يعد بيت الشعر “بعيني رأيت ذئباً يحلب نملةً ويشربُ منها رَائباً وحليبًا” من أشهر الأبيات الشعرية التي حظيت بتداول واسع عبر العصور. وقد نسبه الكثيرون إلى الشاعر العربي الكبير أبي الطيب المتنبي، رغم عدم وجود دلائل قاطعة على ذلك. يتميز هذا البيت بجماله البلاغي وقوة تأثيره، حيث يجمع بين الصورة الشعرية المبتكرة والمعنى العميق الذي يحمله، في هذا المقال، سنتناول تحليلًا دقيقًا لهذا البيت، محاولين استكشاف دلالاته المتعددة وأبعاده الفنية.
قصة بيت بعيني رأيت الذئب يحلب نملة
أما عن مناسبة أكذب بيت من الشعر وأصدق بيت في آن واحد وهو بيت للمتنبي يقول فيه “بعيني رأيت الذئب يحلب نملة” ويقول المتنبي هو أكذب ما قلت لأنه لا يمكن للذئب أن يحلب نملة، فالنملة لا تدر الحليب، ولو أنها تدر الحليب، فلن يكون من يحلبها هو الذئب، وأما أنه أصدق بيت ففي يوم من الأيام كنت في مدينة الكوفة، وبينما أنا أدور في أسواقها، مررت بأحد الأسواق، وكان في هذا السوق امرأة فقيرة محتاجة تبيع السمك، فأخذت أنظر إليها وهي تبيع تلك الأسماك.
وأكمل قائلًا: وبينما أنا أنظر إليها أتاها رجل يبدو عليه أنه فاحش الثراء، وكان متكبرًا، فوقف فوق رأسها وقال لها: بكم رطل السمك؟ فقالت له: هو بخمسة دراهم يا سيدي، فقال لها: لا بل هو بدرهم واحد، فقالت له السيدة: يا سيدي، إن هذا السمك ليس ملكًا لي، ولا أستطيع بيعه بأقل من خمسة دراهم، فقال لها الغني: حسنًا، زني لي عشرة أرطال، ففرحت تلك المرأة وظنت بأنه سوف يدفع لها خمسين درهمًا، فقامت ووزنت له العشرة أرطال، وناولته إياها، فأخرج من جيبه عشرة دراهم، ورماها عليها، ومن ثم انصرف، فأخذت تلك الامرأة تنادي عليه، وتقول: يا سيدي، يا سيدي، ولكنه لم يعرها اهتمامًا، واستمر في مسيره، فناديته أنا ولم يرد علي أيضًا، فأخذت أنشد قائلًا:
بعيني رأيت الذئب يحلب نملة
ويشرب منها رائباً وحليبا
يقول الشاعر في هذا البيت بأنه رأى بأم عينيه ذئبًا يحلب نملة، ويشرب مما حلبه منها الرائب والحليب. وكنت أقصد بالنملة تلك الامرأة، وأقصد بالذئب ذلك الرجل.