قصة بنات الصياد

اقرأ في هذا المقال


بعض الأشخاص ينالون الخير فقط بسب نبل أخلاقهم، هذا ما حدث مع ابنة الصياد التي تتصّف بنبل أخلاقها وكرمها؛ حيث كانت تساعد أبيها وأمّها في كل الأعمال على العكس من إخوتها، ونالت بذلك الرفعة والحظ الوافر، وكانت نهايتها أن تحقّق حلم والدتها وتزوّجت من ولي العهد وأصبحت ملكة البلاد.

قصة بنات الصياد

في إحدى القرى كان هنالك صياد لديه ثلاثة من البنات، البنت الكبرى اسمها سناء أمّا الوسطى اسمها زهراء والبنت الصغرى اسمها وفاء، ويحكى أن زوجة الصياد عندما كانت تحمل بابنتها وفاء رأت مناماً غريباً؛ حيث رأت شيخ بلحية بيضاء يقول لها: خذي هذه البنت التي ستصبح ملكة البلاد في يوم من الأيام.

وفي تلك الليلة استيقظت الزوجة من منامها وأسرعت توقظ زوجها لتبشره بتلك الرؤيا السعيدة، وعندما استيقظ زوجها الصياد قال لها: ما هذا الذي تقولينه يا زوجتي، وكيف لابنة صياد فقير مثلي أن تعيش في مقام الملوك، أنا أتعب وأكد طوال اليوم لأجد فقط قوت يومي، وأسكن في منزل كهذا، هيا اذهبي ونامي ولا توقظي النائمين، وإيّاكِ أن تخبري أي أحد بهذا الحلم المضحك؛ كي لا يظنّ أحد بأنّكِ فقدتِ عقلك.

لكن الزوجة كانت متفائلة وقالت لزوجها: لا يجوز أن نيأس من رحمة الله، وأنا على ثقة بأنّ رحمة الله واسعة وسيأتي يوم من الأيام ويتحقّق هذا الحلم، ولكن الزوج كان يسخر من كلام زوجته واعتبره محض خيال، عندما أنجبت الزوجة ابنتها الصغرى وفاء، لاحظ الصياد وزوجته والجميع بأنّها تختلف عن أخواتها؛ حيث أنّها شديدة الجمال والفطنة والدهاء، بالإضافة لجمالها ورقّتها.

كانت الأخت الكبرى سناء شديدة الغرور والتباهي بنفسها، بالإضافة لطبع الأنانية الذي تمتلكه، أمّا زهراء فقد كانت تتصف بالكسل والخمول الشديد؛ حيث كانت تحب النوم كثيراً وتقضي معظم أوقاتها بالاسترخاء، أمّا الأخت الصغرى وفاء فقد كانت على العكس منهنّ؛ حيث تتصّف بالنشاط وكانت تذهب مع أبيها وتساعده بصيد الأسماك كل يوم.

ومع الوقت أصبحت وفاء ماهرة في الصيد، بل كانت أمهر من والدها وتستطيع الحصول على عدد أكبر من الأسماك، وعندما تعود مع والدها من العمل تبدأ بمساعدة أمّها بأعمال المنزل أيضاً، على العكس من أخواتها سناء وزهراء اللتان كانتا تقضيان الوقت دون عمل أي شيء؛ ولهذا السبب كانت وفاء من أكثر البنات قرباً لقلب والديها، فهي عطوفة وحنونة وتحب مساعدة الجميع.

كبرت البنات الثلاث وأصبحن بسن الزواج؛ فجاء والدهما الصياد في يوم من الأيام وقال لهن: لقد كبرتن يا بناتي، وأنا أخاف عليكِ يا سناء وأنتِ يا زهراء؛ فأنتنّ لا تعرفن أي شيء في أعمال المنزل، أمّا وفاء فهي بنت ماهرة في كل شيء وأنا لا أشعر بالخوف تجاهها، قالت الأخت الكبرى سناء: لا تخف يا أبي؛ فأنا لن أتزوّج إلّا رجلاً ثرياً يعطيني ما أريد، وسيكون شغلي الشاغل هو الاهتمام بجمالي وأناقتي، وقالت زهراء: وأنا يا أبي سأتزوّج من يجلب لي الخدم وكون رهن إشارتي.

ترك الأب بناته وهو يشعر بخيبة أمل ممّا سمعه منهن، ولم يكن مطمئنّاً إلّا تجاه ابنته الصغرى وفاء، في البلاد المجاورة كان هنالك ملك كبير في السن يبحث لابنه ولي العهد عن زوجة صالحة، قابل هذا الأمير الكثير من الأميرات ولكن لم تعجبه أي واحدة منهن؛ فقال لأبيه: يا أبي سأترك أمر الزواج الآن، وأريد أن ألتفت لأمور البلاد.

قرّر الأمير أن يتخفّى بملابس العامّة؛ كي يجوب البلاد ويتفقّد أحوال شعبها، قابل الأمير الكثير من الفتيات وخاصّةً بنات كبار التجّار، ولكنّه لم يجد في كل واحدة منهن إلّا الغرور والأنانية، وفي يوم من الأيام بينما كان الأمير يمشي في السوق إذ سمع الحديث الذي كان يدور بين الصياد وابنته وفاء، وكانت تقول له: يا أبي لا يجب علينا أن نبيع الأسماك التي صدناها البارحة على أنّها طازجة، هذا الأمر يعتبر خداع للناس.

أعجب الأمير بأمانة تلك الفتاة؛ فذهب إلى والدها وتظاهر بأنّه يبحث عن عمل، ورحّب به الصياد وابنته كثيراً، واستضافه في منزله، وعندما عاد الصياد وابنته وفاء والأمير المتنكّر إلى المنزل سمع الأخت الكبرى تقول: وماذا يهمنّا من أمر صبي فقير كهذا، وقالت الوسطى: ولماذا يجب علينا أن نعدّ له الطعام ونحن لا نعرفه، ولكن وفاء رحّبت به وقرّرت هي أن تقوم بإعداد الطعام له، ممّا زاد إعجاب الأمير بنبلها وأخلاقها الحسنة.

بعد مدّة من الوقت عاد الأمير لمنزله وأخبر والده الملك بما حدث معه، وطلب منه أن يتزوّج بتلك الفتاة النبيلة، في بداية الأمر كان الملك قد اعترض على هذا الزواج لأنّه غير متكافئ، ولكن الأمير حاول إقناعه بأنّ وفاء هي فتاة ذكية وتتقن الكثير من الأعمال، وسوف تساعدهم أيضاً على إدارة أمور البلاد.

تزوّج الأمير من وفاء وعاشا حياة سعيدة وتحقّق حلم أمّها بأن تصبح ملكة البلاد، بالإضافة إلى أن أخواتها عندما رأوا ما نالت أختهم باجتهادها ونبل أخلاقها، قرّرت كل واحدة منهنّ أن تقوم بتغيير طباعها للأفضل.


شارك المقالة: