في معظم جرائم القتل التي دارت حول العالم على مر العصور اتضح في النهاية أن القاتل هو شخص بالغ، ولكن هل من الممكن أن يرتكب جريمة قتل مجموعة من الأطفال؟ في هذه القصة سوف نلقى الإجابة على هذا السؤال، فلا شيء مستحيل في هذه الحياة.
قصة سيلفيا ليكنز
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في منتصف القرن التاسع عشر، حيث أنه في يوم من الأيام في إحدى الولايات الأمريكية حدث واحدة من أبشع جرائم القتل لإحدى الفتيات الصغيرات في السن، وقد عثرت على جثتها حيث كانت ممددة على إحدى المرتبات المليئة بالقذارة في منزلها التي تقيم به مع إحدى السيدات تدعى جيرت، وقد كانت تلك السيدة تبلغ من العمر سبعة وثلاثون عامًا، وهي أم إلى ستة من الأطفال، بالإضافة إلى طفل سابع كان مودع عندها من أجل الاهتمام به لحين عودة والدة من السفر، وأول ما وصلت عناصر الشرطة تم العثور على تلك الجثة مصابة بعدة من الندوب من حروق وجروح، وقد كان يبدو أن الجثة مهلكة للغاية.
وقد تم الكشف عن تفاصيل تلك الجريمة أثناء جلسة المحاكمة، إذ تمت الإشارة إلى أن الفتاة المجني عليها والتي تدعى سيلفيا انحدرت من عائلة كبيرة وفقيرة من المناطق الجنوبية لمقاطعة بون الواقعة شمال غرب ولاية إنديانا، وقد كان والدها الذي يدعى السيد ليستر واصل إلى مرحلة تعليم متدنية وعمل في العديد من الوظائف المتنوعة من أجل تأمين لقمة العيش لعائلته مثل غسيل الملابس والعمل في المصانع، حتى أنه في يوم من الأيام سافر مع أحد الكرنفالات من أجل بيع الطعام على عربة، وهذا العمل الذي استقر عليه في النهاية.
وفي ذلك الوقت كان لدى والديها خمسة من الأطفال، وأثناء عملهم كانت ابنتهم الكبرى والتي تدعى ديانا ترعى أشقائها، ولكنه جاء اليوم الذي كبرت وتزوجت به، وهنا كان يتوجب عليهم أن يجدوا شخص يرعى أطفالهم الأربعة المتبقيين، في البداية تم إرسال الولدين إلى منزل أجدادهما لرعايتهما، لكن تبقى أمر الفتاتين وقد كانت الأولى سيلفيا والأخرى هي شقيقتها التي تدعى جيني، فمن سوف يتولى أمر رعايتهم.
وفي تلك الأثناء كان هناك سيدة صديقة لهم منذ وقت طويل وتدعى جيرت، وحينما تم عرض الأمر عليها أبدت موافقتها من أجل رعاية الفتاتين مقابل مبلغ عشرين دولارًا في الأسبوع، وقد كانت السيدة في تلك الفترة ترعى سبعة من الأبناء، حيث أن أكبرهم شاب يدعى جوني ويبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، وأصغرهم طفل يدعى دينيس ويبلغ من العمر السنة والنصف، وكان أول ستة أبناء هم أبنائها من زوجها والذي يدعى السيد جون، بينما الطفل السابع دينيس فكان اسمه الأخير يعود إلى عائلة تعرف باسم عائلة رايت، وحسب ما ادعت السيدة جيرت أن والده كان في دولة ألمانيا يخدم في الجيش.
ومنذ اليوم الأول الذي تم إيداع سيلفيا لدى تلك السيدة كان حدث بينها وبين وابنتها الكبرى والتي تدعى باولا بعض المشاكل، وقد كانت هذه هي بداية الأحداث المأساوية التي حدثت في ذلك المنزل، وفي يوم من الأيام تأخرت الحوالة المالية التي كان يقوم بإرسالها والد سيلفيا عن الموعد المقرر، وحول ذلك الأمر أشارت أثناء المحاكمة الفتاة جيني أنه في ذلك الوقت قامت السيدة جيرت بأخذها مع شقيقتها إلى الطابق العلوي من المنزل، وقامت بصفعهما وقالت لهما حينها: لقد اعتنيت بكما لمدة أسبوع بأكمله بدون أي مقابل، ولكن في اليوم التالي وصلت الحوالة، ولكن ذلك لم يغير من الحال شيئاً، ففي ذلك المنزل كانت السيدة جيرت كانت تمتلك سلاحين لضرب الفتاتين وهما مضرب وحزام من الجلد السميك.
فقد كانت في كل يوم تقوم باستخدام المضرب أولاً من بين السلاحين وتضرب الفتاتين على عدة أسباب مختلفة، ففي بعض الأحيان تتهمهما باستبدال زجاجات المشروبات الغازية في محل بقالة قريب مقابل الحصول على النقود، وحينما اشتبهت بقيام سيلفيا بالسرقة في إحدى المرات، عزمت على استخدام أعواد الثقاب وقامت بحرق أصابع يديها، وفي الكثير من الأحيان حينما كانت تشعر السيدة بالتعب جراء إصابتها بالربو في تأديب الفتيات كانت تلجأ إلى طلب المساعدة من ابنتها بولا.
وفي أحيان أخرى كان أطفال الحي وأبناء السيدة يتشاركون في تعذيب الفتاتين، وبعد سنوات من التعذيب للفتاتين جاء ذلك اليوم الذي أدركت به السيدة جيرت أن الفتاة المعذبة تحتضر، وهنا أجبرتها على القيام بكتابة ورقة تصرح بها أن عصابة من الأولاد قاموا بضربها، وثم بعد ذلك كانت السيدة جيرت تخطط من أجل القيام تعصيب عيني سيلفيا وإلقائها في الغابة المجاورة لمنزلها، حاولت سيلفيا الهروب لكنها فشلت في ذلك.
ولم تمكث الفتاة المعذبة كثيراً حتى توفيت، وبعد وفاتها تم عرضها على الطب الشرعي، إذ تبين سبب الوفاة هو وجود ورم في المخ ونزيف داخلي في الدماغ وتلف شديد في الجلد، كما أشير إلى أنها كانت تعاني من سوء تغذية حاد، ثم بعد ذلك تم دفنها، واستمرت المحاكمة لمدة عام كامل وفي النهاية أُدينت جيرت بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى، وحكم عليها بالسجن المؤبد، ولكن نتيجة لتصرفاتها وسلوكياتها اللطيفة في السجن تم إطلاق سراحها بعد مرور عدة سنوات، وأول ما خرجت انتقلت للعيش في إحدى الولايات التي تعرف باسم ولاية أيوا، وغيرت اسمها وأصبحت تدعى السيدة نادين، وبعد مرور عامين توفيت جراء إصابتها بمرض سرطان الرئة.
كما أدينت باولا في تلك المحاكمة بارتكاب جريمة قتل العمد، وعلى الرغم من محاولتها العديدة في الهروب من السجن، ولكنها لم تتمكن من ذلك وبقيت في السجن إلى أن أطلق سراحها بعد مرور ثمانية سنوات، وأول ما خرجت غيرت اسمها لتصبح الفتاة بيس.
أمّا بالنسبة للمتهمة الثالثة وقد كانت الفتاة التي تدعى ستيفاني وهي ابنة السيدة جيري وتبلغ من العمر في ذلك الوقت خمسة عشر عاماً، وعلى الرغم من أنها اعترفت بتعذيب الفتاة، إلا أن المحكمة قد منحتها محاكمة خاصة؛ وقد كان السبب الذي يكمن خلف ذلك هو أنها قدمت شهادة ضد أفراد عائلتها الآخرين، وعلى إثر ذلك تم إسقاط التهم عنها.
أما عن المتهم الرابع في القضية فقد كان جورن وهو ثالث أكبر أبناء السيدة، وقد كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت اثنا عشر عامًا، حينما شارك في تلك الجريمة البشعة، وحين تم إدانته بتهمة القتل العمد أصبح أصغر نزيل في إصلاحية ولاية إنديانا، وبالنسبة إلى المتهمة الخامسة فقد كانت الفتاة التي تدعى ماري وتبلغ من العمر حينها الحادي عشر عاماً، ولكن لم يتم توجيه أي اتهام لها، وكل ما تم استدعائها من أجله هو الإدلاء بالشهادة أمام المحاكمة.
وبين هؤلاء المتهمين فتاة تدعى شيرلي وقد كانت تبلغ من العمر العشرة أعوام، وقد كانت التهمة الموجه إليها هو أنها قامت بتسخين الإبرة لحرق الضحية، وأخيراً كان المتهم النهائي هو طفل يدعى جيمس وقد كان يبلغ من العمر ثمانية سنوات لم يتم استجوابه؛ وذلك بسبب صغر سنه، بينما دينيس فقد تم إيداعه في إحدى دور رعاية الأسرة.