إياك وصديق السوء؛ فرفقة أصحاب السوء تجرّ إلى المتاعب والمصاعب، هذا ما حدث مع الشاب الطيب عادل الذي كان يرافق صديق السوء سامر، وبسبب نيّته السيئة وطباعه المزعجة، أوقع صديقه الشاب الطيب في ورطة واتّهمه بسرقة الكنز، ولولا ذكاء القاضي الذي كشف أمر كذبه، لتورّط في هذه التهمة.
قصة عن صديق السوء
في إحدى الأزمان القديمة كان هنالك شابّين وهما أبناء لتجار معروفين في البلدة، نشأ هذين الشابين سويّةً وتربيا معاً، واحد من هذين الشابين اسمه عادل، عادل كان شاب حسن الطباع وأخلاقه كريمة وحميدة ونيّته سليمة مع الجميع، أمّا الشاب الآخر وكان اسمه سامر، كان يختلف بأطباعه عن عادل؛ حيث كانت طباعه سيّئة ونيّته غير سليمة، ولم يكن حسن الخُلق.
في يوم من الأيام قرّر عادل وسامر السفر إلى بلاد بعيدة جدّاً، وفي أثناء سفرهما شعرا بالتعب وقرّرا الجلوس تحت شجرة كبيرة، وبينما هم كذلك إذ شعر عادل بأنّ هنالك شيء ما تحت هذه الشجرة الكبيرة، وعندما قام بالحفر أسفل الشجرة إذ وجد كيساً مليئاً بالذهب، وحالف الحظ عادل هذه المرّة، وعندما وجد هذا الكيس اكتشف بأن من قام بفعل ذلك هو رجل من الحكماء.
جاء عادل وأخبر صديقه سامر الذي كان نائماً بأنّه قد وجد كيساً من الذهب؛ لذلك يتوجّب عليهما العودة إلى البلد، فهم حقّقوا غايتهم وحصلوا على الكثير من المال، فيجب عليهم العودة للبلاد والخلاص من الغربة المرّة، وافق سامر على ذلك وعاد مع صديقه عادل إلى البلد، وبينما كان عادل وسامر بطريق العودة إذ نظر سامر لصديقه وقال له: يا صديقي أنا أريد أن أقترح عليك شيئاً، يجب علينا أن نأخذ بعض من القطع الذهبية التي سننفق منها على أنفسنا.
نظر له صديقه عادل باستغراب وقال: وماذا سنفعل بالباقي يجب أن نحضر القطع الذهبية كلّها معنا، ولكن سامر قال له: كلّا يجب علينا أن نحتفظ بما تبقّى من القطع الذهبية لنا، فنحن إن أحضرنا الكيس المليء بالذهب وشاهده الناس؛ فحتماً سيعرفون بأنّنا وجدنا الكنز ويعرفون مكانه، شعر عادل أنّه مقتنع بكلام صديقه، وبسبب طيب قلبه ونيّته السليمة وافق على اقتراح صديقه، ولم يخطر بباله أي شيء آخر.
لم يخطر ببال عادل أن صديقه سامر هذا ذو الأطباع السيّئة يفكّر بخطّة شرّيرة، اختار سامر لصديقه عادل شجرة قريبة من منزلهما، وقام بمساعدة صديقه عادل بحفر حفرة عميقة أسفل هذه الشجرة الكبيرة، وقام بدفن ما تبقّى من القطع الذهبية بداخلها، وبعدما أكملا دفن الكنز عاد كل منهما إلى بلده وقاما بتقسيم هذه القطع الذهبية بينهما بالتساوي.
وكان أي شخص يسألهما عن تلك النقود، يخبرانه أنّها نتاج سفره وغربته وعمله في الخارج لسنوات، كانت الأمور جميعها على ما يرام، حتّى جاء يوم من الأيام وقرّر سامر أن يذهب للشجرة التي دفنا الكنز أسفلها لأخذ الكنز لنفسه، فذهب بالفعل وقام بإخراج الكنز وأخذه لنفسه، ومن أجل أن يتم خطّته هذه ويحكمها، طلب من صديقه عادل السفر مرّةً أخرى لمكان الكنز بحجة الاطمئنان عليه، وعندما وجدوا الحفرة فارغة، تظاهر سامر بأنّه تفاجأ من ذلك.
لم يغضب عادل من ضياع الكنز، وشعر بأن النقود هي أرزاق من الله، لم يكتفِي سامر بذلك، بل إنّه اتهم صديقه البريء عادل بخيانته وسرقة الذهب، ولكن عادل حاول أن يثبت له العكس ولكن دون جدوى، فقرّرا الذهاب إلى القاضي ليحكم بينهما ويكتشفا السارق.
قال القاضي لكلاهما بأنّه سيذهب لتلك الشجرة ويسأل روح الشجرة أن تعطي شهادتها بمعرفة الخائن منهما، اتفّق سامر مع أبيه أن يذهب لحفرة بداخل الشجرة، وأن يختبئ بداخلها قبل موعد ذهاب القاضي لها، وإن سأل القاضي أن يقول بأنّ عادل من سرق الكنز.
وعندما ذهب القاضي برفقة عادل وسامر وسأل القاضي الشجرة، أجابت بأن عادل هو من سرق الكنز، وعندما أمعن القاضي النظر بتلك الشجرة الناطقة، اكتشف بأن أسفلها مجموعة من الأوراق قد تم وضعها بطريقة غير منظّمة، وعندما قام القاضي بإزاحة تلك الأوراق وجد والد سامر بداخلها.
في ذلك الوقت اعترف والد سامر بمخطّطات ابنه الشرّيرة وكشف أمره، شعر عادل بالاستياء من صديقه الذي وثق به، وندم على هذه الثقة، وقرّر أن يبتعد عن رفقة أصدقاء السوء.