قصة الرحلة والوصول لبلوندين

اقرأ في هذا المقال


قصة الرحلة والوصول لبلوندين أو (The Journey and Arrival) هي قصة خيالية من كتاب الحكايات الشعبية الفرنسية الطويلة، وكل قصة لها عدة فصول، للمؤلف، (Comtesse de Ségur)، نُشرت عام 1920، للناشر: شركة (Penn Publishing Company)

الشخصيّات:

  • بلوندين.
  • الجنيّة بينفلانت.
  • الأمير بارفيه.
  • الملك بينين.

قصة الرحلة والوصول لبلوندين:

استغرقت رحلة بلوندين كما قالت السلحفاة ستة أشهر، لقد مرّت ثلاثة أشهر عبر الغابة، وفي نهاية ذلك الوقت وجدت نفسها في سهل قاحل استغرق عبوره ستة أسابيع، ثمّ وصلت بلوندين قلعة ذكّرتها بقلعة بوني بيش وبومينون، لقد مرّ شهر كامل عبر الطريق المؤدي إلى هذه القلعة، احترقت بلوندين بفارغ الصبر، وتساءلت هل ستعرف بالفعل مصير صديقاتها العزايزات في القصر؟

وعلى الرغم من قلقها الشديد، لم تجرؤ على طرح سؤال واحد، فلو كان بإمكانها النزول من على ظهر السلحفاة، لكان يكفيها عشر دقائق للوصول إلى القلعة، لكن، للأسف، مشت السلحفاة ببطء وتذكرت بلوندين أنها مُنعت من النزول أو النطق بكلمة، لذلك قررت السيطرة على نفاد صبرها، وبدت السلحفاة وكأنها تسترخي بدلاً من زيادة سرعتها.

استغرقت أربعة عشر يومًا وما زالت تمر في هذا الطريق، لقد بدت أربعة عشر قرنًا بالنسبة لبلوندين، ومع ذلك، فإنّ بلوندين بقيت تراقب القلعة والباب، بدا المكان مهجوراً، ولم تسمع أي ضوضاء، ولم تر أي علامة على الحياة، وأخيرًا بعد رحلة استمرت أربعة وعشرين يومًا، توقفت السلحفاة مؤقتًا، وقالت لبلوندين: الآن، يا أميرة، إنزلي بشجاعتك وطاعتك حصلت على المكافأة التي وعدت بها.

ادخلي من الباب الصغير الذي ترينه أمامك، سيكون أول شخص تقابلينه هو الجنيّة بينفيلانت وستعلمك بمصير صديقاتك، قفزت بلوندين بخفة على الأرض، لقد كانت ثابتة لفترة طويلة لدرجة أنّها كانت تخشى أن تكون أطرافها متيبسة، ولكن على العكس من ذلك كانت خفيفة ونشطة كما كانت عندما عاشت بسعادة مع صديقاتها بوني ريتش وبومينون، وركضت بفرح ورشاقة تجمع الزهور وتطارد الفراشات.

بعد أن شكرت السلحفاة بحرارة، فتحت الباب الذي أشارت إليه ووجدت نفسها أمام شابة ترتدي ملابس بيضاء، سألت بلوندين بصوت منخفض الشابة عن الجنيّة بينفيلانت وقالت: أتمنى أن أرى الجنيّة أخبريها أنّني حضرت لرؤيتها، فقالت الشابة: اتبعيني لرؤيتها دون تأخير، تبعتها بلوندين في إثارة كبيرة حيث مرّت بعدة غرف جميلة والتقت بالعديد من الفتيات الصغيرات اللواتي يرتدين ملابس بيضاء، مثل مرشدتها.

نظرنّ إليها كما لو أنهنّ تعرفنّ عليها وابتسمن بلطف، أخيرًا وصلت بلوندين إلى غرفة تشبه غرفة بوني بيتش في غابة الليلك من جميع النواحي، كانت الذكريات التي تذكرتها مؤلمة للغاية لدرجة أنّها لم تدرك اختفاء مرشدتها الشابة الجميلة، حدّقت بلوندين بحزن في أثاث الغرفة، لم تر سوى قطعة واحدة لم تكن في غرفة بوني بيتش في غابة الليلك.

كانت هذه خزانة من الذهب والعاج منحوتة بشكل رائع، كانت مغلقة حيث شعرت بلوندين بأنّها منجذبة نحوها بطريقة لا يمكن تفسيرها، كانت تنظر إليه باهتمام، ولم يكن لديها حقًا القدرة على توجيه عينيها بعيدًا، وعندما انفتح الباب ودخلت امرأة شابة وجميلة مرتدية ملابس رائعة، واقتربت من بلوندين، وقالت بصوت مداعب حلو: ماذا تتمني يا طفلتي؟

قالت بلوندين: أوه، سيدتي وهي ترمي نفسها عند قدميها، لقد تأكدت من أنه يمكنك إخباري بأخبار صديقاتي العزايزات، بوني بيتش وبومينون، ثمّ قالت: كما تعلمين يا سيدتي، وبدون شك من خلال العصيان الطائش الذي قمت به سببت لهما الدمار، وأنّني بكيت عليهن لفترة طويلة، معتقدة أنهن متن، لكنّ السلحفاة التي أوصلتني إلى هنا، أعطتني أملاً لأتمنى أن أراهم مرة أخرى في يوم من الأيام.

أخبريني، سيدتي، أخبريني ما إذا كنّ لا يزلن على قيد الحياة، وإذا كنت أجرؤ على الأمل في سعادة العودة إليهن؟ ردّت الجنية بينفيلانت: للأسف، أنت الآن على وشك معرفة مصير أصدقائك، لكن مهما تريه أو تسمعيه، لا تفقدي الشجاعة أو الأمل، بقول هذه الكلمات، فأمسكت بلوندين المرتعشة وقادتها أمام خزانة الملابس التي جذبت انتباهها بالفعل.

ثمّ قالت: بلوندين، هذا هو مفتاح خزانة الملابس هذه، افتحيها وكوني شجاعة! ثمّ سلمت بلوندين مفتاحًا ذهبيًا، وبيد مرتجفة فتحت الأميرة خزانة الملابس، وكان حزنها وكربها شديدين عندما رأت جلود بوني بيتش وبومينون مثبتين في خزانة الملابس بمسامير ماسيّة! في هذا المنظر الرهيب، أطلقت الأميرة المفجوعة صرخة من الرعب وسقطت منهارة عند أقدام الجنية.

وفي هذه اللحظة انفتح الباب واندفع أمير جميل كالنهار نحو بلوندين قائلاً: يا أمي! هذه تجربة قاسية جدًا على بلوندين الجميلة،  فقالت الجنيّة: للأسف يا بني، قلبي ينزف أيضًا من أجلها، لكنك تعلم أنّ هذا العقاب الأخير كان لا غنى عنه لإنقاذها إلى الأبد من جنيّة غابة الليلك القاسية، ثمّ لمست الجنيّة بينفيلانت الآن بعصاها بلوندين التي استعادت وعيها على الفور ولكنها كانت يائسة وتبكي بشكل متشنج.

ثمّ صرخت: دعنيي أموت مرة واحدة! حياتي بغيضة بالنسبة لي! لا أمل، لا سعادة، من هذا الوقت إلى الأبد من أجل صديقاتي المخلصات العزيزات سوف انضمّ إليكما قريباً في أرض الظلال! قالت الجنيّة وهي تحتضنها: بلوندين، عزيزتي يعيش أصدقاؤك ويحبونك بحنان، أنا بوني بيتش وهذا ابني بومينون، إنّ الجنيّة الشريرة لغابة الليك كانت لها قوة السيطرة علينا، واستولت علينا وأجبرتنا على الأشكال التي عرفتنا بها.

لم نتمكن من استئناف مظهرنا الطبيعي ما لم تقتلعي الوردة التي كنت أعلم أنها جنيّتك الشريرة، ولقد احتفظت بها أبعد ما يمكن عن القلعة لسحبها عن نظرك، وقد عرفت الصعوبة التي ستتعرضين لها عند إخراج جنيّتك الشريرة من سجنها، وأنا أقسم والسماء تشهد، أنّني وابني كنّا سنبقى عن طيب خاطر أيل وقطة إلى الأبد في عينيك لتجنيبك التعذيب القاسي الذي تعرضت له.

ولكنّ الببغاء استولت عليك على الرغم من كل احتياطاتنا، وأنت تعرفين الباقي يا طفلتي العزيز، ولكن لا يمكنك أبدًا معرفة كل ما عانينا من دموعك وعزلتك بعيدة عنّا، احتضنت بلوندين الجنيّة بحماسة ووجهت لها ألف سؤال مثل سؤالها: ماذا حدث للغزلان التي خدمتنا برشاقة؟ فأجابت الجنيّة: لقد رأيتهم بالفعل، عزيزتي بلوندين، إنهنّ الفتيات الصغيرات اللواتي كنّ عند الممر قبل قليل، لقد تغيرن أيضًا عندما كان للجنيّة الشريرة قوتها علينا.

ثمّ سألت بلوندين: والبقرة البيضاء الطيبة التي تجلب لي الحليب كل يوم؟ فأجابت الجنيّة: لقد حصلنا على إذن من ملكة الجنيات لنرسل لك هذا الحليب معها، وجاءت كلمات الغراب المشجعة أيضًا منا، فقالت بلوندين:  أنت إذاً، سيدتي، أرسلت لي السلحفاة أيضًا؟ نعم، بلوندين، ملكة الجنيات التي تأثرت بتوبتك وحزنك، حرمت جنيّة الغابة الشريرة من كل سلطة علينا بشرط أن تحصل منك على دليل أخير على الخضوع والتوبة، مما اضطرك لأخذ هذا الوقت الطويل والرحلة المرهقة وإلحاق العقوبة الرهيبة بجعلك تعتقدي أنّ ابني وأنا قد متنا بسبب تهورك.

لقد ناشدت ملكة الجنيات لتجنيبك على الأقل هذا الألم الأخير، حدّقت بلوندين في أصدقائها المخلصين، واستمعت بشغف إلى كل كلمة ولم تتوقف عن احتضانهم، كانت تخشى أن ينفصلوا عنها إلى الأبد بسبب الموت، ثمّ جاءت ذكرى والدها العزيز نفسه الآن، لقد فهم الأمير بارفيه رغبتها السريّة في السؤال عن والدها وأبلغ والدته الجنية بينفيلانت.

فقالت الجنيّة: جهزي نفسك يا عزيزتي بلوندين لرؤية والدك، أخبرنا والدك بموعد حضورك قريباً، وفي هذه اللحظة، وجدت بلوندين نفسها في عربة من الذهب واللؤلؤ، والجنيّة بينفيلانت جالسة على يدها اليمنى، والأمير بارفيه عند قدميها، وجرّت العربة أربعة بجعات، لقد طاروا بسرعة لدرجة أن خمس دقائق أوصلتهم إلى قصر الملك بنين حيث تجمع كل البلاط حول الملك، وكان الجميع ينتظرون الأميرة بلوندين.

وعندما ظهرت المركبة، كانت صرخات الفرح والترحيب صاخبة لدرجة أن البجع كان مرتبكًا وكاد يضل طريقه، وتوقفت العربة عند الدرج الكبير، قفز الملك بنين نحو بلوندين التي قفزت من العربة وألقت بنفسها بين ذراعي والدها، وبكى الجميع بدموع الفرح، وعندما استعاد الملك بنين نفسه إلى حد ما، قبّل باحترام وحنان، يد الجنيّة الطيبة التي أعادتها إليه الآن بعد حمايتها وتعليمها.

واحتضن الأمير بارفيه، وكانت هناك ثمانية أيام احتفالية متألقة تكريماً لعودة بلوندين، وفي ختام الحفل، أعلنت الجنيّة بينفيلانت عن نيتها في العودة إلى المنزل، لكنّ الأمير بارفيه وبلوندين كانا حزينين للغاية من احتمال هذا الانفصال لدرجة أنّ الملك بنين قرر أنه لا ينبغي لهما ترك المكان، لذلك تزوج الجنيّة وأصبحت بلوندين الزوجة السعيدة للأمير بارفيه الذي كان دائمًا بالنسبة لها بومينون من غابة الليلك.

كانت الأميرة سمراء التي تغيرت شخصيتها بالكامل، تأتي في كثير من الأحيان لرؤية بلوندين، وأصبحت أكثر وديّة وأكثر لطفًا، أمّا بلوندين فلم تكن تعاني من مصائب ولا حزن، وكان لديها بنات جميلات يشبهنها، وأبناء طيبون وسيمون بصورة والدهم الرجولي الأمير بارفيه.


شارك المقالة: