صدرت هذه القصة عن الكاتب والأديب بيرتراند آرثر ويليام راسل، وقد تناول من خلال القصة العديد من الموضوعات التي تدور حول وضع الاعتبارات إلى السياسة وما تؤول إليه تلك السياسات والتعنت بها، كما تناول الحديث عما يجلبه ذلك العناد إلى النفس الإنسانية.
قصة حلم دين آتشيسون
في البداية كانت تدور الوقائع القصة حول الشخصية الرئيسية وهو رجل يدعى دين آتشيسون، حيث أنه لدى هذا الرجل حلم كان يرغب في تحقيقه بعد أن أُحيل إلى التقاعد، إذ في يوم من الأيام قرأ في إحدى الصحف مقال نص على: أن دين أتشيسون يعاني، كما أنه يتوق إلى أن يعرف ذو الآراء الصائبة، وما هو العقاب المناسب والعادل للجريمة التي اقترفها، وقد تم استجوابه من قِبل لجنة تعود إلى مكتب الكونغرس لمدة تقارب على الست ساعات بشكل متواصل، وعلى الرغم من أن تلك الحادثة كانت مجرد حادثة عادية وقد مر عليها سبع سنوات.
لكن مجموعة الأدلة الدامغة التي تبرهن على وقوعها تلك الحادثة قدمت إلى مكتب البحث في مكتب الكونغرس، وبناءً عليها أسند إليه تهمة الإدلاء بالشهادة الزور، وأصدر حكم بحقه بالسجن فترة طويلة، لكن بالرغم من إدانته لم يكن نادم على الفعلة التي ارتكبها، بل كان يؤكد لكل شخص يقوم بزيارته في السجن أن السياسة التي تم اتباعها من بعده سوف تقود حتماً إلى الدمار.
وبعد أن قرأ هذا الخبر حتى تغير طابعه حول الحلم الذي كان يحلم به، وهنا انطلق صوت طيف خفي يعلن له بنبرات يتخللها الأسى والحزن حول مجموعة من أحداث المستقبل، وقد قال الصوت: هناك من يخطط من أجل مؤامرة وانقلاب على الرئيس الحالي، كما أنه سوف يحل بالبلاد العديد من النكبات، وفي ذلك الوقت كان عدد كبير من الأشخاص يلقون الاتهامات ظلمًا وبهتانًا على الرئيس، وعلى إثر ذلك رأي ذلك الرجل المتقاعد أنه ينبغي عليه أن يسند تلك المهام التي كان يقوم بها الرئيس في سبيل الحق، وهنا قام بتجميع الملايين من حوله وتوجهوا نحو تلك الشواطئ المحايدة في المناطق الجنوبية من البلاد.
حيث اعتقدوا أن الأسماك في تلك المناطق لا تنضب، ولكن ما تفاجئوا به في ذلك المكان أن الاشعاعات الذرية قد قضت على كل سمكة تعيش على نطاق ألف ميل، ولم يبقى سوى أنواع قليلة جداً من الأسماك التي رمتها العواصف والرياح العاتية، ولكن لم يمكث طويلاً حتى انقرضت كامل الأسماك، حيث تناولوه مجموعة من الرجال المتواجدين هناك.
وبعد تناول الرجال لتلك الأسماك سرعان ما عانوا من الآلام المبرحة ولفظوا أنفاسهم الأخيرة، وهنا لم يبقى شيء من تلك الأسماك حتى يتناولها المتقاعد والمجموعة الكبيرة من الرجال معه، وهنا بدأوا في بالإمساك بكل ما تقع عليهم أيديهم من أغنام وماشية والتي كانت متواجد بشكل ضئيل في المراعي النادرة لتلك الشواطئ القطبية، ثم بعد ذلك أصبحوا يعيشون على الطحالب، ولكن من المؤسف أن الطحالب لم تكن بكثرة في تلك المناطق وسرعان ما انقرضت.
ومنذ تلك اللحظات بدأ المتقاعد يفكر جلياً في المهمة التي جاء من أجلها، وأخذ يشير إلى أنه في حال بقيت الحال على ما هو عليه سوف يسيء الأمر الي الرئيس، عوضاً عن تأثير تلك الأمور على الأجيال القادمة، ولسوف يدخل هؤلاء المفسدين البلاد بفضيحة لا تستحقها، وفي تلك الأثناء عثر المتقاعد على علبة لا تتأثر على الاطلاق بالأشعة الذرية والتي كانت من المؤكد أنها سوف تساعده في مهمته، ولكن في ذات الوقت كان الرئيس قد توفي.
