قصة حورية بحر الماغدالينس

اقرأ في هذا المقال


قصة حورية بحر الماغدالينس أو (The Mermaid of the Magdalenes) حكاية شعبية أمريكية أصلية تم جمعها من جميع أنحاء كندا بواسطة البروفيسور سايروس ماكميلان، نُشرت المجموعة في الأصل عام 1922، وتحتوي العديد من الحكايات داخلها على موضوعات عن الإبداع.

الشخصيات:

  • الأسماك الكبيرة.
  • الأسماك الصغيرة.
  • الفتاة.
  • سرطان البحر الأسود.

قصة حورية بحر الماغدالينس :

بعيدًا عن الساحل الشمالي الشرقي لكندا توجد مجموعة من الجزر الوعرة تسمى ماغدالينس، كانت مجموعة قاحلة حيث تنمو الأعشاب والزهور والأشجار بشكل ضئيل، وهناك تحتدم العواصف الشمالية بغضبها الأشد، وينفجر البحر بأعظم قوته على الصخور القاتمة، وتطير باستمرار الطيور التي لا تحصى بصرخاتها وألوانها الغريبة، وفي الأيام التي تندلع فيها العاصفة في البحر الأبيض غاضبًا على الساحل، يكاد يكون رعد الأمواج مرعباً بسبب صراخ عدد لا يحصى من النوارس.

وفي الأيام الصافية تختفي الشمس عندما تشرق الطيور من أعشاشها في السحب، أطلق المسيحيون على إحدى الجزر عندما زاروا المجموعة لأول مرة منذ مئات السنين اسم جزيرة الطيور، ولا تزال جزيرة الطيور أرض مقفرة برية ومقيدة بالصخور، ولكن على الرغم من أنّ الجزر قاحلة من الأعشاب والزهور والأشجار، إلا أن المياه المحيطة بها وفيما بينها غنية بالأسماك.

وقد اطلق الناس على هذا الجزء من المكان اسم مملكة السمك، لأنّ التجار المغامرين يزدادون ثراءً هناك وهم يجمعون حصاد البحر، وكان أعظم منتج للمياه هو جراد البحر الذي كان يسكن دائمًا هذه البحار الشمالية، ويقال عن قوته في العصور القديمة حكايات غريبة، وبعيدًا عن ساحل إحدى الجزر، لا يزال بإمكان المرء أن يرى في ليالي ضوء القمر الرائعة في مايو، وأيضًا خلال النهار مرة واحدة في السنة، عذراء تحمل كأسًا بيدها.

وتمشط شعرها الطويل، وتنظر بحزن إلى الأرض أحيانًا أيضًا، وفي الليالي الهادئة، لا يزال بالإمكان سماع أغنيتها الغريبة فوق نفخة الأمواج، إنّها سيدة الجزيرة الوهمية التي استخدمها الكركند في أيام بعيدة، وهي الآن سجينة في العمق، محتجزة هناك كعقاب على أفعالها، حيث حدث أنّه منذ فترة طويلة عندما تم تعليب الأسماك لأول مرة للطعام، كانت هناك مذبحة عظيمة من السردين، سمكة البحر الصغيرة من قبل التجار الطامعين للمال الذين اصطادوها.

وقاموا بتعبئتها في صناديق صغيرة، وشحنوها إلى أماكن بعيدة لبلدان عديدة، تمامًا كما يفعلون اليوم، حصل هؤلاء التجار على مكافآت مالية كبيرة مقابل عملهم، لأنّ الناس في جميع أنحاء العالم أحبوا السمكة الصغيرة ودفعوا ثمنًا باهظًا مقابل عملهم، رأى السردين أن عددهم  يقل ويكاد يختفي و لكونهم صغارًا، كانوا عاجزين أمام آسريهم، وكان هناك حزن كبير بين جميع أفراد أسرهم.

وفي حالة من اليأس طلبوا من سمك البحر الكبير مساعدتهم، أخيرًا ، استجابةً لندائهم، تم عقد اجتماع لجميع الأسماك في البحر، وهناك أقسمت الأسماك  الكبيرة على مساعدة أبناء عمومتها الصغار في صراعهم مع الإنسان، ومعاقبة كل من يأكل أو يصطاد عائلة السردين، وابتهجت الأسماك الصغيرة كثيرًا، وفي أحد أيام مايو تحطمت سفينة كبيرة محملة بالأسماك المعبأة على الصخور الغارقة في جزر الماغدالينس.

سرعان ما تحطمت السفينة بسبب الأمواج الكثيفة على الشعاب المرجانية الحادة، وتناثرت حمولتها على طول الشاطئ، وحدث أنّ هناك العديد من صناديق السردين في الحمولة، وقد جرفتها المياه على الشاطئ أيضًا، وفي المساء، بعد أن هدأ البحر سارت عذراء جميلة تعيش على الجزيرة مع والدها تاجر الأسماك على طول الشاطئ لمشاهدة حطام السفينة المحطمة.

وجدت أحد الصناديق التي كان السردين يعبأ فيها، ثمّ قررت على الفور أن تأكل المحتويات، لأنّها أيضًا، مثل كل العالم في ذلك الوقت، كانت تحب السمك الصغير، ولكن على الرغم من أنها حاولت بأقصى ما تستطيع، إلا أنها لم تتمكن من فتح الصندوق، ثمّ جلست بجانب البحر وغنت أغنية رثاء تنادي كل من يستطيع أن يفتح لها الصندوق، وغنّت: أحب السردين عندما يتم غليه بالفول، ويختلط برمال البحر .

بعيدًا عن الشاطئ، كانت سمكة تستريح على شريط رملي، وعند سماع أغنية الفتاة، سبحت بسرعة باتجاه الشاطئ، وعندما اقتربت بما يكفي لسماع كلمات الأغنية ومعرفة محتويات الصندوق، سبحت في اشمئزاز شديد، لأنّ ابن عمها السردين في الصندوق، وجاء من نفس شجرة العائلة مثلهم، لكنها كانت خجولة لدرجة أنها لم تحاول معاقبة الفتاة.

ثم سمع سمك القرش الجريء الأغنية، لقد بحث منذ فترة طويلة عن زوجة من الأرض لتعيش معه في منزله تحت البحر، ثمّ  قال: هنا أخيرًا بالنسبة لي عذراء الشاطئ، لأنّ صوت الفتاة كان جميلًا بالنسبة له، لذلك ذهب ليرتدي ملابس أكثر جمالاً ورقة من الأعشاب البحرية النقية اللامعة وأوراق البحر، سرعان ما صنع لنفسه بذلة جديدة كلها خضراء وصفراء، وغطّى رجليه بقذائف ناصعة اللون وعنقه باللؤلؤ الذي اعطاه اياه المحار.

ولبس ملابسه بعناية، ثمّ أسرع في اتجاه الأغنية، ولكن عندما اقترب بما يكفي لسماع الكلمات ومعرفة محتويات الصندوق، تذكّر قسمه في التجمع الكبير للأسماك، وعلى الرغم من أنه كان يحب صوت الفتاة، فقد سبح بسرعة بعيدًا، لأنّه، مثل السمكة، كان يخشى أيضًا أن يحاول معاقبة العذراء، كانت العذراء الآن حزينة، لأنّها تأخرت والقمر كان بالفعل بعيدًا في السماء.

كان الصندوق لا يزال غير مفتوح، وكانت الفتاة جائعة للأسماك، وعند ذهابها إلى حافة البحر، طرقت الصندوق بقوة على صخرة كبيرة ملقاة في الماء، على أمل أن تفتحه بذلك، لكنّ الصندوق لم ينكسر، في تلك الأثناء صادف أن سرطان البحر الأسود الضخم يرقد بهدوء تحت الصخرة بعد معركة طويلة مع عدو في البحر، فأيقظه القرع على سطح مكان نومه، وفرك عينيه واستمع.

كانت العذراء تغني أغنيتها مرة أخرى: أنا أحب السردين عندما يغلي مع الفول، ويختلط برمال البحر، أنا أموت من أجل البعض، لن يأتي أحد، ويفتح هذا الصندوق لي؟ ثمّ تذكر سرطان البحر قسمه في التجمع الكبير للأسماك، وعلى عكس السمكة والقرش، لم يكن لديه خوف من العذراء، لأنّه كان يعرف قوته، لذلك قرر أن يعاقبها، وفكّر على الفور بخدعة ماكرة.

خرج من مخبأه، ولوّح بمخلبه بأدب وقال: أيتها السيدة الجميلة، يمكنني أن أفتح الصندوق لك، أعطه لي ودعيني أحاول،  وردّاً على ذلك، رفعت الصندوق باتجاهه في يدها، ثمّ أمسكها من معصمها بمخلبه القوي، وأمسكها بسرعة، وسبح معها بعيدًا في البحر، ولا أحد يعرف أين ذهب وماذا فعل بها، ويُعتقد أنه باعها للقرش الذي كان يبحث منذ فترة طويلة عن زوجة على الشاطئ، ولا تزال تتحول ببطء إلى سمكة.

هناك شيء واحد مؤكد، وهو أنّها لم تعد إلى الأرض أبدًا، لكنّها تظهر دائمًا في اليوم الأول من شهر مايو على المياه بعيدًا عن ساحل الجزيرة، وإذا كان ذلك اليوم جيدًا وواضحًا، فلا يزال بالإمكان رؤيتها هناك دائمًا، تمسك بيدها زجاجًا تنظر فيه إلى نفسها في ضوء الشمس لترى ما إذا كانت قد تحولت إلى سمكة، أم أنها لا تزال كما كانت عليه في أول مايو من العام السابق عندما ظهرت آخر مرة في الشمس.

وتمشط شعرها الطويل المغطى باللآلئ،  وهي تنظر بعين شوق إلى الشاطئ ومنزلها القديم، وأحيانًا في ليالي ضوء القمر في شهر مايو، عندما تكون الرياح هادئة والبحر هادئًا، يسمع الصيادون أغنيتها الحزينة الغريبة عبر المياه، ويعلمون بعد ذلك أنّها وحيدة، وأنّها تغني أغنيتها لجذب رفاق الأرض إلى جانبها، وفي هذه الليالي يقيمون على الشاطئ. لأنّهم يعلمون أنهم إذا غامروا بالخروج إلى البحر، فسوف تصطادهم وتنقلهم إلى رفاقها في الأعماق إلى منزلها ذي الأصداف الساطعة البعيدة تحت سطح البحر.


شارك المقالة: