قصة خبز

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر هذه القصة من القصص التي صدرت عن الكاتبة والأديبة مارجريت أتوود، وقد تناولت في مضمونها الحديث حول حالة معاناة ومأساة لشاب وشقيقته يعيشان كمساجين في منزلهما، لم يبقى لديهم سوى قطعة من الخبز في المنزل، وبسبب حالة الجوع التي يشعر بها الشاب لم يقوى على الخروج إلى الخارج والبحث عن عمل للحصول على قوت يومه.

قصة خبز

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول أحد الشخصية الرئيسية وهو شاب ما زال في مقتبل العمر وكل ما كان حوله من أقارب هو شقيقته فقط تقيم معه في ذات المنزل، كان ذلك الشاب يقضي معظم وقته في المنزل ولا يخرج منه أبداً، ولا حتى للعمل من أجل أن يجلب لقمة العيش، وفي أحد الأيام كان يصف حاله في ذلك البيت، فيقول: عليك أن تتخيل أنه لم يعد يوجد في المنزل سوى قطعة واحدة من الخبز، وقد كانت تلك القطعة قد احتفظت بذات المكان على طاولة الطعام بالمطبخ منذ فترة، إذ كانت موضوعة في أحد الأكياس البلاستيكية، وإلى جانب تلك القطعة كان هناك سكين مخصص لتقطيع الخبز، وذلك السكين كان قديم جدًا، حيث أن والدي الشاب قد حصلا عليه من خلال بيعه في إحدى المزادات.

كما أن على تلك الطاولة كانت كلمة خبز منحوتة على الخشب، وهنا بدأ يفكر الشاب ماذا عليه فعله، هو أن يقوم  أن بفتح الكيس وسحب الأرغفة منه، ثم يقوم بتقطيع رغيف الخبز إلى قطع صغيرة، ثم بعد ذلك يقوم بوضع تلك القطع في محلول من الزبدة والفستق وتحميصهما على الغاز، وهنا قال: بعد دقائق قليلة من التقليب سوف تتحول كل تلك القطع من اللون الأبيض إلى لون غامق بعض الشيء، وثم بعد ذلك عليك أن تستمتع بمذاقها على لسانك ثم تتلذذ بأكلها ومضغها شيئاً فشيئاً.

ولكن هنا أشار إلى أنها كانت سوف تكون من وجهة نظره قطع خبز سوداء، وبعد ذلك أوضح أنه كذلك يوجد نوع من الخبز الأبيض موجود بالثلاجة، ولكنه قديم كذلك، إذ مضى على وجوده أسبوع كامل، وهنا قال: حين تضع قطع من الخبز من أجل أن تملأ المعدة فقط، يبدو أنه شيء مريح للغاية، ولكن الأفضل أن يقوم الإنسان بصنع خبزه بيديه.

وفي ذلك الوقت بدأ يفكر في من جهة أخرى حيث أصبح في حالة من الجوع الذريع فقال: عليك أن تتخيل كيف أن تكون في غرفة مغلقة وإلى جانبك قطعة من الخبز واحدة فقط، ذلك الأمر حقيقة لا مفر منه، حيث أن قطعة الخبز تلك كانت تتواجد على رف صلب في إحدى الغرف الدافئة والتي تحتويها أرض جافة، وشقيقتك الأصغر موجودة معك في ذات الغرفة، ففي حال أنك بدأت تتضور جوعاً، كما أنه في تلك اللحظات كان الذباب يتسلط على الأعين التي تورمت من شدة الحزن على الحالة التي نعيشها؛ ومن الجانب الآخر كان بجانبي قطعة من القماش القذرة ولكنها كانت تساهم في ترطيب الشفاه والجبين؛ وذلك من أجل التخفيف من ألم العطش والجوع اللذان نشعر بهما، ولكن ما زالت ذات قطعة الخبز الموجودة موضوعة بالجوار.

وفي تلك الأثناء كنت أشعر بالضعف أمام تلك القطعة من الخبز، كما أنني ما زلت أفكر في حلّ لذلك الوضع المأساوي والصعب، إلى متى سوف يستمر الحال عما هو عليه؟ وحين فكر في الخروج إلى الخارج والبحث عن عمل من أجل أن يتمكن من تأمين الذي يُشفي العليل، أوضح أنه كذلك سوف يستمر في الشعور بالجوع في العمل والذي بدوره يسبق الحصول على المال كأجر له، ومن هنا وقع في حيرة من أمره بأن يقوم بتقديم قطعة الخبز لشقيقته أو أنه يقوم بتقسيمها فيما بينهم، وبذلك رأى أنه يقدم لنفسه فرصة في البقاء على قيد الحياة، ولكن ما عاد التفكير به هو أنه كم سوف يستغرق من الوقت من أجل اتخاذ قرار بشأن قطعة الخبز؟.

وهنا أشار الشاب إلى أنه يعيش في منزله كالسجن ليس بمقدوره الاستمرار بالعيش به أو الخروج إلى الخارج، كما أنه لم يكن هناك له أصدقاء يخبرهم عن الحالة المزرية التي يعيشها، وكل ما هو أمامه هو أن يفكر في حل لتك القطعة الركيكة من الخبز، وكم من الوقت يريد حتى يصل إلى حل تلك المشكلة التي يواجهها، وأوضح أن تفكير الإنسان في كيفية اتخاذ القرار هو من أصعب الأمور التي قد يواجها في حياته، وقد يستغرق وقت أكثر من العمل بالقرار نفسه.

وفي النهاية أوضح الشاب إلى أن قطعة الخبز تلك على الرغم من صغرها إلا أنه تذكره بأشعة الشمس التي تعكس لونها الذهبي حين تقع على خشب الطاولة، وحين تسطع تلك الأشعة في ذهنه كان يتخيل أن هناك وعاء المليء بالفواكه الطازجة واللذيذة، وقد كان ذلك الوعاء ذاته الذي كان متواجد على الطاولة حينما كان والداه على قيد الحياة، وهنا أشار إلى أنه حين يتذكر العديد من الذكريات السابقة البسيطة لم يؤلمه الجوع بقدر ما يؤلمك تلك المشاهد الذي عهدها في مطبخهم في السابق، وأخيراً بدأت نفسه تسول له أن يقوم بأكل قطعة الخبز لوحده، دون أن يقسم منها جزء لشقيقته.

ولكن هنا بدأت الوساوس تدخل إلى عقله في أن تكون قطعة الخبز تلك هي سبب في موته؛ وذلك جراء تذكرة لإحدى القصص الألمانية القديمة والتي كانت تتحدث في مضمونها حول أنه كان هناك  في قديم الزمان شقيقتان أحدهما كانت تتميز بثراء فاحش جدًا ولكن ليس لديها أبناء؛ والأخرى كانت تعيش في حالة من الفقر المزرية كما أنها كانت سيدة أرملة ولديها خمسة من الأبناء.

وفي أحد الأيام ذهبت تلك السيدة الفقيرة إلى شقيقتها الغنية؛ وقد كانت سبب زيارتها هو أن تتوسل إليها بأن تقدم لها البعض من الطعام، وقالت لها: أبنائي يموتون من الجوع ففضلاً منكِ أن تمديني بقليل من الطعام، إلا أن شقيقتها الغنية قالت: ليس في منزلي ما يكفيني أنا وزوجي من طعام، وحين رجع زوج الغنية من عمله وتناول قطعة من الخبز كانت موجودة في الإناء على الطاولة سرعان ما شعر بحالة شديدة من الألم يجتاح جسده.

ثم بدأ ينزف كميات هائلة من الدم إلى أن فقد الحياة وتوفى، وقد كانت تلك القصة الألمانية تحمل في مضمونها رسالة واضحة والجميع يعلم ما هي الغاية من مرادها، وتلك القصة كانت مسيطرة على عقله، إلا أنه راح في طريق تخيل بها أنها ذاتها قطعة الخبز التي أمامه ولم يتناولها ولا قدميها لشقيقته فمات جوعاً.


شارك المقالة: