لا تحقرّن من المعروف مهما كان حجمه، سنحكي في قصة اليوم عن رجل طحان قام بصنع معروف لرجل عجوز؛ فكافأه الرجل العجوز بسرقة ذيل حماره، غضب الطحان من ذلك ولكنه عندما تعرّض للخطر استطاع أن ينجو منه بسبب ذلك الذيل المفقود؛ فأدرك عندها ما هو جزاء المعروف.
قصة ذيل الحمار
في أحد الأزمان كان هنالك رجل طيب القلب يعمل طحاناً، لا يملك هذا الرجل سوى الطاحونة التي يعمل بها، بالإضافة إلى الحمار الذي يقوم بنقل أكياس الدقيق على ظهره، وفي يوم من الأيام جاء رجل عجوز إلى هذا الطحان وقال له: أرجوك يا بني أطعمني لوجه الله، حتّى لو كلّفك الأمر أن تخسر ذيل الحمار.
فكّر الطحّان بكلام هذا العجوز الغامض وقال: لا مانع أن أطعمه، ولكن ماذا يقصد بخسارتي لذيل حماري! أعطى الطحان هذا العجوز الطعام، وبات تلك الليلة بالخيمة التي بجانب الطاحونة، في صباح اليوم التالي ذهب الطحان إلى الخيمة، فلم يجد العجوز، قال في نفسه: لا بد أنّه أكل وشبع ومضى، ولكنّه تفاجأ عندما ذهب إلى حماره فوجد ذيله مفقوداً.
غضب الطحّان كثيراً وقال: هل هذا جزاء معروفي مع ذاك العجوز؟ لقد سرق ذيل حماري وأنا قد أطعمته من طعامي وأرحته في فراشي، كان هذا الطحان في كل مرّة ينظر بها لحماره يحزن لضياع ذيله، وبعد عدّة أيّام كان الطحان يمشي فشعر بالتعب وأراد أن يستريح؛ فدخل أحد القصور المهجورة، وعندما جلس ليستريح جاءه رجل غريب الشكل.
قال له الرجل: أريد منك أن تطلب منّي طلب وسأجعلك تشعر بالراحة طيلة حياتك، ولكن مقابل أن أطلب منك شيئاً واحداً ولا ترفضه، فكّر الطحان قليلاً ثم قال: حسناً أريد منك أن تعطيني المال الذي يجعلني أرتاح طيلة حياتي، قال له الرجل: حسناً سآتيك بما طلبت مني بلمح البصر.
حضر المال وأخذه الطحان وكان سعيداً به، ثم قال له الرجل: الآن حان دور تنفيذ طلبي أنا، سوف آخذك على مكان بعيد وأنت تملك كل هذا المال ولكن دون عودة منه للأبد، غضب الطحان وقال: ولكن ما فائدة هذا المال وأنا أعيش بمكان لوحدي ولن أغادر منه، بدأ يفكّر بحيلة لك يخرج من هذا المأزق.
قال الطحان للرجل بعد تفكيره بحيلة ذكيّة: أنا سأذهب معك ولكن أريد أن أنظر لهذه الدنيا نظرة أخيرة، وأريد فقط طاحونتي وحماري فهم أعز ما أملك، قال الرجل الغريب للطحان: ولكن أنا لا أستطيع حمل طاحونتك، فنظر له الطحان وقال: ولكن أنت تستطيع حمل حماري من ذيله، فقال له الرجل الغريب: حسناً سوف آتيك بحمارك من ذيله أنا أعدك بذلك، فقال له الطحان: أريد منك أن تقسم بذلك.
وافق الرجل الغريب على طلب الطحان وأقسم له أن يحضر الحمار من ذيله، ولكنّه عندما ذهب إلى الطاحونة وكان الحمار بجانبها، بحث عن ذيله فلم يجده، غضب وقتها وعاد إلى الطحّان وقال له: يا لك من محتال لقد قمت بخداعي، فنظر له الطحان وقال: أنا قمت بخداعك كما فعلت معي أنت، فجأةً غاب الرجل الغريب واستطاع الطحان أن ينجو منه.
فرح الطحان بنجاته من هذا الرجل والغريب، وتذكّر وقتها قول العجوز عندما قال له: لا تندم على المعروف حتى لو خسرت ذيل حمارك.