قصة انتحار العشاق

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من روائع الأعمال الأدبية الصادرة عن الأديب ياسوناري كاواباتا، وقد تناول من خلال مضمونها الحديث حول قصة سيدة ارتبطت بزوجها عن قصة حب كبيرة، إلا أنها بعد عدة سنوات انفصلا عن بعضهما البعض، ونتيجة لأسلوبه في طلب كل طلباته منها بصيغة الأمر من خلال رسائل يبعثها لها تحول ذلك الحب إلى كره وحقد.

قصة انتحار العشاق

في البداية كانت تدور وقائع واحداث القصة حول إحدى العائلات التي تقيم في إحدى المدن المشهورة في دولة اليابان، حيث أن تلك العائلة مكونة من رجل وسيدة وفتاة وحيدة لهما، وبعد أن مضى على ما يقارب عشر سنوات من الاستقرار والحب والعشق والطمأنينة، قرر وبشكل مفاجئ أن يقوم الزوجان الانفصال عن بعضهما البعض، فقد وصولا إلى مرحلة كره كل منهما الآخر، وقد تم السماح للفتاة أن تبقى مع والدتها والتي كانت حينها في السابعة من عمرها.

أما عن والدها فقرر قرر أن يأخذ نفسه ويسافر إلى إحدى القرى النائية في البلاد ويستقر هناك، وبالفعل هذا ما حدث، وبعد أن تم الانفصال كانت الفتاة تعيش مع والدتها دون وجود أي شيء يعكر عليهم صفو حياتهم، إلا أنه ما حدث بعد مرور ما يقارب على السنتين في يوم من الأيام وصلت رسالة إلى والدة الفتاة، وقد كانت تلك الرسالة من زوجها السابق، وفي تلك الأثناء كان كل ما يسيطر عليه في كرهها والحقد عليها، فمنذ أن هجرها وهو لا يسأل عنها أو عن ابنته أبداً، وقد كان مكتوب على الظرف التي أنه تم إرسال تلك الرسالة من قرية نائية، وحينها اعتقدت السيدة أنه في تلك الرسالة تتضمن رجاء  من زوجها السابق من أجل العودة إليها وإلى ابنته وأنه يرغب في إكمال حياته بقربهم.

إلا أنها ما تفاجأت به هو أنها حين فتحت الرسالة وجدت أنه مكتوب عليها بضع جمل فقط، وهي ما تتضمن ذلك الأمر، “لا تدعي الطفلة تلعب بالكرة المصنوعة من المطاط، فإنني أسمعها جيداً، وأن صوت هذه الكره يطعن فؤادي من الداخل!” وبعد أن انتهت من قراءة الرسالة، سرعان ما قامت السيدة بانتزاع الكرة المطاطية من يد ابنتها وألقت بها من النافذة إلى خارج المنزل، وهنا شعرت الفتاة بحالة يأس شديد، إذا كانت قد أصبحت في التاسعة من عمرها ومتعلقة بتلك الكرة إلى حد كبير.

وفي ذلك الوقت كانت تلك الرسالة قد أحدثت فجوة كبيرة بين السيدة وزوجها السابق من جديد، فأصبحت السيدة يزداد كرهها لزوجها يوماً بعد يوم، وأخذت تتمتم ببعض الكلمات أنه بدل أن يرسل ويطمئن على ابنته وعلى حالي يرسل من أجل إلقاء الأوامر فقط، وأخذت تفكرت أنه كيف حالة إليه حالتهم بعد أن كانوا من أشهر العشاق في المنطقة، وبعد مرور فترة من الوقت أرسل الزوج السابق رسالة أخرى، ولكن في هذه المرة كانت جهة الإرسال مختلفة عن المرة السابقة، إذ كان العنوان البريدي من منطقة ليس ذاته الذي جاءت به الرسالة الأولى.

وهنا اعتقدت الزوجة أن تلك الرسالة في هذه المرة ليست من زوجها السابق، وهنا ثار بداخلها الشغف لرؤية من المرسل، إلا أنها حينما فتحتها تفاجأت بأن تلك الرسالة كذلك من زوجها السابق، ولكن في هذه المرة كان الأمر الذي أشار إليه مختلف عن الأمر الذي طلب تنفيذه في الرسالة السابقة، حيث قال: لا تقومي بإرسال الطفلة إلى المدرسة وهي ترتدي ذلك الحذاء الذي تسير به كل يوم؛ وذلك لأن صوت ذلك الحذاء يبدو وكأنه يدهس فؤادي!، وبعد أن انتهت من قراءة الرسالة سرعان ما مزقتها وأخذت حذاء ابنتها وأخفته عن الأنظار، وقدمت لها حذاء مصنوع من نوع آخر لا يصدر أي صوت، ولكن الطفلة أجهشت بالبكاء ورفضت رفضاً تاماً أن تذهب إلى المدرسة، وبالفعل منذ ذلك اليوم ولم تذهب الفتاة إلى المدرسة نهائياً.

وبعد مرور ما يقارب الشهر وصلت رسالة ثالثة من الزوج السابق، وفي هذه المرة لم تكن الرسالة قد بدت أنها من الزوج؛ وذلك لأنها لم تكن قد أرسلت بذات العنوان الذي سبق في الرسالة الثانية، كما تم إرسالها بعد شهر واحد من إرسال الرسالة التي سبقتها، ترددت السيدة قليلاً في فتح الرسالة، إلا أن الفضول بداخلها دفع بها إلى فتح ورؤية ما بداخلها، وأول ما فتحت الرسالة رأت أن الخط في هذه المرة مختلف تماماً عن المرات السابقة، إذ بدا وكأنه خط رجل كبير في السن، وفي هذه الرسالة كان قد أصدر أمر جديد لزوجته السابقة، وهو أنه لا تدعي الطفلة تتناول طعامها في طبق خزفي، إذ أن هذا الأمر يزعجني، إذ أنني اسمع صوت ذلك الصحن.

وهنا شاط الغضب بداخل السيدة، إلا أنها استسلمت لأوامره، فلم يكن أمامها سوى ذلك، ولكن للحظة أخذت تسأل نفسها في أنه كيف يعلم زوجها بكل تلك الأمور، وبدأت في إطعام ابنتها بالعيدان المخصصان لتناول الطعام في طبق مختلف، وكأنها طفلة في الثالثة من عمرها، وفي كل مرة كانت تمتثل لأوامره وتنفذها كان هو بدوره يشعر بالبهجة والسرور، إلا أن الابنة لم ترضى في هذه المرة أن تلبي أمر والدها، إذ سارت الطفلة نحو خزانة الأواني من تلقاء نفسها وأخرجت طبقها الذي اعتادت الأكل به، إلا أن والدتها سرعان ما انتزعت الصحن الخزفي منها وألقت به من نافذة المنزل إلى أن ارتطم بالصخور في الحديقة وانكسر، وهنا شعرت وكأنها كسرت وحطمت فؤاد زوجها.

وفي تلك الأثناء رغبت في أن تحطم فؤاده أكثر فأكثر، ولهذا أمسكت بمائدة الطعام وألقتها في الحديقة كذلك وحطمتها، وهنا ألقت بنفسها إلى الحائط وأخذت تلطمه بقبضتي يداها، ومن ثم دفعت نفسها بكامل قوتها، إذ بها تعبر ذلك الحاجز الورقي الذي يقسم بين الغرف، فبدت وكأنها رمح تهاوى على الجانب الآخر منه.

وفي النهاية حينما شاهدتها ابنتها في تلك الحالة أخذت تنادي عليها، واندفعت نحوها من أجل أن تهون عليها، إلا أن السيدة قامت بصفعها، وبعد أن هدأت السيدة وخلدت لغرفتها من أجل أن تستريح قليلاً، ولكن لم يلبث زوجها السابق طويلاً حتى أرسل الرسالة الرابعة، وفي هذه المرة كانت تحمل ذات العنوان التي أرسلت به الرسالة الأولى.

وفي تلك الرسالة أمرها زوجها بأن لا تحدث أي صوت آخر على الإطلاق، كما طلب منها أن لا تفتح الأبواب ولا حتى الفواصل، ثم وبعد أن قرأت الرسالة انهالت بالدموع دون أن تحدث أي صوت، وقد أمضت بقية حياتها هكذا دون أن تفتح أو تغلق شيء إلى أن توفيت هي وابنتها، ولكن الغريب في الأمر أن زوجها السابق توفي في ذات اليوم، وكأنه لحق بها من أجل أن يكمل إصدار أوامره.


شارك المقالة: