قصة سعيدة

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر المؤلفة والأديبة جويس كارول أوتس وهي من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية من أبرز الكاتبات اللواتي ظهرن في مجال كتابة القصص القصيرة والروايات، وعلى الرغم من أنه تم اكتشاف موهبتها في الكتابة والتأليف في سن مبكر حيث لم تتجاوز الرابعة عشر من عمرها، إلا أنها أبدعت في هذا المجال وتم تلقيها جائزة الكُتاب الوطنية كتقدير لها على أعمالها الأدبية الرائعة، حيث أصدرت العديد من الأعمال الأدبية طوال مسيرتها الأدبية، ومن أكثر القصص التي اشتهرت بها هي قصة سعيدة.

قصة سعيدة

في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة حول إحدى الفتيات، والتي كانت قد استقلت الطائرة حتى تعود إلى بيتها في عطلة عيد الميلاد، وقد جاء لاستقبالها في المطار أمها وزوج أمها، وعند وصولها سرعان ما احتضنتها أمها، فقد كانت تشتاق إليها كثيراً، وقالت أمها في تلك اللحظة: كم تبدين جميلة يا فتاتي الحلوة، ثم بعد ذلك صافحها زوج الأم الذي بدوره أكد ما قالته والدتها وأثنى على جمالها، كما قام بالترحيب بها على أكمل وجه، وقد كان زوج والدتها لديه شعر رأس يمتد على طول الجهتين كما كان خديه ممتلئين، كما كان أيضاً يمتد الشيب في الجزء السفلي من وجهه، وعند مصافحته لها شعرت الفتاة بصغر حجم يدها الضعيفة والتي كادت أن تتهشم من ضخامة يديه.

وفي تلك الأثناء احتضنت الأم ابنتها مرةً أخرى وقالت: يا إلهي، كم أنا مسرورة جداً برؤيتك يا فتاتي الجميلة، وقد لاحظت الفتاة أن ذراعي والدتها أصبحت أنحف مما كانت عليه في السابق، كما أن شرايينها أغلظ مما تتذكره الفتاة، غير أنها ما لاحظته بشدة أن والدتها سعيدة برؤيتها وبالحالة التي تعيشها مع زوجها، وقد كانت مساحيق التجميل بلون الخوخ على وجه والدتها، وتلبس الخاتم الجديد في يدها اليسرى، وقد كان خاتم من الذهب الأبيض في وسطه ماسة صغيرة لامعة.

وأثناء العودة إلى المنزل توقف الجميع من أجل تناول بعض المشروبات داخل أحد المقاهي يعرف باسم إيزي صول، حيث كان ذلك المقهى مشهور ويقع على طريق المطار، وفي تلك اللحظة طلبت الفتاة مشروب من الصودا مع قليل من الليمون الحامض، فقالت الأم: إنه مشروب رائع، بينما والدتها وزوجها طلبا مشروب غير مختلط بالماء، وهو ذات الشراب الذي اختاراه أثناء حفل زفافهم، وفي ذلك الوقت بدأوا بالحديث للحظات قليلة عن دراسة الفتاة والتخطيط لمستقبلها، ثم انتقل الزوجان إلى الكلام عن خططهما لحياتهم الخاصة، وأول مخططاتهم كانت مهمة التخلص من المنزل القديم البغيض؛ وذلك من أجل القيام بشراء بيت آخر أصغر وعلى طراز أحدث.

وفي تلك الأثناء اقترحت الأم أن هناك قرية من الشقق الصغيرة توجد على ضفاف النهر، وقالت حين تصل إلى تلك الطريق أثناء عودتهم سوف تشير لهم عليها، وقد كانت البسمة لا تفارق شفاه الأم وتتناول المشروب، ثم مالت برأسها نحو رأس ابنتها وضغطت على يدها بقوة، وقالت: إن هذا الأمر يجعلني سعيدة للغاية، ثم بعد ذلك جاءت النادلة ترتدي بدلة مصنوعة من الحرير الأسود، وفي ذلك الوقت كانت تحمل كأسين أخريين من المشروب وطبقًا صغيرًا يوجد فيه بندق، وهنا قال زوج الأم : شكراً لك يا عزيزتي موجهاً حديثه لزوجته، فقد علم أنها هي من كررت طلب ذلك المشروب لأنها تدرك أنه يحبه كثيراً.

وقد كان في السابق لم يجري الحديث بين الأم وابنتها أكثر من مرة أو مرتين حول الخطط الخاصة بالزواج مرةً أخرى، وكان الحديث في الهاتف على الدوام يبدو من مسافة بعيدة أنه أمر غير قريب، وكانت الأم تردد دوماً: أجل إنّ الزواج مرة أخرى ما هو إلا أمر يحدث بشكل مفاجئ للشخص، فالشخص إما أن يشعر به في الحال أو لا يشعر به على الاطلاق، فلننتظر ونعرف في المستقبل، كانت الابنة لا تتحدث إلا بشكل قليل جداً وتردد على الدوام بكلمات نعم أو لا أعلم أو أعتقد ذلك، ولكن مما فاجئها هو سرعان موافقة والدتها بالزواج من هذا الرجل، وفي تلك اللحظة قالت الأم لابنتها: إنه يزيد من رغبتي في الحياة من جديد، أتعلمين لقد شعرت أنني امرأة من جديد.

وفي ذلك الوقت كانت الفتاة تشعر بخجل شديد، حتى أنها لم تتمكن من الرد على والدتها، واكتفت بقولها: هذا الأمر جيد ما دمت سعيدة، وبقوا على تلك الحال حتى اقتربت الساعة من الثامنة والنصف مساءً، وهنا شعرت الفتاة بالدوار جراء الجوع، ولكن والدتها وزوجها ما زالا يتناولان الكأس الثالث من المشروب الخاص بهما، وفي ذلك الوقت كان المقهى يقوم بتقديم فقرات ترفيهية للجالسين فيه، حيث كانت فقرة عزف الموسيقى على ألحان هواغي كارميكائيل هي أول فقرة، ثم بعد ذلك تأتي مطربة ذات بشرة سوداء وترتدي فستان فوشي.

ثم بعد ذلك تأتي ممثلة كوميدية تبدو في السادسة والعشرين من عمرها، وكان وجهها نحيل جدًا حتى أن عظامه بارزة بشكل واضح، كما كان خالي من أي مساحيق تجميل، وقد قصت شعرها بطريقة البونك منتصب إلى الأعلى بواسطة الشمع اللاصق، وكانت ترتدي بدلة جلد رياضية، ووقفت مثل وقفة عارضات الأزياء، وكانت تتمتم ببعض الكلمات وكأنها تفكر بصوت عالي، حيث أن مدراء العمل قد سمعوا شيئًا مما لا يجب سماعه، وهي بضع كلمات عن إجراء عملية إجهاض، وعن أشياء أخرى غريبة عن نساء لهن تفكير خاص مختلف.

وفي تلك اللحظة كانت الكلمات تتطاير بسرعة من فم الممثلة، وكانت تنطقها بشكل سيء حيث لم تتمكن الفتاة من فهمها وإدراك معناها، ولكن فيما يبدو أن والدتها وزوجها قد تمكنا من فهم كلام الممثلة، حيث كان يضحكان بشكل كبير، على الرغم من أن الزوج قال فيما بعد بعدم حبه لاستخدام النساء الكلام البذيء، ثم بعد ذلك توجهوا إلى مطعم آسيوي حتى يتناولون الطعام، حيث أن الأم في ذلك الوقت أكدت عدم وجود أي شيء لذيذ في البيت حتى يأكلوه، كما كان الوقت متأخر كذلك.

لكنها أكدت الأم أنها سوف تقوم بطهي عشاء فاخر في ليلة الغد، وهنا سألت ابنتها: أتوافقين على ذلك يا عزيزتي؟، وقبل العشاء كان قد وقع خلاف بين الأم وزوجها، ولكنهما كانا سعيدين أثناء تناول العشاء، كما كان الضحك يسيطر عليهم، حتى أنه كان كلاهما يشرب من مشروب الآخر، وعند ذهاب الأم إلى غرفة للتأكد من مكياجها، قال الزوج: إنني مجنون بهذه المرأة، إن والدتك سيدة من المستوى الرفيع.

وفي تلك اللحظة اقترب الزوج من الفتاة وجر بكرسيه نحوها، ثم أحاطها بذراعه وقال لها: ليس لدي في هذا العالم أغلى من هذه المرأة، وأريد منك أن تعي ذلك تماماً، فردت الفتاة: نعم إنني أدرك ذلك، ثم قال زوج الأم بصوت قوي وعالي: حسنًا يا عزيزتي طالما تعرفين ذلك الأمر.

المصدر: A Window's Story - جويس كارول أوتس - سنة النشر 2008


شارك المقالة: