ذلك الوقت كانت العقوبة الرسمية لسرقة الممتلكات الملكية هي الموت، ومع ذلك، نقذ الوحل الصغير بحياته وذلك بإخبار الملك المزيد عن القوة السحرية للنعال وعصا المشي، عندئذ لبس الملك النعال، لكن الوحل لم يطلع الملك على كيفية إيقاف النعال، فركض بالملك حتى أغمي عليه، كان غاضبًا جدًا، وصادر العناصر السحرية التي يمتلكها الوحل وطرده بعيدًا.
بعد مسيرة استمرت ثماني ساعات، وصل الوحل الصغير أخيرًا إلى حدود بلد صغير، وبالصدفة، اكتشف شجرتين تين سحريتين في غابة، وبمساعدة التين استطاع الانتقام حيث تسبب النوع الأول من التين في نمو آذان حمار ضخمة وأنف طويل لمن يأكلها، ومن خلال تناول النوع الثاني من التين، يعود الشخص إلى طبيعته، قام الوحل بحمل كمية من التين وتنكلر في زي تاجر، ثمّ حمل مجموعة من التين على طاولة الملك، وبعد تناولها ظهر للملك آذان الحمار وأنف طويل، وبعد ذلك بوقت قصير تنكر الوحل الصغير بزي باحث وقدم للملك النوع الثاني من التين كعلاج لتشوهاته.
وبعد إثبات فعالية علاجه، قاد الملك الوحل الصغير إلى الخزانة حيث يجب عليه اختيار المكافأة التي يرغب بها فانتزع على الفور أغراضه السحرية وكشف عن هويته، وبمساعدة نعاله السحرية، طار الوحل الصغير إلى المنزل وترك الملك الخائن ووجهه المشوه ورائه، ومنذ ذلك الحين عاش في مسقط رأسه في ازدهار كبير، لكنّه منعزل لأنّه كان يحتقر الآخرين.
أصبح الوحل الصغير حكيمًا من خلال التجربة وبالتالي فهو يستحق الإعجاب بدلاً من السخرية، وأنهى والد الفتى روايته الذي بدوره نقلها لأصدقاؤه الذين تأثروا كثيرًا بقصة حياة الوحل الصغير، ومنذ ذلك اليوم كرموا الوحل الصغير وانحنوا له كلما رأوه.