تناولت هذه القصة في مضمونها الحديث حول فريق علمي مكون من باحثين وعلماء وأطباء كانوا يقومون بالعديد من عمليات البحث والتنقيب من أجل الوصول إلى علم الأمراض القديمة، ومن ثم يقومون بمقارنة أعراض ونتائج ذلك المرض لدى الإنسان ولدى الكائنات الحية الأخرى.
الشخصيات
- خبيرة الحفريات يارا هاريدي
- طبيب الأشعة باتريك آسباخ
- طاقم طبي من علماء وأطباء
قصة عظمة تحمل السرطان من 240مليون سنة
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث القصة في دولة ألمانيا، حيث أنه في يوم من الأيام كان هناك طاقم مكون من خيرة العلماء والأطباء قرروا القيام بإجراء مجموعة من عمليات البحث والتنقيب من أجل اكتشاف الظهور الأول لواحد من الأمراض الخطيرة والذي يعرف باسم مرض السرطان، وقد أسفرت عمليات البحث والتنقيب عن اكتشاف واحدة من العظام التي تعود في أصلها إلى قبل ما يقارب المائتين وأربعين مليون سنة، وقد كانت تلك العظمة تعتبر بمثابة دليل قوي على أقدم حالة أصيبت بمرض السرطان، كما تم تدوينها في كتب التاريخ أنها من أقدم حالات السرطان التي تم التوصل إليها واكتشافها حتى يومنا هذا.
وبعد أن قام الطاقم بإجراء العديد من الفحوصات والأبحاث على تلك العظمة أظهرت نتائج الفحوصات أنها تحمل ذلك المرض الخبيث، ومن كان مصاب به هي سلحفاة، كما أنه تم تحديد في أي عضو من أعضاء جسم السلحفاة كان يقطن ذلك المرض وهو الساق، كما تبين من خلال الأبحاث التي أجريت على تلك الساق أن عمر السلحفاة يعود إلى العصر الثلاثي أو ما كان يطلق عليه في الكثير من الأحيان بالعصر الترياسي، وقد كان ما هو معروف عن ذلك العصر من خلال كتب التاريخ أنه كان ذات الوقت الذي ظهرت به الأنواع الجديدة من الكائنات الحية على سطح الكرة الأرضية مثل الديناصورات والثدييات البدائية.
وقد كانت تلك السلحفاة الضحية لسرطان العظام القديم، كما أظهرت الأبحاث أن هذا النوع من السلاحف كان من الكائنات الحديثة التي ظهرت خلال ذلك العصر، وأنه هذا النوع من السلاحف قد انقرض بعد مرور فترة من الوقت ولم يظهر مجدداً حتى يومنا هذا، كما تبين كذلك في تلك الأثناء أن ذلك النوع من الأحافير قد ظهر في واحد من المحاجر الواقعة في المناطق الجنوبية الغربية من دولة ألمانيا، وفي الربع الأول من القرن العشرين تم كشف النقاب عنها.
وحينها احتفل عدد كبير من المستكشفين والعلماء والباحثين بملء الجدول الدوري للسلاحف الحديثة، كما تم ذكرت في واحدة من المجلات المحلية والتي كانت تشتهر باسم مجلة آي بي سي سيريوس في إحدى تقاريرها أن العلماء حينما توصلوا إلى ذلك العظم لاحظوا أن هناك شيئًا مثيرًا للغاية ألا وهو نمو غير متساوي على طول الفخذ الأيسر أو عظم الفخذ، وهذا الأمر تسبب به الإصابة بذلك المرض.
وبعد مرور فترة وجيزة تم تشكيل فريق من نخبة علماء الأحافير والأطباء على مستوى دولة ألمانيا، وقد قام ذلك الفريق بالعزم على تحليل كامل الحفريات التي كانت تتواجد بالقرب من المكان الذي تم العثور به على العظمة من خلال استخدام الأشعة المقطعية الدقيقة، وقد أظهرت نتائج ذلك التحليل أنه المرض الموجود في العظمة هو عبارة عن أحد الأورام العظمية الخبيثة، وهو ما يطلق عليه بالطب الحديث اسم ساركوزي عظمي.
ولم يتوقف التحليل عند ذلك الحد، إذ تبين أن ذلك الورم الموجود في عظم تلك السلحفاة التي تعود أصولها إلى عصور ما قبل التاريخ بأنه يشبه إلى حد كبير بأحد الأنواع من الأمراض الذي يصاب به بني البشر وهو ما يعرف باسم مرض ساركوما العظام، وفي تلك الأثناء تطرق للحديث حول ذلك الأمر واحد من الأطباء المشهورين على مستوى ألمانيا بأكملها ويدعى باتريك آسباخ وهو ما كان متخصص في مجال طب الأشعة ويعمل في واحدة من أشهر الجامعات الألمانية والتي تشتهر باسم جامعة شاريتيه للطب والتي تقع في مدينة برلين، لواحدة من المجلات العالمية والتي تعرف باسم مجلة ناشيونال جيوغرافيك
وقد أشار من خلال حديثه أنه وفقًا لتقارير التي أجرتها جمعية السرطان الأمريكية، فإن مرض الساركوما العظمية الذي يصاب به بني البشر هو من أكثر أنواع شيوعًا من بين أنواع السرطان والذي أول ما يبدأ في جسم الإنسان يبدأ في العظام، ولكن هذا النوع من المرض لا يعتبر من الأنواع الأكثر شائعاً بالنسبة إلى دول العالم، فقط في الولايات المتحدة الأمريكية يتم تشخيص من ما يقارب ثمانمائة حالة إلى تسعمائة حالة جديدة سنوياً، ومعظم الحالات تكون منتشرة بين فئة الأطفال وفئة الشباب، وأول ما ينتشر ذلك المرض في العظام سرعان ما يوسع انتشاره إلى الرئتين بدايةً، وفي الكثير من الحلات التي تم اكتشاف كان ينتقل بعد ذلك إلى الدماغ ومن ثم إلى باقي أعضاء الجسم الأخرى.
كما أشار الطبيب إلى أن الغالبية العظمى من العلماء حينما يقومون بدراسة لعلم الأمراض القديمة، فإنهم يدرسون تلك الأمراض القديمة في كل من البشر والحيوانات على حد سواء؛ وذلك من أجل فهم كيفية تغير الأمراض مع مرور الوقت، ومعرفة مدى استجابتها لمسببات الأمراض المتطورة وأنظمة المناعة، بالإضافة إلى الظروف البيئية المحيطة، كما أوضح الطبيب الألماني أن حالات السرطان على وجه الخصوص النادرة منها متواجدة بشكل استثنائي في السجل الأحفوري، وحينما تطرق الطبيب آسباخ إلى المقارنة مع الدراسات الجديدة التي تم نشرها على الإنترنت توصل إلى أن مرض السرطان يميل إلى مهاجمة الأنسجة الرخوة، والتي لا يتم حفظها في العادة على مر القرون.
وأول حالة تم اكتشافها من نوع ذلك المرض الخبيث لدى الإنسان كانت من نوع ساركوما عظمية، وقد تم العثور عليها في المناطق الحفرية التي يعود تاريخها إلى ما قبل مليون سنة للإنسان المبكر، والذي كان يقطن في ذلك الوقت في واحد من الكهوف الموجودة في المناطق الجنوبية من قارة أفريقيا، ومع مرور الوقت اكتشف العلماء أنواع هائلة من مرض السرطان الأخرى القديمة للغاية، وقد كان ذلك في الأسماك البرمائية، ولكن الاكتشاف الجديد يمثل أقدم مثال معروف لهذا النوع من السرطان في واحدة من المجموعات التي تضم الثدييات والطيور والزواحف.
وفي تلك الأثناء صرحت من تدعى يارا هاريدي وهي ما كانت خبيرة في مجال علم الحفريات في أحد المتاحف الواقعة في مدينة برلين، لواحدة من الصحف الشهيرة والتي تعرف باسم صحيفة ساينس نيوز أنه من الواضح أن الحيوانات القديمة قد تصاب بالسرطان، ولكن من النادر جداً أن نجد دليلاً واضحاً على ذلك، وعلى الرغم من ذلك، فإن اكتشاف ورم في حيوان من العصر الترياسي يشير إلى أن السرطان ما هو سوى نقطة ضعف للطفرة المتأصلة في حمضنا النووي.
العبرة من القصة هو أن الاكتشافات والأبحاث في كل يوم تبرهنا بمعلومات جديدة حول العديد من الأمراض التي تم اكتشافها منذ زمن بعيد وما زال يصاب بها الأشخاص حتى يومنا هذا.