قصة شراكة اللص والكذاب أو (The Partnership of the Thief and the Liar) قصة أدرجها أندرو لانغ في كتاب الجنيات الرمادي.
الشخصيات:
- اللص.
- الكذاب.
قصة شراكة اللص والكذاب:
كان هنا ذات مرة لص، كان عاطلاً عن العمل ويتجول بمفرده صعودًا وهبوطًا على شاطئ البحر، وبينما كان يمشي مرّ برجل كان واقفا، ينظر إلى الأمواج، قال اللص مخاطبًا الغريب: أتساءل، هل سبق لك أن رأيت حجرًا يسبح؟ أجاب الرجل الآخر: بالتأكيد لقد فعلت ذلك، وما هو أكثر من ذلك، رأيت نفس الحجر يقفز من الماء ويطير في الهواء.
أجاب اللص: هذه هي العاصمة، أنت وأنا يجب أن ندخل في شراكة، سنحقق ثرواتنا بالتأكيد، ولنبدأ معا لقصر ملك البلد المجاور، وعندما نصل إلى هناك سأذهب إلى قصره وحدي، وسأخبره بأكثر شيء مذهل يمكنني اختراعه، ثم يجب عليك متابعة كذبي ودعمه.
بعد أن وافقوا على القيام بذلك، شرعوا في رحلاتهم، ثمّ بعد رحلة استمرت عدة أيام، وصلوا إلى المدينة التي كان يوجد فيها قصر الملك وهناك افترقوا لبضع ساعات، بينما سعى اللص إلى مقابلة الملك، ثمّ توسل إليه أن يعطيه كأسأ من النبيذ، فقال الملك: هذا مستحيل حيث حدث هذا العام فشلنا في جمع المحاصيل من الكروم، لذلك ليس لدينا نبيذ في المملكة بأكملها.
أجاب اللص: يا له من أمر غير عادي! لقد جئت للتو من بلد كانت المحاصيل فيه جيدة جدًا لدرجة أنني رأيت اثني عشر برميلًا من البيرة مصنوعة من فرع واحد من الكروم، فأجاب الملك: أراهن بثلاثمائة فلورين أن هذا غير صحيح، فأجاب اللص: وأراهنك بثلاثمائة فلورين أن هذه هي حقيقة، ثم راهن كل منهم بثلاثمائة فلورين، وقال الملك إنّه سيقرر المسألة بإرسال خادم إلى تلك الدولة ليرى ما إذا كان هذا صحيحًا.
فانطلق الخادم على ظهر حصان، وفي الطريق التقى برجل وسأله من أين أتى. وأخبره الرجل أنّه جاء من نفس الدولة التي كان الخادم سيذهب إليها في تلك اللحظة، فقال الخادم: إذا كان هذا هو الحال، يمكنك أن تخبرني إلى أي مدى تنمو الكروم في بلدك، وكم برميل من البيرة يمكن تخميره من شجرة واحدة؟ أجاب الرجل: لا أستطيع أن أخبرك بذلك، لكنّني كنت حاضرًا عندما كان يتم تجميع العنب، ورأيت أن الأمر استغرق ثلاثة رجال مع الفؤوس ثلاثة أيام لقطع فرع واحد.
ثم اعتقد الخادم أنه قد ينقذ نفسه من عناء رحلة طويلة، فأعطى الرجل عشرة فلورين وقال له إنّ عليه أن يكرر للملك ما قاله له للتو، وعندما عادوا إلى القصر اجتمعوا في حضور الملك، فسأله الملك: حسنًا، هل هذا صحيح ؟ أجاب الخادم: نعم يا مولاي، وها هو الرجل الذي أحضرته معي من البلد لتأكيد الحكاية.
فدفع الملك للسارق ثلاث مئة فلورين، وانطلق الشركاء معًا مرة أخرى بحثًا عن المغامرات، وأثناء رحلتهم، قال اللص لرفيقه: سأذهب الآن إلى ملك آخر، وسأخبره بشيء أكثر إثارة للدهشة، وعليك أن تتابع كذبي وتدعمه وسنخرج منه ببعض المال، وعندما وصلوا إلى المملكة التالية، قدم اللص نفسه للملك وطلب منه أن يعطيه قرنبيط، فأجاب الملك: بسبب آفة بين الخضار ليس لدينا قرنبيط.
أجاب اللص: هذا غريب، لقد جئت للتو من بلد ينمو فيها بشكل جيد لدرجة أن رأس قرنبيط واحد يملأ اثني عشر حوضًا للمياه، فأجاب الملك: لا أصدق ذلك، أجاب اللص: أراهن بستمائة فلورين أن هذا صحيح، فأجاب الملك: وأراهن بستمائة فلورين أن هذا غير صحيح، وأرسل خادمًا، وأمره بالبدء فورًا في البلد الذي جاء منه اللص ليعرف ما إذا كانت قصته عن القرنبيط صحيحة.
وفي رحلته التقى الخادم برجل، أوقف جواده وسأله من أين أتى، فأجاب الرجل أنه جاء من البلد الذي يسافر إليه الآخر، فقال الخادم: إذا كان هذا هو الحال، يمكنك أن تخبرني ما هو حجم القرنبيط الذي ينمو في بلدك؟ هل هي كبيرة بحيث يملأ رأس واحد اثني عشر حوض ماء؟ أجاب الرجل: لم أر ذلك، لكنّني رأيت اثنتي عشرة عربة يجرها اثني عشر حصانًا تحمل رأس قرنبيط واحد إلى السوق.
فأجاب الخادم: إليك عشرة فلورين لك، لأنّك أنقذتني رحلة طويلة، تعال معي الآن وأخبر الملك بما قلته لي الآن، ثمّ ذهبا معًا إلى القصر، وعندما سأل الملك الخادم عما إذا كان قد اكتشف حقيقة القرنبيط، أجاب الخادم: مولاي، كل ما سمعته كان صحيحًا تمامًا، هنا رجل من البلد سيخبرك بذلك.
فدفع الملك للسارق ست مئة فلورين، وانطلق الشريكان مرة أخرى في رحلاتهما، مع تسعمائة فلورين، وعندما وصلوا إلى بلد الملك المجاور، دخل اللص إلى القصر الملكي وبدأ محادثة بسؤال جلالته عما إذا كان جلالته يعلم أنّه في مملكة مجاورة توجد بلدة بها برج كنيسة نزل عليها طائر، وأن برج الكنيسة كان مرتفعًا جدًا ومنقار الطائر طويلًا لدرجة أنّه اخترق النجوم حتى سقط بعضها من السماء.
وعندما لم يصدق الملك ذلك، أجاب اللص: أنا على استعداد للمراهنة على صحة هذا الكلام بألف ومئتين فلورين، و وعلى الفور أرسل خادمًا إلى البلد المجاور ليكتشف الحقيقة، وأثناء سيره التقى الخادم برجل قادم في الاتجاه المعاكس. فأشاد به وسأله من أين أتى، فأجاب الرجل أنه خرج من نفس المدينة التي كان الرجل مقيدًا بها. ثم سأله الخادم عما إذا كانت القصة التي سمعوها عن الطائر ذي المنقار الطويل صحيحة.
أجاب الرجل: لا أعرف عن ذلك لأنني لم أر الطائر قط، لكنّني رأيت ذات مرة اثني عشر رجلاً يدفعون كل قوتهم ويقحمون المكانس لدفع بيضة وحش إلى قبو، فأجاب الخادم: هذا هو المطلوب، وقدم للرجل عشرة فلورين، وطلب منه المجيء وأخبار الملك بقصته، لذلك عندما تكررت القصة للملك، لم يكن هناك ما يفعله سوى دفع ألف ومئتين فلورين للسارق، ثم شرع الشريكان مرة أخرى في تحقيق مكاسبهما غير المشروعة والتي شرعا في تقسيمها إلى حصتين متساويتين، لكن اللص احتفظ بثلاث قطع فلورين كانت تخص نصف الغنيمة.
وبعد ذلك بوقت قصير، تزوج كل منهما واستقروا في منازل خاصة بهم مع زوجاتهم، وفي أحد الأيام اكتشف الكذاب أن شريكه قام بأخفاء ثلاثة من الفلورين عنه، فذهب إلى منزله وطلبها منه، فأجاب اللص: تعال السبت المقبل، وسأعطيك إياها، ولكن بما أنّه لم يكن ينوي إعطاء الكذاب المال، فعندما جاء صباح يوم السبت تمدد على فراشه متيبسًا ، وأخبر زوجته أنّها ستقول للكذاب إنّه مات.
ففركت الزوجة عينيها حتى أصبحت حمراء وعندما ظهر الكاذب على الباب، قابلته في البكاء وأخبرته بما أن زوجها قد مات، فلا يمكنها دفع فلورين الثلاثة، لكن الكذاب الذي عرف حيل شريكه، اشتبه في الحقيقة على الفور وقال: بما أنه لم يدفع لي، سأدفع له ثلاث جلدات جيدة من سوطي، عند هذه الكلمات قفز اللص على قدميه، وظهر عند الباب، ووعد شريكه أنّه إذا عاد يوم السبت التالي فسوف يدفع له، فذهب الكذاب بعيدًا عن هذا الوعد.
ولكن عندما جاء صباح السبت، نهض اللص مبكرا واختبأ تحت دعامات من القش في العلية، ولما ظهر الكاذب طالبًا بحصته المسروقة، قابلته الزوجة والدموع في عينيها وأخبرته أن زوجها قد مات، فسأل الكاذب: أين دفنته؟ أجابت الزوجة: في غرفة التبن، فقال الكذاب: سأذهب هناك وآخذ بعض التبن في سداد ديونه، وانتقل إلى بيت التبن، وبدأ في إلقاء القش حول التبن باستخدام مذراة، ودفعه إلى دعامات التبن حتى زحف اللص في خوفه على حياته، ووعد شريكه بأن يدفع له الفلورين الثلاثة في السبت التالي.
عندما جاء اليوم، استيقظ اللص عند شروق الشمس ونزل إلى سرداب كنيسة صغيرة مجاورة ، تمدد نفسه ساكنًا تمامًا وصلبًا في تابوت حجري قديم، لكن الكذاب الذي كان ذكيًا تمامًا مثل شريكه، سرعان ما فكر بخطته، وانطلق إلى الكنيسة واثقًا من أنه سيكتشف قريبًا مكان اختباء صديقه الذي كان قد دخل للتو القبو، ولم تكن عيناه معتادين بعد على الظلام، عندما سمع صوت الهمس على النوافذ.
استمع باهتمام وسمع مؤامرة مجموعة من اللصوص الذين جلبوا كنزهم إلى القبو، ممّا يعني إخفائه هناك، بينما ينطلقون في مغامرات جديدة، وطوال الوقت كانوا يتحدثون وكانوا يزيلون القضبان من النافذة، وفي دقيقة أخرى دخلوا جميعًا القبو واكتشفوا وجود الكاذب، وبسرعة قام بلف عبائته حوله ووضع نفسه واقفًا صلبًا ومنتصبًا في مكانة في الجدار بحيث بدا في الضوء الخافت مثل تمثال حجري قديم.
وبمجرد أن دخل اللصوص القبو شرعوا في تقسيم كنزهم، كان هناك اثنا عشر لصًا، لكن بالخطأ قسّم رئيس الفرقة الذهب إلى ثلاثة عشر كومة، وعندما رأى خطأه، قال إنّه لم يكن لديهم الوقت لعدها مرة أخرى ولكن يجب أن تنتمي الكومة الثالثة عشرة لمن يستطيع من بينهم أن يكسر رأس التمثال الحجري القديم أمامهم بضربة واحدة، و بهذه الكلمات أخذ فأسًا واقترب من المكان الذي كان يقف فيه الكذاب.
ولكن عندما لوّح بالفأس فوق رأسه استعدادًا للضرب، سمع صوت من التابوت الحجري يقول بنغمات: اتركوا هذا التمثال، أو سيخرج الموتى من توابيتهم وستنزل التماثيل من الجدران، وسوف تطردكم الأموات وتقتلكم في مكانكم، ثمّ قفز اللص من نعشه والكاذب من مكانه، وكان اللصوص مرعوبين للغاية لدرجة أنهم ركضوا من القبو تاركين وراءهم كل الذهب، وتعهدوا بأنهم لن يضعوا أقدامهم داخل هذا المكان المسكون مرة أخرى، فاقتسم الشركاء الذهب بينهم وحملوه الى بيوتهم