قصة دون جيوفاني المحظوظ

اقرأ في هذا المقال


قصة دون جيوفاني المحظوظ أو(Don Giovanni de la Fortuna) (بالألمانية: Der Bärenhäuter) هي حكاية خرافية جمعها الأخوان جريم، وأدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنية الوردية، تضمن إيتالو كالفينو نسخة إيطالية أخرى، عُرفت باسم مؤخرات الشيطان من بولونيا، في حكاياته الشعبية الإيطالية، إنّ حكاية من نوع (Aarne – Thompson type ) (Bearskin) حيث يربح الرجل ثروة وعروسًا جميلة من خلال الدخول في اتفاق مع جني.


الشخصيات:

  • دون جيوفاني.
  • الجني.
  • الملك.
  • ابنة الملك.

قصة دون جيوفاني المحظوظ:

كان هناك رجل اسمه دون جيوفاني دي لا فورتونا، وكان يعيش في منزل جميل بناه والده، وأنفق قدرًا كبيرًا من المال، في الواقع ولقد أنفق الكثير لدرجة أنّه لم يبق منها شيء، وبدلاً من أن يكون دون جيوفاني رجلاً ثريًا بكل ما يتمناه، اضطر إلى ارتداء لباس المتسول والتجول من مكان إلى مكان متسولًا خبزه.
في أحد الأيام كان يسير في طريق واسع عندما أوقفه رجل وسيم لم يسبق له أن رآه من قبل، والذي كان الجني نفسه ، كما عرفه دون جيوفاني، سأله الجني: هل تود أن تكون غنيًا، وأن تعيش حياة سعيدة؟ أجاب دون: نعم، بالطبع يجب أن أفعل.
فقال الجني: حسنًا، هذه محفظة خذها وقل لها: أيتها الحقيبة، أعطني بعض المال وستحصل على كل ما تريد، لكن السحر لن ينجح إلا إذا وعدت بالبقاء ثلاث سنوات وثلاثة أشهر وثلاثة أيام دون استحمام وبدون تمشيط وبدون حلاقة لحيتك أو تغيير ملابسك، إذا فعلت كل هذا بأمانة فعند انتهاء الوقت، ستحتفظ بالمحفظة لنفسك وسأطلق سراحك دون أي شروط أخرى.
الآن دون جيوفاني كان رجلاً لم يقلق أبدًا رأسه بشأن المستقبل، ولم يفكر ذات مرة في مدى الانزعاج الشديد الذي يجب أن يشعر به كل تلك السنوات الثلاث، ولكن فكر فقط أنه يجب أن يكون قادرًا عن طريق الحقيبة على الحصول على جميع أنواع الأشياء التي كان محرومًا منها ولا يستطيع توفيرها بدون المال، لذلك وضع المحفظة في جيبه بفرح وذهب في طريقه.
وسرعان ما بدأ في طلب المال لمجرد الاستمتاع به، وكان هناك امامه دائمًا ما يحتاج إليه حتى أنّه نسي لفترة قصيرة أن يلاحظ مدى اتساخه، لكن هذا لم يدم طويلًا، فقد أصبح شعره متشابكًا بالأوساخ وعلق على عينيه، وكانت ملابسه عبارة عن كتلة من القمامة المروعة والممزقة.
كان في هذه الحالة عندما مرّ في صباح أحد الأيام بقصر جميل، وبينما كانت الشمس ساطعة ودافئة، جلس على الدرج وحاول أن ينفض بعض الغبار الذي التقطه على الطريق، لكن في غضون دقائق قليلة رأته خادمة، وقالت لسيدها: يا سيدي هل لك أن تطرد ذلك المتسول الجالس على الدرج، وإلّا سوف يملأ المنزل كله بترابه.
فخرج السيد ونادى من مسافة بعيدة، لأنه كان خائفًا حقًا من الاقتراب من الرجل وقال: أيها المتسول القذر، اترك منزلي على الفور! فقال دون جيوفاني: لا داعي لأن تكون فظا، أنا لست متسولاً، وإذا اخترت سأجبرك أنت وزوجتك على مغادرة منزلك، فضحك الرجل وقال: ما الذي يمكنك فعله؟ ثمّ سأل دون جيوفاني: هل تبيعني منزلك؟ سأشتريه منك على الفور.
فكر الرجل في نفسه وقال: أوه، المخلوق القذر مجنون للغاية! سأقبل فقط عرضه على سبيل المزاح، وقال بصوت عالٍ: حسنًا، اتبعني وسنذهب إلى محام ونجعله يعقد عقدًا، وبالفعل تبعه دون جيوفاني وتم وضع اتفاق يتم بموجبه بيع المنزل في الحال، ودفع مبلغ كبير من المال في ثمانية أيام، ثم ذهب دون إلى نزل حيث استأجر غرفتين، ووقف في إحداهما وقال موجهًا كلامه لحقيبته: محفظتي العزيزة، املأي هذه الغرفة بالذهب، وعندما مرّت الثمانية أيام كانت الغرفة مليئة بالمال الكثير فوق الذي طلبه.
عندما جاء صاحب المنزل ليأخذ نقوده، قاده دون جيوفاني إلى الغرفة وقال: هناك المال، فقط ضع ما تريده في جيبك، حدق الرجل بفم مفتوح في المشهد المذهل، لكنّه أعطى كلمته لبيع المنزل، فأخذ ماله كما قيل له وذهب مع زوجته للبحث عن مكان ما للعيش فيه، وغادر دون جيوفاني النزل وأقام في الغرف الجميلة حيث كانت تبدو ملابسه وأوساخه في غير محله، وكل يوم ساءت الأمور أكثر فأكثر بالنسبة لمظهر دون المتسخ والقذر.
ثمّ وصلت شهرة ثروته إلى آذان الملك ، ولأن الملك كان دائمًا في حاجة إلى المال ويحب جمعه كثيرًا، فقد أرسل إلى دون جيوفاني حيث كان يرغب في اقتراض مبلغ كبير، فوافق دون جيوفاني على الفور على إقراضه ما يريد، وأرسل في اليوم التالي عربة ضخمة محملة بأكياس من الذهب للملك.
ثمّ تسائل الملك بعد ذلك: من يكون هذا الرجل ؟ ولماذا هو أكثر ثراء مني! ثمّ أخذ الملك كل ما يحتاج إليه من المال، ثم أمر بإرجاع الباقي إلى دون جيوفاني الذي رفض استلامه، قائلاً: أخبر جلالته أنني قد تأذيت كثيرًا من عودة المال بالتأكيد لن أستعيد تلك الحفنة من الذهب، وإذا رفض قبولها، احتفظ بها بنفسك.
ثمّ غادر الخادم وسلم الرسالة، وتسائل الملك أكثر من أي وقت مضى كيف يمكن لأي شخص أن يكون بهذا الثراء. أخيرًا تحدث إلى الملكة وقال: زوجتي العزيزة، لقد قدم لي هذا الرجل خدمة رائعة بالإضافة إلى ذلك، تصرف كرجل نبيل في عدم السماح لي بإعادة الأموال، أتمنى أن أمنحه يد ابنتنا الكبرى.
كانت الملكة سعيدة للغاية بهذه الفكرة، ومرة أخرى تم إرسال الرسول إلى دون جيوفاني حيث قدم له يد الأميرة الكبرى، فأجاب: جلالته طيب للغاية، ولا يمكنني قبول هذا الشرف إلا بتواضع، استعاد الرسول هذه الإجابة، لكنّه عاد مرة أخرى بطلب من دون جيوفاني أن يقدم لهم صورته حتى يتمكنوا من معرفة نوع الشخص المتوقع، ولكن عندما وصلتهم الصورة ورأت الأميرة الشكل الرهيب للرجل، صرخت: ماذا! الزواج من هذا المتسول القذر؟ أبدًا أبدًا! لن أقبل بهذا الزواج.
أجاب الملك: آه، يا طفلتي، كيف لي أن أخمن أن دون جيوفاني الثري سيبدو هكذا؟ لكنني تجاوزت كلمتي الملكية، ولا يمكنني كسرها، لذلك لا توجد مساعدة لك، فقالت الفتاة: لا يا أبي، قد تقطع رأسي ولكن لن أوافق أن أتزوج من هذا المتسول الرهيب، لن أفعل! ثمّ أخذت الملكة نصيبها، ووبخت زوجها بمرارة على رغبته في أن تتزوج ابنته من مخلوق مثل هذا.
ثم تحدثت الابنة الصغرى وقالت : يا أبي العزيز، لا تبدو حزينًا جدًا، بما أنّك أعطيت كلمتك فسوف أتزوج دون جيوفاني، فأحتضنها الملك على لطفها وشكرها وقبلها، لكن الملكة والفتاة الكبرى لم يكن لديهما سوى الضحك والسخرية، لذلك تمت تسوية الأمر، ثم أمر الملك أحد جنوده بالذهاب إلى دون جيوفاني وسأله عن موعد الزفاف، حتى تستعد الأميرة.
أجاب دون جيوفاني: فليكن في غضون شهرين، لأنّ الوقت الذي منحه أياه الجني كان على وشك النفاذ، وأراد لنفسه شهرًا كاملاً ليغسل أوساخ السنوات الثلاث الماضية، وفي اللحظة التي انتهى فيها الاتفاق مع الجني حلق لحيته، وقص شعره وأحرق ملابسه القديمة، واستلقى ليلًا ونهارًا في حمام من الماء الدافئ الصافي، وعندما شعر مطولاً أنّه نظيف مرة أخرى، وارتدى ثيابًا رائعة واستأجر سفينة جميلة، ووصل إلى قصر الملك.
نزلت العائلة المالكة بأكملها إلى السفينة لاستقباله، وطالما كانت الملكة والأميرة الكبرى تضايق الأخت بشأن الزوج القذر الذي كانت ستحصل عليه، لكن عندما رأوا كم كان جميلًا حقًا، امتلأت قلوبهم بالحسد والغضب حتى أعمت أعينهم وسقطوا في البحر، وابتهجت الابنة الصغرى بالحظ السعيد الذي حلّ بها، وأقاموا عرسًا رائعًا، وبعد وقت قصير من وفاة الملك، أصبح دون جيوفاني ملكًا.



شارك المقالة: