قصة انتقام جونسون العجيب أكل الأكباد

اقرأ في هذا المقال


الانتقام من أسوأ الأساليب التي من الممكن أن تنغرس داخل الإنسان، فهي من أكثر الأمور التي تدفع بصاحبها إلى أبشع ما قد يكون، فمهما كان الدافع في ذلك، ولكن لا يبرر الأسلوب البشع، ولكن ما بوسعنا قوله هو أن الزمن كفيل بأن يصفي القلوب وينزع ذلك الشعور بالانتقام من داخل الفرد.

قصة انتقام جونسون العجيب أكل الأكباد

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في العشرينات من القرن الثامن عشر حول رجل يدعى جونسون، حيث أنه في يوم من الأيام في مدينة نيويورك ولد ذلك الرجل، ولكن لم يعيش في تلك المدينة لفترة طويلة، إذ أنه في بداية اشتعال الحرب المكسيكية الأمريكية قام جونسون بمغادرة منزله من أجل التجنيد في القوات البحرية.

وبعد أن مضى فترة على انضمامه إلى القوات البحرية قام في يوم من الأيام بضرب أحد الضباط الذين يعملون إلى جانبه، ولم يتم معرفة فيما إذا ضربه لهذا الضابط عن قصد أو من باب الصدفة، إلا أنه كل ما تم معرفته هو أنه همّ بالفرار من الجيش واختفى عن أنظار السلطات، كما أنه بعد هروبه على الفور قام بتغيير اسمه وأصبح يدعى جون، وأول ما فكر به هو الانتقال إلى المناطق الغربية من البلاد؛ وذلك حتى يبتعد عن أي مكان يربطه به أي صلة أو يعرف أحد به.

وفي ذلك الوقت قد كان من الصعب على رجل مثل جون أن يختفي عن الأنظار بسهولة؛ وذلك للعديد من الميزات التي يتمتع بها، حيث أن طوله يبلغ ما يقارب على ستة أقدام ووزن جسمه يبلغ حوالي مائتان وستون رطل، وقد استغل جون تلك المميزات في أن يعمل في مجال الخشب، وفكر في أن يقوم بتزويد الأخشاب إلى البواخر وصانعي السفن البحرية.

وبينما كان يمكث جون في المناطق الغربية من البلاد اختار المنطقة التي تعرف باسم منطقة ألدر غولش التابعة إلى مدينة مونتانا، وهناك في تلك المدينة التقى جون مع فتاة جميلة للغاية وهي ما أصبحت في وقت لاحق زوجته، وهي من كانت أصولها تعود إلى إحدى القبائل التي تعرف باسم قبيلة فلاتهيد وهي من دولة الهند، في بداية زواجهم أقاما في واحدة من الكابينات المصنوعة من مادة الخشب والتي قام جون ببنائها بذاته، وبعد فترة قصيرة أصبحت زوجته حامل، ومع مرور الأيام حينما وصلت إلى المرحلة النهائية من الحمل رأى جون أنه من الواجب عليه أن يبدأ بالتفكير بتأمين حياة جيدة لعائلته الصغيرة، ولكن ما حدث لم يكن في الحسبان، فقد حدثت المصيبة الكبرى.

حيث أنه ذات يوم قامت مجموعة من الثوار الذين تعود اصولهم إلى دولة الهند بالهجوم على منزل جون وقتل زوجته وحرق منزله، وبعد تلك الحادثة توقفت الحياة بالنسبة إلى جون وأصيب بنوبة من الغضب كبيرة للغاية وأصبحت رغبته إلى حد الموت في الانتقام، ومنذ تلك اللحظة أخذ في تعقب كل فرد من أفراد القبيلة وقتله، إذ يتصيد كل واحد منهم على انفراد حتى لا يلفت الانتباه ويتصيده بسهولة، ولكن على الرغم من أنه قتل عدد لا بأس به منهم وما زال مستمر في ذلك هو من الأمور الغريبة، ولكن ما هو أغرب من ذلك هو أنه كان يقوم بعد أن يقتل الفرد منهم يقطع أجسادهم ويهم بأكل أكبادهم.

إذ كان يرى أن تلك الطريقة هو أفضل انتقام من أفراد تلك القبيلة؛ وذلك لأن حسب معتقدات تلك القبيلة أن الكبد هو ما يمنحهم الحياة في الآخرة، فهو بذلك جراء حرمان زوجته من الحياة وحرمانه من رؤية طفله يحرمهم من العيش في الحياة الأخرى، ويوم بعد يوم بدأ الجميع يكتشف ما يقوم به السيد جون، مما دب بينهم الرعب، واستمر جون في الانتقام حتى تعدى الثلاثمئة قتيل.

وفي تلك الفترة أصبحت كافة القبائل تخشاه حتى أنه مجرد ذكر اسمه كان يدب الرعب والذعر بين الجميع، وبعد أن استمرت تلك الحالة ما يقارب على الخمسة والعشرين عاماً، وفي يوم من الأيام مرت فترة وجيزة ولم يظهر جون، ولم يتم ذكر أن قام بقتل أحد وقد شاعت حوله العديد من الأخبار ومن أبرزها كان أنه بينما كان سائر منطلق في مهمته من أجل انتقامه، قامت مجموعة من المحاربين الهنود يطلق عليهم اسم جماعة بلاكفوت باختطافه.

وقد كانت غاية تلك الجماعة من خطفه هو أنهم كانوا يرغبون في بيعه إلى تلك القبيلة التي كان ينتقم منها، وأول ما تمكنوا منه قاموا بتجريده من كافة مستلزماته وهموا بربطه باستخدام أحزمة جلدية شديدة؛ وذلك من أجل أن لا يتمكن من الفرار، ووضعوه في إحدى الخيم مع أحد الحراس بانتظار اللقاء مع مجموعة من أفراد القبيلة، وعلى الرغم من التشدد في ربطه وتقييده، إلا أنه تمكن من تحرير نفسه والهروب من الخيمة، وبعد أن تمكن من فك رباطه قام بتقييد الحارس وقطع أحد ساقيه قبل أن يفر متوجهاً نحو الغابة.

وبعد أن اختفى عن الأنظار في الغابة لفترة أخذ بالخروج والسير هناك وهناك في مناطق معينة مع الترقب من أجل المحافظة على حياته، وفي يوم من الأيام تم إرسال القبيلة له أحد من أفرادها طلباً للهدنة معه، وفي النهاية فكر جون في الموافقة على عقد تلك الهدنة فقد أصبح رجل كبير في السن ولم يعد بمقدوره القيام بالقتل كما كان في السابق، فلم تعد قواه تساعده على ذلك، وقد أشار العديد من الشهود العيان على تلك الهدنة أنها كانت الجزء الأهم منها يركز على التزايد في العنف الذي أصبح يزداد يوماً بعد يوم بين القبائل.

وفي تلك الأثناء جراء التهديد الوشيك بالحرب أصبحت أعداد هائلة من القبائل تقوم بالتآلف سوياً وتشكل تحالفات مع بعضها البعض، وكان السلام مع جون أهم ركن من أركانها، وبعد مرور فترة وجيزة على التصالح مع القبيلة انتقل إلى الانضمام إلى الفرسان من جيش الاتحاد والذي كان يقع في إحدى المدن التي تعرف باسم مدينة سانت لويس، وبعد أن قضى في تلك المدينة مع قوات الجيش لفترة انتقل إلى منطقة تعرف باسم منطقة كولسون التابعة إلى مدينة مونتانا، وفي تلك المنطقة تم تعيينه كنائب وفي وقت لاحق أصبح عمدة بلدة تعرف باسم لودج الأحمر تابعة إلى مونتانا كذلك.

وفي النهاية انتهى به المطاف إلى أن أصبح يقيم بمفرده في منزل تابع لسكن المحاربين القدامى الواقع في مدينة سانتا مونيكا التابعة إلى ولاية كاليفورنيا، وبعد وفاته دفن في تلك المقبرة المخصصة للمحاربين الواقعة في لوس أنجلوس.


شارك المقالة: