قصة سيدي نعمان

اقرأ في هذا المقال


قصة سيدي نعمان هي (The Story of Sidi-Nouman) قصه خيالية من سلسلة حكايات ترفيه الليالي العربية، تم اختيار هذه الحكايات الشعبية وتحريرها بواسطة أندرو لانج، وقد تم تبسيطها واختصارها ممّا يجعلها أكثر ملائمة للأطفال، وتاريخ نشرها عام( 1918)

الشخصيات:

  • سيدي نعمان.
  • الزوجة الشريرة.
  • المرأة الطيبة.

  • الفتاة الطيبة.

قصة سيدي نعمان:

كان الخليفة هارون الرشيد مسرورًا جدًا بقصة الرجل الأعمى والدرويش، وعندما انتهى التفت إلى الشاب الذي أساء معاملة حصانه واستفسر عن اسمه أيضًا، فأجاب الشاب أنّه يُدعى سيدي نعمان، فقال الخليفة موجهًا كلامه لسيدي النعمان: لقد رأيت خيولًا مكسورة من الحزن طوال حياتي بل لقد كسرت بعضها بنفسي، لكنّي لم أر قط أي حصان مكسورًا بهذه الطريقة الهمجية كما فعلت له أنت بالأمس.
كل من نظر لك كان ساخطًا، أمّا بالنسبة لي فقد كنت غاضبًا جدًا لدرجة أنّني كنت على وشك الكشف عن هويتي وأوقف ذلك في الحال، ومع ذلك، أنا سأصدق بكل سرور أنّك لم تتصرف بهذه الطريقة بدون سبب ما، و كما قيل لي إنّها لم تكن المرة الأولى حيث كل يوم تجلد وتحفز حصانك ، أود أن أصل إلى حقيقة هذا الموضوع، لذلك قل لي الحقيقة كاملة ولا تخفي شيئا.
تغير لون سيدي نعمان وهو يسمع هذه الكلمات، وتضارب أسلوبه، فسجد أمام عرش الخليفة وحاول أن يطيع، لكنّ الكلام عالق في حلقه وسكت،فسعى الخليفة إلى تهدئته، ثمّ قال: سيدي نعمان، لا تفكر بي كخليفة بل مجرد صديق يود أن يسمع قصتك، إذا كان فيها شيء تخشى أن يسيء إلي فتشجع، لأنّه سوف أعفو عنك مسبقًا، لذلك تحدث بعد ذلك بصراحة ودون خوف.
بدأ سيدي نعمان حكايته باسمها مطمئنًا من لطف الخليفة، ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، سأبذل قصارى جهدي لإرضاء رغباتكم، أنا لست قاسيًا ولا يسعدني خرق القانون، أعترف أنّ معاملتي لحصاني أعطت سموك رأيًّا سيئًا عني، ومع ذلك لم أؤدبه بدون سبب.
يا أمير المؤمنين كان أجدادي أناسًا حريصين، وورثت ما يكفي من المال عنهم ما يمكنني من العيش بشكل مريح، على الرغم من أنّها ثروة متواضعة، فإنّ الشيء الوحيد الذي أريده في سعادتي هو الزوجة التي يمكن أن ترد لي عاطفتي، لكن هذه النعمة لم يكن مقدراً لي أن أحصل عليها، لأنّه في اليوم الذي تلا زواجي، بدأت عروستي تجرب صبري بكل الطرق التي كان من الصعب تحملها.
في المرة الأولى التي رأيت فيها زوجتي، عندما تم إحضارها إلى منزلي مع الاحتفالات المعتادة شعرت بالسحر عندما وجدت أنني لم أخدع فيما يتعلق بالكلام الذي تحدثوا لي عن جمالها حيث بدأت حياتي الزوجية بروح عالية وسعادة، وفي اليوم التالي تم تقديم عشاء كبير لنا، لكن نظرًا لعدم حضور زوجتي، أمرت خادمة لدعوتها للحضور.
ولكنّها لم تأتي وانتظرت بفارغ الصبر لبعض الوقت، وأخيرًا دخلت الغرفة وأخذنا أماكننا على المائدة، ووُضعت أمامنا أطباق الأرز، لقد أكلت كما كان طبيعيًا بالملعقة، لكن دهشتي كانت رائعة عندما لاحظت أن زوجتي بدلاً من أن تفعل الشيء نفسه، سحبت من جيبها حقيبة صغيرة واختارت منها دبوسًا طويلًا وبمساعدة هذا الدبوس كانت تنقل إلى فمها حبوب الأرز.
فصرخت بدهشة وقلت: أمينة، هل هذه هي الطريقة التي تأكلين بها الأرز في المنزل؟ وهل فعلت ذلك لأنّ شهيتك كانت صغيرة جدًا، أو هل كنت ترغبين في عد الحبوب حتى لا تأكلي أكثر من شيء معين قمت بتحديده لنفسك؟ إذا كان ذلك من الاقتصاد وكنت حريصة على تعليمي ألّا أهدر، فلا داعي للقلق، لن ندمر أنفسنا أبدًا بهذه الطريقة! ثروتنا كبيرة بما يكفي لجميع احتياجاتنا، لذلك يا عزيزتي أمينة لا تحاولي أن تدققي نفسك بل تأكلي بقدر ما تريدين كما أفعل!
ومع كل هذا الكلام، لم تقل أمينة شيئًا على الإطلاق، لكنّها استمرت في تناول الأرز كما في السابق فقط على فترات أطول وأطول وبدلاً من تجربة الأطباق الأخرى، كان كل ما تفعله هو وضع كسرة من الخبز في فمها بين الحين والآخر والتي لم تكن لتكفي وجبة لعصفور، شعرت بالاستفزاز بسبب عنادها، ولكن توقعت أن عائلتها ربما علمتها أنه يجب عليها التصرف بحكمة وتكتم في حضور زوجها، أو ربما تكون قد تناولت العشاء بالفعل قبلي، وعندما انتهت وغادرت الغرفة، كنت منزعجًا سرًا من سلوكها الغريب.
حدث الشيء نفسه في العشاء في اليوم التالي، وطوال اليوم التالي كلما أكلنا معًا، كان من الواضح تمامًا أنّه لا يمكن لأيّ امرأة أن تعيش على القليل من فتات الخبز وبضع حبات من الأرز، وقد عقدت العزم على معرفة كيف ومتى تحصل على الطعام، ثمّ تظاهرت بعدم الاهتمام بأي شيء تفعله، على أمل أن تعتادني شيئًا فشيئًا وتصبح أكثر صداقة، لكن سرعان ما رأيت أن توقعاتي كانت بلا جدوى.
وفي إحدى الليالي كنت مستلقيًا وعيني مغلقة، عندما نهضت أمينة بهدوء وارتدت ملابسها دون أن تصدر أدنى صوت، لم أستطع أن أتخيل ما كانت ستفعله، ثمّ قررت أن أتبعها، عندما كانت ترتدي ملابسها بالكامل حيث سرقت نفسها من الغرفة بهدوء، وفي اللحظة التي تركت فيها الستارة تسقط خلفها، ارتديت ملابسي وتبعتها.
كان ضوء القمر ساطعًا، لذا تمكنت بسهولة من إبقائها في مرمى البصر حتى دخلت مقبرة ليست بعيدة عن المنزل. هناك اختبأت تحت ظل الجدار وانحنيت بحذر، وبالكاد كنت مختبئًا، عندما رأيت زوجتي تقترب بصحبة غول، أحد هؤلاء الشياطين كما يعلم سموك الذين يتجولون في البلاد وهم يصنعون مخابئهم في مبان مهجورة وينتشرون على مسافرين غافلين ويأكلون لحومهم ويتغذون على الجثث.
ثمّ عدت للبيت قبل وصولها، بعد وقت قصير من دخول أمينة بهدوء كما خرجت، خلعت ملابسها ودخلت فراشها وهنأت نفسها على ما يبدو على الذكاء الذي أدارت به مهمتها، و بعد مثل هذا المشهد، مضى وقت طويل قبل أن أتمكن من إغلاق عينيّ وعند أول صوت دعا المؤمنين إلى الصلاة، ارتديت ثيابي وذهبت إلى المسجد، ولكن حتى الصلاة لم تعيد السلام إلى روحي المضطربة، ولم أستطع مواجهة زوجتي حتى أحسم أمري في المسار المستقبلي الذي يجب أن أتبعه فيما يتعلق بها.
وفي صباح اليوم التالي أثناء جلوسنا لتناول الفطور، قلت بهدوء قدر المستطاع: لابد أنّك خمنت المفاجأة التي شعرت بها عندما رفضت في اليوم التالي للزواج تناول أي شيء سوى بضع فتات من الأرز، وكان لدي صبر معك وحاولت فقط إغراء شهيتك من خلال أفضل الأطباق التي يمكنني ابتكارها، ولكن دون جدوى، ومع ذلك، يا أمينة، يبدو لي أن هناك بعضًا منهم حلو الذوق مثل لحم الجثة؟وما إن نطقت بهذه الكلمات حتى أدركت على الفور أنني قد تبعتها إلى ساحة المقبرة حيث أصبح وجهها أرجوانيًا، وبدت عيناها وكأنّهما ستبدآن من رأسها وشعرت بالغضب.
راقبتها برعب، متسائلًا ماذا سيحدث بعد ذلك، لكنّي لم أفكر في نهاية غضبها حتى تناولت إناء من الماء كان في متناول اليد وغرست يدها فيه وتمتمت ببعض الكلمات التي فشلت في فهمها، ثم رشتها على وجهي وصرخت بجنون: أيها البائس، استلم جزاء تطفلك، وكن كلبًا.
ما إن خرجت الكلمات من فمها عندما أدركت فجأة أنني لم أعد رجلاً ، ولم أكن أعرف أن أمينة كانت ساحرة، ولم أفكر مطلقًا بالهرب ووقفت على الفور، بينما أمسكت أمينة بعصا وبدأت في ضربي، وكانت ضرباتها شديدة لدرجة أنّني أتساءل فقط أنّها لم تقتلني مرة واحدة، ثمّ ندفعت إلى الساحة الخارجية وتبعتني أمينة التي لم أكن سريعًا بما يكفي لتفاديها، وكانت تريد قتلي بسرعة ، ثمّ فتحت البوابة المؤدية إلى الشارع وهي تنوي سحقي وأنا أعبر، على الرغم من أنّني كنت كلبًا، فقد رأيت من خلال تصميمها الخطر، وقمت بضبط تحركاتي جيدًا لدرجة أنّني اجتهدت بقوة للهروب وفقط بقي طرف ذيلي الذي تلقى ضغطًا بينما كانت تجر البوابة فوقه.
كنت بأمان، لكن ذيلي آذاني بشكل رهيب وصرخت وأصدرت العواء بصوت عالٍ على طول الشوارع حتى أن الكلاب الأخرى جاءت وهاجمتني، الأمر الذي لم يجعل الأمور أفضل، ولتجنبهم، لجأت إلى محل طبخ حيث تباع رؤوس الأغنام والألسنة، وفي البداية أظهر لي المالك لطفًا كبيرًا، وطرد الكلاب الأخرى، بينما تسللت إلى أحلك زاوية وفي اليوم التالي طردني صاحب المحل.
على بعد خطوات قليلة، كان هناك متجر خباز، وفي تلك اللحظة كان يتناول فطوره ، ثمّ رما لي على الفور بقطعة خبز كما هو الحال بالنسبة لمعظم الكلاب، وابتسم لي بسرور وبدا أنّه مستعد تمامًا للسماح لي بالبقاء في متجره، لذلك جلست ووجهي إلى الباب، لأظهر أنّني طلبت حمايته فقط، لقد أعطاني هذا وشجعني بالفعل على الدخول إلى المنزل نفسه، وأعطاني ركنًا يمكن أن أنام فيه، دون أن أكون في طريق أي شخص.
مرت بضعة أسابيع على هذا النحو، عندما جاءت امرأة ذات يوم لشراء الخبز، دفعت مقابل ذلك عدّة قطع من المال كان أحدها سيئًا، وعندما أدرك الخباز ذلك ورفض أن يأخذه وطلب غيره، لكن رفضت المرأة استعادتها، معلنة أنّها جيدة تمامًا، لكنّ الخباز صاح أخيرًا قائلًا بمزاح: حتى أن كلبي لن يقبل هذه النقود السيئة وعندما رمى الخباز النقود أمامي، وقال: اكتشف ما إذا كانت هناك عملة رديئة بينها، نظرت إلى كل منها على حدة، ثم وضعت مخلبي على الرديئة، وأشرت إليها.
كان الخباز الذي كان بالطبع يمازح المرأة، مندهشًا للغاية من ذكائي وأخبر جميع الجيران بما فعلته، وبطبيعة الحال رفض الجيران تصديق قصته وجربوني عدّة مرات بكل الأموال السيئة التي تمكنوا من جمعها معًا، لكنّني لم أخفق أبدًا في اجتياز الاختبار بانتصار، وسرعان ما امتلأ المتجر من الصباح حتى الليل بأشخاص جائوا بحجة شراء الخبز ليروا ما إذا كنت ذكيًا كما قيل عني.
وذات يوم جاءت امرأة وألقت ست عملات معدنية أمامي، كان أحدها مزيفًا حيث اكتشفته في الحال، ووضعت مخلبي عليه، فقالت المرأة وهي تومئ برأسها: نعم، أنت محق تمامًا، ثم دفعت ثمن الخبز وغادرت المحل، وأعلنت لي أن أتبعها سراً، كان الخباز طوال هذا الوقت مشغولاً بفرنه ونسي كل شيء عني، لذلك ركضت وراء المرأة.
عندما أتينا إلى منزلها الذي كان بعيدًا بعض الشيء، فتحت الباب ثم قالت لي: تعال، لن تندم أبدًا لأنّك اتبعتني، وعندما دخلت أخذتني إلى غرفة كبيرة حيث كانت فتاة جميلة تعمل في قطعة تطريز، فقالت: ابنتي، لقد أحضرت لك الكلب الشهير الذي ينتمي إلى الخباز، لقد أخبرتك أنّني متأكد من أنه يجب أن يكون حقًا الرجل، تحول إلى كلب بالسحر، اليوم ذهبت إلى الخباز لأثبت لنفسي حقيقة القصة، وأقنعت الكلب أن يتبعني هنا.
ردت الفتاة: أنت على حق يا أمي، ونهضت غمس يدها في إناء من الماء، ثم نثرتها عليّ فقالت: إذا ولدت كلباً، فابق كلباً، ولكن إذا ولدت رجلاً، فبفضل هذا الماء استأنف شكلك الصحيح، و في لحظة واحدة انكسرت التعويذة، اختفى شكل الكلب وكأنه لم يكن كذلك من قبل وكان رجل يقف أمامها، فدفعت بنفسي عند قدميها، وقبلت ذيل ثوبها، ثمّ قلت لها: كيف لي أن أشكرك على ما فعلته؟ من الآن فصاعدًا أنا عبدك.
بعد ذلك، أخبرتها قصتي كاملة، وانتهيت من تقديم الشكر للأم بسبب السعادة التي جلبتها لي، فأخبرتني الفتاة أنها كانت قد تعرفت لأمينة قبل زواجها، وكانت تعلم أنّها كانت ساحرة وعرفت أيضًا أنّها قد درست نفس فنون السحر من أمينة ولكنّها لم تحبها يومًا، ثمّ أخبرتني أنّه لا يكفي أن تكسر تعويذتي فقط ، بل يجب أن تعاقب أمينة على شرها.
ثمّ أعطتني زجاجة صغيرة وقالت: سيدي نعمان، الكتب السحرية التي لدي تخبرني أنّ أمينة ليست في المنزل في الوقت الحالي، لكنّها يجب أن تعود في أي لحظة، لقد اكتشفت أيضًا، أنّها تتظاهر أمام الخدم عدم ارتياحها لغيابك، لذلك عد إلى المنزل وانتظر عودة أمينة في غرفتك، وعندما تأتي، انزل لمقابلتها وفي دهشتها، ستحاول الهرب.
خذ هذه الزجاجة، واضرب عليها بالماء، قائلًا بجرأة : استلمي أجر جرائمك، حدث كل شيء بالضبط كما أرادت الفتاة، وكنت في منزلي قبل عدة دقائق من عودة أمينة، وعندما اقتربت خطوت أمامها والماء في يدي، وصرخت بصوت عالٍ واستدارت إلى الباب، ولكن فات الأوان. كنت قد رشقت الماء في وجهها وتحدثت بالكلمات السحرية. واختفت أمينة، وفي مكانها وقف الحصان الذي رأيتني أضربه أمس.
أجاب الخليفة: سيدي نعمان، إن قصتك حقاً قصة غريبة ولا عذر لزوجتك، لكن أتمنى لك أن تفكر في مدى معاناتها. من التحول إلى حيوان، وأتمنى أن تكون العقوبة كافية.




شارك المقالة: