يجب علينا تعليم أطفالنا أهميّة احترام من هم أكبر منّا سنّاً، ويجب علينا أن نزرع هذا الأمر في أطفالنا منذ الصغر، سنحكي في قصة اليوم عن حكاية ترويها الجدّة لحفيدها فارس، وتحكي له فيها أهميّة احترام الكبار في السن.
قصة فارس والجدة
فارس يسكن مع عائلته وجدّته في المنزل، كانت جدّة فارس تجلس في الصالة وتشاهد التلفاز، وعندما دخل فارس وكان يريد مشاهدة الكرتون، كانت الجدّة تشاهد برنامجها المفضّل، نظر فارس لجدّته وقال لها: يا جدّتي أنا أريد مشاهدة الكرتون، نظرت له الجدّة مبتسمة وقالت: ولكن يا فارس أنا أشاهد برنامجي المفضّل عليك أن تنتظر حتّى ينتهي، وبعد ذلك سأدعك تشاهد ما تريد.
ولكن فارس كان عديم الصبر ولم ينتظر، وبدلاً من ذلك بدأ يصرخ ويقول: أريد مشاهدة الكرتون، أريد مشاهدة الكرتون، في هذا الوقت غضبت الجدّة من تصرّف فارس واعتبرته تصرّف غير لائق، وقالت له: يا بني لا يجوز لك أن تفعل هذا، يجب عليك احترام من هو أكبر منك سنّاً ولا تصرخ بوجهه، وبسبب ذلك أغلقت الجدّة التلفاز، واتجهت لغرفتها غاضبة وأغلقت الباب على نفسها.
جاءت والدة فارس وكانت تستمع لصراخ ابنها وسألته عن سبب صراخه فقال لها: يا أمّي أنا أريد مشاهدة الكرتون وجدّتي تريد مشاهدة برنامجها المفضّل، فقالت له والدته وهي غاضبة: ولماذا يا بني تصرخ بوجه جدّتك، كان يجب عليك الانتظار حتّى تنتهي؛ فالبرنامج الذي تشاهده لا يأتي إلّا مرّة في الأسبوع، أمّا برنامجك أنت فيُعرض في كل وقت.
ردّ فارس بغضب على أمّه وقال لها: ولكن جدّتي تضايقني في غرفتي، لماذا لا تعود لمنزلها وتشاهد ما تريد في منزلها، لماذا تجلس في بيتنا كل هذا الوقت، غضبت والدة فارس منه أكثر وقالت له: ولكن يا بني لماذا تقول هذا؛ إنّها جدّتك التي أنجبت والدك، ولولاها لما كنت أنت موجود الآن هنا، كما أنّ جدّك مات وبقيت هي لوحدها ليس لها ونيس، ردّ فارس عليها وقال: ولماذا نقوم نحن بتسليتها، يجب عليها أن تجد لنفسها ونيس آخر.
أكمل فارس قوله: أنا أريد مشاهدة التلفاز وهي تمنعني من ذلك؛ فلتذهب لمنزلها وتشاهد التلفاز، أنا ليس لي ذنب بوحدتها، نظرت الأم نظرة استغراب لابنها وقالت له: ولكن يا بني هل ستفعل هذا بي عندما أكبر وأصبح عجوز؟! هل ستتركني وحيدة كما تريد أن تفعل مع جدّتك الآن، أسرع فارس لأمّه واحتضنها وقال لها: لا يا أمّي أنا لا أستطيع العيش بمفردي، أنا سأبقى معكِ دائماً.
نظرت له أمّه وقالت له: وماذا عن جدّتك، هل ستتركها وحيدة؟ فهي مريضة وتتناول الكثير من الأدوية، نظر فارس لأمّه وقال لها: أنا أعتذر يا أمي؛ فلم أكن أعلم بأنّ جدّتي مريضة، قالت له أمّه: لا تعتذر منّي، يجب عليك أن تذهب وتعتذر لجدّتك فأنت أخطأت بحقّها، ذهب فارس ليعتذر من جدّته، ووجدها تجلس في الفراش، فاعتذر منها وقال لها: أرجوكِ يا جدّتي سامحيني فلم أقصد أن أجعلكِ حزينة.
ابتسمت له جدّته وقالت له: لا عليك يا بني؛ لقد عرفت خطأك وهذا يكفيني، قال لها فارس: هل تروين لي قصة يا جدّتي؟ قالت له جدّته: حسناً يا بني سأحكي لك قصة الفيل العجوز، في إحدى الغابات يسكن الفيل مع بقيّة الحيوانات، وكان له اثنين من الأبناء، كبر هذا الفيل وأصبح عجوزاً، وأصبح غير قادر على إحضار الطعام لنفسه.
وفي يوم من الأيام ذهب ابن الفيل الأكبر لإحضار الطعام لوالده من الغابة، نظر له الابن الأصغر وقال: ولماذا علينا أن نحضر الطعام لوالدنا، فليحضره بنفسه، قاله له أخيه الأكبر: ماذا تقول يا أخي؛ أليس هذا والدنا الذي ربّانا وأطعمنا، هل نتركه عندما يحتاج لنا! ولكن الأخ الأصغر لم يقتنع بكلام أخيه وتركه وذهب.
وفي طريق عودته وقع الأخ الأصغر في حفرة وصار يصرخ ويستنجد، وعندما وجده أخيه الأكبر حاول مساعدته، ولكنّه لم يستطع ذلك؛ فذهب لوالده الفيل ليخبره بما حدث، ذهب الفيل العجوز والده لمساعدة ابنه الأصغر، على الرغم من مرضه، وأعطى خرطومه الطويل لابنه وساعده بالخروج من الحفرة.
في ذلك الوقت اعتذر الابن الأصغر من أبيه، وقال له والده: لا عليك يا بني، ولكن يجب عليك أن تحترم والديك وتحترم الكبير؛ فجميعنا سنكبر في يوم ما، وسنحتاج للعون والمساعدة من الآخرين، نظر فارس لجدّته واحتضنها وقال لها: أنا أعتذر يا جدّتي منكِ، وسأظلّ أعتني بكِ للأبد.