وقد كانت وفاة الرئيس بمثابة غصة ملأت نفوس جمع كبير من المواطنين ذوي الآراء الحكيمة في البلاد، وهنا انتقل الحكم لرئيس آخر من أتباع الكرملين، وقد أوعز إليه بتولي الحكم في البلاد لمدة أربع سنوات متتالية، وبعد أن انتصب الحكم وأصبح رئيسًا للجمهورية، سرعان ما توجه للعمل بجد وحماس صادق، ولهذا انظم المتقاعد وأتباعه إلى قائمة الجيوش، كما أنه لم تعد دول أوروبا الغربية تفرض قيوداً على تلك البلاد.
ولم يعد يسمع للخونة والشيوعيين بالتمرد في البلاد، وقام بإرسال جيش إلى مدينة بكين؛ من أجل الإمساك بزمام الأمور وفرض السيطرة، وفي تلك الأثناء تظاهر الشيوعيون من أصول صينية بالضعف والخوار، إذ كانوا يتجنبون أي معركة ومواجهة وبدأ شبابهم بالتوجه نحو الجبال؛ وذلك من أجل تشتيت القوات خلفهم، وبالفعل في ذلك الوقت تم فرض السيطرة بالكامل على مختلف المناطق في شرق دولة الصين، بينما في الجزء الغربي أخذت قوات السلطة بالتورط في القتال شيئاً فشيئاً، كما تم استخدام القنابل الذرية في تلك المعارك، وعلى أثر ذلك انقسمت جيوش العدو إلى عصابات متنقلة في كل مكان.
وبسبب تلك الانقسامات التي حدثت استغلت دولة روسيا الموقف وأوقعت بدول أوروبا الغربية، وقد كانت تلك الواقعة قد حطمت رغبتهم في الحفاظ على حياتهم، وقد احتلت القوات الروسية بكل يسر وسهولة دون أي مقاومة جماعات مقيمة في المناطق الشمالية من دولة فرنسا، وقد تم السماح لأصحاب المهارات الفنية بالعمل كعبيد في المنطقة، وتم إرسال من ليس لديه أي مهارة لقطع الأخشاب في الغابات والبحث عن معدن الذهب واستخراجه من المناجم التابعة إلى المناطق الشمالية الشرقية في دولة سيبيريا، وكما انطلقت مجموعة من الغواصات الروسية من أجل مضايقة الناقلات التابعة إلى القوات الأميركية التي تقيم في الصين.
في هذه الأثناء بدأت دول أميركيا اللاتينية باعتناق الكثير من المبادئ الشيوعية، وهذا ما جعلها تنطوي تحت سيطرة لواء موسكو، وهذا الأمر قد جعل كافة المناطق تخلو من القوات الأميركية التي تحتلها، وبفضل أحد الأطباء ونشاطاته اعتنق العديد من الشعب الأفريقي الشيوعية، وفي ذلك الوقت تم شن هجوم من قِبل القوات الروسية على دول أوروبا الغربية، وخلال ذلك الهجوم تم قطع رأس كل رجل صاحب بشرة بيضاء في دول أفريقيا.
وبعد أن فرضت القوات الروسية سيطرتها على جنوب أفريقيا بدأ ترحيل الطائرات الضخمة المحملة بالقوات والذخيرة إلى دول أمريكا اللاتينية، واستطاعت الإعلانات والدعايات الواسعة النطاق أن تحمل جميع سكان كل من مدينة بيرو وبوليفيا ودولة البرازيل إلى الاعتقاد بأن دولة روسيا هي من تناصر الرجل الأحمر في نضاله ضد تعسف الرجل الأبيض واستبداده، وبناءً على تلك الأصداء انطلقت أفواج كبيرة من الرجال الحمر الذين قاموا الكرملين بتنظيم وتسليحهم، وقد دفعتهم المذابح والمعارك الرهيبة بالتقدم باتجاه دولة المكسيك؛ وذلك من أجل القضاء بالكامل على جموع الجيش الراجعة من الصين، وقد كانت تلك الجموع من الجيوش قد أثبطت عزيمتها، كما أنهك مرض الملاريا الذي كانت منتشر بكثرة قواهم.
وهنا أشار المتقاعد إلى أنه حينما شاهد كل شيء قد ولى وانتهى، أبحر مع رفاقه فوق متن إحدى السفن، والتي كانت تقف على أهبة الاستعداد لنقلهم في نهر بوتوماك، ولولا العناية الإلهية الرحيمة لكن أخفق مع رفاقه عاصفة بحرية، وأثناء تلك العاصفة أغرقت تلك السفينة على الرغم من صغر حجمها العديد من المدافع الروسية، وفي النهاية أشار المتقاعد إلى أنه كل ما حدث معهم كان بسبب قصر الرؤية السياسية للرئيس الحالي، كما أوضح أنه من الأفضل أن نقاتل في سبيل الحق ونموت أبطالاً من أن نأخذ اعتبارات إلى الوضعية السياسية، والتي كان من شأنها أن تنقذ أجسادنا، لكنها في الحقيقة تطيح بنفوس البشر.