تُعتبر هذه القصة من القصص القصيرة التي صدرت عن الكاتب والأديب هنري تشارلز بوكوفيسكي، وقد تناول الكاتب في مضمون القصة الحديث حول فتاة شابة تزوجت من رجل كبير في السن، وقد كانت تلك الفتاة ترى العديد من الصفات السيئة والتي لا تعجبها، فأحلام الفتيات تتجه نحو الفتيان القريبين منهن في العمر والذين يتميزون بمظهر جيد، ولكن على الرغم من كل المساوئ التي كانت موجودة في زوجها، إلا أنها كانت على الدوام تحافظ على علاقتها الزوجية به.
نبذة عن القصة
كانت تتمحور القصة حول ذلك الرجل الكبير في السن والذي كان أكثر ما يتميز به هو المزاج المتقلب بين الحين والآخر، ولكنه على الرغم من ذلك كان يحب زوجته إلى حد كبير، حيث أنها قبلت من الزواج به على الرغم من أنها فتاة صغيرة، كما أنه كان يدرك أن له مظهر خارجي غير محبوب، وكانت زوجته بين فترة وفترة تذكر تلك السيئات بمظهره الخارجي، إلا أنه لا يزعل بسبب ذلك ولا يأخذ الأمور على محمل الجد، بل يضحك معها، فهو لم يريد أن يخسرها، كما أنه في الحقيقة كان يدرك أن له ذلك المظهر السيء والمزاج المتقلب.
قصة بلا عنق وسيء كالجحيم
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول سيدة تدعى فيكي وتبلغ من العمر الخامسة والثلاثين عاماً، حيث أنه في أحد الأيام قررت هي وزوجها الذهاب في رحلة في إحدى الطائرات المائية، وقد كانت تلك الطائرة ذات مروحتين، كانت هي وزوجها آخر الصاعدين في تلك الرحلة، ولهذا تم إجلاس زوجها في المقعد المخصص لمساعد الطيار، بينما الزوجة جلست في مكان آخر في الخلف، وكانت تلك السيدة تعتريها السعادة وكأنها طفلة صغيرة حصلت على قطعة حلوى.
ومن هنا بدأ سرد أحداث القصة على لسان الزوج، حيث قال: بعد مرور ما يقارب اثنتي عشر دقيقة على إقلاعنا ضربنا الماء، وهنا شعر الزوج بالقلق، إلا أن زوجته أشارت إلى الطائرة يعود تاريخ صنعها إلى ما قبل منتصف القرن التاسع عشر، وأنه ثمة هناك فجوات في أرضيتها، وقد بدأ الركاب بالتوجه من خلال الإمساك بمقبض إلى سطح الطائرة، وفي تلك الأثناء كان جميعهم يشعرون بالخوف الشديد.
وهنا استعان الزوج بزوجه فيما يخص المعلومات عن العديد من اللغات، إذ أنه لم يكن يجيد التحدث مع الركاب، وبعد أن حطت بهم الطائرة، ركبوا في حافلة وتوجهوا صوب أحد الفنادق القريبة، كانت فيكي سيدة تتميز بالذكاء والفطنة كما أنها سريعة الإدراك والإلمام بما حولها، وهنا كانت تمد زوجها بكافة المعلومات عن المكان الذي وصلوا إليه، إذ أشارت إلى أن هناك مكان لتناول الطعام، ومتجر للمشروبات الكحولية.
وبعد ذلك توجهوا نحو الغرفة التي اختاروها، كانت الغرفة جيدة إلى حد ما، كما كانت تقع في مقدمة الفندق فوق الماء تمامًا، وأول ما حطوا بحقائبهم في الغرفة اشتغل التلفاز بطريقة غامضة ومحيرة، وهنا جلس الزوج على السرير وبدأ يراقب ما يحدث من حوله في الغرفة، إذ كانت زوجته تخرج الحاجيات وترتبها، وقد عبر كل منهم بإعجابهم بالمكان والشرفة.
ثم بعد ذلك رقد الزوج إلى النوم، وحينما استيقظ وجد زوجته ترسم بعض الرسومات على غطاء صندوق ثلج الذي كان موجود في الغرفة، وكانت تبدو وكأنها طفلة يطغو عليها طابع الرومانسية، وفي نهاية الرسمة نقشت على الصندوق عبارة شهر تموز من عام 1972م، وأضافت اسم مكان يعرف باسم أفالون كاتالينا، كانت باستمرار تخطيء في طريقة التهجئة كما كانت حال زوجها تماماً في التهجئة، ثم قامت برسم ملامح زوجها وكتبت تحت الرسمة عبارة (بلا رقبة وسيء كالجحيم)، كما كانت قد رسمت كذلك مجموعة من الطيور وأشجار النخيل والمحيط، وهنا سألتني: هل ترغب في تناول وجبة الفطور؟ وبالفعل خرجنا واخترنا مكانًا في الخارج لتناول الفطور، وأثناء تناولنا للطعام سألتني: هل أنت في الحقيقة من فزت بجائزة البوليتزر؟
وهنا تساءل الزوج: أي جائزة بوليتزر؟! وقد أشارت إلى أنه في الليلة البارحة قال لها ذلك، وأكملت حديثها بقولها: كما صرحت بأنك حصلت على خمسمئة ألف دولار وتلقيت برقية ذات لون قرمزي كتكريم لك، وأنك تفوقت على العديد من الرجال، ولكن الزوج بقي صامت ولم يرد عليها، وبعد ذلك سرعان ما عاد إلى الغرفة وانحنى على الآلة الكاتبة، وقد أراد منذ تلك اللحظة أن يكون كاتب مشهور، ولكن في لحظة ما مات كل شيء بداخله.
حاول مراراً أن ينخرط في الكتابة، إلا أنه كتب لفترة وجيزة، ثم توقف عن الكتابة، لقد أصبح كل ما بداخله محطم، ومن هنا رأى أنه من الأفضل الخلود إلى النوم، وبقي نائماً إلى أن أيقظته فيكي وقالت له: لقد أمضيت وقت رائع حيث التقيت مع رجل في المركب وقال أنه يأخذ الأشخاص في رحلة قصيرة ذهابًا وإيابًا، وكانت أجرة تلك الرحلة خمسين سنتاً فقط، وقد ركبت معه ساعات وهو يأخذ الركاب.
وقد كان أغلب الركاب من كبار السن وبرفقتهم فتيات شابات، وبعد أن أدلفت من المركب شاهدت عصفورًا وتحدثت معه لبعض الوقت، وهنا سألت زوجها: هل لديك مانع من أن أشتري طائر؟ فأجابها الزوج: لا ليس لدي أي مانع، وقام بارتداء ملابسه ونزل برفقتها لشراء الطائر لها، وحين شاهدت الزوجة الطائر قالت: ليس لديه رقبه مثلك تماماً، لذلك أرغب في شراؤه، إنه من فصيلة طيور الحب وذو لون مخملي، ومن ثم عادا الزوجان بطائر الحب ووضعاه في قفص على الطاولة الموجودة في الغرفة، وقد أطلقت عليه اسم آفالون.
ثم بعد ذلك توجها إلى أحد المقاهي وقد تناولوا مشروباتهم المفضلة، إلا أن الزوج قد عانا من ألم في معدته، حاولت الزوجة أن تهدئ من ألم معدته بإحضارها له زجاجة من المياه، ومن ثم توجها إلى الفندق وبالغرفة جلسا لمشاهدة فيلم سينمائي، وفي نهاية رحلتهم إلى مدينة كاتالينا ذهبت الزوجة قبل مغادرتهم إلى غرفة التجارة، وهنا قدمت إليهم شكر جراء منحهم هذا الوقت الممتع والرائع، ثم توجهت لشراء بعض صناديق الهدايا لأصدقائها وبعض الأشياء لزوجها.
وأخيراً توجه الزوجان إلى المركب ومعهما الطائر في القفص، كانت الزوجة في تلك الأثناء تشعر بالحزن؛ وذلك بسبب انتهاء الرحلة، وأثناء رحلة العودة انحنى المركب إلى جهة اليسار وتأرجح، وإذ بشاب يقفز من النافذة، وقد كان يبدو أنه تلقى علاج بالأجهزة الكهربائية منذ وقت قريب، وعند النزول والعودة بالشاب، بدأت المركب تسير بشكل بطيء، مما سمح لملامح الطبيعة في الخارج تبرز بشكل جميل، حيث الضباب يطغو على سمائها وشوهدت جبال الألب، وهنا نظر الزوج إلى ابتسامة زوجته الطفولية، وهنا قال: إنها أروع امرأة على وجه الكرة الأرضية، ولكنها حصلت على زوج سيء الحظ مثلي.