رحلات جاليفر، أو رحلات إلى عدة دول نائية في العالم، في أربعة أجزاء، بقلم ليمويل جاليفر، الجراح الأول، ثم قائد السفن المتعددة، هو عبارة عن هجاء نثري عام 1726، للكاتب ورجل الدين الأيرلندي جوناثان سويفت يسخر من الطبيعة البشرية والنوع الأدبي الفرعي حكايات المسافرين، أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنية الأزرق.
الشخصيات:
- جالفير.
- سكان الجزيرة.
- الأمبراطور.
قصة رحلات جاليفر – الجزء الأول:
يحكي جاليفر قصة رحلته ويقول: كان والدي يملك مزرعة صغيرة في نوتنغهامشير وكنت الابن الثالث من بين أربعة أبناء، أرسلني أبي إلى كامبريدج في سن الرابعة عشرة، وبعد أن درست هناك لمدة ثلاث سنوات كنت متدربًا عند السيد بيتس، الجراح الشهير في لندن هناك، حيث كان والدي يرسل لي بين الحين والآخر مبالغ صغيرة من المال، فقد أنفقتها في تعلم الملاحة، وفنون أخرى مفيدة لأولئك الذين يسافرون كما كنت أعتقد دائمًا أنه سيكون لي بعض الوقت لتكوين ثروتي.
بعد ثلاث سنوات من مغادرتي له، قدم لي سيدي الجيد السيد بيتس نصائحه كجراح في سفينة للسنونو التي سافرت فيها لمدة ثلاث سنوات، وعندما عدت استقريت في لندن، وبعد أن حصلت على جزء من منزل صغير تزوجت الآنسة ماري بيرتون ابنة السيد إدموند بيرتون.
وبعد عامين مات سيدي الطيب بيتس، ولأنني لم يكن لدي سوى القليل من الأصدقاء فقد بدأت عملي وعقدت العزم على العودة إلى البحر بعد عدة رحلات فاشلة، وقبلت عرضًا من الكابتن دبليو بريتشارد الذي كان يلقب بسيد الظباء و الذي كان يقوم برحلة إلى بحر الجنوب، فأبحرنا من بريستول في 4 مايو 1699، وكانت رحلتنا في البداية ممتعة للغاية.
لكن في طريقنا إلى جزر الهند الشرقية، دفعتنا عاصفة عنيفة إلى الشمال الغربي من أرض فان ديمن حيث مات 12 من طاقمنا بسبب التعب من التجديف الدائم بلا جدوى والطعام السيء، وكان الآخرون في حالة سيئة للغاية وفي الخامس من نوفمبر، كان الطقس ضبابيًا للغاية واجهت البحارة صخرة قريبة من السفينة، لكن الريح كانت قوية جداً لدرجة أنها دفعتنا إليها مباشرة، وتحطمت السفينة على الفور.
ستة من أفراد الطاقم، كنت أنا واحدًا منهم تركوا القارب، وغادروا السفينة، وجذفنا طوال الوقت حتى لم يعد بإمكاننا المواصلة، لذلك تركنا أنفسنا تحت رحمة الأمواج، وفي حوالي نصف ساعة سمعنا في القارب صرخة مفاجئة، لا أستطيع أن أقول ما حدث لرفاقي في القارب، أو أولئك الذين هربوا على الصخر أو تركوا في السفينة، لكني استنتجت أنهم جميعًا فقدوا.
من ناحيتي، سبحت كما وجهتني التيارات القوية، ودفعتني الرياح والمد والجزر إلى الأمام، لكن عندما تمكنت من الكفاح لم أعد أجد نفسي في أعماقي، وبحلول هذا الوقت خفت من شدة العاصفة كثيرًا، ولكني وصلت أخيرًا إلى الشاطئ، حوالي الساعة الثامنة مساءً وتقدمت ما يقرب من نصف ميل إلى الداخل، لكن لم أتمكن من اكتشاف أي علامة على وجود سكان حيث كنت متعبًا للغاية، ومع حرارة الطقس وجدت نفسي أكثر ميلًا للنوم.
استلقيت على العشب الذي كان قصيرًا وناعمًا جدًا ونمت أكثر من أي وقت مضى في حياتي لمدة تسع ساعات تقريبًا، وعندما استيقظت كان ضوء النهار فقط وحاولت أن أقوم لكني لم أستطع لأنني عندما كنت مستلقيًا على ظهري، فوجدت ذراعيّ ورجليّ مثبتتين على كل جانب على الأرض وشعري الذي كان طويلاً وسميكاً مقيداً بنفس الطريقة.
كان بإمكاني فقط النظر إلى الأعلى حيث بدأت الشمس تزداد سخونة، والضوء يؤذي عيني، سمعت ضجيجًا مشوشًا، لكنني لم أرَ شيئًا سوى السماء، وفي وقت قصير شعرت بشيء ما على قيد الحياة ويتحرك على ساقي اليسرى والتي تتقدم برفق فوق صدري، تكاد تصل إلى ذقني، عندما أحنيت عيني إلى أسفل أدركت أنها مخلوق بشري، ولا يتجاوز ارتفاعها ست بوصات، بقوس وسهم في يديها.
في هذه الأثناء شعرت بما لا يقل عن أربعين آخرين حضروا بعدها، كنت في غاية الذهول، وزأرت بصوت عالٍ لدرجة أنهم هربوا جميعًا في حالة من الذعر، وقد سقط بعضهم من خلال القفز من جانبي على الأرض ومع ذلك سرعان ما عادوا وأحدهم الذي غامر حتى برؤية وجهي بالكامل، رفع يديه في إعجاب بينما كنت أنا في قلق شديد، لكنني كنت أجاهد مطولاً من أجل التحرر ونجحت في كسر الخيوط التي كانت تربط ذراعي اليسرى بالأرض.
وفي الوقت نفسه، مع شد عنيف تسبب لي بألم شديد قمت بفك الخيوط التي كانت تربط شعري قليلاً، حتى تمكنت من إدارة رأسي بحوالي بوصتين، لكن المخلوقات هربت مرة ثانية قبل أن أتمكن من الإمساك بها، وعندها كان هناك صراخ عظيم، وفي لحظة شعرت بوجود أكثر من مائة سهم تم إطلاقها على يدي اليسرى، الأمر الذي أزعجني حيث كان مثل الكثير من الإبر، علاوة على ذلك، أطلقوا حجارة أخرى في الهواء سقط بعضها على وجهي وغطيت بعضها على الفور بيدي اليسرى.
عندما انتهى وابل السهام هذا تأوهت من الحزن والألم، وبعد ذلك كنت جاهدًا مرة أخرى للتخلص من السهام أطلقوا طلقة أخرى من السهام أكبر من الأولى، وحاول بعضهم طعني برماحهم، لكن لحسن الحظ كنت أرتدي سترة جلدية و لم يتمكنوا من اختراقها، وبحلول هذا الوقت اعتقدت أنه من الحكمة أن أستلقي بلا حراك حتى الليل حيث كانت يدي اليسرى طليقة بالفعل، يمكنني بسهولة تحرير نفسي.
أما بالنسبة للسكان فقد ظننت أنني قد أكون مباراة لأعظم جيش يمكن أن يجلبوه ضدي إذا كانوا جميعًا من نفس الحجم الذي رأيته، وعندما لاحظ الناس أنني كنت هادئًا، لم يلقوا المزيد من السهام، لكن من خلال الضجيج الذي سمعته علمت أن عددهم قد زاد، وحوالي أربع ياردات مني، لأكثر من ساعة كان هناك طرق مثل الناس في العمل. بعد ذلك، أدرت رأسي بهذه الطريقة كما سمحت لي الأوتاد والأوتار رأيت مسرحًا على بعد قدم ونصف من الأرض، مع سلالم أو ثلاثة سلالم لتثبيتها.
ثمّ رأيت شخص كان يلقي خطابًا طويلًا، لم أستطع أن أفهم كلمة منه، على الرغم من أنني استطعت أن أقول من طريقته أنه كان يهددني أحيانًا، وأحيانًا تحدث بشفقة ولطف، أجبته بكلمات قليلة ولكن بأكثر طريقة خاضعة ولأنني كدت أموت من الجوت، لم أتمكن من إظهار نفاد صبري من خلال وضع إصبعي بشكل متكررعلى فمي، للإشارة إلى أنني أريد الطعام، لقد فهمني جيدًا ونزل من المنصة وأمر بوضع عدة سلالم على جانبي، والتي صعد عليها أكثر من مائة من السكان، وساروا باتجاه فمي مع سلال مليئة بالطعام والتي تم إرسالها بأوامر الملك.
كانت هناك أرجل وأكتاف مثل لحم الضأن ولكنها أصغر من أجنحة قبرة، أكلت منهم اثنان أو ثلاثة في لقمة، وأخذت ثلاثة أرغفة في المرة الواحدة، لقد شاهدوني بأسرع ما يمكن، بآلاف علامات الدهشة في شهيتي، ثم أصدرت إشارة على أنني أريد شيئًا أشربه، ولقد خمّنوا أن كمية صغيرة لن تكفيني، وكونهم من أكثر الناس ذكاءً، فقد قاموا بدحرجة أحد أكبر دلائهم باتجاه يدي، فشربته مرة واحدة.
ثمّ أحضروا لي دلوًا ثانيًا وشربته، وكنت أتساءل في نفسي عن جرأة هؤلاء الفانين الصغار الذين غامروا بالركوب والمشي على جسدي، بينما كانت يدي حرة، دون أن يخافوا مني حيث كنت هذا المخلوق الضخم بالنسبة لهم، وبعد مرور بعض الوقت، ظهر أمامي شخص رفيع المستوى يبدو أنه جلالة الإمبراطور، وبعد أن ركب ساقي اليمنى تقدم إلى وجهي مع حوالي عشرة من حاشيته، وتحدث حوالي عشر دقائق، وغالبًا ما كان يشير إلى الأمام والتي كما اكتشفت بعد ذلك كانت باتجاه العاصمة.
على بعد حوالي نصف ميل حيث أمر جلالة الملك بأنه ينبغي نقلها إلي، ثمّ وضعت يدي علامة طليقة ووضعتها على الأخرى ولكن فوق رأس صاحب السعادة، خوفًا من إلحاق الأذى به أو بحاشيته، لإظهار أنني أرغب في حريتي و بدا أنه يفهمني جيدًا بما فيه الكفاية، لأنه هز رأسه، على الرغم من أنه وضع علامات أخرى ليعلمني أنه يجب أن أتناول اللحوم وأشرب ما يكفي، ثم فكرت مرة أخرى في محاولة الهروب.
لكن عندما شعرت بسهامهم على وجهي ويدي والتي كانت كلها ثقبت جسدي كالبثور ولاحظت أيضًا أن عدد أعدائي زاد، أعطيتهم رموزًا لإعلامهم بأنهم قد يفعلون معي ما يحلو لهم، ثم قاموا بدهن وجهي ويدي بمرهم كريه الرائحة، والذي أزال في بضع دقائق كل علامات وألم السهام، جعلتني الراحة من الألم والجوع أشعر بالنعاس، وغططت في نوم عميق حيث نمت حوالي ثماني ساعات، كما قيل لي بعد ذلك، كما أشاروا لي أنه بأوامر من الإمبراطور قد خلطوا لي المنوم في الماء لأرتاح وأنام.
يبدو أنه عندما تم اكتشاف أنني نائم على الأرض بعد هبوطي، كان الإمبراطور قد لاحظ ذلك مبكرًا، وقرر أنه يجب أن أكون مقيدًا بالطريقة التي رتبت بها وهو ما تم في الليل أثناء نومي، ويجب أن يتم إرسال الكثير من اللحوم والمشروبات لي، وآلة معدة لتحملني إلى العاصمة، وتم تعيين خمسمائة نجار ومهندس على الفور للعمل على تجهيز المحرك حيث كان إطارًا من الخشب، تم رفعه ثلاث بوصات عن الأرض وطوله سبعة أقدام وعرضه أربعة ويتحرك على اثنين وعشرين عجلة.
تم نصب ثمانين عمودًا لهذا الغرض، وربطت حبال قوية جدًا بالضمادات التي ربطها العمال حول رقبتي ويدي وجسدي ورجلي، وتم توظيف تسعمائة من أقوى الرجال لسحب هذه الحبال بواسطة بكرات مثبتة على العمودين، وفي أقل من ثلاث ساعات تم رفعها وتدليبي في المحرك وربطت بسرعة و ثم تم توظيف 1500 من أكبر خيول الإمبراطور، يبلغ ارتفاع كل منها حوالي أربع بوصات ونصف لجذبي نحو العاصمة، لكن بينما تم كل هذا كنت ما زلت مستلقيًا في نوم عميق ولم أستيقظ إلا بعد أربع ساعات من بدء رحلتنا.
جاء الإمبراطور وكل حرّاسه لمقابلتنا عندما وصلنا إلى العاصمة، لكن كبار مسؤوليه لن يجعلوا جلالته يخاطر بشخصه من خلال الصعود على جسدي، حيث توقفت العربة هناك كان هناك معبد قديم، من المفترض أن يكون الأكبر في المملكة بأكملها، وهنا تقرر أنني يجب أن أقيم بالقرب من البوابة العظيمة والتي يمكنني من خلالها التسلل بسهولة، ولكن قاموا بتثبيت واحد وتسعين سلسلة، مثل تلك التي كانت معلقة بساعة سيدة والتي كانت مقفلة بساقي اليسرى بستة وثلاثين قفلًا، وعندما وجد العمال أنه من المستحيل أن أتحرر قطعوا كل الخيوط التي كانت تربطني.
ثم نهضت وشعرت بالحزن، لكن ضجيج ودهشة الناس عندما رأوني أقوم وأمشي كان لا يوصف، كانت السلاسل التي كانت تحمل رجلي اليسرى بطول ياردتين تقريبًا ولم تمنحني فقط حرية السير للخلف وللأمام في نصف دائرة، ولكن أيضًا التسلل والاستلقاء بكامل طوله داخل المعبد، كان الإمبراطور يتقدم نحوي من بين حاشيته، وكلهم يرتدون ملابس رائعة، واستطلعني بإعجاب كبير لكنه ظل بعيدًا عن طول سلسلتي.
كان أطول بقليل من عرض أظافري والذي كان وحده كافياً لإثارة الرهبة في الناظرين، ورائعًا ومهيبًا وكان من الأفضل أن أراه لذلك استلقيت على جانبي، وكان وجهي مستويًا مع وجهه ووقف على بعد ثلاث ياردات، وكان لباسه بسيطًا جدًا، لكنه كان يرتدي خوذة خفيفة من ذهب مزينة بالجواهر وقد أمسك سيفه بيده ليدافع عن نفسه إذا انفصلت عن سلاسلي، وكان طول سيفه حوالي ثلاث بوصات، وكان المقبض من الذهب المخصب بالماس، كان صوته حادًا، كان صاحب الجلالة الإمبراطوري يتحدث معي كثيرًا وأجبته لكن لم يستطع أي منا فهم كلمة واحدة.