قصة جبل العجائب

اقرأ في هذا المقال


دائماً ما تكون نهاية الحسد والظلم وخيمة، وكانت تلك نهاية الأختان اللتان شعرتا بالحسد والغيظ من أختهما الصغرى؛ لأنّها أصبحت ملكة البلاد، فقامتا باتهّامها ظلماً، ولكن بعد مدّة تم اكتشاف أمرهما بواسطة الطائر الناطق الذي يسكن جبل العجائب، وكانت نهايتهما السجن مدى الحياة.

قصة جبل العجائب

في إحدى القرى تسكن ثلاث أخوات مع بعضهن البعض، وفي يوم من الأيام جلست الأخوات بجانب شرفة المنزل وصرن يتجاذبن أطراف الحديث، قالت الأخت الكبرى: أنا أتمنّى أن أكبر وأتزوّج من طباخ الملك، لأنّني إن تزوّجته فسوف أملأ بطني باللحوم والفاكهة اللذيذة، وفي ذلك الوقت سوف أزداد جمالاً وبياضاً، وسأخبر كل الناس عن زوجي ذو المقام الرفيع.

أمّا الأخت الوسطى فقالت: أنا أتمنّى أن أتزوّج الرجل الذي يصنع الحلوى للملك؛ فهو يقوم بصناعة حلوى لذيذة مثل البقلاوة المحشوّة، والقطائف بالجبنة والفستق، ومختلف أنواع الفراولة والسكاكر والشراب المحلّى، وسوف أقوم في ذلك الوقت بدعوتكنّ لتناول الحلوى اللذيذة معي، وأنا واثقة بأنّ زوجي سيسمح لي بذلك لأنّه يحبّني.

جلست الأخت الصغيرة صامتة؛ فسألتها أختها: ما بكِ لا تخبرينا عن أمنيتك؟ قالت لهما الأخت الصغرى: لدي أمنية ولكن لن أخبركما بها، أصرّت الأختان على معرفة أمنية أختهم الصغرى، فردّت عليهما قائلة: أنا أتمنّى الزواج من رجل عظيم وهو الملك، وأنا أريد أن أنجب منه ولداً شجاعاً، بالإضافة أنّني أريد إنجاب بنت جميلة الوجه كالبدر.

صارت الأختان تسخران من أمنية أختهم الصغرى، وكيف لها أن تتمنّى الزواج من الملك نفسه، في اليوم ذاته كان ملك البلاد قد نزل ليتفقّد أحوال شعبه، ويستمع لحاجة المظلوم ونداء الفقير والمحتاج، وكان الملك كلمّا نزل إلى الشارع ليتفقّد أحوال الشعب يتنكّر بزي حتّى لا يعرفه أحد، وعندما مرّ من شرفة المنزل كان قد استمع لحديث الأخوات الثلاثة.

وضع الملك علامة على هذا المنزل ليستطيع تمييزه، وعندما عاد إلى القصر أمر جنوده بإحضار هؤلاء الأخوات الثلاث، وعندما حضرن إلى القصر بدا عليهنّ القلق، قال لهنّ الملك: لا تخفن فأنا سمعت عنكن وأعلم أنكنّ يتيمات الأب والأم، ولقد سمعت يوم أمس أمنية كل واحدة منكنّ، وأنا أريد أن أحقّق لكل واحدة منكنّ أمنيتها، من كانت منكنّ تريد الزواج من طبّاخ الملك؟ فأشارت الأخت الكبرى.

ثم سأل الملك عن الأخت التي تريد الزواج من صانع الحلوى؛ فأشارت الأخت الوسطى على نفسها، قال لهما الملك: سوف أحقّق لكما أمنيتكما و أقيم لكما غداً احتفال كبير وأعطي كل واحدة منكنّ عشرة آلاف درهم، شعرت الأختان بالفرح الشديد ونسيت كل واحدة منهن الأخت الصغرى، ولم يعرفن إن كان الملك سيكافئها أم لا، ولكن الملك التفت للأخت الصغرى وقال لها: أرجو منكِ أن تعيدي أمنيتك التي سمعتها منكِ يوم أمس أمام الحضور.

شعرت الأخت الصغرى بالخجل، وظنّت أن الملك يريد الاستهزاء او السخرية منها؛ فبدأت بالبكاء وصار وجهها أحمر كالدم وظلّت صامتة، فقال لها الملك: ألم تقولي أنّكِ تريدين الزواج من الملك؟ فأخفضت الأخت الصغرى رأسها من شدّة الخجل، وأمسك الملك يديها بلطف وأخبرها أنّه يريد الزواج بها.

شعرت الأختان بالغيظ والحقد والحسد الشديد على الرغم ممّا ظفرت كل واحدة منهنّ من الملك، ولم تكن أي واحدة منهن تتخيّل بأنّ الأخت الصغرى ستصبح ملكة البلاد، صارت الأخت الصغرى ملكة البلاد وأحبّها شعبها، بالإضافة لحب الملك الشديد لها، وبعد مدّة وضعت الأخت الصغرى توأمين ولد وبنت جمالهما كالشمس.

بعد مدّة من الوقت اضطرّ الملك للسفر خارج البلاد، فخططّت الأختان لسرقة التوأمين في حين غياب والدهما ونوم الأخت الصغرى، وأشاعت الأختان خبر أن الملكة قد ولدت توأمين وقامت بإخفائهما لأنّها ساحرة شرّيرة، وعندما عاد الملك وسمع بما حدث لم تطاوعه نفسه بعقاب الملكة بل قام بسجنها فقط وأقسم أن لا يراها طوال عمره.

كانت الأختان قد وضعتا التوأمين بسلة في الماء، ولكن تلك السلة لم تغرق، بل شاء القدر أن يسوقهما إلى تاجر ثري فرح عندما رآهما، وقرّر أن يأخذهما لزوجته لأنّه لم يرزق هو وزوجته بأطفال، عاش التوأمين حياة رغيدة مع التاجر وزوجته، ولكن بعد مدّة من الزمن مات التاجر وزوجته وظلّ التوأمين البنت والولد وحيدين، وفي يوم من الأيام خرج الأخ برفقة أخته للصيد.

كانت عند البحيرة تجلس الأخت التي تزوّجت من صانع الحلوى، ولاحظت الشبه بين الولد والبنت وأختها الصغرى، أسرعت لتخبر أختها الكبرى بما حدث، وقرّرتا إرسالهما إلى جبل يسمّى جبل العجائب، وهو مكان مليء بالأخطار والحيوانات المفترسة، وكانت الأختان واثقتين أن الولد والبنت لن يظلّوا أحياء إن تم إرسالهما إلى جبل العجائب.

ولكن كان في جبل العجائب طائر ناطق، ولم تكن تعلم الأختان أن أختهما الصغرى تم سجنها هناك، رأى الطائر الناطق التوأمين الولد والبنت وعلم بأنّهما أولاد الملكة، ذهب الطائر وأخبر الملكة أوّلاً بما رأى، وعندما علمت الملكة بذلك فرحت فرحاً شديداً ان أولادها لا زالوا أحياء، وطلبت منه أن يذهب ويطلب من الملك الحضور لأمر هام.

ذهب الطائر الناطق وطلب من الملك المجيء، رفض الملك أن يأتي في بداية الأمر ولكن الطائر أخبره أنّه أمر هام في جبل العجائب، ووعده أن لا يجعله يرى زوجته الملكة، عندما ذهب الملك ورأى أولاده، وقصّوا له ما حدث معهم، علم أنّ زوجته الملكة قد ظُلمت بسب أخواتها، عاد الملك إلى قصره برفقة زوجته العزيزة وأولاده، واعتذر منها عن تصديقه لأكاذيب أختيها، ووعدها أن يعوّضها عن سنوات السجن، أما الأختان فتم وضعهما في السجن مدى الحياة بسبب حسدهما وظلمهما لأختهما الصغرى.


شارك المقالة: