قصة سامر والسمكة

اقرأ في هذا المقال


من أجمل ما خلقه الله تعالى هو الطبيعة، وهي من أكثر ما يستمتع به الناس ويستمتع برؤيته؛ حيث أنّ تأمّل الطبيعة يساعد على التوسع في الخيال، هذا ما حدث مع سامر وجدّه الذي كان يسجّل كل ما يراه يوميّاً في الغابة، وعندما قرّر سامر أن يفعل كما فعل جدّه، حدث معه موقف غريب؛ حيث تخيّل أنّ السمكة الصغيرة قد قالت له: صباح الخير، وكان شعور سامر مليء بالفرحة والدهشة معاً بهذا الموقف وبتأمّل الطبيعة.

قصة سامر والسمكة

سامر أحد الأحفاد المميّزين لدى جدّه، كان يحبّ مراقبة جدّه الذي يذهب إلى الغابة كل صباح، يحمل الجد معه حقيبة وبداخلها دفتر وقلم رصاص، كان سامر دائماً ينظر إلى جدّه وهو عائد إلى المنزل ويرسم على وجهه النظرات الغريبة، يجلس سامر مع جدّه وجدّته التي كانت دائماً تقوم بتحضير سفرة طعام لذيذة له ولجدّه.

كبر سامر وأصبح في الخامسة عشر من عمره، أهداه جدّه في مرّة من المرّات حقيبة بداخلها مفكّرة وقلم رصاص وقال له: يا حفيدي العزيز أريد منك أن تستيقظ كل صباح وتذهب باكراً إلى الغابة، اختر لنفسك مكاناً يكشف مكاناً كبيراً من الغابة، وقم بتدوين كلّ ما تراه وقتها في الغابة.

قال سامر لجدّه: أعدك يا جدّي أن أقوم بتنفيذ اقتراحك في يوم ما، مضى وقت طويل ولم تأتِ الفرصة المناسبة لسامر بزيارة الغابة، ولكن في أحد الأيام وفي أواخر فصل الخريف قرّر سامر أن يقوم بزيارة الغابة كما قال له جدّه، أخذ معه الحقيبة وكان يريد تدوين ما يشاهده في الغابة.

لكن سامر لم يجد المكان المناسب للجلوس في الغابة؛ لذلك صار يسير في الطرق المختلفة حتّى وجد شجرة الصنوبر؛ فقرّر أن يجلس تحتها ويستند على جذعها، جلس سامر وبدأ ينظر إلى الغابة والأشجار الخضراء، بدأ سامر يستمع لصوت خرير المياه؛ فقال في نفسه: لا بدّ أن هنالك نهر قريب، بعد ذلك بدأ يراقب بسطوع الشمس وخروجها من وراء الجبل وتخلّلها بين جذوع الأشجار.

صار سامر يدوّن كل شيء يراه، بعد قليل ظهر أعلى شجرة الصنوبر سنجاب، وكان ينتقل من مكان إلى آخر حتّى وصل بالقرب من سامر أسفل الشجرة، صار سامر يراقبه وقال في نفسه: أنا لن أستطيع كتابة مذكرّات جملة كجدّي، واستمرّ بمراقبة السنجاب، بعد قليل بدأ تغريد الطيور يملأ كلّ مكان في الغابة واشتدّت حرارة الشمس.

كأنّ الغابة استيقظت من نومها، وصارت الحيوانات ترحّب بالشمس الساطعة، رأى سامر مجموعة من الغزلان ذات القرون؛ فراقبها بهدوء كي لا يفزعها، كانت الغزلان تركض بسعادة كبيرة، ذهب أحد الغزلان إلى جدول الماء كي يشرب منه، ولكنّه فزع وخاف من صوت سمعه فجأةً وركض.

فجأةً ساد الصمت في الغابة للحظات، ومن ثمّ أكملت الطيور تغريدها؛ فقرّر سامر أن يذهب إلى جدول الماء كي يغتسل منه، وفجأةً رأى سمكة صغيرة تظهر أعلى الماء وتقول له: صباح الخير، شعر سامر بالدهشة وتعثّر وسقط واتسّخت ملابسه؛ قرّر سامر العودة لمنزل جدّه، ولأن الطريق كانت طويلة شعر بالجوع الشديد عندما وصل المنزل.

دخل سامر منزل جدّه وكان يجلس بجانب النافذة، نظر سامر لجدّه وشعر أنّ جده يفهم نظراته التي تشبه نظرات جدّه عند عودته من الغابة، قال له جدّه: هيّا يا سامر فجدّتك أعدّت لنا طعاماً لذيذاً، نظر سامر لجدّه وقال بالطبع أنا لن أفوّت طعام جدّتي اللذيذ، جلس سامر وبدأ يأكل مع جدّه وجدّته.

صار سامر يروي ما حدث معه في الغابة، ويروي المناظر المذهلة التي رآها عند استيقاظ الشمس والحيوانات سويّةً، وفجأةً وصل سامر في حديثه لموقف السمكة التي قالت صباح الخير، شعر سامر أن هذا حدثاً خيّاليّاً تماماً كالأحداث التي كان يرويها له جدّه ويشعر أنّها من نسج خياله، عندما أكمل سامر حديثه نظر له جدّه وقال: هذا الموقف رائع جدّاً، ولكن يجب عليك أن تقول شكراً للمفكّرة والقلم.

شعر سامر من حديث جدّه أن منظر استيقاظ الغابة هو من أوحى لسامر بأنّ السمكة قالت له: صباح الخير، تماماً كالأحداث التي كان يتخيّلها جدّه وتحدث معه في الغابة، فما أجمل استيقاظ الطبيعة.


شارك المقالة: